اريحا - تقرير معا - تأسست كلية فلسطين للعلوم الشرطية في مدينة اريحا في العام 1994، على ارض بمساحة ما يقارب 88 دونم، وبدأت بقدرات ذاتية تطورت الى عمل اكاديمي علمي بكفاءة عالية.. ورغم مرور السنوات والجهود التي بُذلت من قبل قيادة جهاز الشرطة والعاملين في الكلية من ادارة وموظفين الا ان الحلم لم يكتمل بعد!
معا توجهت الى الكلية وتحدثت مع ادارتها ومدراء الاقسام والدوائر وتجولت في ارجاء الكلية ومبانيها وساحاتها، وقابلنا مدير الكلية المقدم حقوقي زاهر صبّاح وتحدث عن اسرار نجاح الكلية.
21 عاما على انطلاق شعلة الكلية. ماذا قدمت؟
اوضح المقدم صبّاح لـ معا ان الكلية قدمت 582 دورة تدريبية تخصصية وتأسيسية وتأهيل واعداد مدربين، استفاد منها 20223 متدرب، اضافة لاستقبال مئات الوفود من طلبة كليات وجامعات ومدارس ووفود اجنبية وعربية ووفود وطنية اخرى للاطلاع على هذا الصرح الوطني، وانجزت الكلية بتعليمات من قيادة الشرطة جهاز مميزا والاقرب الى المواطنين في فلسطين حيث بات الشرطي من اقرب افراد الاجهزة الامنية في الضفة الى قلب المواطن.
وفي العام 2004 قامت السلطة ببناء مبنى التعليم القديم الرئيسي عبارة عن 3 غرف صفية كبيرة تتسع كل منها لـ 50 طالب، وتم تطوريه لاحقا، وبني مبنى في ذات العام عبارة عن 4 صفوف يتسع كل منها لـ 75 طالب بدعم بريطاني، وتم تعبيد الطرق للوصول بين المباني واستمرت الكلية بهذه الغرف الصفية القليلة حتى عام 2008.
وقال مدير الكلية انه في شهر حزيران من العام 2009 كانت بداية عمليات تطوير المبنى الاكاديمي والمسرح وقاعة الطعام وعديد المباني.. لكن لم يكتمل البناء ولم ينفذ كل المشروع المكون من "22" مبنى وتم بناء 13 مبنى فقط بسبب مشكلة في التمويل كما قال.
ماذا تحتاج الكلية وهل من جديد؟
وزاد لنا المقدم صبّاح ان الكلية بحاجة الى العديد من التخصصات وتحلم ان توفرها للطلبة وافراد الشرطة حيث ستعود بالفائدة على جهاز الشرطة بمزيد من الانجازات ومنها معهد المرور ومعهد التأهيل والاصلاح وتخصصات اخرى مثل "الجنايات الكبرى" و"التزييف والتزوير" ضمن "امن المستندات" و"خبراء الخطوط"، مؤكدا في ذات الوقت ان التخصصات المتوفر حاليا هي على اعلى المستويات وتُقدم بكفاءة عالية.
كيف يتقدم الطالب للكلية:
قال صبّاح ان هناك مرحلة اساسية واجبارية للطلبة الجدد ليتحولوا من مواطنين عاديين الى رجال امن حيث يتلقون التدريب المكثف والمستمر 6 اشهر يتعلمون خلاله 19 مادة تدريبية نظرية وعملية منها حقوق الانسان والتدرج في استخدام القوة والايدي المفتوحة واللياقة البدنية والحاسوب وغيرها.
6 اشهر كافية؟
بعد 6 اشهر يتم توزيع الطلبة الخريجين على مراكز الشرطة في المحافظات، ليعود بعدها ليتلقى رجل الشرطة التخصص حسب الاحتياج ويعود به الى مركز الشرطة حيث يعمل، ولا ينتهي هنا التدريب، حيث يعود الطلبة والضباط بشكل مستمر للحصول على تدريبات مختلفة في كافة فنون الشرطة.
الشمولية:
يتلقى الشرطي التخصص الاول ويعود عديد المرات الى الكلية ويتلقى تخصصات اخرى، وورش عمل وتدريبات بناء على الخطة التدريبية المقدمة من قبل ادارة التدريب في قيادة جهاز الشرطة، لتحقق الكلية حلم الشمولية "شرطي يعلم عمل وتخصص كل شرطي"، فيتلقون التدريبات في شرطة المرور، ومسرح الجريمة، والتحقيق والعلاقات العامة وحقوق الانسان ومكافحة المخدرات، والحاسوب، امن تأسيسي، امن المعلومات، قيادة الدرجات النارية، الدفاع عن النفس، امن وثائق ومستندات، ادارة وقيادة، ادارة ازمات، شرطة مجتمعية، تواصل واتصال، مكاتب بلا ورق وغيرها الكثير.
التدريب محلي فقط!
اكد صبّاح ان المحاضرين والمدربين الوطنين يقدمون غالبية التدريبات الا ان بعض التخصصات خصوصا ان العلوم الامنية تتطور بشكل سريع يتم من خلال برامج او دعم خارجي، اضافة الى ابتعاث طلبة ومدربين ومحاضرين من الكلية الى الخارج ليتلقون التخصصات حسب الاحتياج وحسب الدولة التي تقدم هذه المنح ليعود الطالب ويعلّم ما تعلمه في الكلية.
المانيا شاركت بتطور الكلية
قدمت الشرطة الالمانية تدريبات متعددة وتدريب مدربين حول مسرح الجريمة، وجرى نقل الخبرة والتدريب الى الطلبة حتى باتت الكلية تحتضن فريق "مسرح جريمة متخصص" كما وقدمت الشرطة الالمانية تدريبا لادارة مراكز الشرطة، حيث تطل في الكلية على احد المباني اذ هو مركز شرطة كامل متكامل للتدريب يحاكي مراكز الشرطة في المحافظات.
واوضح صباح ان طلبة من الكلية ومن كوادرها تلقوا تدريبات في جامعة بيرزيت حول اعداد المحاضرين والمدربين، ومن جامعة النجاح حول مسرح الجريمة ومن جامعات اخرى، وكما واستفادت وتستفيد من وزارة العدل لتدريبات حول الطب الشرعي، ومع القضاء والنيابة هناك تعاون مستمر، اضافة الى التعاون الوثيق مع كافة الاجهزة الامنية خصوصا تقديم الكلية تدريبا حول "المستجيب الاول" وهو التحرك الى مسرح الجريمة لكافة افراد الاجهزة الامنية.
التنظيم والادارة
وما زلنا في المبنى الاداري للتعرف اكثر على عمل ادارة الكلية حيث التقينا بمدير قسم التنظيم والادارة نقيب مهندسة رنا القاروط.
اوضحت النقيب القاروط ان قسم التنظيم والادارة هو حلقة الوصل بين كافة الطلبة ومن تلقوا ويتلقون التدريب في الكلية مع ادارة الكلية اضافة الى البريد الصادر والوارد للكلية، وتنظيم الدورات وتنظيم الزيارة من والى الكلية وكل ما يحتاجه أي طالب تلقى تدريبا في الكلية منذ العام 1994 متوفر لدى القسم، حيث كل المعلومات متوفرة الكترونيا.
معا نحو شرطة فلسطينية رقمية
وللتعليم الالكتروني حصة ايضا في جولتنا التي لم نتمكن خلالها من الحديث مع كل الاقسام، الا اننا التقينا بمدير دائرة الحاسوب والتعليم الالكتروني الرائد سامر مهنا الذي قال ان هذه الدائرة تُعنى بتوظيف تكنولوجيا المعلومات في العمل الشرطي، وتنفيذ البرامج التدريبية وتدريب ضباط وافراد الشرطة على كل القضايا التي تتعلق بتكنولوجيا المعلومات.
واضاف ان هناك نوعين من التدريب " تدريب وجاهي أي وجها لوجه" و"تدريب عن بُعد" لنفس الدورة، حيث اطلق القسم قبل اسبوعين 4 مواد من الورق الى الالكتروني وهي حقوق الانسان وادارة الشرطة العصرية والمخدرات والمرور.
وهذه المواد الاربع متوفر على شبكة الشرطة لكافة افراد الشرطة يمكنهم الدخول من حسابهم الخاص الى هذه الشبكة وتلقي التدريبات والتفاعل مع النشاطات والتدريبات وتقديم الامتحانات.
واكد الرائد سامر مهنا ان هدف القسم هو "معا نحو شرطة فلسطينية رقمية" والعمل على بناء وتطوير وانجاز "منهج التعليم الذاتي" وتقليل القوة البشرية التي تعمل في مجال الاتمتة في المكاتب والادارات وتوظيفهم في مجالات اخرى من خلال تطوير العمل الالكتروني.
اللياقة البدنية
والتقت معا مع النقيب احمد ابو محاميد مسؤول الصالة الرياضية في الكلية، حيث الصالة مجهزة ومعدة بكفاءة عالية ولكافة النشاطات والالعاب الرياضية اضافة الى غرف اللياقة البدنية للطلاب واخرى للطالبات، مشيرا ان الصالة تقدم الانشطة والتدريبات الرياضية لكل طلبة الكلية حيث انه مساق اجباري في الكلية، بهدف تطوير ورفع كفاءة اللياقة البدنية التي تنعكس على عمل رجل الامن في الميدان.
وفي صف آخر، دخلت معا الى تدريب حول أمن المنشآت الهامة وادارة الجودة للمنشآت حيث يحاضر فيها الرائد حقوقي محمد مناصرة حيث يقوم بتعريف الوضع المثالي لتأمين المنشأة الهامة، من خلال التدريب العملي على حماية المنشآت على الطريقة السليمة وتدريب الطلبة على كشف العيوب الامنية في المباني، حيث تقدم هذه الدورة للعديد من افراد الشرطة في غالبية التخصصات لمراكز الشرطة في كافة المحافظات، حيث تحاول الكلية تقديم الحد الادنى من أمن المنشآت التي يحتاجها أي رجل امن.
التعليم الاكاديمي
وافاد الرائد خالد الطميزي مدير دائرة التعليم الاكاديمي لـ معا خلال جولتها الطويلة ان هذه الدائرة هي مكون رئيسي في الكلية ويقع عليها عبء تنفيذ الدورات والتدريبات وتأهيل الضباط، وتتكون الدائرة من عدة اقسام.
قسم المناهج: جزء من صلاحيته هو متابعة المناهج وتدقيقها وتطويرها وتعديلها وتصميمها في ضوء الاحتياج التدريبي وتقديم معرفة وتحويلها لمهارة وممارستها.
المنهاج فلسطيني بامتياز يتم اعداده من قبل طاقم الكلية او المحاضرين من الادارات المتخصصة، لكل التخصصات منها تدريب اللياقة البدنية له منهج دراسي مكتوب، ويتم اعداد المناهج بالتعاون مع مختصين واكاديميين، ويجري العمل على تطوير وتعديل على المناهج وحذف واضافة بشكل مستمر بناء على التقييم وعلى دراسة الاحتياج وعلى التطور العلمي.
قسم المكتبة: يجري في الوقت الحالي تطوير هذا القسم بناء على احتياجات الكلية والبرامج، حيث تحتوي المكتبة حتى الان على مئات الكتب التي توفر الخدمة والمعرفة لطلبة الكلية في غالبية التخصصات.
قسم "مركز اللغات": مركز يقدم دورات باللغة الانجليزية والعبرية ويجري العمل على توفير دورات في عدة لغات اخرى لافراد الشرطة والتي تساعد رجل الشرطة على انجاز عمله على اتم وجه، وان تعليم اللغات جزء اساسي من رسالة الكلية واهدافها، للوصول الى شرطة عصرية متميزة وقادرة على العطاء وتقديم الخدمة بجودة عالية.
قسم الدراسات والابحاث: اضاف الرائد الطميزي مدير دائرة التعليم الاكاديمي ان هذا القسم مهمته تتم بالتنسيق مع ادارة التخطيط والبحوث في ادارة الشرطة، حيث يقدم الطلبة دراسات بحثية حول قضايا امنية يعايشها في حياته اليومية.
المناهج: يتم تحديد المنهاج بناء على تحديد الاحتياج التدريبي حيث تقرر ادارة الكلية وادارة التخطيط في قيادة جهاز الشرطة المنهاج لمواكبة كل جديد في التخصصات حيث يتم الاضافة والتغيير والتعديل والتجديد والغاء مهارات او اساليب لم تعد تصلح.
3 مستويات للبرامج التدريبية: تبدأ هذه المستويات من المستوى التأسيسي حيث يتحول الطالب من مواطن الى رجل أمن، ويتلقى الفنون الاساسية للامن واجراءات الشرطة وطبيعة عملها في 19 مادة تدريبية اجبارية لكل الطلبة، ثم يتم توزيعهم على مراكز الشرطة في المحافظات، ثم يأتي المستوى الثاني للتدريب وهو التخصصي، ليعود الشرطي الى الكلية ويتلقى التدريب التخصصي بناء على احتياج الجهاز والمركز الذي يعمل فيها، بعدها ويأتي برنامج التأهيل، ولا ينتهي هنا التدريب حيث يتم تقديم دورات وورش عمل متخصصة بشكل مستمر لكل الافراد من ضمنهم عمداء لمواكبة التطور.
مسرح الجريمة:
ووصلنا خلال جولتنا داخل الكلية الى عدة مبان ولحظة دخولنا تبين لنا انها "بيوت عادية" وظننا انها غرف المنامات.. لكن كانت مبان تحاكي المنازل الفلسطينية لتدريب الطلبة على مسرح الجريمة بشكل عملي.
الخلاصة:
الشمولية والتكامل في العمل هدف تلمسه في كافة دوائر الكلية، فأفراد جهاز الشرطة يتلقون التدريبات والدورات و"دورات تدريب مدربين" بشكل خاص وبصورة منظمة ليكون التعليم فيها "تعلّم وعلّم زملاءك" لبناء كادر مؤهل وقادر على قيادة الكلية.
فالموظفين وادارة الكلية يعملون وبتعليمات من القيادة وقيادة جهاز الشرطة على توفير كافة المعلومات والتدريبات والدورات والتخصصات لكل افراد الجهاز.. فالشرطي الذي يعمل في التحقيق مثلا يتلقى عدة دورات ليتعلم الشرطي من كل الرتب وكل التخصصات "شيء عن كل شيء" على اقل تقدير، وصولا الى الشمولية والكفاءة العالية والاكتفاء الذاتي.
تقرير: عبلة درويش