نشر بتاريخ: 14/04/2015 ( آخر تحديث: 14/04/2015 الساعة: 06:07 )
بيت لحم- خاص معا - "لن ندخل الأقباط الى القدس الا ويدنا بيد اخوتنا المسلمين وشيخ الأزهر" , كلمات الراحل البابا شنودة في قراره التاريخي بعدم جواز سفر الأقباط المسيحيين الى القدس عام 1968, لعدم اضفاء شرعية للاحتلال الاسرائيلي.
ظل الأقباط ملتزمون بقرار شنودة حتى وفاته في اذار 2012... وانفرط العقد، الالاف من الوافدين المصريين الاقباط الى القدس سنويا" للحج والتقديس وزيارة قبر المسيح خصوصا" فترة عيد الفصح المجيد.
فمن يتجول في شوارع القدس القديمة ومحيط كنائسها وكذا بيت لحم يبدو له واضحا
الوجود القبطي, باللكنة المصرية – الصعيدية – والعباية والتميز المصري العفوي.
هذا المشهد دفع الكثيرين للاستفسار بل والتساؤل لماذا الان؟ لماذا هذه الأعداد الكبيرة من الحجاج المصريين وفي هذا التوقيت بالذات؟؟ البعض اتهمهم بالتطبيع, والبعض الاخر قال بأن لا علاقة بين الدين والتدين والحالة الوطنية, فيما أكد رجال دين قبطيين مصريين " أن قرار البابا شنودة عام 1968 كان قرارا" كنسيا", وكان نتاج الحالة السياسية أنذاك, وليس الدينية.
ما يزيد عن 4000 حاج قبطي زاروا فلسطين في الفترة ما بين 6 الى 12 نيسان الجاري – فترة عيد الفصح حسب التقويم الشرقي – حسب ما أكد لنا الناطق باسم الشرطة الفلسطينية المقدم لؤي رزيقات.
وأضاف رزيقات ل معا أن الغالبية العظمى من الحجاج باتت في فنادق محافظة بيت لحم.
وعند مراجعتنا لاحصائيات العام الماضي 2014 فقد زار فلسطين ما يزيد على 10000 قبطي مصري , وهذا يشير الى تراجع ملحوظ في عدد الحجاج الوافدين الى فلسطين منهم هذا العام 2015 لأكثر من النصف!
وعند استفسارنا عن السبب, اتضح لنا أن الضوابط التي وضعتها الحكومة المصرية للسفر الى القدس كانت سببا رئيسيا وأبرزها اشتراط الحصول على الموافقة الأمنية من جهة, وضرورة أن يكون المسافر من مواليد عام 1970 أو ما قبله, فضلا عن خطاب موجه من الكنيسة للسماح له بالسفر للحج في القدس.
وعند تتبعنا لعدد من الأقباط المصريين ولقائنا بهم, تأكد لنا بأن الغالبية العظمى تزور القدس وبيت لحم, وتقدس المواقع الدينية المسيحية مثل كنيسة القيامة في القدس المحتلة, وكنيسة المهد في بيت لحم, موقع المعمودية في منطقة الأغوار, العيزرية (قبر اليعازر) , بيت بطرس, بيت يوحنا المعمدان وغيرها من المواقع الدينية في الأراضي الفلسطينية, وهذا ما يؤكد أن وجود الأقباط في فلسطين هدفه الأول الحج, والتقديس, بل وهدفه الأخير, كما قالت ليلى.
"ليلى سليمان" 65 عاما – من طنطا – جاءت للتقديس كما قالت لمراسلة معا. وأضافت سليمان أن فلسطين بلد جميلة جدا "آخر حلاوة".
وأوضحت سليمان أنها لطالما حلمت بزيارة قبر المسيح, وأن الزيارة من حق كل مسيحي, من منطلق ديني وعقائدي, وأنها بعمر لا يسمح لها بالانتظار أكثر لتزور القدس, مضيفة : "ان لم أزرها الان وأنا 65 عاما, متى ساضيء الشموع على قبر المسيح, دا من حقي".
"عطيات جريس" 72 عاما من طنطا الغربية, التقيناها خلال تواجدها في حقل الرعاة في بيت ساحور- بيت لحم قالت بأنها تزور فلسطين هذا العام للعام الرابع على التوالي, وأعربت عن سعادتها البالغة لتمكنها من المجىء للتقديس في فلسطين كما تقول.
أما "ميشيل" 69 عاما وهو قبطي من قضاء القاهرة, فقال أتمنى أن يسمح لأولادي ولكل الشباب القبطي أن يزور القدس وفلسطين, فلا يجب أن تكون هناك حواجز في الدين والصلاة.
البطريركية الأرثوذكسية في القدس
كان رفض الأب الأرشمندريت عطالله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في القدس الربط بين زيارة الأراضي المقدسة والحج فيها بالتطبيع مع الاسرائيليين.
وشدد الأب حنا ل معا على موقف الكنيسة الأرثوذكسية بخصوص التطبيع المباشر وغير المباشر مع الاحتلال الاسرائيلي, موضحا أن الكنيسة الأم تحترم موقف الكنيسة القبطية والأنطاكية في الشرق الأوسط.
وأكد الأب حنا على ترحيب الكنيسة الأرثوذكسية بالحجاج والوافدين جميعا بغض النظر عن خلفيتهم وانتمائاتهم, وأضاف: "أن من زار القدس وحج فيها في الأيام الماضية لم يزر تل أبيب ولم يتجول في أسواقها, انما زار القدس وتعبد فيها وبات في بيت لحم, لذا نظلمهم ان قلنا أنهم مطبعين".
هل تلعب اسرائيل بورقة الحج المسيحي؟
وأشار الاب الأرشمندريت عطالله حنا خلال حديثه لـ معا الى تعمد سلطات الاحتلال الاسرائيلي تقليص عدد الحجاج الى الأراضي الفلسطينية, مؤكدا" أن عدد الأقباط هذا العام أقل من نصف العام الماضي بسبب الاجراءات الاسرائيلية التي تزداد تشددا عاما تلو الأخر على الحجاج الوافدين من الخارج, خصوصا المصريين منهم, وعلى الفلسطينيين في الضفة وغزة على حد سواء من خلال تقليص أعداد الحاصلين على تصاريح منهم لزيارة القدس.
كما وأوضح أن هذه الاجراءات لم تقتصر فقط على الحجاج الأقباط انما أيضا على غيرهم من الجنسيات الأجنبية مثل اليونان والقبارصة وغيرهم الكثير.
المقاطعة والمفارقة
واذ يحتدم الجدل مرة أخرى, بجواز السفر الى القدس أو عدمه, وما بين الحج والتطبيع, والتقديس والخيانة, الا أن جميع الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط تؤكد صمود الموقف المسيحي المتضامن مع القضية الفلسطينية والرافض للتطبيع, ليؤكد أن الدين لا يجب أن يكون عامل فصل, انما عامل توحيد وقاسم وتضامن بين العرب مسلمين ومسيحيين, بما لهم وعليهم في القدس.
يبقى أن نسأل عن المفارقة والمقاطعة العربية الاسلامية للقدس, ودعونا نذهب أكثر من ذلك في التساؤل...في ظل أهداف اسرائيل بتهويد القدس وتقويض روحها التاريخية وهويتها, لا بل وجعل القدس عاصمة اسرائيل, وتصفية القضية الفلسطينية؟!!
تقرير: رنا ابو فرحة