الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

"نساء قاصرات"

نشر بتاريخ: 23/05/2015 ( آخر تحديث: 23/05/2015 الساعة: 23:55 )
"نساء قاصرات"

غزة- معا- تزوجت في سن السادسة عشر وطلقت في السن العشرين،،،غادة نموذج لفتيات من غزة يتزوجن في سن مبكرة جدا تحت رغبة عائلتهن او فرحا وابتهاجا بلبس الفستان الابيض... بعضهن عدن مطلقات بعد اشهر او سنوات قليلة والبعض الاخر مضت السنين وتحولن لأمهات وهن طفلات .

غادة وافقت على الزواج وهي في سن 16 عاما على الرغم من انها مجتهدة في المدرسة وفضلت ترك مقاعد الدراسة خشية من العنوسة بعد ان تزوجت اختها الصغرى قبلها وكثيرا ما كانت تشعر بالخوف من عدم الزواج كونها لا تتمتع بجمال كبير اما عائلتها فقد درجت العادة لديهم ان يزوجوا الفتاة مبكرا كما فعلوا مع شقيقتها الاصغر.

تقول غادة:" عندما تقدم العريس لخطبتي فرحت كتيير, ووافقت فورا ..لكن زواجها كان كابوسا ولم يستمر سوى اربع سنوات جلها امضتها بين منزل ابيها ومنزل زوجها الذي كان يضربها على مدار تلك الفترة الى ان تطلقت .

بينت غادة ان بعد انقضاء شهر على زواجها بدأ زوجها وهو عامل بضربها بناء على رغبة والدته التي كانت تكن لها عداوة مطلقة وهكذا امضت غادة بضع سنين من زواجها الذي دام اربع سنوات بين كر وفر ذهابا وايابا بين منزل والدها ومنزل زوجها.

استمر مسلسل العنف ضد غادة كما تقول عندما اجهضت حملها الاول فقد تم تحميلها مسئولية الاجهاض وتخلوا عن علاجها وعادت لتضرب من جديد لانها لم تحمل..

وبعد الطلاق عادت غادة الى مقاعد الدراسة في الجامعة بعد ان حصلت على الثانوية العامة.


36% تزوجن تحت سن الـ18 عاما

في دراسة اصدرها مركز شئون المرأة بعنوان"تزويج الطفلات"بينت الباحث والمختصة في شئون المرأة هداية شمعون ان 36%من النساء في فلسطين تزوجن تحت سن الثامنة عشر سنة وهذه احصائية صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء منهم 5%تزوجن تحت سن الخمسة عشر سنة وبحسب شمعون فان هذه النسب ليست ظاهرة وإنما الدراسة اعتمدت على تحليل المشكلة اكثر من نسبتها حاليا.

وشددت شمعون ان هناك مشكلة حقيقية مسكوت عنها والجهة الاكبر لتبرير استمرار التزويج يستند اما للتبرير الديني او اشياء اخرى مبينة ان ما يهمهم في موضوع الدراسة هو توصيل صوت النساء الضحايا واعطاء دفعة للأهل التفكير مرة اخرى جيدا في مسالة تزويج الطفلات.

وبينت شمعون ان 15% من الطفلات اللواتي تزوجن دون 18 عاما تعرضن للعنف الجسدي والضرب والعنف النفسي في ليلة الزفاف .

واضافت شمعون" للأسف كثير من الطفلات يقعن في مأزق لان الاهل يقومون بتزويجها دون ان تفهم فهي تعتقد انه الزواج حفل زفاف ومكياج ورقص وفستان ابيض ولدينا نماذج مخيفة في هذا الموضوع نتيجة غياب التوعية من قبل الاهل في موضوع العلاقة الجنسية

وبينت شمعون ان مركز شئون المراة توجه الى توعية الطفلات والأهل بعقد 140 ورشة عمل توعوية الى الاباء والأمهات والطفلات من 14 الى 18 سنة وخلصت هذه الورشات الى تأكيدات ان الطفلات يتزوجن دون ان يفهمن معنى الزواج بالإضافة الى تأثير الفضائيات على الطفلات خاصة الافلام الهندية والتركية.

وبينت شمعون ايضا ان الاباء كانوا جزء من تزويج الطفلات لتخفيف العبء الاقتصادي والجزء الاخر يلقي باللوم على الامهات اللاتي ينظرن الى صديقاتهن في تزويج بناتهن مشددة ان الام تتحمل المسئولية لأنها تؤهل الطفلة لدور العروسة والزوجة بمجرد ان تبرز ملامح الانثى لديها.

وأشارت شمعون الى ان 44% من الاباء مسئولين عن القرار لكن في بعض الاحيان منظومة العادات والتقاليد في المنطقة تتحكم في تزويج الطفلات مثل منطقة الزرقاء في الشمال التي تعتبر من اكثر المناطق التي بها تزويج مبكر وينظرون للطفلة ذات الخمسة عشر بانها "عانس" مشيرة الى انه في بعض الاحيان الطفلات يضغطن على الاهل لان صديقاتهن قد تزوجن ويختلطوا بهن في المدارس.

وقالت شمعون ان مسالة التوعية بخطورة تزويج الطفلات عملية تكاملية واطراف متعددة تساهم بشكل مباشرة وغير مباشر في حل هذه المشكلة وهو موضوع ليس لسنة او سنتين او ثلاثة هي فكرة يجب على الجميع المساهمة فيها مبينة انهم يعملون على ثلاث مستويات المستوى الاول دراسة وتفحص الاشكالية وأبعادها والضرر الواقع على الطفلات المستوى الثاني التوعية للأهل وتعزيز الاضرار التي تقع وعلى المستوى الثالث الضغط على صناع القرار والقرارات الموجودة في المحاكم بالحد الممكن.

السن معيار الزواج:

د.حسن الجوجو رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في غزة قال ": نعتمد على معيار ثابت في تزويج الفتيات وهو موضوع السن الذي حدد للفتاة بـ15 سنة للبنت هجري يعادل ميلاديا 14 سنة و7 شهور وللشاب 15 سنة هجري يعادله ميلاديا 15 سنة و6 شهور.

وقال الجوجو:"سن البلوغ في الشرع اما ان يكون بالعلامات او السن ايهما اقرب ولما كان موضوع العلامات قضية غير ثابتة وتختلف من فتاة لأخرى لا بد من معيار ثابت في قضية البلوغ فاعتمدت المحاكم موضوع السن ولا نزوج احد قبل هذا السن نهائيا".

وعند سؤالنا له هل تشهد محاكم غزة تجاوزات في بعض الاحيان أكد الجوجو ان المحاكم ترتبط بالسجل المدني لوزارة الداخلية وبالتالي من تقل اعمارهم عن 18 سنة وليس لهم هويات يتم البحث في السجل المدني وبالتالي لا يوجد حالات تزوير في نهائيا في هذا الموضوع لان كل تواريخ الميلاد والسن موجود في السجل المدني بحسب الجوجو.

ويتابع:"صحيح ان الفتاة ليس لديها هوية ولكنها مثبتة في هوية ابوها ولديها شهادة ميلاد بالإضافة الى ذلك يتم السحب على الكمبيوتر في السجل المدني" مشددا انه لا مجال للتزوير على الاطلاق وان حدث يتم تحويل المتهم الى النائب العام بتهمة التزوير.

وبين الجوجو ان ما يسري في محاكم قطاع غزة ليس قانون وانما تعميم صادق عليه الرئيس الراحل ياسر عرفات واخذ قوة القانون وقال:" قبل مجئ السلطة الفلسطينية كان يتم العمل بقانون حقوق العائلة لسنة 1954 الذي يعطي الحق للفتاة بالزواج عند سن تسع سنوات".

ودعا الجوجو الى توحيد القانون المدني للسلطة الذي يعتبر الفتاة اقل من 18 قاصر مشددا ان ان توحيد منظومة القوانين الاصل ان يرفع سن الزواج للفتاة والشاب الى 18 سنة وقال:"لا بد من توحيد منظومة القوانين ولكن بوجود الانقسام نبقى عاجزين عن حلها".

غياب التوعية بالزواج:

وحول جاهزية الفتاة نفسيا وجسديا للزواج قالت الاخصائية النفسية زهية الفرا ان جاهزية الجسم نفسه تؤهل اولا تؤهل من ناحية بيولوجية وتؤهل ولكن نفسيا قد لا تؤهل لأنه ليس هناك توعية في التربية او التربية الاسرية تجاه الجسد انما موضوع الزواج يقتصر على التجميل والتزيين والفستان فقط.

وبينت القرا انه ليس هناك رضى نفسي واجتماعي لمؤسسة الزواج داخل العائلة من الطرفين اللذين تزوجا مبكرا وبالتالي لا توجد عواطف ولا توافق روحي ولا رضا مع مرور الزمن وان استمرا في الزواج.

وأكدت القرا ان الفتاة التي تزوجت في سن الطفولة مجبرة للدخول الى العائلة بما فيها من علاقات معقدة وفي الغالب هي المضطهدة في البداية يتم الترحيب بها وبعد ذلك تتحول الى العدوة ودائما اللوم والصراع على الزوجة وليس مع الزوج.

وأشارت القرا الى ان فقدان الناس لأساسيات الحياة وهي "العمل" يدفع باتجاه البحث عن حلول وان كانت سيئة كتزويج الطفلات ولكن الاهمان التزويج هو جزء من الحل النفسي.

الواقع يحتاج الى تعزيز صمود الناس التي هي جزء من واقع اجتماعي سيئ وليس فقط بالتوعية وتحسين وضع الناس بل نحتاج الى برامج طويلة الامد لتحسين وضع الناس وإعطاء انذار بالخطر.

ارقام وإحصائيات:


الدراسة التي اعدها مركز شئون المراة استندت الى تعريف التزويج المبكر بانه تزويج صغيرات السن دون 18 عاما ونحتت كلمة "تزويج" وليس "زواج"لانه في اغلب الحالات يعتبر بفعل اخرين من افراد العائلة الذين يقومون بتزويج الصغيرات حتى لو تم اخذ مشورتهن لأنهن في مثل هذه السن الصغيرة غير قادرات على القبول او الرفض بوعي ونضوج.

وبينت الدراسة أن الأغلبية المطلقة رفضن التزويج المبكر بنسبة 95.6%، كذلك رفضت 78% من المبحوثات فكرة تأثير الحرب أو العدوان على تفكيرهن بتزويج الصغيرات، في حين 22% منهن أيدن القبول في ظل العدوان خوفاً على بناتهن من المجهول.

واستندت الدراسة إلى المنهج الوصفي التحليلي، حيث تكون مجتمع الدراسة الأصلي من كافة النساء اللواتي لا تزيد أعمارهن عن 60 عام، وخضن تجربة التزويج المبكر، حيث تم اختيار عينة عشوائية طبقية من مختلف المحافظات بقطاع غزة مكونة من 596 مبحوثة، إضافة إلى أدوات بحثية أخرى، كالمجموعات المركزة، والمقابلات مع المختصات والمختصين، وكذلك توثيق 120 قصة لنساء تعرضن للتجربة.

ووفقا للدراسة فإن أبرز أسباب التزويج المبكر هو العادات والتقاليد بنسبة 35%، ونسبة 15.3% بسبب زواج أقارب، كما أشارت النتائج إلى أن 63% من المبحوثات يعتقدن أنهن تعرضن للعنف خلال فترة زواجهن.

وأكدت الدراسة على أن التزويج المبكر جريمة في حق الفتاة ويحرمها من طفولتها وحقوقها، خاصة حقها في التعليم، وحقها في التمتع بصحة جسدية ونفسية سليمة، سيما وأن الفتيات قبل سن الثامنة عشر عاما، لم تكن قد اكتملت بنيتها الجسدية والنفسية والعاطفية، وهي بداية سن المراهقة وفيها تتناقض المشاعر، وتضطرب الهرمونات، عدا عن عدم جاهزية الفتاة من الناحية الاجتماعية وتحمل المسؤوليات المصاحبة للزواج من مسؤوليات لها علاقة بطبيعة ومتطلبات الحياة الزوجية، والحياة الاجتماعية.

كما وتواجه الطفلات اللواتي تزوجن في سن مبكرة آثارا متعددة على صحتهن النفسية والجسدية والاجتماعية وتتفاوت هذه الآثار ما بين العوامل المختلفة المتعلقة ببئة الفتيات ووجود جهات داعمة ومساندة في المجتمع.

وكما أكدت المجموعات المركزة والمقابلات مع المتخصصات في الشأن النفسي والاجتماعي فالفتيات المتزوجات مبكرا يكن عرضة لجملة من الأعراض المرضية منها الصدمة الإحباط والشعور بالدونية، وضعف الثقة بالنفس نتيجة المقارنة، والشعور بالندم فيما بعد الحرمان، والتعامل بعنف مع أبنائها قد تصل الأعراض إلى حد الاكتئاب ومحاولة الانتحار.

وفي المقابل لا بد من التنويه هنا ان هذه الظاهرة مستمرة رغم ان سن الزواج للشباب ارتفع بشكل كبير في ظل الحصار المفروض على غزة وغياب فرص العمل لهم.


تقرير هدية الغول