الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

عام على خطف وحرق أبوخضير.. العائلة تحترق كل يوم

نشر بتاريخ: 02/07/2015 ( آخر تحديث: 02/07/2015 الساعة: 20:37 )
عام على خطف وحرق أبوخضير.. العائلة تحترق كل يوم

القدس - تقرير معا - هو شرارة القدس وشهيد الفجر.. بشهادته انطلقت شعلة الغضب وانتفضت قلوب المقدسيين والفلسطينيين لتحرق الأرض من تحت أقدام المحتلين، خطف الطفل المقدسي محمد حسين أبو خضير وتعذيبه وقتله حرقاً على أيدي 3 مستوطنين تجلت أبشع أنواع القتل بحق طفل يانع لم يتجاوز الـ 17 عاماً، وظهر فيها الحقد والعنصرية بأسوأ صورها.

الطفل محمد "الغائب الحاضر" عن منزله وعائلته ومدرسته وأصدقائه والحارة التي عاش فيها... ذكرياته وأحلامه وحبه للآخرين وروحه المرحة لا تزال حاضرة لمن عرفه وتعامل معه، اليوم تصادف الذكرى السنوية الأولى على استشهاد الطفل أبو خضير، عائلته تحترق حزنا على فقدانه كل يوم.. وتحترق ألما لعدم معاقبة القتلة حتى اليوم.

"عام مر على حرق واستشهاد محمد ونحن نحترق عشرات المرات في اليوم" يقول والده حسين ووالدته سهى، ويضيفا:" محمد لا يغيب عنا، حرقه وهو حيّ يمزقنا ويحرقنا يوميا، كنا نتمنى أن نكون معه نحميه من حقد عصابة عنصرية نازية عديمة الإنسانية، نأخذ من وجعه ولو القليل."


والدة الشهيد... غياب جسده وحضور وروحه
وتقول والدة الشهيد محمد في لقاء معها :" اليوم ذكرى استشهاد ابني محمد، الذي خرج متوجها الى المسجد ليصلي الفجر لكنه لم يعد الى منزله وأسرته،
مضيفة:" مر عام على غياب جسد محمد عن المنزل إلا أن روحه أحلامه مشاغبته وضحكاته لا تزال بيننا... الجميع يشتاق لمحمد ولم يغيب عنا في أي يوم مضى، فطفولته وعفويته وجرأته وحبه للغير ترك ذكراه في المنزل خاصة وفي بلدة شعفاط عامة.

ذكريات وأوجاع في العام الأول من رحيله
ذكريات وأيام عديدة كانت الأكثر ألما لعائلة محمد خلال العام الأول من استشهاده أصعب هذه الذكريات تقول والدته :"اليوم الأول من شهر رمضان وعندما جهزت "مائدة الإفطار" للعائلة ولم يتواجد محمد معنا لم أتمالك نفسي وأخذت بالبكاء، محمد كان يساعدني ويجهز معي طعام الإفطار، كان يوميا يشتري لنا "الخبز والفلافل والحمص"، "...رمضان العام الماضي – قبل استشهاده بأسبوع- أصر على إضاءة حارة وشوارع شعفاط، هذا العام "لا إضاءة ولا زينة في الحارة".

وعن اليوم الذي سبق استشهاد محمد تقول والدته:" في رمضان كان يصحو محمد من نومه في ساعات العصر، ويشاهد على هاتفه المحمول مسلسل "باب الحارة"، قبل استشهاده بيوم جاء ليقول لي "هل سمعتي حاول المستوطنون اختطاف أحد الأطفال من بيت حنينا... أخبرني محمد بذلك ولم يكن يعلم أنه سيكون الضحية لهذه العصابة المجرمة."!

ويقول والدا محمد عن أصعب الذكريات :" الشهر الماضي صادف حفلة تخريج محمد من مدرسة "عمال الصناعية" ، وتم دعوتنا من إدارة المدرسة، وسُلمنا "شهادة محمد" ووضعت صورته على كرسي مع أسمه عشنا حينها أصعب اللحظات ، بكاء متواصل على قتل طفلنا وسرقة حلمه بأن يصبح مهندسا كهربائيا ، تمنينا أن يكون محمد جالسا بين أصدقائه جسدا وليس صورة، حاولنا الفرح لزملائه لكن الحزن والتعب أرهقنا لأيام بعد حفل التخريج.

وأضافا:" 3 مستوطنين حاقدين حرموا محمد من حلمه وتعليمه...لكن محمد حصل افضل الشِهادات.. فقد حصل على شرف الشَهادة، يظن "القتلة" بأن ما قاموا به "عمل بطولي" لكنه "عمل جبان" أكرمه الله بالشهادة.

وتتذكر والدة محمد علاقاتها المميزة مع ابنها محمد وتقول:" علاقة خاصة ومميزة كانت بيني وبين محمد، كان مرحا وروح المنزل يحرص على ارضائي في كل الأوقات."

ولا تزال والدته تحتفظ بأغراض طفلها محمد "حقيبته المدرسية كتبه وأوراقه ودفاتره... نقوده... عطوره.. وغيرها من الذكريات الجميلة لمحمد في المنزل.

خلق "روح المقاومة في القدس"
ويصف والدا الشهيد محمد ما حصل في حي شعفاط عقب استشهاد محمد بقولهما:"تحول الحزن في شعفاط الى غصب ، وأيقظ "روح الوطنية والمقامة" في المدينة للجيل الشاب، استشهد محمد وتحررت بلدة شعفاط لأيام لم تدخلها قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين ولم يمشي في شوارعها القطار، استمرت المواجهات في المنطقة لعدة أيام، لتمتد في كافة الأحياء والبلدات المقدسية وتوالت بعدها العمليات الاستشهادية."

وفي ذكرى استشهاد محمد تؤكد والدته بأنها ستقاضي وسائل الإعلام الإسرائيلية التي شهرت بابنها في محاولة بائسة لاخفاء جريمة المستوطنين.".

والد الشهيد محمد أبو خضير
أما والد الشهيد حسين أبو خضير قال:" استشهاد محمد وعدم معاقبة القتلة بعد عام من تنفيذ جريمتهم هو "وصمة عار" على جبين الصهيونية التي حرقت وقتلت أحد الأطفال لدوافع عنصرية ضد العرب، مطالبا بإحراق القتلة."

وأعرب والد محمد استغرابه الشديد لعدم اهتمام المؤسسات الحقوقية الدولية والمحلية بمجريات محاكمة القتلة وغيابهم عن جلسات المحاكم، لافتا أن مؤسسات إسرائيلية تحرص على حضور الجلسات دعما للمستوطنين وتأييدا لهم، كما يدافع عن القتلة 9 محامين.

واكد والد الشهيد ان العائلة ستلجأ الى القضاء الدولي اذا لم يتم إدانة القتلة والحكم في المحاكم الإسرائيلية."

وقال أبو خضير:" لا أثق بالقضاء الإسرائيلي، فلم يتم الحكم على القتلة أو معاقبتهم حتى اليوم، أما الفلسطيني" يقتل ويهدم منزله ويعتقل أفراد عائلته ويلاحق في معيشته اليومية"، وفي حين لا يوجد أي إجراء ضد المستوطنين رغم وجود كافة الأدلة... عنصرية في الأنظمة وتطبيق القانون بين الفلسطيني والمستوطن."

محاكمة القتلة ومحاولات لتخفيف العقوبة!
وعن محاكمة القتلة يقول والد الطفل الشهيد محمد:" محاكمة القتلة لن تُعيد محمد... ومحمد عذب وحرق حيا وقتل، نطالب بإنزال أقسى العقوبة بالمستوطنين القتلة لسبب واحد وهو "عدم تكرار الجريمة لطفل جديد، أو لعائلة جديدة"، لا نريد أن تعيش أي عائلة ما نعيش فيه، اذا سكتنا ولم نطالب بحقنا سيكون هناك "هدف آخر" لمجموعات متطرفة.

أما عن مجريات المحكمة فقد عقدت 17 جلسة في المحكمة المركزية بمدينة القدس للمستوطنين المتهمين بقتل الطفل أبو خضير، سمعوا خلال الجلسات الأولى إفادات 113 شاهدا، ( أفراد الشرطة والمخابرات وشهود عيان على حادثة محاولة خطف الفتى موسى زلوم والطبيب الشرعي الذي اشرف على تشريح جثمان محمد)، أما الجلسات الأخيرة فهي مخصصة لسماع المستوطنين.

وعينت هيئة القضاة في المحكمة المركزية منتصف شهر تموز القادم جلسة جديدة لإكمال سماع "المستوطنين"، ويحاول طاقم الدفاع عن المستوطنين بتخفيف العقوبة عن القتلة ويقول المحامي مهند جبارة – محامي عائلة الشهيد- انه خلال جلسة المحاكمة الاخيرة للمستوطنين ، أصر احد المتهمين بأنه قام بتنفيذ الضرب والخطف والخنق بناء على طلب المتهم الرئيسي" يوسيف بن دافيد"، ولم يستطيع هو والمستوطن الآخر برفض ما طلب منهما، ( حيث اجبار وعلى فعل ذلك وهما دون ال18 عاما ولديهما حماية قانونية حسب القانون)، كما يحاول ان يقول المستوطن أن الطفل توفي بسبب الخنق والضرب في السيارة وليس بسبب الحرق، ( وذلك لتغيير المسبب الرئيسي للقتل) والمستوطن "يوسيف بن دافيد" يدعي بأنه "يعاني من اضطرابات نفسية"، وبالتالي تخفف العقوبة عنهم الثلاثة.

كما طالب محامي الدفاع عن المتهم "يوسيف بن دافيد" بعرض موكله لطبيب نفسي أجنبي مطلع الشهر الجاري ، علما ان الطبيب النفسي في اسرائيل وحسب تقريره أكد بأن ( يوسيف بن دافيد" لا يعاني من أوضاع نفسية أو عقلية ومؤهل للمحاكمة).

وأكد جبارة أن الاعترافات الأولية للمستوطنين وتسجيل اعترافهم (بالصوت والصورة) وتمثيل جريمتهم هو مادة كافية لهيئة المحكمة لادانتهم بتهمة "القتل بسبق الاصرار"، والحكم عليه.

وعرضت النيابة العامة خلال الجلسات الأخيرة أشرطة تسجيل فيديو تظهر وتكشف "تخطيط المستوطنين لتنفيذ عملية اختطاف... واشرطة اخرى لاعترافات بعد الجريمة بأيام."

تقرير: ميساء ابو غزالة