بيت لحم - خاص معا - يعتقد الكثيرون في فلسطين أن السلفية تنظيم يضم في عضويته عددا من الأفراد قل عددهم أو كثر مثل باقي التنظيمات الفلسطينية كـ حماس وفتح والشعبية والديمقراطية وغيرها من الفصائل، لكن المتتبع للسلفية يجد أنها اكبر وأوسع من ذلك وربما تشمل حيز المسلمين جميعا في فلسطين حسب دعاتها، لكن الاختلاف يكون في تطبيق مبادئها وأتباعها من شخص لآخر.
وكالة معا حاولت تعريف المواطن بطريقة أوسع حول السلفية من حيث تعرفها كمصطلح ونشأتها والمبادئ التي تقوم عليها، وأطرها وفروعها في فلسطين، وبماذا تختلف عن السلفية الجهادية وموقفها من الانتخابات والرئيس ... الخ والتقت بـ الشيخ جهاد عايش قيادي بارز في السلفية في الضفة الغربية، ورئيس مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية، والشيخ ياسين الاسطل رئيس المجلس العلمي للدعوى السلفية في فلسطين .
السلفية.. النشأة والمبادئ:
قال الشيخ جهاد عايش لـ معا أن السلفية في فلسطين ليست جماعة عارضة أو دخيلة عليها إنما ضاربة جذورها فيها منذ أن دخلها الفتح الإسلامي وأرسى دعائمها النبي يوم أن صلى إماما بالأنبياء والمرسلين في المسجد الأقصى, فيخطئ من يظن أن السلفية مذهبا أو فكرا أو جماعة منفصلا عن ما جاء به النبي فالسلفية ليست حزبا دَون أفكارها ونادى بها وإليها , أحد من البشر , ولا جماعة نظمت لنفسها طقوسا خاصة بها دون غيرها من الناس . .jpg?_mhk=83c7f6490e12eecb18cf7044fe67fdc0c0ea4b0bfc080710a3316b96c45d580fe0607e819d93822e2041bd57d9cde3cc' align='center' />
موقفها من الانتخابات وهل فكرت يوما في خوضها؟
أضاف الشيخ جهاد : نحن نتحرك وفق قواعد وضوابط المنهج الرباني , وندور حيث دارت المصلحة الشرعية للأمة وليست مصلحة أفراد منا أو مؤسسات سلفية، ونسير وفق قاعدة تقديم المصالح على المفاسد والنظر في أخف الضررين وأهون الشرين وان كنا لا نرجوا و لا نعقد على التشريعية أو الرئاسية آمالا لأنهم في الحقيقة وبالجملة خيبوا الآمال فضلا على أنهم لا يملكون لأنفسهم قرارا حتى يملكون قرارا نافذا نافعا صائبا للشعب في ظل احتلال وعدو يقهر الرئيس والمرؤوس , فالرئاسة في ظل يهود في حقيقتها سراب ووهم ومذلة" .
أما أنا فلا يمكن لي أبدا أن أفكر بهما في ظل احتلال إسرائيلي لا يحترم المواثيق ولا العهود فهي بالنسبة لي مغرم ديني وتاريخي و اعتباري , وأنا شخصيا أفهم أن قيادة الجماهير هم من يدفعك إليها دفعا حينما تستحقها, لا أن تتدافع إليها وتتنازعها حتى تذهب ما في وجهك من ماء طمعا في جواز دبلوماسي أو سيارة أو امتيازات أخرى ! قال الشيخ جهاد .
لكن هذا الموقف خالفه الشيخ ياسين الاسطل بقوله " إن المجلس العلمي للدعوة السلفية يؤيد الانتخابات ، وقد بارك هذه الخطوبة باعتبار أنها أسلوب ديمقراطي للوصول إلى ترتيب أوضاع الناس السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وقال انه في حال قررت خوض الانتخابات فإني أخوضها من باب دعم جمهور الناس كلهم وليس السلفية وحدها . .jpg?_mhk=5198591f8da68c6adfb215851a90a5e3e6a4653060f15c62877afacf876d72e8f48c70677c99fd477ccfc4bee70b9a9b' align='center' />
إذا نحن مضطرون من جانب للتعامل مع هذه المصطلحات الحادثة, لأنها : أصبحت أمرا واقعا كل منهم له منهجه ورموزه وأتباعه ومؤسساته وحاضنيه من جماعات أو غير ذلك وضرورة التمايز بين الغث والسمين منها بل والتبرؤ أحيانا من أفعال تصدر من البعض تخالف أصول الدين كأحداث مفاسدها واضحة من قتل في بلاد المسلمين عند بعض الجماعات وأخرى في طعن في علماء الأمة وشباب الصحوة و الأمثلة كثيرة لا تكاد أن تحصى وليست هي مرادي في هذا المقام . قد يعاتبني البعض لماذا هذا النقد الصريح و المعلن على الملأ , أقول :
- لم يعد الأمر سراً , فقد أصبح يعرفه القاصي والداني الموحد والمشرك بل ويتندر به بعض العامة .
- كثير من هذه الجماعات أصبحت ألعوبة بيد المخابرات كانت عربية أو أجنبية توجهها كيفما تشاء وتشتهي.
- وقد يكون هو الأسلوب الأوحد للتحذير وإعلان النفير أمام مؤسسات الاختراق للصف الإسلامي , وكشف شيئٍ من ألاعيبهم أمام الملأ ومن يدورون في فلكهم, بعدما أصبحت المعركة مكشوفة .
ومن وجهة نظر أخرى أتبناها وأدعو لها , وهو رفض تجزئة الدعوة السلفية بهذه الطريقة المشينة لأنها دعوة في حقيقتها شاملة النواحي كاملة المباني و المقاصد الشرعية , فتجزيئها هو منقصة بحقها , فالسلفي الحق والمتبع لكتاب الله تعالى وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم هو ذاك السلفي العلمي حال وجوده جاثيا ركبه في محاضن العلم والعلماء , وهو ذاته الذي يلبي منادي الجهاد في بلاد المسلمين التي تدفع عن نفسها صولة الكافر الذي جثم على بلاد إسلامية كثيرة سقطت وتسقط تترى على يد أنواع وألوان من جيوش الكفر فهاهي فلسطين تنتظر هؤلاء المجاهدين الصادقين ليخلصوها من أنياب الصهاينة المعتدين وشقيقتها سورية غارقة في دمائها , وجارتها العراق وشرقها أفغانستان , وبعيدا عنها بورما وغيرهم كثير من بلاد الإسلام التي تنتظر ذلكم السلفي أو قل المسلم المتبع لهدي النبي حق الاتباع أن يشمر عن ساعد البطولة في وجه الظلم والطغيان .
وهو ذاته لما يكون في بلاد ينتظم فيها الأمر , يكون سلفيا حركيا يُنظم الصفوف ويغيث الملهوف ويصنع المعروف , من خلال مؤسسات وجماعات وجمعيات نفعية دعوية.
أما ذاك المنسوب للسلفية الذي هَجَرَ وبدَّع وفسَّق , وصِنوُهُ من وقع في التكفير وبالغ فيه وحكم على عامة المسلمين بالردة والكفر, عليهم أن يتقوا الله في الأمة ويمعنوا النظر بفهم دقيق يتناسب مع زمان وحال المسلمين ,وأن يحذروا السير في ركب أعداء الأمة الذين أجادوا استدراجهم لخدمة الغرب ومشاريعهم الاختراقية لمنطقتنا العربية والإسلامية وجمعاتها الاصلاحية .
وقال الشيخ عايش : ينبغي لنا أن نعمل على إعادة السلفية كما كانت دعوة شاملة غير مجزأة , من خلال الطرق التالية :
- التأكيد على أن السلفية أحادية المصطلح والمنهج والفهم.
- إلغاء وانتزاع شرف مصطلح السلفية عن المدّعين إليها زورا وبهتانا ورفض ذلك شكلا وموضوعا , فلا سلفية جهادية أو تكفيرية أو تبديعية , والاكتفاء بتسميتهم جهاديين أو تكفيريين أو تبديعيين ونحو ذلك .
- فضح مناهج هذه الجماعات وأهدافها وارتباطاتها المشبوهة , وتمييزها عن المنهج السلفي الشمولي .
- إشاعة المنهج السلفي بشموليته بين عموم الناس والتعريف به , وعدم الاقتصار على جانب من جوانب وحصر السلفية وقصرها على مسائل محددة من الدين .
- إبراز ودعم وتفعيل وبكل الوسائل المتاحة المشايخ السلفيين المتزنين غير المضطربين فكريا أو منهجيا أو عاطفيا وبكل الوسائل المتاحة.
موقف السلفية من الرئيس:
قال الشيخ جهاد عايش : الرئيس عباس وغيره ممن تفرزه العملية الانتخابية القائمة على أساس النهج الديمقراطي كما أرادوها ومن يكون مكانه في مناطق السلطة الفلسطينية، نطيعه ما أطاع الله ونعصيه ما عصى الله، ونصلح ما يمكن إصلاحه لنسدد ونقارب لتستقيم أمور البلاد والعباد ما أمكن.
إن الذين يطالبون بتولية المرأة الولاية العامة، عليهم أولا أن يتولوا مهامها من حمل ورضاع وتدبير لشؤون المنزل من تربية الأولاد وما لا يخفى من أعمال جبارة وعظيمة تقوم بها المرأة فطرها الله عليها ولا يقوى عليها غيرها، ليتولى هؤلاء هذه المهمة ليكونوا على هذا الثغر الذي لا تستغني عنه أسرة ولا أمة من الأمم ثم هي تتولى شأن تدبير أحوال البلاد والعباد . الله تعالى قسم أعمال تدبير هذا الكون بين العالم والجاهل وبين الكبير والصغير وبين الذكر والأنثى ليستقيم الكون والحياة قال تعالى:﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾[النساء: 34]. وبين ذلك النبي في قوله: لن يُفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة وهذا ما أجمع عليه علماء الأمة وعقلائها: " على أن المرأة لا يجوز أن تكون إماماً".
وهل انعدم الرجال في الأمة، أم هو تقليد أعمى لما عند الكفار وأذنابهم مع أنهم في جملتهم لم يولوا امرأة عليهم وأمريكا أنموذجا لم تنصب امرأة بتاريخها مع أنها تنادي بحقوق المرأة!
أما تولية النصراني ليحكم المسلمين , فبأي حكم وشرع سيحكم المسلمين فإذا أجزنا حكم النصراني علينا فلم لا نُجِزْ حكم اليهودي كذلك وبأي شيء سيحكموننا بكتابهم أم بقرآننا, أم أننا فقدنا بوصلتنا وهويتنا وتجردنا من ديننا ونعيش في حالة تخبط , حينها يمكن أن يحكمنا فأر , لأننا لن نبالي بمن يحكمنا .
علينا أن ندرك أن وظيفة الحكام الرئيسة هي إقامة شرع الله وإعلاءُ كلمته، وسياسة الدُّنيا بالدِّين، وحِفظ حدود الله ودينه وحقوق عبادِه، فالحكم ليس مجرَّد وظيفة. قال الله تعالى: ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 141].
وبغير إسلام الحاكم أو ردته أو عدم إقامته للصلاة مبرر مشروع للإطاحة به طالما تحققت القدرة عليه.
من جهته اكد الشيخ الاسطل انه لا يجوز الخروج على ولات الامر (الرئيس عباس) ولا يجوز مخالفته، مضيفا ان القانون يحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم - والخروج هو تشهير لا يجوز في الدعوة السلفية .
وأضاف الاسطل إن المطلوب من ولي الأمر أمرين الأول : حراسة دين الله والثاني : سياسة الدنيا بقدر ما يستطيع ونحن أعلنا ولائنا الكامل للرئيس عباس لأنه ولي أمر فلسطين.
وفيما يتعلق بتولي امرأة للحكم أو مسيحي قال الاسطل : حتى لو كان الرئيس المنتخب نصراني أو امرأة نحن نسمع لها ونطيع بالمعروف (من باب السياسة وليس الشرع) إذا ما اجمع الشعب على انتخابه.
العلاقة مع الفصائل - خاصة فتح وحماس وهل تتعرض لمضايقات:
قال الشيخ جهاد عايش لـ معا " علاقتنا بكلا الطرفين قبل الانقسام هي نفسها ما بعد الانقسام ونتعامل معهما وفق ما يمليه علينا الشرع الكريم وهذه العلاقة قائمة على مبدأ التناصح والتراحم ولا تألوا جهدا في تقديم النصح والتوجيه، ونظر إليهما وغيرهما من عامة فصائل الشعب الفلسطيني أو مذاهبه وجماعاته وطوائفه المختلفة.
على أنهم جميعا بالنسبة لنا مشروع دعوة، تواصلنا معهم قائم على النصح والتوجيه فيما يدفع الضرر ويرفعه في الجانب الديني أو الدنيوي عن شعبنا في الداخل والخارج، وأننا احتسابا ومرضاة لله مع كل منهم بقدر قربه من منهج الله ورسوله الكريم وخلف كل من صدق في خدمة الشعب وقضيتنا الشرعية العادلة.
فمن عمل بما سلف ضمن وقوف السلفيين بصفه وأصواتهم معه ومن معهم من جماهير الشعب الفلسطيني والعمق الإسلامي في العالم ذو البعد السلفي وهو السواد الإسلامي في العالم.
ولا يخفى على المراقب أن السلفية في فلسطين تعيش حلة شد وجذب ولولا لطف الله وحكمة القائمين عليها لحصل ما لا يحمد عقباه.
الموقف من اتفاقية أوسلو والمفاوضات:
أردف الشيخ جهاد يرد بقوله " أخبرني ماذا جنينا من أوسلو ومن المستفيد منها تعرف موقفي , منذ إعلان مبادئها عام 1993م وإلى يومنا هذا ماذا تحقق للشعب الفلسطيني ما هي مخرجات هذا الاتفاق ؟ النتيجة أنها تراجعت القضية الفلسطينية تراجعا مهولا وفي جميع الاتجاهات والأصعدة ,والسبب أننا تغافلنا توجيهات الله لهذه الأمة وتحذيراته من مكر اليهود في قوله تعالى: (أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) { البقرة: 100}
فكانت النتيجة هي مزيد من قضم للأراضي ومزيد من المستوطنات والهجرات اليهودية إلى فلسطين ومناطق عزل وطرق التفافية جديدة لم نعرفها إلا بعد الجدار الفاصل والمزيد من القوانين الجائرة ضد وجود المقدسيين يقابلها مزيد تمدد لليهود في القدس وبلدتها القديمة والعديد من قرارات محكمة العدل الصهيونية - زعموا - التي تصب في مصلحة الوجود اليهودي في المسجد الأقصى ومن في الشتات والمخيمات ازدادت معاناته وهجراته من مخيم إلى مخيم آخر ومن شتات إلى مهجر آخر وما معاناة أهلنا في العراق إلا أنموذجا صارخا لقضية لم يلتفت لها أحد ولا السلطة الفلسطينية بخاصة ومثلهم مخيم نهر البارد وغيره في لبنان وأهلنا في سوريا والكثيرون في بعض الدول التي تمارس ضدهم أنواع مختلفة من التضييق .
وأقول باختصار : مفاوضاتنا مع الاحتلال سراب وهي كالمستجير من الرمضاء بالنار والذي يعرف اليهود من خلال القرآن الكريم ومن خلال التجربة ولك أن تقرأ تاريخهم في أوروبا وردود أفعال أوربا تجاههم , حينها تدرك تمام الإدراك قوله تعالى : (أم لهم نصيبٌ من الملك فإذاً لا يؤتون الناس نقيراً) فاليهود إن تمكنوا من أمر فلا يمكن لك أن تنتزع منهم أدنى الأمور وأقلها كما أخبر تعالى "نقيرا " وهي النقرة التي على نواة التمرة !!
فإذا كانت النُّقرة وهي أدنى ما يمكن التعريف به , فما بلك بما هو فوقها من أرض ومقدسات ونحوها ؛ حينها تستيقن أنها مفاوضات عبثية .
المجلس العلمي للدعوة السلفية:
أكد الاسطل أن عدد أفراد الجمعية منذ نشأتها عام 1996 وحتى اليوم لا يتجاوز 150 شخصا ومقرها قطاع غزة ، لا نريد المشاركة في البرلمان وليس لنا سوى خدمة الناس والمساكين والفقراء في فلسطين .
تقرير: زهير الشاعر