السبت: 28/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

فرح ودموع في موقعة الدمام بالسعودية

نشر بتاريخ: 15/06/2015 ( آخر تحديث: 15/06/2015 الساعة: 14:57 )
فرح ودموع في موقعة الدمام بالسعودية
بقلم: تيسير نصر الله
عضو الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم.

غزيرة وعزيزة دموع الفرح التي رأيتها تنهمر على وجنتي سفير فلسطين في السعودية الأخ بسام الآغا بعد أن أحرز لاعب المنتخب الفلسطيني ماسيوس حذوه هدف التعادل الثاني في المرمى السعودي ضمن التصفيات الأسيوية المزدوجة المؤهلة لكأس العالم وكأس آسيا، في المباراة التي جمعت المنتخبين الفلسطيني والسعودي على إستاد الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز بالدمام.

ومُباركة حناجر الجمهور الفلسطيني، في مدرجات الدمام، التي صدحت بأعلى صوتها أهازيج الوطن، وغنّت لفلسطين، وهتفت لمنتخبها الفدائي، فكان هدير صوتها يطغى على كل الأصوات، ويتردد صداه في صحراء السعودية الشاسعة، ويطغى في قوة هديره على أمواج مياه الخليج العربي المتلاطمة.

ودافئ ذلك الإستقبال الذي إحتضنت به الجالية الفلسطينية في المملكة العربية السعودية المنتخب الفلسطيني بكرة القدم، والوفد الإداري المرافق له.

ففي مطار الدمام كانوا بإنتظار الوفد القادم من فلسطين بعد رحلة طويلة من الإنتظار والمعاناة في البر والجو وعلى الجسور، وفي الفندق وفي بيوتهم، واثناء التدريب كانوا يرافقون الفريق، وبعضهم جاء من بلدان اخرى كسفيرنا في البحرين الأخ خالد عارف " أبو أدهم " ليشاهد أداء " الفدائي " الملفت للنظر، والذي يبشّر بمستقبل كروي فلسطيني منافس.

إنه الفرح الفلسطيني ممزوج بالدموع والآهات والتعب، لإنتصار رياضي فلسطيني، طال إنتظاره، في موقعة رياضية لا تخلو من نكهة سياسية بعد جدل طويل وشرح مسهب حول أهمية الإبقاء على الملعب البيتي الفلسطيني، أحد أهم المنجزات الرياضية التي تحققت بفعل الجهود التي بذلها الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم في المحافل الرياضية العربية والدولية، والتي أدت إلى رؤية الرياضيين، من أشقائنا العرب، وأصدقائنا من مختلف الجنسيات، يلعبون على ملاعبنا، ويتلمسون معاناتنا الرياضية، ويقفون على حجم التحديات التي تواجه فرقنا الرياضية، ويسمحون لعيون جماهيرنا المتعطشة لمشاهدة مهاراتهم على أرض الملعب البيتي الفلسطيني دون الحاجة للنظر عبر شاشات التلفاز والفضائيات المختلفة، تماماً كما هو حال عيون المشاهدين العرب والأصدقاء.

لقد أبهر فدائيو منتخبنا الوطني في مباراتهم أمام المنتخب السعودي كل من شاهدهم، رغم أنّ بعضهم لم يُسجّل في سجله الرياضي الكروي أية مباراة دولية قبل موقعة الدمام، فهم في مقتبل أعمارهم، يمتازون بحسن الخُلق، ومهارة الإنتماء لفلسطين، وحُب التحدي، والقدرة على التأقلم في المناخات المختلفة، والصبر على معاناة السفر وتبدُل الزمان والليل والنهار، إنهم رسل فلسطين إلى كل مكان تطأه أقدامهم الواثقة، يصنعون مجد فلسطين الكروي والرياضي بإقتدار وإرادة لا تلين، عيونهم ترنو نحو التأهل والظفر.

وفي اللحظة التي لم تهدأ فيها بعد تداعيات عاصفة الفيفا في إجتماع مؤتمرها الخامس والستين بزيورخ، وما أعقبها من زلزال كاد أن يطيح بهذه المؤسسة الرياضية الأقوى على صعيد العالم، فإننا أحوج ما نكون إلى فهم بعضنا البعض، وتناغم كل المستويات والتخصصات وإنصهارها في بوتقة المصلحة العامة للكل الفلسطيني، ومنح التفويض والصلاحيات لجهة الإختصاص على قاعدة الثقة، والحرص على تحقيق الإنجازات، وعدم الإنجرار وراء الإشاعات والأكاذيب.


في هذه اللحظة خرج منتخبنا الوطني ليعيد رسم البسمة فوق شفاهنا، وليؤكد أنّ الرياضة تجمع ولا تُفرّق، وتُعمّق الثقة بالنفس ولا تهزها، وتولّد فينا إرادة لا تلين نحو تحقيق حلمنا الأبدي في الحرية والاستقلال والعودة. فكل الإلتفاف حول "الفدائي"، وحول الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم، وكل الدعم للنهضة الرياضية الفلسطينية التي تتحقق بفعل المثابرة، والعنفوان الوطني، ومخاطبة العالم بلغة الرياضة ولوائح الفيفا وقوانينها، ولا وألف لا للغة التشكيك والتحريض والإساءة والتخوين والتشويه التي تتعرض لها الرياضة الفلسطينية وقيادتها الشجاعة.