الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

أحب الحياة ووزع الكنافة.. لكنه غادر للأبد

نشر بتاريخ: 25/04/2015 ( آخر تحديث: 25/04/2015 الساعة: 22:44 )
أحب الحياة ووزع الكنافة.. لكنه غادر للأبد
القدس- معا- "خرج علي مساء أمس الجمعة للمشاركة في سهرة أحد أقاربه، بعد أن اشترى حلوى "الكنافة" لنا.. كان النّور يشع من وجهه وابتسم وخرج وقالي لي: لن أتاخر، لكنه لن يعود مجددا لن يكون بيننا فرصاص الاحتلال قتله بحجج كاذبة". هذا ما قالته والدة الشهيد علي محمد أبو غنام (17 عاما) الذي استشهد بعد منتصف ليلة أمس خلال مروره عبر حاجز الزعيم.

وقالت والدة الشهيد التي انهمرت الدموع من عينيها وهي تستذكر آخر الساعات التي رأت فيها نجلها: "في ساعات عصر أمس أحضر علي الكنافة لنا، وخرج في ساعات المساء لحضور سهرة احد أقاربه بعد ان تزين وتعطر، وخرج من المنزل لكنه تأخر في العودة، سمعنا وقرأنا صفحات وسائل التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" تتحدث عن اعتداء بالضرب المبرح على فتى عند حاجز زعيم".

وأضافت "راودتني بعض الشكوك والخوف أن يكون هو علي، لكني استبعدت الأمر بعد أن قالوا إن الفتى من حي شعفاط، وبعد نشر صورة إصابة الفتى وكان ملقى أرضا وشاهدت قميصه القطني الذي كان يرتديه قلت انه علي، وصعدت الى سطح المنزل لأتأكد من ملابسه وتبين لي انه اخذ البلوزة، وتأكدت من شعر علي ( فهو كان قد ذهب الى الحلاق)، كما كان حذاؤه.

وتابعت الوالدة وحديثها وهي تحمل صورة ابنها: "حاولت أن اقنع نفسي بأن الفتى الملقى على الأرض ليس ابني، رغم شعوري الداخلي بأنه هو، وخلال لحظات ذهب والده الى حاجز زعيم ليطمئن وليتأكد من الموضوع وليرتاح بالنا".

وأضافت الوالدة انها حاولت الاتصال به عدة مرات لكن هاتفه كان مغلقا، لافتة أن خطيب شقيقته كان بالمنزل بانتظاره للتعرف عليه، حيث كان لقاء تعارفي بين العائلتين.

والد الشهيد: "تهمة جاهزة"

بدوره أوضح الوالد أنه ذهب مسرعا الى حاجز زعيم حيث كان متأكداً بأن علي هو الشهيد، وقال: "لدى وصولي حذرتني طواقم الاسعاف الفلسطينية من الوصول الى الجنود بسبب محاولتهم الاعتداء على المتواجدين في المنطقة ومنع أي شخص من الوصول الى مكان الحادث، لكني واصلت السير حتى وصلت الى الجندي وأخبرته اني والد الشهيد الملقى على الأرض".

وأضاف ابو علي "تم احتجازي في غرفة الحاجز وخلعت ملابسي بالكامل، وأخبرت الضباط بأنه ابني وتعرفت عليه من الصور التي تم نشرها وذلك بعد ان طرح العديد من الاسئلة علي"، وقال: "ذهبت برفقة الضابط الى سيارة خاصة "بمعهد أبو كبير"، وحينها كان علي موضوعا في كيس أسود، تعرفت على جثته فور الكشف عنه، حاولت الكشف عن جسمه لكن جنود الاحتلال منعوني من ذلك".

وقال الوالد: "تم اقتيادي بسيارة الشرطة الى المسكوبية وفور وصولي الى المركز تم تفتيشي عاريا، للتحقيق معي، وخلال التحقيق سألني المحقق: (هل يتعاطى ابنك المخدرات أو دخان الحشيش)، فنفيت الأمر، وأخبرني بأن علي حاول طعن جنود الاحتلال على حاجز زعيم وكان يشهر البلطة بيده".

يتابع أبو علي: "قصة محاولة الطعن اعتدنا عليها حجة اسرائيلية عند قتل أي فلسطيني، وكيف يمكن لمحمد أن ينفذ عملية طعن وكان يظهر البلطة كما يدعون".

الشهيد.. إبن الطور ونريد له جنازة تليق به

وأضاف الوالد: "بعد التحقيق معي أخبرني المحقق بأنه سيتم اجراء فحص “DNA” لمحمد للتأكد من هويته، (لان هويته لم تكن بحوزته)، ثم سيتم تسليم الجثمان للعائلة بشرط ضمان "الأمن وعدم الاخلال بالنظام"، وبحضور 20 شخصا فقط.

ورد والده على المحقق بأن عدم وجود الجنود والقوات في محيط الجنازة لن يؤدي إلى حدوث مشاكل أو مواجهات، لكني أرفض أن يشارك في الجنازة 20 شخصا فقط، علي ابن الطور وليس ابني وحدي، وهددني المحقق بدفنه في مقابر الأرقام في حال عدم الموافقة على الشروط".

وأضاف الوالد للمحقق: "ادفن جثمان محمد في مقابر "الأرقام"، لكن روحه عند الله"، ومن حق ابني ان تكون له جنازة شهيد.

ولفت والده ان علي خرج مساء أمس من المنزل للمشاركة في سهرة أحد الشبان، وقبل ذلك كان قد وزع الحليب بعد أن طلب منه والده ذلك، لافتا ان ابنه تأخر بالعودة الى المنزل وحاول الاتصال به عدة مرات دون أن يجيب".

ونفت العائلة عن ما تناقلته بعض صفحات الفيسبوك عن وجود فتاة مع نجلهم، حيث كان يسير لوحده في المكان، ولا يوجد أي رواية سوى ما صدر عن الاحتلال الاسرائيلي بأنه حاول "طعن الجنود".

وختاما قالت والدة الشهيد إن علي كان يحب الحياة ويحب الأصدقاء كان يعمل لجمع "نقوط شقيقته"، وكان أن يرقص معي في عرس شقيقته على اغنية "يا علي حبك بالروح"... لكن علي "راح ولا يوجد فرحة بالقلب".

وتضيف في نهاية اللقاء: "لم يتدخل ابني علي في أي يوم بالأمور السياسية ولم يهتم بها، لكن الاحتلال ظلمه مرتين الأولى قبل عام عندما اعتقله لمدة أسبوع اثناء عمله بالقرب من حاجز"الزيتونة"، والمرة الثانية عندما قتله غدرا الليلة الماضية.

وعم الحداد والاضراب الشامل في قرية الطور، مسقط رأس الشهيد.