مجالس الظل: لم نتوقع أن سوسيا تعاني من الصعوبات إلى هذا الحد
نشر بتاريخ: 23/05/2015 ( آخر تحديث: 23/05/2015 الساعة: 22:15 )
الخليل - معا - لم تكن الطريق إلى سوسيا في الخليل لتأخذ الوقت الذي أخذته لولا أننا ضللنا الطريق مرارا وتكرارا، ولم تكن حرارة الشمس هي المزعجة بمقدار أن كل من مررنا به نظر إلينا بعين الاستغراب حينما كنا نسأل "أين سوسيا؟"، هذه الخيم التي تشكل في عمق الجبال الجرداء قرية صغيرة إلى جانب مستوطنة تعيش على أكل الأرض يوما بعد يوم، كانت غائبة عن وعي المواطنين، فلم يتعرف عليها إلا القليل.
سوسيا الجميلة اختارت أن تكون ضمن القرى المهمشة، والتي تعاني من نقص حاد لأقل مقومات الحياة؛ وذلك مقابل حماية الأرض، ومنع الاحتلال وقطعان المستوطنين من السيطرة عليها، وستجد أثناء تجوالك هناك محاولات لبث الأمل من خلال خزان ماء صغير، أو بقايا خلايا شمسية من أجل الكهرباء، والنار لاستخدامها بدل الغاز.
وخلال شهر أيار الجاري جاء قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بإخلاء المنطقة من سكانها البالغ عددهم 450 نسمة، بدعوى أن سكان الأرض يعانون من الجهل، ولا تحتوي المنطقة على أقل المقومات الحياتية، والبنى التحتية، تقول المواطنة سميحة نواجعة:"اتهمونا بالجهل، وأن المنطقة تفتقر لأقل مقومات الحياة، من الطبيعي أن المنطقة تفتقر لمقومات البنية التحتية، لقد منعونا مرارا وتكرارا من الحصول على الكهرباء والماء".
وكجزء من دعم سكان المنطقة؛ قررت جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية عقد اجتماع مجالس الظل في منطقة سوسيا، وذلك لما يمثل التضامن جزءا أصيلا من دور مجالس الظل، والتي أسستها جمعية المرأة العاملة من أجل مساندة النساء القياديات، وكذلك إيجاد سبل لتحسين أوضاع القرى والخرب من خلال إعطاء المرأة دورا قياديا أكثر فاعلية.
أربعون عاما من النضال
تتذكر الحاجة سارة محاولات الاحتلال السيطرة على خربة سوسيا، وكذلك طردها منها، واضطرارهم للانتقال لمنطقة قريبة من الخربة، والعيش بها لأربعين عاما، من أجل حماية أرضهم، ومنع الاحتلال من التمدد والتوسع :"جابوا جرافة كبيرة، وحملوا كل أغراضنا، ورموها في منطقة زيف القريبة، هذا غير لما طخوا 50 راس غنم، يومها حاول الجندي قتل ابني، بس نصيبه ورحمة الله منعته، كل ما الجندي يعين عليه تيجي الرصاصة بالحجر".
"مدرستي قريبة ومش قريبة، يعني مسافة طويلة لما بمشيها، بس إنه بحب أمشي الطريق"، هكذا تتحدث الطفلة تتيانا النواجعة- والتي تمثل الجيل الجديد ممن ورثوا رحلة النضال؛ عن رحلة ذهابها وإيابها للمدرسة، والتي ناضل أهل القرية طويلا للحصول عليها، ولكنهم اضطروا أن يكتفوا بمدرسة تقع في منطقة تابعة للسلطة الفلسطينية خوفا من أن يقوم الاحتلال بهدمها، كما يفعل بكل محاولات السكان من بناء الغرف السكنية.
وتذكر عضو مجلس الظل علا نواجعة من سوسيا أن هناك مخططا هيكيليا احتلالي، والذي بدأ بقرار ترحيل سكان سوسيا، وتضيف:"لم يقم الاحتلال حتى هذه اللحظة بأي خطوة من أجل تطبيق القرار، ولكنه ينتظر حتى يتوقف الإعلام عن الاهتمام والحضور، وبهذا سيستغل أية فرصة سانحة، وأعتقد أن هذا سيكون خلال شهر رمضان القريب".
مجالس الظل تتضامن مع أهل سوسيا
تعتبر مجالس الظل مبادرة رائدة في فلسطين، وشكلتها جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية من أجل دعم النساء القياديات، واستطاعت المجالس من مختلف المناطق في فلسطين تحقيق نجاحا هائلا، ففي نعلين لوحدها حقق المجلس نجاحا على صعيد نتائج الثانوية العامة، والذي نقل نسبة النجاح من صفر% إلى 80% خلال عام واحد فقط.
وفي إطار ما تقدمه مجالس الظل، قررت جمعية المراة العاملة أن تعقد الاجتماع الدوري في منطقة سوسيا، من أجل دعم الأهالي، وتضامن النساء فيما بينهن، تقول المديرة العامة في جمعية المراة العاملة آمال خريشة:" لم يهتم مجلس الوزراء بتنمية المشاريع التحتية في سوسيا، وعلى السلطة الفلسطينية أن تأخذ دورا في منع تهجير الأهالي، ويشكل تضامن مجالس الظل مع سكان المنطقة جزءا أصيلا من دوره، في ظل ما تشكله عملية الاقتلاع والتهجير امتدادا للجرائم التي ارتكبتها عصابات الهاجاناة وشتيرن".
وكجزء من التضامن وجهت نساء مجالس الظل رسائل إلى نساء سوسيا، وعبرت العضوة شيرين عاصم من قرية حارس عن سعادتها لأن مكان الاجتماع يشكل رسالة واضحة لما تقوم عليه مجالس الظل من ضرورة التضامن بين الفلسطينيين، أما عضوة مجلس النبي صالح بشرى التميمي فقد رأت أن الفلسطيني يعاني من الاستيطان وانتهاكات الاحتلال في كل مكان، فمنطقة النبي صالح بشكل خاص تعاني من اعتقالات واعتداءات أسبوعية، فهي بحد ذاتها مرت بتربة اعتقال فقط لمحاولتها مساعدة ابنتها التي أصيبت خلال المسيرة التضامنية الأسبوعية، وتضيف:" يجب على الفلسطينيين أن يتضامنوا معا، لأننا جميعا نمر بذات الظروف".
فيما قالت شامية سرور من نعلين أنها سمعت كثيرا عن سوسيا، ولكنها لم تتوقع أن تكون الأوضاع بهذا الشكل، وتجد أن المواطنين بإمكانهم التعاضد من أجل البقاء، ففي نعلين قامت النساء بتعلم الإسعافات الأولية، وبهذا بالإمكان تأخر وصول سيارات الإسعاف في حالات الإثابة أو الولادة.
فيما عبر الحضور عن ضرورة أخذ صناع القرار على عاتقهم وقف الانتهاكات الإسرائيلية، والتوقف عن التضامن المؤقت، والذي يقتصر على الدعاية، والتقاط الصور.
وفي نهاية اللقاء أوصت المشاركات على ضرورة الحصول على تدريبات تتعلق بتوثيقات الانتهاكات الإسرائيلة، وكذلك عقد الاجتماعات في العديد من المناطق المهمشة، والتي تتعرض لعمليات التهويد والترحيل المستمرة.