السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

عامر وسند.. خرجا ولم يعودا

نشر بتاريخ: 09/06/2015 ( آخر تحديث: 09/06/2015 الساعة: 10:12 )
عامر وسند.. خرجا ولم يعودا
جنين - معا - الثالث والعشرون من شهر أيار/مايو الماضي، وعند ساعات المساء قبيل آذان المغرب؛ كانت بداية ملابسات قصة اختطاف الاحتلال الإسرائيلي للطفلين عامر بعجاوي (14 عاما) وسند مشارقة ( 16 عاما)، من محيط منزليهما في بلدة يعبد جنوب غرب جنين.

عائلتا الطفلان افتقدتا طفليهما في لحظة من الذهول والبحث المتواصل دون معرفة مصيرهما حتى ساعات منتصف الليل. يأس أصاب العائلتين وحالة من الهلع راودتهما، الساعة تدق الثانية عشرة والنصف من بعد منتصف ليلة الرابع والعشرين من شهر أيار/ مايو المنصرم، الليل يتوغل أكثر فأكثر وآثار الطفلين تتبدد رويدا رويدا، إلا أن مكالمة هاتفية كانت بمثابة قطع الشك باليقين، حينما أبلغ والد الطفل عامر بعجاوي بأن طفله والطفل سند مشارقة في قبضة الاحتلال، دون إبداء الأسباب.

خرجا ولم يعودا..

تتحدث أم علي بعجاوي، والدة الأسير الطفل عامر بعجاوي؛ لـ معا عن حكاية اختفاء طفلها، لحظات مرت ثقيلة أرهقت تفكيرها ودبت الرعب في قلبها، فعامر الطالب في صف التاسع كان يجالس كتبه الدراسية لتقديم امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني، تقول أم علي: "في مساء يوم السبت كنت في المنزل وطفلي عامر في غرفته يدرس من أجل تقديم ما تبقى عليه من امتحانات لإنهاء صف التاسع الأساسي، وكان حينها قدم 5 امتحانات في مدرسته، افتقدته وقمت بمناداته، إلا أنه لم يجبني، سألت أخاه فقال خرج من المنزل، وعلى ما يبدو أنه ذهب لزيارة جدتي".

هنا تبدأ فصول معاناة البحث عن الطفل عامر تطفو على السطح؛ وتشير والدة عامر إلى أن الوقت بات يمر ولم يرجع طفلها، فبعد آذان العشاء توجهت أم علي لسؤال جدته عنه؛ إلا أنها صدمت بعدم زيارته للجدة.

وتسترجع والدة الطفل عامر بعجاوي بذاكرتها إلى ما أصابها حين علمت أن آثار طفلها اختفت، حيث تقول: "رحلة البحث الحقيقية عن عامر بدأت بعد العشاء، سألنا أصدقاءه وجيرانه بحثنا في كل مكان؛ ذهبنا للأراضي الزراعية القريبة، لكن دون جدوى، فعامر اختفى ولم يعد له أثر..".

ولا تختلف تلك اللحظات التي عاشتها أم علي عن ما عانته أم يوسف مشارقة، والدة الأسير الطفل سند مشارقة، تقول أم يوسف لـ معا: "سند كان هنا في المنزل، يساعدني في أعمال البيت ويضحك ويلهو، كان كل شيء يسير على ما يرام، ساعات المساء اقتربت وفجأة سند ابتعد عن المنزل، الوقت صار متأخرا، ولم يرجع سند للبيت، ووالده في السعودية يؤدي مناسك العمرة، طلبت من أخيه الكبير الخروج إلى الشارع والبحث عنه، خرج وعاد خالي الوفاض، قائلا: أيضا أبن جيراننا عامر فقدت آثاره".

وتنوه أم يوسف مشارقة إلى انها لم تعد قادرة على فعل شيء مع مرور الوقت، فطفلها سند لم يعود وطفل آخر في الحي الذي تسكنه فقدت آثاره، والبحث المتواصل الذي أجراه العائلتان لم يفضي إلى شيء.

وتشير والدة الأسير الطفل سند مشارقة إلى أنه مع انتصاف الليل بدأت المخاوف تتعاظم في قلبها خوفا على مصير طفلها؛ الذي لم يعتد على ترك البيت لساعات طويلة، مضفية: "شعور بالإحباط واليأس والخوف لا يوصف، وفجأة جرس المنزل يقرع، فقلنا عله عاد سند؛ إلا أننا وجدنا والد عامر بعجاوي ليبلغنا بأن اتصال هاتفي ورده من ضابط في قوات الاحتلال الإسرائيلي أبلغه فيه أن سند وطفله عامر مختطفان لدى الاحتلال في مركز توقيف حوارة".


حكاية بدأت ولم تنته..

صباح اليوم التالي؛ ظهرت معه حقيقة ما جرى للطفلين عامر وسند، فالاحتلال اختطفهما وهما الآن في قبضته، مع أن الظروف التي رافقت اعتقالهما لم تتضح بعد للعائلتين، إلا أنهما باتتا أمام حقيقة مفادها، أن طفليهما بدأ حكاية الأسر في سجون الاحتلال، الذي يواصل باعتقالهما سياسة اعتقال الأطفال.

ويوضح عبد الرحمن بعجاوي، والد الأسير الطفل عامر بعجاوي، لـ معا ما تبع اعتقال طفله، حيث أنه أجرى اتصالاته بالمؤسسات الحقوقية والمعنية بالأسرى، ليبلغ عن اعتقال عامر وسند، حيث كانت الآمال معقودة على الإفراج عنهما خلال وقت قصير، خاصة أنهما أطفال قصر ولا يعقل اختطافهما دون ذنب.

ويقول والد الأسير الطفل بعجاوي: "مر يومان أثنان، دون معرفة تفاصيل أكثر عن مصير طفلي عامر، حاولنا الحصول على معلومات لم نستطع، وبعد ثلاثة أيام أبلغنا عن تحويل الاحتلال لعامر ورفيقه سند، إلى محكمة سالم العسكرية، وهو ما كان مؤشرا لنا على أن الاحتلال قرر اعتبر الطفلين أسرى، خاصة بعد نقلهما إلى سجن مجدو".

ويلمح عبد الرحمن بعجاوي خلال حديثه لـ معا إلى أن الطفلين عامر وسند عرضا في تاريخ 28/5/2015 في محكمة سالم العسكرية على القضاة العسكريين والنيابة العسكرية، ولم يسمح للعائلتين بالحديث معهما، حيث كانا مكبلين الرجلين واليدين بلباس السجن.

ويرى والد الأسير الطفل عامر الذي أفرج عنه من سجون الاحتلال قبل سبعة شهور فقط أن إسرائيل تواصل سياسة اعتقال الأطفال، ضاربة بعرض الحائط كافة المواثيق والمعاهدات الدولية.

ويؤكد بعجاوي على أن الاحتلال مدد اعتقال عامر وسند، مضيفا: "يوم الثلاثاء القادم الموافق 9/6/2015، سيعرض طفلي والطفل سند مشارقة على محكمة الاحتلال في سالم مرة أخرى، بالفعل سنكون أمام حكاية لن تنته".

وتعود أم يوسف مشارقة بذاكرتها إلى لقائها مع ولدها داخل قاعة محكمة سالم الاحتلالية، حيث تقول: "هذه المرة الأولى الذي يعتقل بها سند، في حقيقة الأمر لا استطيع وصف مشاعري، كان كل شيء يمر بسرعة، رأيته من بعيد مكبل القدمين واليدين، فنظر لي رافع رأسه، لكنني لم استطع الحديث معه، لأن حراس المحكمة منعوني من ذلك".

وتصر والدة الأسير سند مشارقة على أن ما يحدث للأطفال داخل سجون الاحتلال هو الظلم بحد ذاته، خاصة أنه يتم معاملتهم كسجناء بالغين دون النظر إلى سنهم.

مطالبات بوقفات..

وتعتقد عائلتا بعجاوي ومشارقة أن اختطاف الاحتلال الإسرائيلي لطفليهما، يحتاج إلى وقفة جدية من كافة الجهات المعنية، وتحديدا من الجماهير والمؤسسات الحقوقية والمهتمة بشؤون الأسرى.

يقول والد الأسير الطفل عامر بعجاوي لـ معا : "لو تم اختطاف طفل إسرائيلي، لتحركت كافة المؤسسات الحقوقية والدولية والإعلام، وأصبحت قضيته قضية رأي عام، لكن عندما يختطف الطفل الفلسطيني، لا نرى نفس التحركات والتدخلات، نريد من مؤسساتنا وجماهيرنا التحرك ليس فقط من أجل طفلي الأسير عامر، بل من أجل كافة الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال".

ويشير بعجاوي إلى أن إسرائيل تتمادى في انتهاكها بحق الأسرى الفلسطينيين، وتحديدا الأطفال منهم، مضيفا: "نطالب بوقفات تضامنية لمساندة الأسرى، لا يعقل أن لا تعرى ممارسات الاحتلال وانتهاكاته بحق الأطفال أمام العالم".

وتناشد أم يوسف مشارقة والدة الأسير الطفل سند؛ من خلال معا كافة المؤسسات الدولية والمحلية وهيئات الأسرى، بالتدخل الفوري لحماية طفلها وباقي الأطفال من ممارسات الاحتلال.

وتشدد أم يوسف على أنه ينتابها خوفا على أبنها في ظل سماعها عن ظروف الاعتقال الصعبة، وهو ما يحتاج إلى وقفات مساندة للأسرى للضغط على الاحتلال للإفراج العاجل عنهم، وعن باقي الأسرى.

يذكر أن، الاحتلال ساق اتهامات تتناقض وطفولة الأسيرين عامر بعجاوي وسند مشارقة، حيث أدعى الاحتلال أن الطفلين الأسيرين بعجاوي ومشارقة القيا الحجارة على سيارة أحد المستوطنين، وهو ما ترفضه عائلة الطفلين؛ خاصة أن إسرائيل ما زالت تعتقل في سجونها أكثر من 300 طفل، بتهم واهية.

تقرير: إيهاب ضميري