نشر بتاريخ: 04/07/2015 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:09 )
بيت لحم- معا - من غرفة صغيرة ذات إضاءة خافتة، وثمانية أسرة فوق كل واحد منها بطانية غيّب الزمن وكثرة الاستخدام ألوانها الحقيقية، على مقربة من دورة مياه لا تكف عن نفث روائح نتنة يتسرب منها الماء باستمرار، يروي الأسير يوسف حسين هيفا (42 عاما) من رام الله والمحكوم (27عاما) بقي على انقضائها (14عاما) ما حدث معه ليلة اعتقاله.
فيقول من سجنه بالنقب: استيقظت من نومي تمام الثانية فجرا بتاريخ 1/3/2002 على صوت جنود الاحتلال وهم يطرقون باب المنزل بقوة ويرددون "افتح باب"، كنت حينها عند شقيقتي ففتح لهم زوجها الباب، وكان عدد من الجنود يتمركزون على شرفة المنزل ويوجهون أسلحتهم صوبنا، ثم اقتادوني معهم معصوب العينين مكبل اليدين الى التحقيق الذي مكثت به 35 يوما ذقت خلالها صنوفا من العذاب، فمن الضرب والشبح وسكب الماء البارد والساخن الى التهديد باعتقال والدتي وزوجة شقيقي ان لم أعترف.
وعن حياته في المعتقل يقول هيفا: لا أنسى اللحظات الأولى التي استقبلني بها كلا من الأسير أبو السكر الذي تقدم نحوي وشد على يدي ودعاني لأن أكون قويا وصلبا، والأسير صالح السبكي الذي رحب بي وعرفني على رفاقنا في المعتقل، ومن ثم بدأت أتغلب على سيف الوقت فأشغل نفسي بصناعة "السبح" المصنوعة من الأحجار وعجم الزيتون، وأقلام الحرير، وأغلفة الكتب، وأهديها لرفاقي داخل المعتقل وخارجه، بالاضافة الى الاشراف على المطبخ الذي كان من أهم انجازات الحركة الأسيرة آنذاك.
سنوات طويلة مضت على اعتقالي ورحلت امهات عشرات الأسرى، أما أمي فلم ترحل ولم تعد قادرة أن تحضر بعد أن أعياها المرض والكمد وهذا ما زاد من ألمي ومن تعبي، بعد أن كانت تحضر لزيارتي مرة واحدة في الشهر أصبحت لا تقوى على النهوض والحركة بحكم عمرها وحزنها لفراقي، وأنا مثلك يا أمي حزين على فراقك لكني لن أفقد الأمل لأن فقد الأمل يعني لي الموت ولا أطلب منك غير الصبر والدعاء.
ووجه الأسير هيفا رسالة الى فتاة أحلامه التي يتواصل معها من خلال الرسائل المكتوبة وبعض الاتصالات المشوشة يقول فيها: كنت وستبقين خياري وحلم حياتي، وسنصنع الفرحة رغما عن أنوف السجان، وكلما تذكرت مواقفك الجميلة وتخطيطك للمستقبل ببناء عائلة سعيدة ازددت حبا وشوقا لك.
وحمل الأسير هيفا رسالة أسرى النقب الى الشعب الفلسطيني التي تقول: نراهن عليكم وننتظر منكم ان لا تخذلوننا خاصة في هذه الأوقات الصعبة التي نحتاج بها الى تضامنكم، نستصرخ كل أصحاب الضمائر الحية منكم لدعم ومساندة قضيتنا العادلة، لا لننال شفقة علينا ولكن لنتقوى بكم ونشعر من خلالكم أننا ما زلنا ننتمي لكم.
اعداد: سراب عوض