بين سقطة الاعلام وتحقيق المطالب .. حذاري من التدمير الذاتي
نشر بتاريخ: 02/06/2015 ( آخر تحديث: 02/06/2015 الساعة: 16:34 )
بقلم: يحيى نافع الإعلامي في قناة بي ان سبورت
أكاد أجزم بأن 80 ٪ ممن (هجصوا) على مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين لم يعرفوا بقضية طلب تعليق عضوية اسرائيل في الفيفا إلا بعد سحب الطلب ومن خلال ردود الفعل وليس عبر متابعتهم للحدث وقراءة وفهم ما جرى، وهو ما يعتبر تدميرا ذاتيا من أجل تقزيم ماحدث في الفيفا ! فيما أتفهم موقف العشرين بالمائة الباقين مهما كان رأيهم ولو أن البعض -ممن نعرفهم - أخذ الأمر من زاوية شخصية، والدليل على ذلك أنهم كانوا ممن دافعوا عن مواقف مشابهة ولكن لصالح جهات أو أشخاص آخرين ! لكن المخجل حقا أن نرى بعضا ممن يحسبون على الإعلام المحلي من فريق المعارضين يروّجون لأخبار تبدو -حتى للمغفل- أنها كاذبة أو يناقشون الأمور بتهكم وسخرية أو ينجرون خلف نزوات بعض (المهجصين ) من خارج الحدود! ولم نر ذاك التحليل المعمق الذي يوضح أبعاد ما جرى وأين وقع الخطأ، وكيف كان يمكن أن يتصرف إتحاد كرة القدم والقائمين عليه، وما هي الخيارات التي لم تتخذ، وماذا يمكن أن نتصرف الآن بعد مؤتمر زيورخ ؟ كان عليهم على الأقل أن يقنعونا بوجهة نظرهم.! كل هذا لم نسمع به من هؤلاء الذين كان همهم على ما يبدو هو زيادة الغضب الشعبي ليس أكثر ! بل وقفت مصدوما عندما شاهدت إحدى الصحف تتوشح بالسواد، بالله عليكم هل هذه صحافة ؟! أحكموا بأنفسكم .
أما الإعلام الذي أعتبر ما جرى في كونغرس الفيفا الخامس والستين إنجازا، فيعاب عليه أنه رفع صوته متأخرا وإتخذ موقف الدفاع وليس موقف الواثق من رؤيته والمقنع والمقتنع بتحليلاته وحاول البعض الإكتفاء بالإستناد الى تحليلات قنوات عربية لإقناع المخالفين في الرأي وليس عبر الحجة والبرهان وهنا المصيبة.! لنعد الى القضية نفسها.. المتتبع للوضع الرياضي في فلسطين يدرك جيدا كم هي معاناة الرياضيين التي لا داعي لسردها، ومن رحم هذه المعاناة خرجت الدعوات المتكررة من اتحاد الكرة برئاسة اللواء جبريل الرجوب للفيفا بضرورة وضع حد للاعتداءات الإسرائيلية على كل ما يتعلق بالرياضة من أفراد ومنشآت وغير ذلك، وتسهيل حركة الرياضيين في الداخل وتسهيل حركة الوفود الرياضية القادمة من الخارج ، اذن هي (جملة مطالب) واضحة ومحددة ، تذكروا جيدا هي (جملة مطالب) .
الفيفا ورئيسها بلاتر تحدثوا واجتمعوا وناقشوا ووعدوا وذهبوا وعادوا ولم يتحقق المطلوب، هنا رئيس الاتحاد اللواء جبريل الرجوب قرر رفع مظلمته - جملة المطالب- لكونغرس الفيفا 63 في موريشيوس عام 2013 وقرر حينها الفيفا الإكتفاء بعرض فيديو يظهر معاناة الرياضة الفلسطينية وأجّل النظر في القضية لإجتماعه السنوي اللاحق الذي عقد في ساوباولو قبل افتتاح كاس العالم 2014، حينها تم استعراض معاناة الرياضيين الفلسطينيين وتمت مطالبة اسرائيل من قبل الفيفا بضرورة الالتزام بالقوانين التي تضمن تسهيل حركة الرياضيين تبعها تشكيل لجنة لمتابعة الامر.
بعدها أدرك اللواء رجوب أنه بحاجة لرفع السقف من أجل الضغط لتحقيق ( جملة المطالب ) وبالتالي أعلن نيته التقدم لتعليق عضوية اسرائيل حتى يتم تنفيذ مطالب الرياضيين الفلسطينيين، هذا الامر إستسخفه كثيرون وبالغ آخرون في التهويل للأمر ( وهنا أخطأ الطرفان) .
تعليق العضوية إستنفر الفيفا وبلاتر الذي سعى لإيقافه قبل أن يصل لاجتماع الكونغرس، وأجرى العجوز السويسري لقاءات وأخذ تعهدات من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بمنح تسهيلا للرياضيين لكن الاتحاد الفلسطيني رفض العرض لأنه لا يحقق ( جملة المطالب ) وأصر على الوصول للفيفا، وهنا أصاب، لكنه أخطأ برفع سقف التوقعات لدى الجماهير.
خلال اجتماعات زيورخ تحرك ميشيل بلاتيني وكتلته الأوروبية مع حلفائهم من أميركا الشمالية وغيرها لقتل الطلب الفلسطيني، أثمرت عن إيجاد كتلة مانعة ترفض حتى عرض مثل هذا الطلب على اجتماع الكونغرس للتصويت عليه بدعوى أن الفيفا للجميع وليست مكانا للإقصاء ولم تحدث سابقة أن طلب عضو في الفيفا تعليق عضوية بلد آخر، حينها وجد اللواء رجوب الذي تعرض لضغوط البعض وتخلي البعض الاخر، وجد نفسه أمام خيارين إما أن يصر على تقديم الطلب ويرفضه أعضاء الفيفا، وبالتالي يسجل موقفا معنويا فقط وتمر الأمور مرور الكرام كما جرى في مجلس الأمن قبل فترة ، - وهنا كان اصحاب المواقف المسبقة سيهاجمون الخطوة بدعوى أنها كانت غير مدروسة -، أو أن يكتفي بتصويت الكونغرس على لجنة خاصة مهمتها الوصول لتحقيق (جملة المطالب الفلسطينية ) وهو الأمر الذي تم بالفعل وكان خطوة جيدة جدا.
إذن هي نفسها (ذات المطالب) لم تتغير بل أصبحت من مطالب يُنادى بها شفويا الى مطالب موثّقة ومصادق عليها من قبل الفيفا على أمل أن تتحقق قريبا، فما هو هدفنا ؟ هل نريد تحقيق (مطالبنا) مع الحفاظ على المنجزات الرياضية السابقة، أم نريد الإستعراض وتسجيل المواقف؟ دعونا نـُحَكم المنطق بعيدا عن العواطف.