الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

جثث متحللة تُخرج من القبور لتدلي بشهادتها !

نشر بتاريخ: 08/05/2015 ( آخر تحديث: 09/05/2015 الساعة: 08:38 )
جثث متحللة تُخرج من القبور لتدلي بشهادتها !
بيت لحم- خاص معا - بقايا عظام وأحشاء متهالكة لضحايا قتلوا ودفنوا دون أن يكشف سرهم، تنبش قبورهم بأمر قانوني وتستخرج منها جثثهم المتحللة بطرق علمية، قبل أن توضع في "كيس إخلاء" وتنقل إلى عيادة كشف الاحاجي والأسرار ليتم استنطاقها.

فلسطين شهدت في الآونة الاخيرة العثور على العديد من الجثث المتحللة لضحايا قتلوا ودفنوا ضمن جرائم متطورة ومعقدة، اعتقد الجناة خلالها أن دفن الجثة يخفي الحقيقة أو يُميتها، لكن دائماً ما يكون هناك مفتاح لفتح ملف أي جريمة وإن طال أجلها، يعتمد على الكشف والتمحيص والتشريح لاستخراج الحقيقة من جسد الميت.

مدير الطب العدلي د. صابر العالول، أوضح لـ معا أن النيابة والطب الشرعي تعاملا مؤخراً مع العديد من الجرائم المعقدة، كُشف خلالها الجناة ومثلوا أمام القضاء، بعد استخراج جثث متحللة أو متعفنة لضحاياهم وإخضاعها للتشريح.

اعقد أنواع الجثث.. والية استخراجها

وقال إن من أعقد الجثث التي يتم التعامل معها وتشريحها، تلك التي تأمر النيابة باستخراجها من القبور أو الحُفر التي اخفيت فيها لسنوات عديدة، حيث تكون بوضع متحلل- هيكل عظمي- يتطلب استخراجها المرور بعدة مراحل تُستخرج وتنقل خلالها الجثة بطرق علمية دقيقة جداً قبل نقلها إلى المشرحة.

وبمجرد وصول الطواقم المختصة للموقع الذي توجد فيه الجثة المدفونة بقصد إخفائها، بين العالول أنه يتم نبشه بتروي حتى لا تتعرض الجثة لأي خدش أو خلل، وما أن تظهر تأخذ لها صور خاصة لتوثيق الوضعية التي وجدت عليها، ومن ثم تُستخرج بحذر حتى لا يفقد أي جزء منها قد يفيد بتفسير سبب وطريقة الوفاة، وبعد ذلك توضع في "كيس خلاء" قبل أن تنقل إلى المشرحة.
ولتسهيل تفسير الجريمة وربطها بنتائج التشريح، يجب تسجيل كل المشاهدات المميزة أثناء عملية الحفر، وهذا يشمل تدوين وتصوير كل شيء وكل مظهر، ووضع ملاحظات عليه، وتسجيل موضع الجثة واتجاهاتها، ووصف عمق حفرة الدفن.

ومن بقايا الجثة يمكن الحصول على أربعة أنواع من الأدلة المادية (التعرف على هوية المتوفى، والأدلة التي تدل على زمن الوفاة، والأدلة التي تدل على المعاناة قبل الوفاة، والأدلة التي تدل على سبب الوفاة وشكلها الطبي الشرعي، وطريقة الموت).

عينات التربة مهمة في ربط خيوط الجريمة

وإلى هنا لم ينتهي دور الطاقم المختص من الموقع، ويضيف مدير الطب العدلي لـ معا أن المختصين يشرعون بأخذ عينات من التربة المحيطة بالجثة؛ وذلك لفحص ما إذا كانت التربة متحللة أم أن الجثة كانت متحللة ونقلت إلى موقع أخر وهي بوضع متحلل، وذلك يساعد في ربط خيوط الجريمة، بحسب تفسير العالول.
وبعد أن تصل الجثة أو بقاياها إلى المشرحة والمختبر تبدأ رحلة البحث عن الإجابات المفقودة، فيتم فحص الجثة لتحديد عمر وجنس وعرق المتوفى، وسبب وفاته، والمعلومات الأخرى عن بقايا الهيكل العظمي، وفي حالات الجثث الرمية يتم الاستعانة بخبراء طب الاسنان الجنائي لتحديد ذلك.

تفسير سبب الموت مخبرياً

وفي المختبر يبحث المختصون عن عدة تفسيرات مرتبطة بسبب الوفاة، ويقول العالول: تفحص العظام في مختبر الأنسجة فإذا تعرضت الجثة لإطلاق نار يكون هناك أثر فقدان عظمي على قدر حجم الرصاصة، وفي حال وجود كسر بعظام الرقبة يتجه التفسير الطبي لتعرض الضحية للخنق، ولو افترضنا أن الضحية تعرضت لمادة سامة، نجري فحص لعينات من العظام والشعر ونحدد نوع المادة إن وجدت، وبهذه الطريقة ندرس بقية الاحتمالات.

وتابع العالول قائلاً: "بعد هذه الاجراءات نجري فحص الحمض النووي من خلال اخذ عينات من العظام؛ لاثبات وتحديد نسب الضحية، وقد يستغرق الفحص عدة اسابيع أو يحتاج لاعادته عدة مرات".

وبعد اتمام التشريح يكتب الطبيب العدلي تقريراً قضائياً مفصلاً حول نتائج التشريح ويسلم إلى النيابة العامة التي تحقق في القضية قبل أن يعرض التقرير على القضاء للبت فيه.

تقرير: أحمد تنوح