الرئيس ومأربنا المعلنة والمخبأة
نشر بتاريخ: 20/09/2007 ( آخر تحديث: 20/09/2007 الساعة: 10:55 )
رام الله- معا- كتبت ناهد أبو طعيمة، رئيسة تحرير تلفزيون القدس التربوي- لم يسبق لي أن طرقت بابك يوماً، ولم يكون لي أي سابقة في الانتظار على باب مقاطعتك إلا لضرورات العمل الصحفي، ولم أسعى يوما لتمرير كتاب، وأؤكد لك اليوم بأنني اكتب إليك دون أي مأرب، برغم أيماني المطلق بأننا كفلسطينيين لدينا مآرب كبيرة اتجاهك، ومأربنا تتلخص بحاجتنا في المعرفة, معرفة كيف سقطت غزة ولماذا، وما مصير كل من عبثوا بأرواح الأبرياء، مآربنا، تتلخص في معرفة ماذا بعد، وهل ستترك غزة رهنا للظلام والجوع والاستباحة.
وهذه مأرب لا نخفيها، وسنظل نتعلق بك، بعد غرقنا الداخلي الذي تتحمل كل أوجاعه، لكني أكتب إليك سيدي الرئيس ليس طمعاً في الإجابة، لأنني كلي يقين بأنها تؤرقك كما نحن جميعاً.
لكنني أكتب لك عن حاجة السيدة والام أمنة محمد حمودة الصوير، البالغة من العمر خمسين عاماً والتي أصيبت منذ أكثر من ثلاثة أشهر ونيف في قطاع غزة، بعد اقتحام بعض عناصر القوة التنفيذية بيتها، والتي ترقد اليوم في مستشفى الشيخ زايد وحيدة ومنتظرة استكمال علاجها، الذي سيحتاج إلى وقت طويل حتى تلتئم الجروح.
أكتب إليك بعد رجائها أن أكتب إليك بشكل شخصي، قالت لي تلك السيدة بأنك سيدي الرئيس أرسلت المال لها، وتتكفل بعلاجها لكنها ما زالت تطمح منك جلب أحدى بناتها إلى رام الله للعناية بها، فهي لا تستطيع الحراك بالمطلق وتحتاج كل الوقت إلى مساعدة بعد التيقن بان فترة العلاج ستمتد إلى شهور، ولا تكتفي بزيارة عابري السبيل مثلي.
قالت بأنها سئمت رجاء المارة من مساعدتها للوصول إلى أمتعتها، وتخجل من الاستعانة الدائمة بالممرضات، ولعلها ليست كل تلك الأسباب، بل ببساطة حاجتها إلى ملامسة أحد أبنائها، بعد غيابها الطويل عن أسرتها، حاجتها كأم بألا تشعر بأنها فقدت كل شيء.. حماية الأولاد في غزة، عودة الصحة برجوعها تمشي مري أخرى، حاجتها كإنسانة بمواساة دائمة ومحبة لتطفئ نارها لتكف عن سؤالها الدائم إلى الله.. ماذا فعلت لتحرمني كل شيء؟ وسؤالنا نحن لأنفسنا ماذا نستطيع أن نفعل لها بعد أن دفعت ثمن رغبات وتسلط وجبروت الآخرون.
اعتذر منك سيدي الرئيس لإشغالك في قضايا لعلها تبدو صغيرة، لكن إيمان تلك السيدة راسخ بأنك تستطيع الإيعاز بلم شمل عائلتها بها، بعد أن كادت تفقد حياتها في الدفاع عن تلك العائلة.