نشر بتاريخ: 20/04/2015 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:09 )
بيت لحم - تقرير خاص معا - مع استمرار البناء الاستيطاني والتوسع في مستوطنة "جبل ابو غنيم" جنوبي القدس المحتلة، ماذا تحمل الايام في طياتها من تهديدات ضد المواطنين في مدينة بيت ساحور.. وكم صادر الاحتلال من اراض لصالح بناء هذه المستوطنة.. ماذا يقول اهالي المدينة وماذا يتوقع خبراء الاستيطان والمسوؤلون...معا حاولت تتبع هذه الملف.
فيما يلي صور قديمة لجبل ابو غنيم وكيف تدرّج البناء الاستيطاني.. يتبعها عشرات الصور للمستوطنة في هذا الوقت توضّح كيف اتسعت وامتدت والتهمت الارض الفلسطينية.
ويشار ان مستوطنة "جبل ابو غنيم" جنوبي القدس المحتلة، تأسست عام 1996 ويبلغ ارتفاعها 750 مترا عن سطح البحر، ومساحتها 130 دونم ادعت إسرائيل ان مجموعة يهودية اشترتها عام 1940، وصدر أول أمر عسكري لمصادرة الأراضي الخاصة في منطقة جبل ابو غنيم عام 1992 حيث ردت محكمة العدل العليا الاسرائيلية الالتماس الذي تقدم به الفلسطينيون اصحاب الأراضي عام 1995، ووضعت حكومة "رابين" مخططات المستوطنة المذكورة لكن أعمال البناء لم تبدأ لأسباب سياسية ليبدأ البناء الفعلي عام 1997 في عهد حكومة نتنياهو، يبلغ عدد سكان المستوطنة اكثر من 30 الف مستوطن جزءا منهم من اليهود المتدينين وغالبيتهم من العلمانيين ووفقا للمخطط ينتظر ان يرتفع عدد السكان الى 40 الف.
توجهت معا الى اقرب المنازل الفلسطينية الى المستوطنة والتي يُسمح بالوصول اليها في مدينتي بيت ساحور وبيت لحم، والتقطت عدسة معا عديد الصور للمنازل الفلسطينية والاراضي التي بقيت ومحاذية للمستوطنة وحدودها التي لا تبعد سوى امتار قليلة عن سياج المستوطنة وتمكنا من التقاط صور من داخل بيت ساحور لبعض الاراضي التي صودرت داخل المستوطنة، ما قد يهدد هذه المنازل والاراضي باجراءات "أمنية" قد تفرض يوما عليهم، اضافة لمصادرة اراضيهم سابقا لصالح بناء المستوطنة.
عدد من الاهالي الذين التقهم معا عبروا عن غضبهم مما آلت اليه الامور حيث
لا يبعدون سوى امتار عن السياج "الامني" الذي يفصلهم عن المستوطنة، اضافة الى اراضيهم التي التهمها الاحتلال لبناء المستوطنة والجدار، منهم من فقد منزل اجداده القديم والذي يتواجد داخل حدود المستوطنة المذكورة، وقلقهم مما ستؤول اليه الامور مستقبلا.
مواطن فقد 60 دونماحد المواطنين الذي يسكنون بالقرب من السياج "الامني" المسن اديب مسعد يسكن في منطقة "جبل الديك" بالقرب من السياج "الامني" للمستوطنة، قال لـ معا انه فقد اكثر من 60 دونم من ارضه وارض اجداده التي التهمها الاحتلال لصالح بناء مستوطنة "ابو غنيم" والسياج "الامني"، اضافة للارض التي سُرقت لبناء الجدار الفاصل.
واكد مسعد ان العائلة رفعت قضية لمحكمة العدل العليا الاسرائيلية ضد سرقة ارضه وبيته قبل 12 عاما، وردت المحكمة المذكورة حينها بأنه امر عسكري ولا شأن لها بهذا.
يملك المواطن مسعد منزلا قديما لعائلته يتواجد داخل حدود المستوطنة، اضافة لـ 14 دونم حوله، صادرها الاحتلال سابقا لبناء وتوسيع المستوطنة، ويمنع عليهم الوصول الى المنزل منذ 12 عاما، حيث حصلوا طوال الاعوام الماضية على تصريح مرتين فقط، يسمح لهم بزيارة المنزل والارض كزائر وسائح دون السماح لهم بترميم المنزل او الارض او اجراء أي تغيير او تعديل او تطوير، فيما رفض الاحتلال عشرات المرات السماح لهم بالزيارة.
وعبر المواطن مسعد عن حزنه على ارض اجداده التي صادرها الاحتلال، اضافة الى قلقه على ابنائه واحفاده بحكم قرب منزلهم الحالي داخل مدينة بيت ساحور من السياج "الامني" أي حدود المستوطنة، وما يواجهونه من خطر الحركة والتجول حول منزلهم، وخطر الاقتراب من السياج وقوع الاحتكاك بينهم وبين المستوطنين قريبا.
ومن جهته، حذر
خبير الاستيطان احمد صبن لبن في حديثه لـ معا من ان بناء الوحدات الاستيطانية داخل مستوطنة "جبل ابو غنيم" وخصوصا القريبة من مدينتي بيت ساحور وبيت لحم التي لا تبعد سوى عشرات الامتار من عديد المنازل، تهدد حرية الحركة والتنقل والبناء في هذه المنطقة، وتهدد مصير العقارات الفلسطينية القريبة والمحاذية للجدار الفاصل والسياج "الامني" حول حدود المستوطنة.
كما حذر خبير الاستيطان عن عقبات وتقييدات قد تُفرض من قبل الاحتلال على منازل الفلسطينيين في هذه المناطق المحاذية للمستوطنة والجدار الفاصل، منها اغلاق النوافذ المحاذية للجدار -كما حدث في منطقة رأس العامود في مدينة العيزرية شرقي القدس حين تم بناء الجدار وفرض تقييدات على حرية حركة المواطنين ووضع حمايات حديدية على نوافذ المواطنين من قبل جيش الاحتلال لمنع اتصالهم مع الجدار الفاصل- اضافة الى عقبات تتعلق بتجوالهم وحركتهم بجوار منازلهم وفي اراضيهم المحاذية.
واكد احمد صب لبن ان هدف الاحتلال من توسيع واستمرار البناء الاستيطاني في مستوطنة ابو غنيم بشكل خاص هو عزل مدينتي بيت لحم وبيت ساحور جغرافيا عن القدس وفصل أي نوع من التواصل بين اهالي المحافظة والمدينة المقدسة.
ورأى ان الاحتلال يحاول فرض وقائع على الارض من خلال استمرار البناء الاستيطاني في المستوطنات لتحقيق مشروعه وهو ما يسميه بـ "القدس الموحدة".
ومن جانبه، رأى
خبير الاستيطان عبد الهادي حنتش في حديث لـ معا ان الاحتلال يهدف من استمرار البناء والتوسع الاستيطاني في مستوطنة "جبل ابو غنيم" لمحاصرة مدينة القدس من كافة الاتجاهات وربط مستوطنة "ابو غنيم" بمستوطنة "هار جيلو"، وللاستيلاء على مزيد من الاراضي الفلسطينية في القدس وبيت ساحور، وكذلك يهدف لمنع التمدد السكاني الافقي في محافظة بيت لحم ومحاصرة المحافظة من الجهة الشمالية والشمالية الشرقية لمنع اتصالها وتواصلها مع المدينة المقدسة وانشاء طوق حول القدس وآخر حول بيت لحم.
وتوقع حنتش في حديث لـ معا ان الفترة القادمة ستحمل في طياتها تهديدات على المواطنين الذين يسكنون قرب سياج المستوطنة في مدينة بيت ساحور، حيث ان الاحتلال يهدف لتهجير المواطنين من خلال زيادة الضغوطات عليهم والاعتداءات التي سينفذها المستوطنون بحقهم كما باقي المواطنين الذي يسكنون قرب المستوطنات -التي اقيمت على اراضيهم اساسا- ولخلق منطقة عازلة عن المستوطنة لمنع الاحتكاك ولمنع المواطنين من استغلال اراضيهم والعيش بحرية في منازلهم.
وفي ذات السياق، تحدثت معا مع
رئيس بلدية بيت ساحور هاني الحايك الذي اكد ان الاحتلال صادر اكثر من 7000 دونم من اراضي المواطنين في مدينة بيت ساحور، وطوال السنوات الماضية ومنذ بدء بناء مستوطنة "ابو غنيم" توجه عشرات المواطنين والبلدية بدعاوى قضائية في المحاكم الاسرائيلية لكن أي منها لم يأت بنتيجة لصالح المواطنين.
ورأى الحايك في حديث لـ معا ان اهالي بيت ساحور والمناطق القريبة من المستوطنة والذين صودرت اراضيهم لصالح بناء مستوطنة ابو غنيم، قبل اكثر من 20 عاما لم يتوقعوا ان يتم بناء المستوطنة بهذه الصورة، مؤكدين حينها انهم يملكون الاوراق التي تثبت ملكيتهم للارض وكان توجه البعض منهم ضعيفا للمحاكم، ظنا منهم ان الاحتلال سينظر لهذه الاوراق او انه لن يتم بناء مستوطنة، لكن مستوطنة "ابو غنيم" باتت شبحا يؤرق استقرار الحياة في المدينة.
واكد الحايك ان عدة مناطق واراضي في مدينة بيت ساحور كانت مهددة بالمصادرة لصالح البناء الاستيطاني لكن صمود المواطنين الاسطوري وبقائهم في ارضهم وقيامهم بالبناء والتوسع العمراني فرض حالة من "الامر الواقع" التي حالت دون مصادرة عدد كبير من الدونمات، فعشرات العائلات صمدت في ظروف قاسية في اراضي ومنازلهم غير المؤهلة للحياة حينها وفي عدة اسكانات في المدينة، لتثبيت وحماية اراضيهم.
واكد الحايك وقوف البلدية المستمر الى جانب المواطنين في الاراضي المهددة بالمصادرة واصحاب الاراضي التي صودرت بكل ما تملك البلدية من امكانيات، وشجعت المواطنين على البناء في اراضيهم لحمايتها.
وكشف الحايك لـ معا ان الحكومة صادقت على مشروع تزفيت وتأهيل الشوارع في مناطق قريبة من سياج المستوطنة في بيت ساحور وفي منطقة "هاراسا" على مدخل مدينة يبت ساحور ايضا، لتقديم الدعم الكافي للمواطنين للصمود في اراضيهم لحمايتها من المصادرة.
وثمن الحايك صمود عشرات العائلات في اراضيهم التي كانت مهددة بالمصادرة لصالح البناء في مستوطنة ابو غنيم، مؤكدا ان الوحدة والجماعة التي ربطت المواطنين كانت حاجزا صعبا امام الاحتلال لتجاوزه.
تقرير وتصوير: عبلة درويش