رام الله - معا- اختتمت في العاصمة الهولندية لاهاي مؤخرا أعمال المؤتمر الخاص بالرابطة النسائية الدولية للسلام والحرية WILPF، والتي احتفلت بمرور 100 عام على تشكيل الرابطة، بمشاركة وفود أجنبية وعربية من بينها فلسطين.
وكانت المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح" قد شاركت بفعالية في أعمال هذا المؤتمر، من خلال تلبية دعوة الرابطة التي وجهتها الى موفدة المؤسسة حنان قاعود مديرة التطوير، بالإضافة إلى حضور مركز شؤون المرأة في غزة، وطاقم شؤون المرأة، وجمعية المرأة الفلسطينية العاملة للتنمية .
وحضر المؤتمر أكثر من 120 ناشطة نسوية ومدافعات ومدافعي عن حقوق الانسان من مؤسسات مختلفة من دول العالم، حيث قدمت قاعود خلال جلسة خاصة شاركت فيها أيضا ناشطات نسويات وممثلات عن مؤسسات المجتمع المدني من كل من: إيران، مصر، ليبيا، المغرب، اليمن، وفلسطين، وعقدت تحت عنوان "النساء وكلاء التغيير"، عرضا بعنوان "المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال: تحديات وتهديدات أمنية"، تطرقت من خلاله إلى آثار الاحتلال على النساء في فلسطين المحتلة، خاصة أثر الحرب الاخيرة على اهل قطاع غزة المحاصر، والمناطق المحاذية للجدار، وصراع الهوية وسبل المحافظة عليها، إضافة إلى تأثيرات الحواجز، والحصار وغيرها من القضايا، والتي تشير إلى ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الممنهجة بحق الفلسطينيين بشكل عام والنساء بشكل خاص.
الحركة النسوية الفلسطينية وتحديات العمل في ظل انتهاكات الاحتلال الاسرائيلي
تسلسلت قاعود في عرضها لتاريخ الحركة النسوية في فلسطين، منذ العام 1921، مرورا بالأعوام 48، 67، ومطلع السبعينيات، وما واكبها من تحديات مواجهة عملية التهجير القصري التي لا زال الشعب الفلسطيني يعاني منها حتى يومنا هذا ، ناضلت فيها المراة جنبا الى جنب مع الرجل محاولة منها الى لعب دورا اساسيا في عملية الصمود واعادة البناء ، وصولا إلى الدور النضالي البارز لهذه الحركة في مطلع الثمانينات واوائل التسعينات (فترة الانتفاضة الاولى)، وثم مرحلة أوسلو، وما بعده، مشيرة إلى الجهود التي تبذلها هذه الحركة في ظل الواقع الفلسطيني الحالي المتمثل في بناء الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 67 والتي أكدت عليها الشرعية.
وحذرت قاعود من سياسات المجتمع الدولي تفكيك الحركة النسوية التي دأبت ومنذ توقيع اتفاقية أوسلو على تنظيم أوضاع النساء الفلسطينيات من خلال الأجسام الرسمية وغير الرسمية المتمثلة بالأطر والاتحادات النسوية والوزارات والائتلافات المنبثقة عنها . ويعتبر الائتلاف الوطني لتطبيق القرار الاممي 1325 في فلسطين أحد اهم الائتلافات الذي يعمل على دعم اجندة المرأة في السلم والأمن من خلال الاسترشاد بالقرارات الأممية والادوات الدولية ، مثل: القرار الأممي 1325، واتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المراة "سيداو" والتوصية العامة 30 ومعاهدة "بيجين"، ومعاهدة الاتجار بالأسلحة. بالاضافة الى مساهمته في العمل على تشجيع جهود السلطة الفلسطيينة التي تهدف الى تحميل المجتمع الدولي مسؤولية مساءلة إسرائيل ورفع الحصانة عن الاحتلال العسكري الإسرائيلي.
جدار الفصل العنصري
وفي تفاصيل ما تضمنه العرض المقدم، بدا واضحا تأثير جدار الفصل العنصري على حياة الفلسطينيين عامة، والنساء على وجه الخصوص. حيث سلطت الضوء على تاثير الجدار على مستوى مشاركة النساء في الحياة السياسية والاجتماعية، من خلال عرض بعض الحالات الدراسية التي وثقتها بعض المؤسسات النسوية والتي عكست بشكل أو بآخر أثر الجدار السلبي على وصول النساء الى الخدمات التعلميمية والصحية واعاقة وصولهن الى المصادر العامة والطبيعية.
مصادرة الأراضي وهدم المنازل
كما تطرقت في مداخلتها إلى سياسة مصادرة الأراضي وهدم وتفجير المنازل ، كما حدث ويحدث في قطاع غزة المحاصر منذ سنوات، أو من خلال سياسة الهدم بحجة البناء غير المرخص، وتحديدا في القدس الشرقية المحتلة، حيث ما انفكت سلطات الاحتلال في مصادرة وهدم مزيد من هذه المنازل، في مقابل الاستمرار في توسيع المستوطنات القائمة، وبناء المزيد منها وصولا إلى تحقيق مخططاتها الاستيطانية الهادفة إلى التهويد الكامل للقدس.
التطهير العرقي وصراع الهوية
وأشارت قاعود في هذا الشأن إلى ما اتبعته السلطات الإسرائيلية من سياسات قامت على تجزئة الأراضي الفلسطينية وتشريد سكانها منذ نحو مائة عام، بإعلان وعد بلفور، وما تبعه في عام 48 وحتى الآن من خلال سياسة التطهير العرقي التي طبقتها على الفلسطينيين، وتقييد حركتهم، وفرض مزيد من القيود على هذه الحركة، ما أدى إلى تفكك العلاقات الاجتماعية والأسرية، وانعكاس ذلك على تماسك الأسر الفلسطينية واستقرارها ، وخلق واقع جديد يسعى فيه الفلسطينيون الى الحفاظ على هويتهم في ظل تحديات واعباء جمة في وقت صعد فيه المستوطنون من عنفهم ضد المقدسيين، وفي مناطق "ج"، التي تركز التوسع الاستيطاني فيهما، وباتت اعتداءات المستوطنين اليومية خطرا يهدد حياة المدنيين العزل في فلسطين بشكل عام.
معاهدة الاتجار بالسلاح
كما تطرقت إلى معاهدة الاتجار بالأسلحة متعددة الأطراف 2012، وطالبت بفرض قيود صارمة على مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، التي استخدمت السلطات العسكرية المحتلة في حروبها ضد الفلسطينيين، في عدوانيها الأخيرين على قطاع غزة.
واختتمت قاعود مداخلتها، بتوجيه نداء تضامن مع الشعب الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي المتواصل لفلسطين منذ العام 48، وضرورة الضغط على الدول الأعضاء للاعتراف بفلسطين دولة مستتقلة، وتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني بشكل عام والمرأة الفلسطينية بشكل خاص، والدفع باتجاه مساءلة الاحتلال وملاحقته قضائيا باعتباره المسؤول عن هذه الانتهاكات للقرارات الدولية والقانون الدولي الانساني، والعمل على إزالة جدار الفصل العنصري لما يسببه من معاناة للفلسطينيين، ولكونه يتناقض مع قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي الذي طالب إسرائيل بإزالته.
كما شاركت موفدة "مفتاح" حنان قاعود في اجتماع تشاوري إقليمي مصغر كانت قد حضرت له الرابطة النسائية الدولية للنساء والحرية (WILPF) مع الخبيرة الدولية راديكا كوماراسوامي (Radhika Coomaraswamy) رئيسة اللجنة المكلفة رسميا من الأمين العام لأمم المتحدة بالقيام بدراسة دولية حول تطبيق القرار الاممي 1325 والذي سيتم إدراج نتائجه في التقرير السنوي للأمين العام لمجلس الأمن في عام 2015، وسوف تكون متاحة لجميع الدول الأعضاء في مجلس الامن. وعليه فقد ضم الاجتماع التشاوري مؤسسات المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط، للتباحث في "الدراسة الدولية عالية المستوى 2015 حول: المرأة في السلم والأمن".
و شارك في الاجتماع من فلسطين إلى جانب مؤسسة "مفتاح"، طاقم شؤون المرأة ممثلا بسامية بامية، وأكثر من ثلاثين مشاركا من مؤسسات المجتمع المدني من المغرب، اليمن، سوريا، ليبيا، الأردن، العراق، مصر، وإيران، اضافة الى ممثلين عن مؤسسات دولية وحقوقية ومؤسسات الامم المتحدة. وقد أوصت المشاركات من فلسطين في هذا الاجتماع، بضرورة إدراج النساء تحت الاحتلال على أجندة مجلس الأمن، وإنفاذ الأدوات الدولية للحد من النزاع وتوفير الحماية وهو دور رئيسي للدول الأعضاء في مجلس الأمن بالاضافة الى انفاذ آليات محاسبة للاحتلال الاسرائيلي على خرق القانون الدولي الانساني والقرارات الأممية والمواثيق الدولية.