الجمعة: 04/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

الهيئة المستقلة: 2014 من الأكثر دموية

نشر بتاريخ: 13/05/2015 ( آخر تحديث: 13/05/2015 الساعة: 07:27 )
الهيئة المستقلة: 2014 من الأكثر دموية
رام الله - معا - اعتبرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، أن 2014 كان أسوأ الأعوام وأكثرها دموية في تاريخ الشعب الفلسطيني في الضفة وقطاع غزة، جراء تنامي معدلات الانتهاكات الإسرائيلية بحقه، ما تمثل في العدوان الأخير على القطاع وذهب ضحيته ما يزيد عن 2174 مواطنا، مشيرة بالمقابل إلى تواصل التأثير السلبي للانقسام على حالة حقوق الإنسان في فلسطين، وإن شهد العام الماضي، تطورا مهما تجلى في انضمام فلسطين إلى مجموعة من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، التي دخلت حيز التنفيذ.

وأشارت الهيئة في تقريرها السنوي الـ (20) حول "وضع حقوق الإنسان في فلسطين" الذي يغطي العام الماضي، وعرضت معطياته خلال مؤتمر صحافي، نظمته في رام الله، اليوم، إلى أن دولة الاحتلال قتلت 2280 مواطنا، من ضمنهم 573 طفلا، و267 امرأة، و104 من المسنين، مبينة أن غالبية الشهداء سقطوا خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع، بينما بلغ عدد شهداء الضفة 74 شهيدا. كما لفتت إلى اصابة 12300 مواطنا بجروح مختلفة بفعل الاعتداءات الإسرائيلية، من ضمنهم 3500 طفل، و2100 امرأة، و430 مسنا.

وأوضحت أن 81% من ضحايا العدوان كانوا من المدنيين، منوهة بالمقابل إلى اصابة 10870 مواطنا خلال العدوان، من ضمنهم 3303 أطفال، سيعاني ثلثهم من اعاقات دائمة.

واستعرضت جانبا من الانتهاكات الإسرائيلية خلال فترة العدوان، مثل استخدام المدنيين دروعا بشرية، وقصف مدارس، وتدمير البنى التحتية والمنازل والمنشآت، مبينة أن جملة الانتهاكات الإسرائيلية التي ارتكبت خلال العدوان، ترقى إلى مستوى جرائم الحرب.

وأوضحت الهيئة أنه رغم قيام حكومة الوفاق، بإعداد وتقديم خطة وطنية للإنعاش المبكر، واعادة اعمار القطاع، للمؤتمر الدولي لدعم اعادة الاعمار الذي عقد في مصر خلال تشرين الأول الماضي، إلا أن الجهود المبذولة لهذا الغرض، ولإعادة تأهيل البنى التحتية تصطدم بعقبتين أساسيتين، هما: استمرار الحصار الإسرائيلي على القطاع، علاوة على حالة التوتر السياسي والتشكيك المستمرة بين الفصيلين الرئيسين الموقعين لاتفاق المصالحة، ما جعل عملية اعادة الاعمار بطيئة، وضاعف من معاناة المواطنين.

وأوردت "أن آلية اعادة الإعمار الدولية، خضعت للاعتبارات الأمنية الاسرائيلية بشكل كبير وخطير، مشيرة إلى "أن الموافقة الفلسطينية على هذه الآلية كان يشوبها التسرع، في الوقت الذي لم يتم فيه التشاورالحقيقي مع القوى السياسية والمجتمعية".

وأضافت: بلغت خسائر الاقتصاد الفلسطيني المباشرة وغير المباشرة جراء العدوان على القطاع، نحو 3 مليارات دولار، مع الأخذ بالاعتبار أن حجم الناتج المحلي الإجمالي للقطاع 8ر1 مليار دولار بالأسعار الثابتة، وهو معطل بالكامل منذ بداية العدوان، وأن العمل لا يزال جار لحصر الأضرار، بالتعاون مع المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص في القطاع.

وفيما يتعلق بالاعتداءات والممارسات الإسرائيلية بحق الضفة، استعرضت ما تعرض له المواطنون المقدسيون من انتهاكات، ومن ضمنها قتل 15 مقدسيا، من ضمنهم شهيدان سقطا على أيدي مستوطنين.

ونوهت إلى مصادقة دولة الاحتلال على مخططات بناء 16704 وحدة استيطانية جديدة في 33 مستوطنة، واصدار 18 أمرا عسكريا طالت آلاف الدونمات.

وأضافت: تم جرف 4400 دونم من الأرض، 2180 دونما منها تم جرفها لصالح توسيع المستوطنات، (...) كما أقدمت سلطات الاحتلال على مصادرة 13439 دونما بوضع اليد عليها لدواع أمنية في منطقة "بيت اكسا" شمال القدس، ومناطق غرب رام الله، وجنوب الخليل، وقامت والمستوطنون باقتلاع واحراق نحو 7000 شجرة، أغلبها من أشجار الزيتون، والعنب واللوزيات.

وتابعت: شهد العام 2014، ارتفاعا ملحوظا في عدد انتهاكات المستوطنين، حيث شن المستوطنون ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم 764 اعتداء، أغلبها في مدينة القدس (290 اعتداء)، تليها محافظة الخليل (132 اعتداء)، ثم نابلس (115 اعتداء)، فبيت لحم (107 اعتداءات).

وخصت جانبا من التقرير، للاعتداءات الإسرائيلية على المناطق المصنفة (ج)، ما تضمن تكثيف الاستيطان، ومواصلة هدم المنازل، والاخلاء القسري خاصة للتجمعات البدوية، وانشاء مناطق التماس ونقاط التفتيش، وتقييد البناء.

وأوردت "أن استمرار احتلال اسرائيل للمنطقة المصنفة (ج)، كبد الخزينة الفلسطينية خسائر بنحو 800 مليون دولار سنويا، حيث أن حرية الوصول إلى الأراضي الصالحة للزراعة، والمراعي والمياه فيها، يمكن أن تساهم في زيادة الناتج الإجمالي المحلي بنسبة 35%".

وبالنسبة إلى ملف الاعتقال، أشارت إلى رصدها نحو 6059 حالة اعتقال خلال العام الماضي، مبينة أن اللافت في الاعتقالات الإسرائيلية هو تصاعد استهداف الأطفال، علما أن متوسط الاعتقالات بلغ 505 حالات شهريا، أي ما يقارب من 17 حالة يوميا.

وتابعت: اعتقلت سلطات الاحتلال خلال العام الماضي، 1266 طفلا، أغلبهم خلال النصف الثاني من العام، (...) وشكلت هذه الاعتقالات زيادة مقدارها 36% عن العام 2013.

كما لفتت إلى أن العام الماضي شهد تصعيدا كبيرا للاجراءات والسياسات القمعية بحق الأسرى من قبل "مصلحة السجون" الإسرائيلية.
ونوهت إلى الاعتداءات الإسرائيلية بحق الصحافيين، مشيرة إلى أنه سجل العام الماضي 338 انتهاكا اسرائيليا بحقهم، توزعت بين الاغتيال، والاعتقال، والإصابة، والحرمان من التغطية، وتدمير مؤسسات اعلامية، إلى غير ذلك.

ودعت الهيئة إلى قيام دولة فلسطين، بدعوة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للضغط على الحكومة الإسرائيلية لإلزامها بتطبيق مبادئ القانون الدولي الإنساني ووقف اعتداءاتها بحق المواطنين، مطالبة بالمقابل بالسعي لدى المجتمع الدولي للضغط على دولة الاحتلال لوقف استخدام سياسة العقاب الجماعي، وانهاء الحصار المفروض على القطاع، وفتح كافة المعابر.

كما أكدت ضرورة قيام دولة فلسطين، بمطالبة المجتمع الدولي بالضغط على دولة الاحتلال لوقف سياسة الاعتقال الإداري، ووقف ممارساتها بحق الأسرى، علاوة على تمكين المواطنين من الوصول إلى مناطق (ج)، وتخفيف القيود المفروضة على وصولهم إلى أراضيهم ومواردهم الطبيعية.

وطالبت بدعوة الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية "جنيف الرابعة"، للوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية، وتتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية، وأن تكفل احترامها في كافة الأحوال.

وفيما يتعلق بالوضع الداخلي، أشارت إلى استمرار الوفيات في ظروف غير طبيعية بوتيرة مرتفعة، وبلغت 176 حالة العام 2014، مقارنة مع 168 حالة العام 2013.

كما تناولت جهود انهاء الانقسام، بما في ذلك "اعلان الشاطئ"، وتشكيل حكومة الوفاق، مشيرة إلى أنه رغم ما تم على هذا الصعيد، إلا أن النجاح بقي محدودا أمام التعثر حتى الآن في توحيد السلطة القضائية والجهاز الإداري، ووضع مرجعيات قانونية للأجهزة الأمنية.

وعبرت عن أملها في اتمام المصالحة، كي تنتهي معها ملفات لا تزال تتلقى شكاوى وادعاءات حول استمرارها مثل الاحتجاز التعسفي، والمماطلة في تنفيذ بعض قرارات المحاكم، عدا مسألة التعذيب وسوء المعاملة.

ورأت أن استمرار تعطل الدعوة إلى انتخابات تشريعية ورئاسية، يمثل تجاوزا لمبدأ "المشروعية الدستورية"، واستمرارا للوضع الاستثنائي المتمثل في وجود سلطة تنفيذية ذات صلاحيات واسعة، تغيب عنها الرقابة التشريعية.

وأشارت إلى تلقيها 3251 شكوى العام الماضي، مبينة أن الشكاوى الواردة إليها، أظهرت استمرار عدد من أنماط الانتهاكات المرصودة خلال الأعوام السابقة، وإن كانت بوتيرة متفاوتة.

وأوضحت أنها رصدت ارتفاعا في عدد الشكاوى بخصوص بعض الانتهاكات، بخلاف أخرى شهدت انخفاضا، ما دللت عليه بارتفاع عدد الشكاوى المسجلة حول حق المواطن في الحصول في السلامة الجسدية.

وأضافت: كان عدد الانتهاكات المسجلة تحت هذا العنوان 693 انتهاكا خلال 2013، بينما تضاعف العدد تقريبا العام 2014، ليصل إلى 1296 انتهاكا، ما يدلل على عودة الأجهزة الأمنية في كل من الضفة والقطاع، لممارسة التعذيب وسوء المعاملة بحق المواطن.

وتابعت: انخفض عدد الانتهاكات المسجلة حول الحق في سلامة الاجراءات القانونية ولو بنسبة قليلة عن العام 2013، حيث سجلت الهيئة 1635 انتهاكا العام 2014، في حين سجلت 1731 انتهاكا العام 2013، بينما سجلت ارتفاعا في عدد الانتهاكات التي سجلت العام الماضي حول حق المواطن في تقلد الوظاف العامة وبلغت 700 انتهاك، مقابل 536 انتهاكا العام 2013.

وذكرت أنها تلقت 1274 ادعاء بالتعرض للتعذيب أو اساءة المعاملة، من ضمنها 996 ادعاء على صعيد القطاع، مقابل 278 ادعاء على صعيد الضفة. وقالت: استمرت العام 2014، ظاهرة عدم تنفيذ قرارات المحاكم أو الالتفاف عليها، أو المماطلة في تنفيذها، (...) وقد وثقت الهيئة 87 انتهاكا حول صدور قرارات من المحاكم، لم تقم السلطة التنفيذية بشقيها الأمني والمدني بتنفيذها في حينها.

وتابعت: شهد العام 2014، تقييدا للحق في التجمع السلمي في الضفة والقطاع، حيث استمر منع تنظيم بعض التجمعات السلمية مثل الاعتصامات والمسيرات والاجتماعات العامة، اضافة إلى منع الصحافيين من تغطيتها.

وبينت الهيئة أنها رصدت حوادث مختلفة، تؤشر على حالة من الفلتان الأمني في القطاع، من أبرزها التفجيرات التي استهدفت منازل أعضاء من حركة فتح، وتفجير منصة المهرجان المركزي الذي كان مقررا عقده في الذكرى السنوية لرحيل الشهيد ياسر عرفات، اضافة إلى وقوع تفجيرين في المركز الثقافي الفرنسي، إلى غير ذلك.

واستدركت: لم يتم الكشف أو اعلان نتائج التحقيقات، رغم تأكيد وزارة الداخلية بغزة في كل حادث من الحوادث السابقة، أنها فتحت تحقيقا فيها، وتجري ملاحقة ومتابعة الفاعلين.

وأوردت عددا كبيرا من التوصيات الموجهة أساسا لحكومة الوفاق الوطني، وحركة حماس في القطاع، مشيرة إلى "أن النجاح في جهود تحقيق المصالحة وانهاء الانقسام، يجب أن ينعكس أولا وبشكل إيجابي على منظومة الحقوق والحريات العامة، التي تعرضت لانتهاكات كثيرة من قبل طرفي الانقسام".

وتابعت: يجب أن لا تعلق ممارسة المواطنين لحقوقهم وحرياتهم المعتبرة على الإرادة السياسية، بحيث تؤخذ كافة العبر التي نتجت عن عملية الانقسام، ويجب أن تكفل المصالحة حقوق الضحايا، وجبر الضرر الناتج عن الانتهاكات التي وقعت خلال السنوات السابقة، وأن يبدأ على الفور تحقيق العدالة الانتقالية بمفهومها الشمولي لتجاوز سنوات الانقسام.

وأضافت: يجب أن ينعكس انضمام دولة فلسطين للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، أولا على منظومة الحقوق والحريات العامة في فلسطين، وأن تتخذ التدابير التشريعية والإدارية لإعمالها على أرض الواقع ضمانا لإيفاء دولة فلسطين بالتزاماتها القانونية بموجب الاتفاقيات.

ورأت "أن التأخير غير المبرر في توضيح المرجعيات القانونية للأجهزة الأمنية بعد اتفاق المصالحة، سيخلف نتائج سلبية على تحديد الضوابط التي تعمل عبرها الأجهزة، وقيامها بدورها في خدمة الأمن والأمان للمواطن، حيث يجب أن تؤكد الضوابط على بناء أجهزة تابعة لنظام الدولة الديمقراطي بعيدا عن التجاذبات السياسية وتأثيراتها السلبية".

وأشارت إلى "أن الإدانة العلنية من أعلى المستويات لعمليات التعذيب والاحتجاز التعسفي، وغيرها من الممارسات غير القانونية التي استمرت خلال الفترة السابقة، والقيام بإجراء تحقيقات شاملة ونزيهة بخصوص كافة الادعاءات ذات الصدقية، التي تشير إلى وجود انتهاكات لحقوق الإنسان واعلان نتائجها للعامة، ستشكل نقطة فاصلة في تحسن حالة حقوق الإنسان، وتراجع الادعاءات بشأنها".

وكان أشار مفوض عام الهيئة د. أحمد حرب، في مستهل المؤتمر الصحافي، إلى أن العام الماضي كان أسوأ الأعوام وأكثرها دموية في تاريخ تواصل الانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة لحقوق الشعب الفلسطيني، مضيفا "لدينا مخاوف بأن يفلت الجناة من دولة الاحتلال، هذه المرة أيضا من العقاب على جرائمهم كما في المرات السابقة".

واستدرك: عبرنا عن هذه المخاوف أمام مجلس حقوق الإنسان، بعد طلب لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي شكلها المجلس خلال تموز الماضي، للتحقيق في كافة انتهاكات القانون الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، تأجيل نشر تقريرها إلى حزيران المقبل، لما يحمله هذا التأجيل من تأخير للعدالة، وامكانية تعرض اللجنة لضغوط قد تمس باستقلالية عملها ونتائج تحقيقاتها، وهي أمور غير مستبعدة.

وأكد تطلعه إلى أن يحظى التقرير باهتمام ومتابعة كافة الجهات المعنية بسيادة القانون، واحترام منظومة الحقوق والحريات في فلسطين.

من جانبها، ذكرت المديرة التنفيذية للهيئة رندا سنيورة، أن التقرير يوضح عبر أبوابه الأربعة، أن واقع حقوق الإنسان خلال العام الماضي، ربما كان الأسوأ على صعيد تمتع المواطن بحقوقه المدنية والسياسية من جهة، والاجتماعية والاقتصادية والثقافية من ناحية أخرى، رغم التطور الإيجابي الذي حصل لجهة انضمام دولة فلسطين إلى العديد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان دون تحفظات.

وقدمت شرحا عن منهجية التقرير وفحواه، مضيفة "إن التقرير يرصد ويحلل التطورات الإيجابية والجوانب السلبية، موضحا أبعادها ومدللا عليها بالنماذج والوقائع الموثقة".

واستدركت: قد تبدو الطبيعة السلبية غالبة على النتائج، بفعل الأمر الواقع بالطبع، وفي هذا الخصوص يلحظ التقرير، ورغم بعض الإيجابيات هنا وهناك، استمرار انتهاك الحقوق الأساسية بمعدلات متقاربة في بعض الأحيان، ومنخفضة في أحيان أخرى عن العام 2013.