نشر بتاريخ: 15/09/2007 ( آخر تحديث: 15/09/2007 الساعة: 22:35 )
خان يونس- معا- يشعر سكان قطاع غزة أن طقوس شهر رمضان الدينية والاجتماعية والأسرية، لهذا العام تأثرت وتراجعت إلى درجة كبيرة نتيجة الخلاف السياسي المحتدم، نتيجة لحالة التجاذب السياسي المتفاقم بين حركتي ( فتح وحماس)، خاصة بعد 14 حزيران وما أعقبها من سيطرة حماس على قطاع غزة، والتداعيات والإجراءات القانونية والإدارية التي قام بها الطرفان بعد هذا التاريخ سواء في غزة او الضفة الغربية.
ناهيك عن المعانة الكبيرة التي لحقت بآلاف الأسر الفلسطينية نتيجة فقدان أبنائهم، في الصراع على السلطة، والتي سقط خلالها المئات من القتلى والجرحى والمعوقين مما احدث شرخاً عميقا وكبيراً بين الفلسطينيين لن تمحوا إثاره بسهولة كما يتصور البعض.
أبو أحمد يعمل مدرسا في مدينة خان يونس قال إن "هذه الخلاف وصل إلى حد مساجد الله".
وتابع "الآن أصبح المصلون منقسمين بعد أن أثر عليهم الخلاف السياسي القائم في الساحة الفلسطينية، فالمصلون أصبحوا يتجهون إلى المساجد التي تتلاءم وفكرهم السياسي، خلافاً للأعوام السابقة التي كان فيها المصلين يتوحدون خلف إمام واحد على الرغم من خلافهم السياسي".
ويتابع كنا مختلفين ولكننا لم نكن منقسمين ومشتتين كما هو حاصل ألان ! وعلى الرغم من اختلافنا آلا إننا كنا نحب بعضنا البعض وكان هناك مجال للحديث والمناقشة ومبادلة الآراء حول كافة القضايا السياسية والاجتماعية والعادات والتقاليد أما ألان فالوضع خطير وصعب والناس أصبحت تعيش حالة من اللاوعي نتيجة للانقسام الحاد في الشارع الفلسطيني .
غياب العادات الحسنة
ويقول عماد عصفور قيادي في حزب الشعب ، رمضان هذا العام جاء في وسط أجواء سياسية مشحونة بدرجة عالية ، خلقت حالة من الانقسام في المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة الذي كان يتمتع بعلاقات متينة خاصة في هذا الشهر ، مشيرا إلى أن الكثير من العادات والتقاليد اندثرت ومن أهمها الإفطار الجماعي الذي كانت تقيمه العائلات ، في ظاهرة اجتماعية كانت تدلل عن عمق العلاقات الأسرية والأخوية ، وعمق الترابط والتعاضد الأسري بين الأشقاء والقربي ، ولكن مع الأسف ألان اندثرت هذه العادات والتقاليد وأصبح كل إنسان يفكر في نفسه ، مؤكدا ان هذا العام يشهد تراجعا ملحوظا في الروابط الأسرية ، فالأشقاء والقربى أصبحوا يتحاشون زيارة بعضهم البعض بسبب التجاذب السياسي القائم ، وبسبب الممارسات التي ارتكبت ، والتعبئة الحزبية المقيتة إلى أدت إلى إقصاء الرجل لشقيقة لكونه ليس من أفراد حزبه او تنظيمه .
ويضيف عصفور في كل رمضان كان الشباب والأسر والمواطنين يتجمعون عند بعضهم البعض بعد صلاة التراويح ويتبادلون أطرف الحديث ويتناولون الحلوى والمشروبات ويناقشون الكثير من الموضوعات ، ولكن هذا العام فلا احد يجلس عند احد والكل يبحث عن ابن تنظيمه ليجلس ويسهر معه حتى لو تطلب الأمر ترك أباه أو أخاه الذي ليس من فصيلة .
بل الأمر وصل إلى قيام الأرحام بمقاطعة بعضهم البعض وعدم زيارة بعضهم مما قد يترتب عن من خطورة كبيرة للواقع العائلي والأسري.
انحسار الروابط الاجتماعية
ويشير المواطن ابو عدنان 55 عاما ، أن شهر رمضان المبارك هذا العام يبدو حزيناً ، بعد أن تبذّل الدم الفلسطيني باليد الفلسطينية ، من يمكنه اليوم أن يتحدث عن حرمة الشهر الكريم بعد أن استبيحت حرمة الدم ، من يتحدث عن شهر الانتصارات بعد أن هزمنا أنفسنا بأيدينا في ذلك اليوم الأسود في 14 حزيران الماضي ، يوم أن تجرأت البندقية الفلسطينية على أن تطال برصاصها الشقيق الفلسطيني !!
ويضيف ابو عدنان " أن الروابط الأسرية تشهد انحساراً كبيرا نتيجة لتلك التداعيات المريرة التي عاشها أبناء الشعب الفلسطيني ، مؤكداً ان الكثير من العلاقات والروابط الأسرية وعلاقات قربى انتهت بفعل التجاذبات السياسية ، فلا زيارات رحم بعد أن قُطع الرحم بالرصاص ، ولا ابتسامة تعلو الوجوه بعد أن عكرتها أصوات القنابل والعبوات التي قتلت وأصابت العشرات والمئات من الأبرياء "
انعكاس لحالة التشرذم والاقتتال
ويرى العديد من المراقبين أن ما يحدث في الشارع الغزي هو انعكاس طبيعي لحالة التشرذم السياسي وحالة الاقتتال التي كانت دائرة بين حركتي فتح وحماس وما أسفرت عنه من عمليات قتل وتعذيب واعتقال وإغلاق مؤسسات و غيرها من الأعمال التي أساءت إلى نضال وكفاح الشعب الفلسطيني .
مشيرين ، أن من تأثر بشكل مباشر بهذه العوامل هو المواطن الفلسطيني الذي فقد أخا ، أو أبا أو طفلاً أو شقيقاً أو حتى بيتاً أو مشغلا نتيجة لحالة الاقتتال الدموي الذي كان دائراً بين الأشقاء .
وهذا بدورة اثر على العلاقات الأسرية والاجتماعية ، وأثرت كذلك على علاقة الأب بابنة والأخ بأخيه مما أسفر عن حالة من التفسخ والتمزق في النسيج الاجتماعي ،- هذا ما حذر منه كافة الفصائل المتناحرة والمتقاتلة ومؤسسات المجتمع المدني - في قطاع غزة . مؤكدين ان اول ايام شهر رمضان لهذا العام كشفت عن عورة الافعال والحماقات التي ارتكبها السياسون وما احدثتة من اثر على الواقع والنسيج الاجتماعي في ظل مرحلة حساسة وخطيرة تتطلب ان يكون الفلسطنيين اكثر تماسكاً وترابطاً .
ودعا المراقبون كافة الفصائل والقوى الى اخذ الحيطة والحذر من خطورة الانقسام الاجتماعي والأسري ، وما قد يترتب عنه من تهديد مدمر للقضية الفلسطينية والمنظومة الاجتماعية للشعب الفلسطيني .