بيت لحم- معا- ذلك القصر، في تلك الممكلة العظيمة التي أذهلت البشر ونقلتها الى عالم اخر، افتراضي وحسب.. ذلك القصر الأزرق، ذو المتاهات والمربعات والمساحات والمنابر والحناجر والموت والحياة والكلمة والحرف والكتاب والمعلم والارض والفضاء، والتي تختفي جميعها بضغطة اصبع ولو بطريقة خاطئة!
ذلك العالم الذي تتزاحم فيه النشوة مع خيبة الأمل.
ذلك العالم الذي تجد فيه الأنا وتفقد الجماعة.
ذلك العالم, حيث تكتب ولا تقرأ, وتقرأ ولا تكتب, ولا تكتب عن ما تقرأ, ولا تقرأ أكثر من سطر أو اثنين لتنتقل لواجهة أخرى!
ذلك العالم, حيث الكم وليس النوع.
هو العالم الافتراضي حيث الطعام الجيد, لكن المبالغة فيه مؤذية, حيث التواصل الاجتماعي الذي يؤدي الى العزلة, حيث الشعور بالأعراض وصولا لتشخيص وجود الورم, الورم الالكتروني الحميد.
فلسطين: أرقام واحصائيات
احتل اسم فلسطين، خلال عام 2014، المرتبة الثامنة ضمن قائمة الدول العربية من حيث نسبة عدد السكان مستخدمي الفيسبوك, بنسبة تجاوزت ال 33%.
وكما قالت دراسة أشرفت عليها مؤسسة سوشيال ستوديو بالتعاون مع مؤسسات فلسطينية أخرى كمؤسسة التغيير, فان الاقبال على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي عامة, والفيسبوك خاصة في تزايد مستمر.
وكما جاء في الدراسة التي حملت عنوان "نظرة على وسائل التواصل الاجتماعي في فلسطين" لاحظ المهتمين في مجال الإعلام الاجتماعي، أن الفيس بوك في فلسطين قد سبق غيره من وسائل التواصل الاجتماعي.
ونشر القائمون على الدراسة احصاءات مفاجئة نسبيا" لأعداد مستخدمي الفيس بوك في فلسطين, وأظهر التوزيع الجغرافي حصول قطاع غزة على نصيب الأسد بما يعادل 38% من سكانه, مستخدمي فيس بوك, فيما جائت مدينة نابلس ورام الله في المرتبة الثانية بنسبة 14%, لتليهما الخليل ثالثا" بنسبة 13%, وجنين رابعا" ثم بيت لحم وطولكرم.
أما مدينة القدس الشرقية, فسجلت, حسب الدراسة وجود أكثر من 140,000 مستخدم للفيسبوك من الذين اختاروا اللغتين العربية أو الانجليزية في حساباتهم الشخصية, علما" أن عدد سكان القدس حسب اخر احصائية للاحصاء المركزي الفلسطيني بلغت 411,000.
الأجهزة المستخدمة للمرور الى الفيس بوكفي مشهد ربما يثير تساؤلات عديدة عن الواقع الاقتصادي الصعب الذي يمر به الفلسطينيون وارتفاع أسعار الأجهزة الذكية والمتطورة, ناهيك عن أسعار خدمات الانترنت في فلسطين, الا أننا ذهلنا عند تتبعنا الدراسة التي قدمتها مؤسسة سوشيال ستوديو, والتي أشارت الى أن 15% من مستخدمي الفيسبوك يدخلونه عبر الهواتف الذكية. وأن ما نسبته 54% من مستخدميه يعبرون إليه عبر الهاتف والكمبيوتر, فيما أضافت الدراسة الى ان 31% منهم يستخدمونه عبر الكمبيوتر الشخصي
الفيس بوك...تهمة!
ما التهمة الموجهة اليك؟ الفيسبوك..
خلال تتبعنا لحالات اعتقال من قبل الاحتلال الاسرائيلي لفلسطينيين بتهمة التحريض ضد الاسرائيليين من خلال منشورات وكتابات عبر الفيسبوك, وهناك العشرات من الحالات التي وثقها المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الاعلامية, مثل الشاب صهيب زاهدة من الخليل والذي اعتقل واستجوب اكثر من أسبوع بتهمة التحريض خلال الحرب على غزة.
فلسطينيا", كان للأجهزة الأمنية, تحديدا" الأمن الوقائي وما زال دور في الرصد والمتابعة والاستدعاء والاستجواب, بل والاعتقال أيضا", وتم توثيق عدة حالات, نذكر منها اعتقال الشاب براء محمود 22 عاما طالب الاعلام في جامعة بيرزيت بتهمة كتابات ومنشورات على الفيسبوك, حيث اعتقل لمدة 9 أيام.
وعلى صعيد اخر, تقول الأجهزة الأمنية إنها قادرة على التعامل مع الشكاوى التي تقدم اليها فيما يتعلق بالانترنت وخصوصا" مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلق الناطق باسم الشرطة الفلسطينية المقدم لؤي رزيقات بأن هنالك قضايا كثيرة تم متابعتها من خلال وحدة مكافحة الجرائم الالكترونية والتي انشئت قبل حولي العام, مواكبة للتطور التكنولوجي.
وأضاف رزيقات لـ معا أن القضايا تم متابعتها وإلقاء القبض على المجرمين الذين كانوا مجهولين، وبعض المتهمين تم القاء القبض عليهم متلبسين، سواء عمليات سرقة حسابات فيسبوك او الايميل او عمليات الابتزاز والتشهير من خلال الانترنت.
الفيسبوك.. ورم حميد؟!
البعض يرى فيه مرضا، والبعض الاخر يقول بأنه مخرج للتعبير والتثقيف والتواصل الاجتماعي, فيما يرى آخرون أن الفيسبوك ما هو الا اداة لتثبيت الأنا وتفتيت المجتمع لا تعزيز التواصل!
وتقول الدكتورة سهاد زهران المحاضرة في علم النفس لـ معا ان الفيسبوك لا يمكن اعتباره مرض الا ان كان في حالة غير طبيعية, لأن المرض بحد ذاته هو حالة غير طبيعية تؤثر على الكائن الحي ترتبط بأعراض وعلامات, ليس فقط بيولوجية انما اعراض متداخلة.
وأوضحت زهران أنه اذا كان هناك تجاوز للمعقول في أوقات وطرق استخدام الفيسبوك, فهو هوس دائم, وبالتالي مرض.
علامات المرض
اثار جسدية عديدة قد يتركها استخدام الفيسبوك المتواصل, كالصداع, احمرار العيون, التعب. ويترك الاستخدام المتواصل لمثل هذه المواقع علامات أخرى منها نفسية كالتوتر والعصبية والقلق, وأخرى اجتماعية, حيث كما يؤكد المختصين فان التعبير الكتابي أضعف من التعبير الكلامي, فنبرة الصوت والصورة عامل أساسي في نقل المشاعر والكلام... الكترونيا", يختلف الأمر!!
ولعل من أبرز الاثار وأخطرها, تلك الفكرية, والتي قد تنقلب عقائدية, فقراءة سطر لمحمود درويش يكافىء قراءة قصيدة كاملة؟!!
فحسب المتابعين والمختصين, القارىء الفيسبوكي لا يقرأ أكثر من 3 الى 4 سطور, وهذا ما يؤدي حتما" الى ما يسميه علماء النفس "الاختلال الفكري", وبالتالي بناء عقائديات مختلفة, غير متوازنة, بناء على رتوش أفكار ونصوص.
التشخيص
فهل أنت مصاب بالورم الالكتروني الحميد ؟!
الاجابة نعم اذا كنت تقضي ما مجموعه 4 ساعات يوميا".
اذا كنت تترك أعمالك, دراستك, واجباتك, عائلتك,,لتطل على الفيسبوك;
اذا كنت تشعر بالتوتر أو القلق عند غياب الانترنت, أو انقطاعه.
اذا كنت تحمل هاتفك في الحمام.
اذا كنت تحمل هاتفك على مائدة الطعام.
في الفراش, اذا كان هاتفك يبعد عنك أقل من 50 سم.
واذا كان لديك أكثر من 600 صديق, وتبحث عن آخرين..
فحتما" أنت مصاب بالورم الالكتروني الحميد.
مراحل تطور المرض
يبدأ ادمان الفيسبوك حين يدفعك حب مواكبة العصر والتطور التكنولوجي الى التغلغل تدريجيا" لموقع التواصل الاجتماعي الأشهر في العالم, الفيسبوك, لاشباع رغبة, أو لاكتشاف أخرى جديدة, أو الفضول, ربما تعزيز الأنا, ومن الأنا ربما للزعامة الافتراضية, وصولا" الى اتيكيت الأدب والأخلاق والمجاملة الافتراضية!!
وتؤكد الدكتورة زهران على أن اعتبار الفيسبوك واستخدامه مرضا" يرتبط بخروجه عن السيطرة, مثل أن نشارك الاخرين مشاعرنا, اليوم حزين, غد سعيد, وبين الاثنتين مكتئبا", وغيرها من المشاعر التي نضعها اراديا" ولا اراديا" باحثين عن تعاطف الاخرين, أو لفت انتباههم.
ايجابيات
الانسان مخلوق اجتماعي, لا يمكنه العيش دون علاقات مع الاخرين الذين يختلف معهم بالاهتمامات والتوجهات والرغبات والاحتياجات.
وتشير الدكتورة زهران الى كون تلك العلاقات شريعة اجتماعية مؤكدة بين الناس. موضحة" أن المحدودية يجب أن توجد في العلاقات الافتراضية وضرورة عدم الانفتاح الالكتروني كما أسمته.
وقالت الدكتورة زهران بأن الغالبية أصبحت لديها قناعة بأن العالم الافتراضي أفضل وأسهل وأجمل تواصلا" وتعبيرا" بعيدا" عن القيود الحقيقية للمجتمع, وبالتالي تغذية "ايجابية" ولو مؤقتة لمشاعر المستخدم.
واذا عدنا للدراسة أعلاه فسنجد أن متوسط عدد الأصدقاء على صفحات الفيسبوكيين الفلسطينيين يترواح ما بين 200 – 500 صديق (افتراضي). وهذا يشير بوضوح الى أن حاجة الفرد للعلاقة الاجتماعية مع الاخرين حتى لو لم يعرف منهم 50 فضا" على أرض الواقع!
الاعلام الاجتماعي, وتدعيم القطاعات العامة والخاصة
حسب الدراسة التي قدمتها مؤسسة سوشيال ستوديو, والتي شملت أيضا" نظرة على القطاعات العامة والخاصة من شركات اتصالات وانترنت, بنوك, ومؤسسات اعلامية, جامعات, مؤسسات تعليمية, محلات بيع متاجر, مطاعم, مؤسسات حكومية, وغير حكومية, شخصيات عامة, وأخرى مؤثرة, فنانون, اعلاميون, مبادرات اجتماعية, صفحات سياسية, وغيرها الكثير من تلك التي باتت تعتمد عدد المعجبين, متابعة الجمهور, المواضيع التي تتم مناقشتها, الصدى الاعلامي, والجهات التي يتم تمثيلها من خلال هذه الصفحات.
ونطرح هنا أمامكم كنموذج ناجح, ما تقدمه شبكة معا الاعلامية, بأقسامها من خلال التواصل الاجتماعي وصفحاتها على الفيسبوك.
وتأكيدا" على كون شبكات التواصل الاجتماعية مثل "فيسبوك" و "تويتر" أصبحت جزءا" أساسيا" في عملية جمع الاخبار ووفرت فضاء رحبا لتداولها
حيث قال مدير قسم البحث في شبكة معا أسامة الجعفري أن ادارة شبكة معا تشجع الصحفيين في الشبكة على فتح حسابات على مواقع شبكات التواصل الاجتماعية مثل "فيسبوك" و "تويتر" لتطوير أدوات جديدة لرصد وتغطية الأخبار.
وأوضح الجعفري أن الادارة كذلك شجعت صحافيي الشبكة على استخدام الشبكات الاجتماعية كأداة للتفاعل مع الجمهور، والمشاركة في صناعة الخبر والاستفادة من مصادر جديدة.
كما وأكد الجعفري على أن شبكة معا تدرك اهمية شبكات الاعلام الاجتماعي جيدا واهمية توظيفها في تشكيل وبناء الراي العام لدى مستخدمي تلك الشبكات, لذا يحرص طاقم معا في كافة الاقسام على بناء حالة من التفاعل الايجابي البناء مع اصدقائنا ورواد صفحاتنا على موقع التواصل الاجتماعي.
وشدد الجعفري على حرص ادارة شبكة معا وبشكل مستمر على رفد صفحاتنا على الموقع بالمحتوى المحدث والجديد, حيث يشكل التفاعل الايجابي مع رواد واصدقاء الصفحة مصدر هام للاخبار والمعلومات على حد سواء.
وأشار الجعفري الى أن صفحات معا الاخبارية تعمل بطريقة متكاملة ومتصلة مع الأقسام الأخرى كقسم الأخبار والبرامج في الفضائية. مؤكدا" على احتلال صفحات شبكة معا الاخبارية ووكالة معا الاخبارية على اهتمام متزايد ومتنامي من قبل مستخمي الانترنت, وباتت تشغل المراتب الأولى في ترتيب المواقع ليس فقط الفلسطينية, انما العالمية أيضا", حسب المتابعات.
تقرير: رنا أبو فرحة