غزة- تقرير معا - تختلف أجواء شهر رمضان هذا العام عن العام الماضي بما يحمله من ذكريات أليمة على سكان قطاع غزة، خلفتها الحرب الثالثة على قطاع غزة في الأسبوع الثاني من شهر رمضان الماضي، وتسببت باختفاء الاجواء والمظاهر الرمضانية باستشهاد وجرح الالاف من الفلسطينيين وتدمير منازل عشرات الاف وتشريدهم.
ولا يزال سكان قطاع غزة يعيشون المعاناة والآلام التي تسببتها الحرب الاخيرة، لأهالي الشهداء و لجرحى وآلاف المشردين ممن دمرت منازلهم خلال العدوان ومازالوا يقطنون بالمدارس والكرفانات ويواجهون حياة معيشية قاسية.
ويستذكر نضال أبو زيد والذي استشهد 9 من أفراد العائلة بينهم زوجته وهي حامل ونجله ووالدته في ثاني ايام عيد الفطر العام الماضي، في حديث لمراسل "معا" بقوله :" العام الماضي كنا نعيش في أسرة يجمعها المحبة والألفة وكنا نجتمع على مائدة الافطار في شهر رمضان .. واليوم لا نعيش سوى مع المأساة والذكريات اليمة".
وعاش أبو زيد وعائلته الشهر الفضيل العام الماضي متنقلا ما بين منزله ومراكز الإيواء نتيجة الحرب الني شنها الاحتلال الاسرائيلي، مشيرا إلى أن الطيران الحربي الإسرائيلي أغار في ثاني أيام عيد الفطر على منزل عائلته المكون من ثلاثة طوابق في مدينة رفح جنوب القطاع، والذي يقطن فيه 5 عائلات دون سابق إنذار، مما أدى إلى استشهاد تسعة من أفراد العائلة وأصيب 17 آخرون بجروح بينهم حالات حرجة ما زالت تعالج حتى اليوم.
ويقول الشاب العشريني محمد أحمد الذي يقطن في بلدة القرارة بخانيونس جنوب القطاع :" لم نشعر بأجواء رمضان الفائت نتيجة للحرب والقصف الذي كان يطال كل شيء"، مضيفا :"كنا نهجر بيوتنا من أجل سلامتنا كنا لا نعرف النوم من أصوات الانفجارات".
ويستذكر الشاب في حديثه لمراسل "معا" الدقائق الاخيرة قبل موعد الافطار التي كان يقع فيها عشرات الشهداء في القصف الذي كان يستهدف كل أرجاء القطاع، متمنيا ان يكون رمضان العام الحالي افضل.
ويقول الشاب اسلام علي :"شتان بين رمضان العام الماضي ورمضان هذا العام".
واستشهد في العدوان الاسرائيلي الاخيرة في صيف 2014 قرابة 2300 مواطنا جلهم من الاطفال والنساء والشيوخ فيما أصيب اكثر من 11 الفا آخرين.
كما ويأتي شهر رمضان في ظل استمرار الانقسام وتفاقم أوضاع وأزمات المواطنين وأوضاع اقتصادية صعبة يمر بها قطاع غزة لم يسبق لها مثيل خلال العقود الاخيرة حيث أن استمرار وتشديد الحصار ومنع دخول كافة احتياجات قطاع غزة من السلع و البضائع المختلفة وأهمها مواد البناء والتي تعتبر المشغل و المحرك الرئيسي للعجلة الاقتصادية في قطاع غزة.
ويرى الدكتور ماهر الطباع الخبير الاقتصادي أن معدلات الاستهلاك من قبل المواطنين في شهر رمضان ترتفع ما يشكل عبئا اقتصاديا إضافيا على كاهل المواطنين معدومي الموارد وتكثر احتياجات المواطنين وتتضاعف المصاريف في هذا الشهر من خلال الموائد الرمضانية المختلفة والتزاماتهم من النواحي الاجتماعية و العائلية في ظل تفاقم أزمة البطالة و الفقر وارتفاع معدلات البطالة بشكل جنوني التي بلغت نسبتها 55% وإرتفاع عدد العاطلين عن العمل لأكثر من ربع مليون شخص وأصبح ما يزيد عن مليون شخص في قطاع غزة دون دخل يومي وهذا يشكل 60% من إجمالي السكان , بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الفقر لتصل إلى 39% من إجمالي عدد السكان وانتشار ظاهرة الفقر المدقع والتي بلغت نسبتها 21%.
ويشير الطباع في حديث لمراسل "معا" يأتي الشهر والأسواق مصابة بحالة كساد وركود اقتصادي في كافة الانشطة الاقتصادية وأهمها القطاع التجاري الذي يعاني من ضعف في المبيعات نتيجة لضعف القدرة الشرائية لدي المواطنين وأصبحت الاسواق التجارية خالية ومهجورة من الزبائن .
ويقول الخبير الاقتصادي :"إن استمرار الوضع على ما هو عليه سوف يكبد التجار و المستوردين ورجال الاعمال خسائر فادحة في الفترة القادمة , ولن يستطيعوا تغطية مصاريفهم الجارية الثابتة نتيجة الانخفاض الحاد في مبيعاتهم اليومية".