العويوي يلقي كلمة بمؤتمر الامم المتحدة لمنع الجريمة والعدالة الجنائية
نشر بتاريخ: 14/04/2015 ( آخر تحديث: 14/04/2015 الساعة: 14:58 )
رام الله -معا- ألقى النائب العام القاضي عبد الغني العويوي كلمة خلال مشاركته في المؤتمر الثالث عشر للامم المتحدة لمنع الجريمة والعدالة الجنائية 2015، المنعقد في الدوحة، والذي تستمر أعماله لغاية 19 نيسان 2015، وافتتح كلمته بتهنئة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على انتخابه رئيسا للجنة العامة للمؤتمر، وتوجه بالشكر لدولة قطر الشقيقة لاحتضانها هذا المؤتمر الدولي الهام.
وأشار إلى ان انعقاد المؤتمر يأتي في ظل ظروف دولية وإقليمية ومحلية غاية في الصعوبة والخطورة والتعقيد، فالجريمة تتنامى فيها بوتيرة سريعة وبخطورة متزايدة على نحو أصبحت تشكل آفة تهدد النسيج الاجتماعي والاقتصادي واستقرار وأمن المجتمعات، هذا لا يقتصر على دولة معينة بذاتها بل على دول العالم أجمع، وتكمن خطورتها في أن نشاطها لم يعد يقتصر على مجال دون اخر كجرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، والإرهاب، وإنما تعداها بظهور أنواع جديدة لجرائم أخرى مثل الجرائم التي لها تأثير على البيئة، والمتعلقة بالاتجار بالممتلكات الثقافية، وجرائم الاحتيال الاقتصادي، والجرائم الالكترونية، والاتجار بالأعضاء، وجرائم الكراهية.
ولهذا فإن هذا المنتدى يقدم فرصة فريدة للجمع بين ممثلين الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية والخبراء والأفراد لمعالجة موضوعات مختلفة في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية بهدف تعزيز سيادة القانون وتحقيق الأمن والسلام وإقامة العدل.
وأضاف النائب العام "أننا نتأمل ان يستمر دور مكتب الأمم المتحدة لمنع الجريمة والعدالة الجنائية في لعب دوره الهام في تزويد الدول بتوصيات قيمة تساهم في صياغة السياسات و الاستراتيجيات لمنع الجريمة في اماكن مختلفة من دول العالم ، وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال".
وحث الدول الأعضاء على أهمية إنشاء آلية محايدة شاملة حكومية دولية وشفافة وفعالة، ممولة من الميزانية العادية، لاستعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة عبر الوطنية وبروتوكولاتها، وأن تكون متسقة تماما معها وكذلك مع المبادئ والخصائص التي حددها مؤتمر الدول الأطراف بالاتفاقية في القرار 5/5، وعلاوة على ذلك، نشير إلى أهمية توفير المساعدة التقنية وتعزيز التعاون الدولي من أجل تنفيذ الاتفاقية وبروتوكولاتها.
وأضاف "إننا نعمل بجدية على تأسيس مؤسسات قائمة على احترام القانون وتعزيز الحوكمة الرشيدة لإنارة طريقها للمستقبل وعليه انضمت للعديد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي تساعدها على تحقيق أهدافها بالإضافة الى تدعيم التدابير والجهود الوطنية في تنفيذ السياسات والاستراتيجيات الوطنية، كما وتقدم من خلالها مساندتها للجهود الاقليمية والدولية في محاربة الجريمة بأشكالها المختلفة".
وقال "وفي إطار سعيها لدعم الجهود والتدابير الوطنية والإقليمية والدولية لمنع الجريمة وتحسين نظم العدالة الجنائية، قامت دولة فلسطين بالانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، واتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي، والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، وغيرها من الاتفاقيات الدولية والإقليمية".
وشدد النائب العام على أن النهوض بسيادة القانون هو مقوم اساسي للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة والقضاء على الفقر والجوع و العمل بمبادئ حقوق الانسان وحرياته الاساسية بما في ذلك الحق في التنمية باعتبارها ذات تاثير مباشر على سيادة القانون ولهذا تؤكد الحكومة الفلسطينية على اهمية الترابط بين سيادة القانون والتنمية ، وعلى أهمية النظر في هذه العلاقة في إطار خطة التنمية لما بعد العام 2015 ، حيث ان التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وارساء نظام عدالة ناجع وفعال يراعي الاعتبارات الانسانية ويتسم بالكفاءة أمران يؤثران في بعضهما تأثيرا ايجابيا .
وأكد "إننا في النيابة العامة لدولة فلسطين، ندرك مدى اهمية العلاقات الخارجية مع النيابات العامة في دول العالم لذلك بذلنا كل ما في وسعنا وما زلنا لمكافحة الجريمة بشكل عام محليا و الجريمة العابرة للحدود بشكل خاص، لما لها من أثر على مجتمعنا وأمننا وتراثنا واقتصادنا الفلسطيني، لذلك فإننا نعمل على التعرف على قواعد التعاون القانوني والقضائي بين الدول والانخراط في الانشطة الدولية لما لها من اهمية في تعزيز قنوات وآليات التواصل بين النيابات العامة على المستوى الاقليمي والدولي، لمافي ذلك من اثار بالغة الاهمية في تمكين النيابة العامة الفلسطينية من تكوين ثقافة قانونية وفق منظور يحرر الطاقات الإبداعية الخلاقة التي تندرج ضمن ورش الاصلاح الكبير والعميق لنظام العدالة الذي يحتاج إلى جهد الجميع".
"وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، قامت النيابة العامة لدولة فلسطين بتوقيع مذكرات تفاهم مع عدد من النيابات العامة في عدد من دول العالم بهدف تعزيز التعاون القضائي خاصة في مسائلة المساعدة القضائية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، النيابة العامة لإمارة دبي والنيابة العامة لدولة روسيا الإتحادية و هناك مشاورات تجريها النيابة العامة مع عدد من الدول الصديقة لتوقيع المزيد من الاتفاقيات,إنه هدف إسترتيجي للنيابة العامة لدولة فلسطين بأن تكون كتفا إلى كتف مع جهود المجتمع الدولي في مكافحة الجريمة بأنواعها".
وأشار النائب العام الى أن ملاحقة الجريمة العابرة للحدود والتصدي لها يعتبر أكثر تعقيدا في فلسطين عن غيرها من بقية دول العالم، ويعود ذلك إلى كونها دولة تحت الاحتلال، وبالتالي لا وجود لسيطرة فعلية على الحدود من قبلنا لسيطرة الجانب الإسرائيلي على هذه الحدود بالكامل مما يعيق اتخاذ التدابير اللازمة لملاحقة مرتكبي الجرائم في العديد من القضايا، بالتالي هناك صعوبة في ملاحقة مرتكبي أي جريمة عابرة للحدود دون وجود سيطرة فعلية للدولة على حدودها، بالإضافة الى ذلك عدم القدرة على بسط السياده على جزء كبير من الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية لخضوعها للسيطره الامنية الاسرائيلية و التي تحول دون انفاذ القانون في تلك المناطق.
وفي ذات السياق أكد على ما ورد في الاعلان الصادر عن الاجتماع الرفيع المستوى للجمعية العامة المعني بسيادة القانون على الصعيدين الوطني و الدولي لعام 2012، حيث اشار الى ان استقلال النظام القضائي وحيادته ونزاهته شروط اساسية للنهوض بسيادة القانون وكفالة عدم التمييز في إقامة العدل ، وان اتاحة سبل الوصول الى نظم قضائية فعالة ومنصفة و متجاوبة وخاضعة للمسائلة أمر ضروري لمعالجة الاسباب الكامنه وراء انعدام الامن البشري والفقر وعدم المساواة والتهميش.
وأضاف ان دولة فلسطين تؤمن بأن سيادة القانون على الصعيدين الوطني و الدولي تساعد على بناء الثقة بين الدولة و مواطنيها و تمكن الدولة من الاستثمار والنمو الشامل ، وتعزيز القدرة على التنبؤ و الاستقرار و محاربة الفساد بجميع اشكاله ، كما ان التدابير المتخذة في مجالات القضاء على الفقر وتحسين صحة الاطفال والأمهات و التعليم الشامل للجميع وتمكين النساء و الفتيات و تهيئة بيئة حضارية أمنة تؤدي دورا عظيما في النهوض بسيادة القانون وتوطيدها في جميع المجتمعات .
وحث على ضرورة تناول المظاهر المستجدة من الجريمة، فضلا عن الطرق القائمة للجريمة التي نمت في السنوات الأخيرة، ومن بينها الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية والجرائم ذات الصلة، والجريمة الالكترونية، والتي نعمل حاليا في فلسطين على اصدار التشريع الخاص بتجريمها كونها من الجرائم الحديثة التي لم يتناولها المشرع الوطني بالتجريم الصريح بالقوانين المعمول بها حاليا.
وفي ختام كلمته حمل النائب العام على عاتقه مسؤولية تنفيذ السياسة الجنائية في بلاده، ونقل تطلعات الشعب الفلسطيني للحياة بكرامة في ظل دولة آمنة ذات سيادة يحكمها دستور متطور يكفل الحرية لمواطنيها و السلام لمجتمعها، مجتمع فلسطيني يتمتع بحقوق وحريات ويلتزم بالواجبات تحت مظلة سيادة القانون بدعم من الارادة السياسية من فخامة الرئيس محمود عباس وفق القانون الأساسي و القوانين الدولية ذات الصلة.