الإثنين: 23/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

بين زيورخ وبرلين ،،، للمنافسة الرياضية مذاقها الخاص

نشر بتاريخ: 07/06/2015 ( آخر تحديث: 07/06/2015 الساعة: 15:12 )
بقلم : فتحي براهمة
قبل اسبوع واكثر توجهت انظار الاسرة الرياضية العالمية الى زيورخ حيث انتخابات امبراطورية كرة القدم الاكبر على سطح المعمورة ، ظننا من المتابعين ان حماسة الانتخابات وسخونتها ستغطى على اي حدث رياضي في ذلك اليوم المشهود ، لكن مجريات الامور التي صاحبت الانتخابات بفعل اثارة موضوع الفساد وتورط كبار المسوؤلين في الفيفا في عملية فساد وافساد ، افقد الديمقراطية الرياضية رونقها ، وشكك المتابعين بنزاهة ونظافة يد قباطنة الفيفا خاصة بلاتر ، ما ادى لجعل قيم المسوؤلية الرياضية التي يتوجب ان تكون بيضاء الصفحات ، علامةمنفرة في تاريخ ممن يماسرون هكذا مسلكيات تمس قيم الرياضة التنافسية الانسانية والاخلاقية .


المتعمقون في قراءة ملف الفيفا لم يكن لديهم ادنى شك او توجس بان الفساد قد نخر هذة الامبراطورية الكروية ، خاصة وان الاعلام العالمي شن بين فترة واخرى حملات يتهم بها بلاتر بالتستر على انتشار الفساد في الاتحاد الدولي لكرة القدم ، لتاتي موقعة الانتخابات بمثابة الشعرة التي قسمت ظهر الفيفا ، وكشفت عورة المتنفذين الغارقين في الفساد والافساد ووكلاء توزيع الرشوى وشراء الذمم ، لتوظيف الفيفا في برامج ومكتسبات تتنافى مع رسالة الرياضة عامة وكرة القدم خاصة ، ليسجل مؤتمر الفيفا بذلك يوما اسود في سجل المنافسة الرياضة الناصع ، وليصبح الحديث عن سقوط الفيفا في مستنقع الفساد حديث القرن والحدث الاضخم في صفحات ومواقع وشاشات الاعلام العالمي .

ليلة السادس من حزيران ، كانت من ليالي كرة القدم العالمية وليست الاوروبية ، والتي استقطبت اهتمامات الملايين من عشاق فريق اليوفي ( السيدة العجوز ) وفريق برشلونة صاحب الالقاب الكبيرة ، فطغى الحوار الكروي على حوارات الفساد ورحيل بلاتر عن الفيفا ، ونجح لاعبو البرشا واليوفي في اشعال حماسة الجماهير التي اغضبتها حقيقة وصور الفساد البشعة ، واستبدل الجمهور كلمات الاحتقان والنقد اللاذع لرموز الفساد في تاريخ الكرة العالمية ، بلغة الحماسة والتشجيع العفوي الذي يعمق اللغة الانسانية العالمية لكرة القدم.

هذة اللغة التي كانت ولا زالت تجمع بين السنغالي والروسي والالماني والايراني واليوناني والفلسطيني والبرازيلي والسعودي ، بروابط المحبة والتعصب الطفولي لاي من فرق الاندية العملاقة من وزن البرشا واليوفي ، وتترك كلا منه رغم اختلاف اللغات يعبر عن حبة لنادية المفضل بطريقة انسانية حضارية ، كاد المرتشين والراشين في الفيفا ان يهدموا اساسها الاخلاقي والقيمي والمبني على روح التشجيع والحب الخالي من المصلحة والابتزاز.

موقعة برلين جاءت في ساعات الليل الطويلة من انتظار عشاق البطولات الكبيرة ، بمثابة البلسم الذي دواى الارواح التي كسرتها فضيحة فساد معاوني بلاتر ، والذي اصبح فعلا في دائرة الاتهام وليس الشك ، فهو امبراطور المؤسسة الكروية الاكبر وصاحب كلمة الفصل فيها ، وكونة يحمل كامل المسوؤلية القانونية عن تبعات اي قرار ، اذان هو من يتوجب محاسبتة واجبارة على الرحيل مكرها ، لتبقى الفيفا نظيفة خالية من الشبهات.

الملعب الالمبي في برلين هدم جدار الفساد الرياضي ، كما هدم الالمان جدار الفصل بين الالمانيتين ، ورزع في النفوس قيم التنافس الكروي القائم على مبدأ كلا حسب قدراتة ، وغرس اخلاق ووعي الممارسة الصادقة لكرة القدم التي يدركها اصحاب مشاريع الفساد لكنهم اصروا على تغيير مسارها للخروج بثراء فاحش ، ثمنة سقوط الاخلاق ومباديء اللعب النظيف ، لكنهم فب اخرمشوارهم سقطوا لان كرة القدم لاتقبل الدخلاء او الاغبياء ، بل تفتح اذرعها للمبتكرين المنتمين لقيمها واخلاقها من صفوفها الاولى الى ختام الحياة الرياضية ، خاصة لاؤلئك الذين يكرسون قيم المنافسة الشريفة ويفتحون الابواب للمبدعين ، ويحترمون الراي والراي الاخر ، فلا تزعجهم الانتقادات او المكاشفات او سطوة الاعلام واقلام الاعلامييين والنقاد.

توج البرشا للمرة الخامسة باستحقاق وجدارة بلقب دوري الابطال ، وقلد لاعبي اليوفي قلادة الشرف والاصرار ، واستمتع عشاق الساحرة المستديرة بوجبة كروية عوضتهم حسرتهم وخوفهم على انهيار قيم ونزاهة المؤسسة التي يتوجب ان تحمي كرة القدم العالمية من سلوكيات دخيلة وشبهات لايعشقها سوى الطامحون بمال ومجد وشهرة خارج معادلة التاريخ .