نشر بتاريخ: 08/07/2015 ( آخر تحديث: 08/07/2015 الساعة: 15:01 )
تل أبيب - معا - رغم الحديث الإسرائيلي عن "تسهيلات" و"تخفيف الإغلاق": مُجمل الأشخاص الذين يتنقّلون عبر معبر "إيرز" بيت حانون في الأشهر الأخيرة، لا يتعدى الـ3% من عددهم في أيلول 2000. ومُجمل البضائع التي يتم تسويقها من قطاع غزة في الأشهر الأخيرة لم يبلغ الـ 8% منه عشية الإغلاق عام 2007. هذا ما جاء في بيان لمنظمة "غيشاه-مسلك" الإسرائيلية.
وأضاف البيان الذي وصلت "معا" نسخة عنه: سنة مرت منذ اندلعت نيران العملية العسكرية الأخيرة "الجرف الصامد"، ولا زال منظر الدمار هو السائد في قطاع غزة، وموضوع إعادة الإعمار، الذي ينتظره أهالي قطاع غزة بفارغ الصبر، لا يبدو في الأفق. ورغم الإجماع السائد بشأن فشل سياسة الإغلاق الإسرائيلية، تستمر إسرائيل في سياسية فرض تقييدات شاملة على تنقل الأشخاص والبضائع من القطاع وإليه. وحتى يومنا هذا، لا زال المنع هو القاعدة السائدة والسماح بالتنقل هو الاستثناء.
نسبة البطالة في القطاع لا زالت تربو على الـ40%، فيما تصل في أوساط الشباب إلى قرابة 60%. ولم يشهد القطاع في هذه السنة حركة عمرانية تذكر، ولم تعد البنى التحتية حتى إلى الوضع المزري الذي كانت عليه قبل العملية العسكرية، ولا زال الفقر والشح في كل مكونات الحياة هما سيدا الموقف. الأضرار التي خلفتها العملية العسكرية كبيرة ومهولة: أكثر من 17 ألف بيت هُدم أو لم يعد صالحًا للسكن، وأعداد هائلة من المباني السكنية تضررت بشكل كبير، والعشرات من المدارس والمستشفيات والورش الصناعية والمباني العامة تضررت.
وبعد العملية العسكرية مباشرة، بدأ يظهر في أوساط إسرائيلية تغييرًا على مستوى الخطاب تجاه سكان قطاع غزة واحتياجاتهم. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قائد أركان الجيش الإسرائيلي السابق بيني ﭼانتس والحالي ﭼادي ايزنكوط، "منسق أعمال الحكومة في المناطق" يوؤاﭪ مُردخاي، وكثيرون اخرون أدلو بتصريحات بشأن ضرورة العمل على إعادة إعمار قطاع غزة، واصفين ذلك بأنه "مصلحة إسرائيلية" وشددوا أن منح سكان القطاع الأمل بتحسين الوضع الاقتصادي مستقبلا سيساهم في استقرار المنطقة ومن شأنه أن يمنع مواجهة أخرى في المستقبل القريب.
ورغم إعلان "منسق أعمال الحكومة في المناطق" عن سلسلة من الخطوات، التي تشير للوهلة الأولى، إلى تغيير في توجه إسرائيل نحو القطاع إلا أنها بقيت محدودة جدًا ولم تفض إلى تغيير الوضع القائم في القطاع:
لأول مرة منذ إحكام الإغلاق على القطاع، مُنح تصريح لتسويق بضائع من قطاع غزة في الضفة الغربية، في أيام معينة، ومن ضمنها، منتجات زراعية، أسماك وفواكه بحر، أثاث ومنتجات خشبية وملابس. في آذار من هذا العام سُمح حتى بتسويق بندورة وباذنجان من قطاع غزة في إسرائيل، لصالح المُجتمع اليهودي المُتدين بسبب "السنة السبتيه" أو "سنة البور" (سنة يحرم فيها زراعة الأرض بموجب الدين اليهودي، مرة كل 7 سنوات). مع ذلك، لم يبلغ حجم التسويق هذا الـ 8% من حجم البضائع التي تم تسويقها من قطاع غزة عشية الإغلاق عام 2007. وقد نشرنا الشهر الماضي ورقة بحثية تحلل الأسباب لانخفاض مستوى التسويق وتشير إلى الإمكانيات القائمة بهذا الصدد.
المنع القائم على تنقل الأشخاص عبر معبر إيرز (بيت حانون) الواقع بين القطاع وإسرائيل لا زال قائمًا، مع توسيع الاستثناءات التي يسمح بها بالتنقل. وبالأساس تمت زيادة حصة الأشخاص المستحقين لبطاقة تاجر. وبالتالي، أصبحت فئة التجار هي الأكبر من حيث عدد الأشخاص الذين يمرون عبر معبر إيرز. غالبية الاخرين الذين يتنقّلون عبر إيرز هم من المرضى ومرافقيهم. ورغم ذلك، مجمل الأشخاص الذين يتنقّلون عبر إيرز اليوم، لا يتعدى الـ 3% من عددهم في أيلول 2000.
وقد تم دخول مواد بناء لإصلاح المبان التي تضررت جراء العملية العسكرية، وذلك عبر منظومة معقدة أقرّت بموافقة إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأمم المتحدة. وفقط في نهاية حزيران 2015، أي قبل أيام، تم الإعلان أن هذه المنظومة ستبدأ بفحص طلبات لشراء مواد بناء بهدف البناء الذاتي، لإعمار البيوت المهدمة. نجحت مؤسسات المعونة الدولية وسلطة المياه الفلسطينية في إدخال كميات ملحوظة من مواد البناء، لكن أكثر من نصف كمية مواد البناء التي دخلت القطاع عبر المنظومة في السنة الأخيرة، والتي بلغت حوالي 1.2 مليون طن، كانت مُعدة لصالح مشاريع إصلاح وبناء طرق وشوارع بتمويل من دولة قطر وليس لبناء البيوت. هذه الكمية الكبيرة من مواد البناء تشكل فقط 5% من احتياجات قطاع غزة الفعلية.
منذ وقف إطلاق الناء، أصدر وزير الأمن الإسرائيلي أوامره بمنع تنقل الأشخاص من وإلى قطاع غزة أربع مرات في أعقاب إطلاق صواريخ من غزة إلى إسرائيل بشكل غير قانوني. وتشكل هذه الأوامر، عقابًا لسكان القطاع على أعمال لم تكن لهم عليها أية سيطرة.
يشار إلى أنه تقع على عاتق اسرائيل التزامات وواجبات قانونية وأخلاقية تجبرها على اتاحة المجال لحياه مدنية طبيعية في قطاع غزة. ولا زالت الحياه العادية تبدو أمرًا بعيد المنال في القطاع. ورغم أن قادة إسرائيل يصرحون أنه ثمة "مصلحة إسرائيلية" أن تسير الحياه في القطاع بشكل طبيعي، إلا أنهم لا يطبقون ذلك. لا نر أي مبرر لعدم تطبيق هذه التصريحات على الفور.