بيت لحم- معا- في أم الفحم, المدينة العربية داخل الأراضي المحتلة عام 1948, يقطن فيها أكثر من 52 ألف نسمة, انطلقت الرؤيا قبل عشرات السنوات لتوثيق تاريخ المدينة.
وانطلقت أولى الخطوات عام 1996 بتأسيس صالة العرض والفنون في مدينة أم الفحم, بمبادرة من السكان المحليين والفنانين وبرعاية جمعية الصبار الفحماوية وأعضائها من المثقفين من منطقة وادي عارة.
ويقول مؤسس الصالة ومديرها سعيد ابو شقرة ل معا" ان المكان أصبح نقطة التقاء مهمة اليوم بين الثقافات والناس, وأنه بات عبارة عن معارض للفن المعاصر التي تفتح أبوابها للفنانين العرب الفلسطينيين لعرض أعمالهم أمام الجمهور بل وتوثيقها أيضا".
ويشير أبو شقرة الى أن الصالة استقبلت العديد من الفنانين ومعارضهم خلال السنوات الماضية.
وكان شارك أكثر من 2000 زائر لمدينة ام الفحم في حفل افتتاح ستة معارض فردية في صالة العرض للفنون بداية العام الجاري، وكذلك معرض فن السيراميك لمجموعة نسائية مبدعة من ام الفحم ووادي عارة.
وأضاف أبو شقرة أن الصالة فتحت أبوابها مؤخرا" أيضا" أمام جمهور عدد من المبدعين الذين عرضوا أعمالهم في أروقة الصالة المكونة من ثلاث طبقات, وكان أبرزهم الفنان التشكيلي الفحماوي محمد وليد الذي افتتح معرضه الفردي أواخر نيسان الماضي بحضور المئات من أهالي أم الفحم والمنطقة بالاضافة الى حضور عدد من الفنانين اليهود, على أن يغلق المعرض أبوابه منتصف أيار الجاري.
ويضم معرض محمد وليد اكثر من 150 لوحه فنيه تتحدث عن الحوار والمحبة واللقاء المشترك بين بني البشر, فيما خصص جزء كبير منها لرسم صورة الحرب الاسرائيلية الأخيرة على غزة ومعاناة أهلها.
الأرشيف الأول من نوعه
ومن نجاحات المعارض المتتالية في صالة أم الفحم للفنون, جاءت الفكرة تدريجيا" لأرشفة تاريخ المدينة من خلال انشاء الأرشيف الأول من نوعه والوحيد كما يقول مؤسسه سعيد ابو شقرة.
ويغطي الأرشيف الذي بدأ العمل به قبل عشر سنوات الفترة التي سبقت النكبة وما بعد العام 1948 حتى يومنا هذا, من خلال عمل متواصل, وتوثيق مسجل ومتلفز ومكتوب لمن عايش تلك الفترات والحروب, ولكل راوي هناك رواية!
ويضيف أبو شقرة ل معا أن الأرشيف يوثق قصصا" نادرة" يجب أن نقدمها للأجيال القادمة. ويؤكد أهمية توريث هذا السر الوطني التراثي الفلسطيني العميق الى كل مولود فلسطيني".
ويوضح أن من هنا تطورت فكرة انشاء الأرشيف, لمسابقة الزمن وتوثيق ما يمكن توثيقه ونقله الى سجلات وكتب تحمل ما نطقته ألسنة أهل المنطقة من قصص وخبايا وروايات, قام سعيد بترتيبها في رفوف صالة العرض والفنون, ونقلها الكترونيا" لتكون حاضرة بسلاسة أمام من يرغب بالاطلاع عليها
وأكد الشيخ خالد حمدان رئيس بلدية أم الفحم أهمية الأرشيف التاريخي للمدينة ولمنطقة وادي عارة, كما ودعا خلال حديثه لفضائية معا زوار المنطقة لزيارة صالة العرض والأرشيف للاطلاع على حقيقة التاريخ الوطني لمدينة أم الفحم العربية التي لطالما وقفت في وجه الاحتلال والتهويد.
ويشير مدير الصالة والأرشيف أبو شقرة الى أهمية التجربة الفريدة ومحاولة نقلها الى المدن العربية والفلسطينية الأخرى.
موضحا" أن تجربة أم الفحم في أرشفة التاريخ ما تزال وحيدة, لكنه أعرب عن أمله في أن تقدم المدن الأخرى نموذجا" اخرا" لمثل هذا السجل الوطني الهام الذي لا يجب الاستهانة بوجوده لما سيشكله من كنز لتاريخ فلسطين.
المعرض حاليًا في طريقه للتحول الى المتحف العربي الأول للفنون المعاصرة. وهو سيشكل موقع جذب، احتضان واثراء، من شأنه جسر الفجوات وربط الثقافات التي تعيش هنا الواحدة بمحاذاة الأخرى في قلب الحيّز الذي يعجّ بالحروب والهزّات على حد تعبير أبو شقرة.
وأضاف أن هكذا نؤسس جيلا مخلصًا لهويته وثقافته، جيلا يعرف أن يتحمل مسؤولية على حياته ومستقبله، جيلا من الأبناء الفخورين والمنتمين، الذين يقومون بإحياء القفر وتوطيد السلام
اعادة امتلاك الذاكرة من خلال برنامج أرض كنعان
طاقم برنامج " أرض كنعان" زار صالة العرض واطلع على الأرشيف, الذي يحتوي كما ذكرنا موقعا" الكترونيا" شاملا" لكل ما هو موجود في مبنى الصالة, وأقسامه عديدة, فهناك الأرشيف الزماني الذي يحوي تاريخ القرى المهجرة, وقرى وادي عارة, وهناك الأرشيف الانساني, كما يوجد أرشيف الحياة الاجتماعية لأم الفحم ووادي عارة والحياة الاقتصادية والثقافية, شخصيات, معالم, أبنية وبناء, وأكثر بالصور والفيديو وثقت وتوثق أولا" بأول, لهدف الواحد, ليحفظ التاريخ فلسطين.
مقابلة رنا أبوفرحة