الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

"الزراعة الآمنة" في غزة

نشر بتاريخ: 10/04/2015 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:01 )
"الزراعة الآمنة" في غزة

غزة - تقرير معا - بالرغم من أن "الزراعة العضوية" من اصناف الزراعة القديمة والمتميزة، إلا أنها أصبحت شبه معدومة بقطاع غزة في ظل الحصار والأوضاع الاقتصادية الصعبة وغياب الدعم للمزارعين.

مطالبة بدعم المزارعين

اكد مهندسون زراعيون أن الزراعة العضوية آمنة وخالية من المواد الكيماوية وتحافظ على سلامة التربة والمياه وصحة الانسان، داعين الحكومة لدعم هذه الشريحة من المزراعين لاحياء هذا النوع من الزراعة مجددا.


زراعة تحدُ من التلوث

اوضح المهندس الزراعي محمد أبو عامر أهمية تطوير الزراعة العضوية باعتبارها نظام حيوي من الطبيعة لا يعتمد على أية مدخلات كيماوية، مشيرا الى ان النظر إلى الزراعة بهذا المفهوم سوف يحد من زيادة التلوث البيئي، وسيحسن تدريجيا من قطاع الزراعة على المدى الطويل.


ويعرّف أبو عامر الزراعة العضوية انها عبارة عن نظام زراعي لإنتاج منتج خاص يسمى "المنتج العضوي" تنظمه شروط وقواعد دولية يتجنب خلالها المزارع استخدام الأسمدة المعدنية الكيماوية والمبيدات ويعتمد هذا النظام إلى حد بعيد على دورة المحاصيل المتعاقبة واستخدام وسائل المقاومة الطبيعية والبيولوجية.

ويلخص أبو عامر في حديثه لمراسل معا أهداف الزراعة العضوية في إنتاج غذاء صحي بكميات كافية وبجودة عالية تنظمها شروط وقواعد دولية، بالإضافة إلى توفير نظام بيئي له صفه الاستدامة والجودة وتشجيع وجود نظام حيوي متوازن في النظام الزراعي يشتمل على الكائنات الحية الدقيقة، بالإضافة للاستخدام الآمن والصحي للمياه ومصادرها والحفاظ على خصوبة التربة والعمل على زيادتها على المدى الطويل.

كما تنتج هذه الزراعة منتجات عضوية قابلة للتحلل الكامل حيويا مع تقليل جميع صور التلوث إلى اقل ما يمكن، بالإضافة إلى توفير الحياة المناسبة للعاملين في مجال الزراعة العضوية، وتحد من استخدام مصادر الطاقة غير المتجددة والمواد المصنعة وبالتالي تقلل من ظاهرة الاحتباس الحراري واستيعاب كبير لكربون التربة، وجعل الريف متناغما مع الطبيعة واستيعاب أفضل للأيدي العاملة.

وحول المسموح في الزراعة العضوية يقول المهندس أبو عامر:" ينظم القانون الخاص بالزراعة العضوية الالتزام بالضوابط والمعايير التي يصدرها الاتحاد الدولي للزراعات العضوية ومن هذه المعايير خضوع المنشأة "مزرعة او شركة" للرقابة والتفتيش بالإضافة إلى استخدام بدائل الكيماويات مثل العلاجات العضوية والتعقيم الحراري والكمبوست، بالإضافة إلى تنوع المحاصيل استخدام دورة زراعية – زراعة بينية – تحميل واستخدام التسميد الأخضر والتسميد العضوي والحيوي والمستحضرات العضوية.

سبب غياب الزراعة العضوية

ويرى عبد المنعم أحمد رئيس جمعية الزراعة الآمنة في قطاع غزة أن الزراعة العضوية في قطاع غزة موجودة بشكل بسيط لعدة عوامل أبرزها عدم وجود دعم من المستهلك والذي يعد المحرك الرئيسي لها وطلب المستهلكين للمنتوجات الخالية من المواد الكيماوية وعدم وجود اهتمام قوى من قبل الحكومة.

واضاف لمراسل معا: " منذ العام 2001 نعمل في هذا المجال لكن في الفترة الحالية الوضع غير مرض والحكومة غير مكترثة لهذه الشريحة"، متسائلا لماذا نسمح بإدخال السموم واستعمالها في القطاع ؟ في إشارة إلى المواد الكيماوية التي تستعمل في الزراعة التقليدية التي تدمر البيئة وصحة المواطن.

ويوضح رئيس الجمعية أن مساحة الأراضي المزروعة بالمنتوجات العضوية لا تزيد عن 50 دونم في القطاع وهي جهود فردية تحاول الوصول لجمهور من المستهلكين يكون عندهم قدرة على شراء المنتجات التي تكون أسعارها مرتفعة.

زراعة عضوية واسعار منخفضة
ويزرع المواطن أحمد في أرضه المستأجرة البندورة والخس والفول الأخضر والفاصوليا الخضراء والثوم وجميعها منتجات عضوية ويضطر لبيعها مثل الأسواق نظرا للظروف التي يعيشها المواطن الغزي، حيث ان سعر كيلو البندورة 3 شيقل التي من المفترض أن تباع بـ 5 شيقل، أما الفول الأخضر يصل سعر الكيلو لـ 5 شيقل بينما الخسة الواحدة بـ 3 شيقل والفاصوليا الخضراء لا تقل عن 3 شيقل.


ويضيف :" بواقع الامر نحن لا نسوّق المنتج بقدر ما نسوّق الفكرة ونحاول نشرها للمزارعين".

ويشير إلى أن الجمعية كان لديها في السنوات السابقة 70 دونما مزروعة بالمنتجات العضوية لكن بدأت المساحة تتقلص مع الحصار والضائقة الاقتصادية حتى وصلت إلى 3 دونمات حفاظا على الفكرة ونقلها للمزارعين.

ويوضح رئيس الجمعية أنهم يقدمون الدعم الفني للمزارعين وفي حال توفر الدعم المالي يكون الحال أفضل كفاءة.

ويقطع أحد زبائن أحمد الاسير المحرر هلال جرادات مسافات طويلة من أجل الوصول إلى المزرعة وشراء المنتجات العضوية الخالية من الكيماويات.

ويقول الاسير المحرر لمراسل "معا" عندما عرفت بأن هذه المزرعة كل منتجاتها عضوية شعرت أن هذا الشيء الوحيد طبيعي ولا يسبب أي اضرار خاصة انه لا يستخدم فيها الادوية الكيماوية".

ويضيف :"التسميد الكيماوي الكثير منه يسبب السرطان ومن أجل سلامة أطفالي وزوجتي وصحتي بأبحث عن شيء صحي".

ويتحدث المهندس يزن كلاب مسؤول الزراعة العضوية بوزارة الزراعة أن هذه الزراعة بحاجة إلى تمويل وتشبيك مع المؤسسات بالإضافة الى اقناع المزارعين فيها بشرط ألا يكون هدفها الربح بل تعديل من الممارسات للمحافظة على التربة والمنتج وصحة المزارع.

وعن دور الوزارة، يقول :"دورنا مساعدة المزارعين بالإرشادات الفنية واعطائهم خيارا أخيرا بالمواد الكيماوية".

المبيدات التي تستخدم في الزراعة

وعرج مراسل معا على المبيدات التي تستخدم في الزراعة التقليدية والعضوية مع المهندس أحمد أبو مسامح مدير دائرة المبيدات والمختبرات في وزارة الزراعة حيث قال :" المبيدات أو الأدوية التي تستخدم بالزراعة صنعت من أجل حماية المزروعات من الآفات وتزود من انتاجية الثمرة كي تغطي احتياجات النمو السكان بكل العالم".


ويضيف :"المبيدات هي سموم إذا ما تم مراقبتها والتعامل معها بشكل صحيح تعطي نتيجة عكسية ولا بد من استخدامها بالشكل الصحيح".

ويوضح أبو مسامح أن الأدوية بشكل عام لها نشرة تحدد كيفية استخدام هذه الأدوية وفترة أمان لها، مشيرا إلى أن المبيدات تتفاوت فيما بينها في تحطيم أو تكسير فعالية المبيدات.

ويشير مدير دائرة المبيدات إذا قطف المزارع الثمار قبل الموعد المحدد سيكون المنتج فيه جزء من المبيدات.

وتنقسم المبيدات إلى ثلاثة اقسام وفق أبو مسامح حيث هناك مبيدات تستخدم بكل سهولة ولا يوجد فيها خطورة وخاصة فترة أمان المبيد تكون أقل من ثلاثة أيام بالإضافة إلى وجود مبيدات درجة ثباتها عالية وتحتاج لمدة طويلة لتكسير المبيد وبعضها يصل لـ 3 شهور ومبيدات ليست موجودة في غزة تصل فترة الأمان ل 6 شهور.

كما تابع :" هناك مبيدات ممنوع التعامل معها وليس موجودة في غزة ولا يسمح بإدخالها لأنها تسبب أمراض ومشاكل صحية أو بيئية وتم منعها".

وتحدث أبو مسامح عن المبيدات المقيدة وهي لها احتياطات معينة في الاستخدام وبإشراف وزارة الزراعة.

وتفتقر وزارة الزراعة في غزة للفحص المخبري الذي يحلل المنتج وما تبقى من المبيدات في المقابل تحاول الوزارة استخدام المبيد بشكل أفضل.

ويقول :" بدأنا العمل في المختبر منذ العام 1998 لكن الظروف التي مر بها القطاع من حروب مستمرة وانقسام وحصار أثر على تفعيله رغم وجود بعض الاجهزة لكن نحن ننتظر التدريب على الاجهزة لاستخدامها".

ودعا أبو مسامح إلى الاسراع في تفعيل وتحديث المختبر كي نستطيع فحص جودة المنتج.

وحول المشاكل الصحية الناتجة عن المبيدات، يقول أبو مسامح:" عادة نربطها بالأمراض التي تظهر بكثرة وكل تقارير الصحة العالمية والابحاث التي تتم تقول أن المبيدات أحد المؤثرات للأمراض الخطيرة من الفشل الكلوي والتشوهات والسرطان والكبد وغيره من الأمراض لكن هناك عوامل أخرى مشتركة معها قد تسبب تلك الأمراضط.

ويشير إلى أن المساحة المزروعة في القطاع تقدر بـ 160 الف دونم، بينما الزراعة العضوية لا تمثل 1%.

وتطرق أبو مسامح إلى الزراعة العضوية التي تستخدم فيها بعض المركبات يسمح باستخدامها وغير سامة مثل كبريتات النحاس وغالبا تكون من مستخلصات مواد عضوية أو مكافحة حيوية، مبينا وجود بعض المحلات في القطاع تبيع المنتجات العضوية.

بدوره أكد المهندس شفيق العراوي مدير عام التربة والري بوزارة الزراعة وجود مراقبة على دخول الأسمدة إلى قطاع غزة سواء العضوية او الكيماوية.

ويقول لمراسل "معا" ان الافراط في استخدام الأسمدة الكيماوية يسبب ضررا للنبات مثل عنصر النيتروجين أو النترات، كما ان زيادتها تؤثر على مواصفات النبتة، وزيادة استخدام الأسمدة يزيد من نسبة تركيز الأملاح وتؤثر على الخزان الجوفي.

ويضيف :" حسب طبيعة القطاع والمياه المالحة لا نميل للأسمدة التي تحتوي على عنصر الكلوريد وهذا يزيد كلوريد البوتاسيوم وكلوريد الماغنيسيوم ويزيد من ملوحة والمياه والتربة".

ويبقى السؤال لماذا لا يتم دعم هذه الزراعة والمحافظة عليها رغم أنها تعطي منتجات آمنة وتحافظ على سلامة التربة والمياه وصحة الانسان؟

تقرير: أيمن أبو شنب