نشر بتاريخ: 03/06/2015 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:09 )
غزة- معا- ليس أدل على المعاناة التي يتكبدها سكان قطاع غزة على معبر رفح، إلا تلك الصور التي تداولها نشطاء التواصل الاجتماعي للمسنة يسرى الخطيب التي وضعت المعاناة على المعبر حدا لحياتها ووضعت بين حقائبها قبل نقلها إلى مستشفى رفح الحكومي في الجانب المصري.
المسنة يسرى الخطيب انتهت حياتها ولم تنته قصة المعاناة على معبر رفح المغلق لأجل غير مسمى، وتأمل عائلتها أن تكون روحها التي عانت على المعبر آخر فصول معاناة الفلسطينيين.
قصة الخطيب على معبر رفح:
قبل اربعة شهور غادرت المسنة يسرى الخطيب قطاع غزة لتعود حيث تقيم في مصر منذ سنوات الهجرة، وبناء على طلب ما تبقى من ابنائها قررت المسنة الخطيب ان تخوض غمار العودة الى الوطن وتقيم بين ابنائها فلم يتحمل جسدها الضعيف درجات الحرارة المرتفعة الذي صادف يوم عودتها، بينما لم يفتح المعبر من الجانب المصري الا عند الساعة الواحدة ظهرا نظرا لتكدس أعداد المسافرين في ذلك اليوم وبعظم أمضى الليل بطوله في صالة المعبر.
يقول نجلها جمال الخطيب: "بناء على طلبنا واشتياقنا لها قررت ان تعود فقمنا بالتنسيق لها مع مكتب التكسيات وبقينا على تواصل مع سائق التاكسي"، مبينا ان رحلة المسنة يسرى من القاهرة وحتى معبر رفح استغرقت ما يقارب الثلاث عشرة ساعة سفر فهي خرجت من الساعة الحادية عشر ليل الثلاثاء ووصلت عن الثانية عشر ظهرا وتصطدم باستمرار إغلاق معبر رفح حيث أرادت السلطات المصرية ان تخلي المعبر من المسافرين الذين بلغ عددهم 250 مسافر امضوا الليلة في المعبر.
أصابها الإعياء الشديد وهي تنتظر خارج البوابة المصرية فقام عدد من المواطنين بتمديدها على سيارة نقل الحقائب وأخذت إحدى السيدات ترش عليها الماء لتخفف من حر الصيف إلا أن المسنة يسرى كانت قد دخلت في غيبوبة نتيجة جلطت دماغية استدعت نقلها إلى مستشفى رفح الحكومي من الجانب المصري بدورية للجيش المصري الذي اخذ على عاتقه الاهتمام بالمسنة يسرى.
يوضح نجلها الخطيب: "بقيت على تواصل على هاتف والدتي مع رائد في الجيش المصري الذي اخذ على عاتقه الاهتمام بوالدتي ويطمئننا على صحتها ولكنه أكد لي أنها في حالة غيبوبة وإعياء شديد وان وضعها الصحي يستدعي نقلها إلى مستشفى العريش المركزي إلا أنني طلبته منه وأنا كلي رجاء أن يحاول إدخال والدتي إلى قطاع غزة بأقصى سرعة ممكنة وهنا سنقوم بإسعافها".
ويؤكد الخطيب أن الجيش المصري استجاب لطلبه وقام بتأمين المسنة يسرى بسيارة إسعاف مزودة بعناية مركزة برفقة ممرض استلم كافة الأمانات التي كانت بحوزة والدتي من ذهب ومال ومن خلال التواصل مع الإسعاف في الجانب الفلسطيني وصلت والدتي ورأيتها ممدة داخل السيارة وقد فتحت عينها نصف فتحت فقد كانت فاقدة للوعي إلا أن نبض قلبها يعمل".
يتابع: "قبلتها على جبينها وقبلت يديها وقلت لها اصبري يما الله يطول بعمرك راح نصل المستشفى" وصلت الحاجة يسرى إلى المستشفى الاوروبي قسم العناية المركز وقد كانت في حالة موت سريري، بينما أعلن عن وفاتها في ساعات الليل قبل الغروب.
يؤكد الخطيب على إنسانية الجيش المصري في التعامل مع والدته وعلى حسن الجوار، معربا عن أمله أن تكون روحها التي فاضت على معبر رفح هي آخر معاناة الشعب الفلسطيني على المعبر وان تكون والدته هي آخر ضحايا الانقسام والمناكفات السياسية.
لطالما أوصت المسنة يسرى الخطيب أن تدفن بجانب زوجها الذي رحل مبكرا في الأراضي المصري، إلا أن ظروف الحصار وإغلاق معبر رفح وعدم القدرة على التنقل حال دون قدرة عائلتها على تحقيق وصيتها فكان أن دفنت بالقرب من الحدود المصرية في مدينة رفح.
مفتوح باتجاه واحدكان هم الخطيب الأكبر ان يتمكن من إدخال والدته المتعبة جدا إلى قطاع غزة خوفا من ان تفارق الحياة في الجانب المصري ولا تجد من يقوم بدفنها خاصة وان المعبر فتح هذه المرة باتجاه واحد، فقد جرت العادة أن يفتح المعبر لأيام ثلاثة فقط في كلا الاتجاهين الأمر الذي كان يساهم في تخفيف أعداد المسافرين أما هذه المرة فارتأت مصر أن تفتحه في اتجاه واحد فقط للدخول.
ماهر أبو صبحة مدير هيئة المعابر والحدود في قطاع غزة، اكد ان المعبر أغلق دون أي موعد محدد لإعادة فتحه، مبينا انه ما زال قرابة 15000 مسجل لدى وزارة الداخلية في غزة ينتظرون دورهم في السفر عبر معبر رفح البري من بينهم 3000 مريض نصفهم مرضى سرطان يصارعون الموت وأكثر من 2500 طالب سيفقدون مستقبلهم التعليمي وعدد من الزوجات العالقات تقطعت بهن السبل مما أدى لتشتت عائلات بإغلاق المعبر، بالإضافة لمن فقد مستقبله بانتهاء إقامته.
مجددا أغلق المعبر دون تحديد موعد لإعادة فتحه في كلا الاتجاهين حيث قدر عدد الداخلين إلى قطاع غز بـ1440 فلسطيني من العالقين في الجانب المصري أو الدول العربية وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن معبر رفح فتح خلال العام 2015 فقط خمسة ايام بينما يستمر إغلاقه لأكثر 147 يوما.
فتح المعبر باتجاه واحد
المحلل السياسي حسن عبده أكد ان القيادة المصرية من خلال فتحها للمعبر باتجاه واحد فقط تؤكد انها مصممة على عدم فتح المعبر بوضعه الحالي نهائيا وان لديها اشتراطات تجاه إعادة فتحه بشكل كامل وقد عبرت عن ذلك أكثر من جهة مسئولة في مصر وهي رغبتها بوجود جسم شرعي غير حركة حماس في معبر رفح.
وشدد عبده أن إغلاق المعبر بهذه الطريقة غير مبرر ولا يمكن أن يبقى الإنسان الفلسطيني في قطاع غزة ضحية للضغط السياسي معربا عن أمله في أن يتم تجنيب المواطنين الأزمات بوصفه معبرا إنسانيا ضروريا لتنقل الأفراد.
وأشار عبده أن هناك تخوفات مصرية أعمق من وجود سلطة فلسطينية على المعبر وهي وجود مخطط إسرائيلي يستهدف سيناء وضم قطاع غزة لها مددا أن هذا الأمر مستبعد تماما وتحدث عبده عن التسهيلات التي تمنحها الأردن لسكان الضفة الغربية دون أن يؤدي ذلك لتحول الضفة إلى جزء من الأردن.
وشدد عبده أن على مصر أن تدرك أن تقديم أي تسهيلات للمواطنين في قطاع غزة لا يمكن ان يحول قطاع غزة لمصر مشددا أن هناك وعي فلسطيني ومصري ان تبقى غزة ضمن القضية الفلسطينية ومرتبطة بالضفة الغربية مضيفا: "هذا الوعي كفيل بان يمنع أي تهديد يهدد سلامة الأراضي المصرية".
وحول الدور الفلسطيني في طمأنة مصر في شكوكها أكد عبده أن الرئيس الفلسطيني يلعب دور مهم في فتح المعبر وذلك من خلال الدعوة لاتفاق مع حركة حماس والتوصل لاتفاق لتشغيل المعبر من خلال سلطة فلسطينية يرضى عنها الطرف المصري يبدأ بحوار جدي بين حركتي فتح وحماس.
معبر بيت حانون وجهة المسافرين
ازدادت أعداد المسافرين عبر معبر بيت حانون الذي يقع شمال قطاع غزة وتتحكم إسرائيل في فتحه وإغلاقه حيث أكدت مصادر فلسطينية على المعبر أن أعداد المسافرين من والى قطاع غزة عبر معبر بيت حانون ازداد من 500 او 600 مسافر الى 1500 او 1800 مسافر.
وأشار المصدر إلى انه بالإضافة إلى التجار والحالات الإنسانية سمحت إسرائيل بمنح تصاريح لمن يريد زيارة المرضى في الجانب الآخر من الوطن بالإضافة إلى تقديم التعازي في الوفيات ومن المواطن الذي يحمل جنسية غير الفلسطينية وتقوم دولته بالتنسيق له أما الطلاب فأكد المصر أن أعداد كبيرة قدمت من اجل السفر عبر معبر بيت حانون ولكن حتى الآن لم تسمح لهم إسرائيل بالعبور.
معبر رفح عبر الزمان
ويعتبر معبر رفح المعبر الحدودي الذي يربط غزة بمصر وعبرها الى العالم الخارجي ويقع عند مدينة رفح الواقعة على حدود قطاع غزة وبشبه جزيرة سيناء المصرية.
تم تشيد المعبر بعد الاتفاق المصري الإسرائيلي للسلام سنة 1979 وانسحاب الإسرائيلي من سيناء سنة 1982. ظلت تديره هيئة المطارات الإسرائيلية إلى غاية 11 سبتمبر 2005، حيث رفعت إسرائيل سيطرتها عن قطاع غزة،وبقي مراقبون أوروبيون لمراقبة الحركة على المعبر.
أعيد فتح المعبر في 25 نوفمبر 2005 ظلت الحركة على المعبر لغاية 25 يونيو 2006 بعدها أغلقته إسرائيل معظم الأوقات لدوافع أمنية ويبقى مغلقا حتى في وجه الصادرات الغذائية.
في يونيو 2007، أغلق المعبر تماما بعد بسط حركة حماس سلطتها على قطاع غزة. في مايو 2011 قررت الحكومة المصرية برئاسة الدكتور عصام شرف فتح معبر رفح بشكل دائم ابتدائاً من السبت 2852011 بعد إغلاق دام حوالي أربع سنوات من طرف النظام السابق. تتضمن قرار فتح المعبر السماح للنساء بكافة أعمارهن و الأطفال و الشيوخ بالعبور دون تأشيرة أما الرجال أكبر من 18 سنة و أقل من 40 سنة هم الفئة الوحيدة الذين يتطلب عبورهم استصدار تصريح خاص بينما أعيد إغلاق المعبر بشكل كامل والى اجل غير مسمى في عهد الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي بعد الهجوم على كمين كرم القواديس بشمال سيناء الذي أودى بحياة ٣٠ جندي من قوات الجيش المصري. إلا أن السلطات المصرية فتحت المعبر لمدة ثلاثة أيام فقط نهاية شهر نوفمبر و فتحته أيضا لمدة محدودة في شهر ديسمبر.
تقرير: هدية الغول