نشر بتاريخ: 16/05/2015 ( آخر تحديث: 17/05/2015 الساعة: 07:50 )
غزة- معا- "قيل لهم يومين أو ثلاثة وستعودون إلى قراكم ومدنكم وها هي ذكرى نكبة فلسطين الـ 67 تمر وما زال اللاجئون يحنون ويحلمون بالعودة لبلادهم التي ترعرعوا فيها وعاشوا طفولتهم الجميلة بين كروم العنب والتين وصيد الأسماك والسمان".
حياة لم يستطيع إبراهيم مصطفي أبو غزالة "أبو طارق" 72 عاما وصفها لكثرة جمالها والألفة بين الناس ومحبتهم لبعضهم البعض، وما زال شريط تلك الأيام في ذاكرة ومخيلة الحاج الذي عاش طوال الست سنوات الاولى في بلدة الجورة.
الجورة هي قرية فلسطينية تقع على الساحل الفلسطيني احتلها اليهود عام 1948 ضمن الأراضي الفلسطينية التي استولوا عليها وهي من القرى القديمة التي بنيت على أنقاض مدينة عسقلان التاريخية العريقة فحين فتح القائد عمرو بن العاص فلسطين كانت مدينة عسقلان مركزها.
وتقع الجورة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط على بعد 2 كم غرب مدينة المجدل عسقلان وعلى بعد 21 كم شمال مدينة غزة وقد كانت على مدى تاريخها الطويل ذات شأن اقتصادي بسبب مينائها البحري وموقعها الاستراتيجي القريب من الحدود المصرية ومواجهتها للقادمين من البحر تجارا وغزاة.
يقول الحاج أبو غزالة :" كل ما ظل في الذاكرة من تلك الأيام الصعبة المأساوية على الشعب الفلسطيني أن ما حدث أن أغلب القرى في وسط فلسطين قد تعرضت للتهجير من قبل العصابات الصهيونية في عام 48 التي كانت مدججة بالأسلحة الحديثة وجاؤوا إلى بلدة الجورة بعد تهجيرهم من مدنهم وقراهم وسط فلسطين".
ويضيف :"أذكر بعد عصر يوم السادس عشر من أكتوبر هوجمت قريتنا بعدد من الطائرات الكبيرة ذات الأربع محركات وألقت حممها على القرية وفي ذلك الوقت كنت خارج القرية في كرم العنب بمنطقة الشيخ عوض وكنت أرى ألسنة اللهب التي تتصاعد من البلدة وسقط فيها 70 شهيدا من ابناء البلدة والمهجرين وعلى إثر هذه الهجمات خرجنا من القرية خوفا من إعادة الغارات الى قطاع غزة".
ويتابع الحاج أبو غزالة :"بعد عدة أيام رأينا القوات المصرية تنسحب من فلسطين وعند سؤالهم عن العودة يقولون يومين أو ثلاثة وترجعوا إلى لبلدكم".
ولم يتمكن اللاجئون الفلسطينيون من حمل أي شيء من منازلهم على أساس العودة مرة أخرى ولكن طال الانتظار، حيث يقول أبو غزالة:" لم نحمل معنا شيئا ولا أوراق الطابو ولا مفتاح البيت لان الدعاية التي كانت يومين أو ثلاثة وتعودوا".
ويسرد :"والدي عرض عليه أن يشتري كم كبير من الأراضي بغزة لكن رفض لأننا كنا متعشمين العودة للبلد بأي لحظة لكن المؤامرات زادت والحروب اثرت علينا".
ويتابع الحاج ابو غزالة :"قبل العام 67 كنا قريبين من الوطن كنا عايشين لحظة التأهب والعودة لكن بعد الهزيمة والنكسة في ال 67 بدأت تتبدد الافكار وعندما حصل الانقسام الفلسطيني لم يعد هناك امل للعودة".
ويتذكر الحاج موسم الفر أو السمان في أوائل فصل الخريف في تلك البلدة عندما كان يذهب مع والده بعد صلاة الفجر للصيد ، يقول :" كانت فترة خير علينا وعلى أهل القرية والناس إلي ساكنين على البحر لأن بعد اصطياد الفر يتم وضعه في أقفاص ثم يباع في المدن".
ويضيف:" أغلب أصدقاء والدي الذين كانوا يأتون من خارج البلدة كانوا يريدون الغذاء فر او سمك".
ويصف الحاج أبو غزالة فلسطين بانها جميلة تحتاج للافتداء بالدماء، كما فيها الاخوة والتكافل والمحبة والمودة بين الناس.
ويشير عندما يتوفى أي مواطن في البلدة كان يعم الاضراب والحزب وجميع القرية تتوجه الى مواساة اهل الفقيد .
وما زال الفلسطينيون على مدى سبع وستين عاما يعانون من أثار النكبة التي شكلت ولم تزل أكبر عملية تهجير قسري شهدها التاريخ حيث أجبرت قوات الاحتلال الفلسطينيين على ترك ديارهم تحت وقع المجازر التي ارتكبت بحقهم في العام 1948، حيث أجبرت مئات الآلاف على اللجوء إلى دول الجوار أو إلى النزوح إلى مناطق أخرى داخل وطنهم وسط صمت المجتمع الدولي وعجزه عن فرض قراراته ولاسيما القرار 194 الذي أكد على حق اللاجئين في العودة ديارهم الاصلية، واستعادة الممتلكات والتعويض وفق القانون الدولي ومبادئ العدالة.
وتواصل إسرائيل إدامة النكبة عبر تنكّرها لحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير، وعبر اتّباعها سياسات أخرى تتسبب في التهجير القسري بما في ذلك جريمة النقل الجبري للسكان والتي تشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي.
تقرير: أيمن أبو شنب