رام الله -معا- قالت الحركة العالمية للدفاع عن أطفال – فلسطين إنه رغم الأدلة الموثقة بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت جرائم حرب خلال عدوانها على قطاع غزة الصيف الماضي، إلا أنه لم تكن هناك عدالة أو مساءلة عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت بحق الأطفال الفلسطينيين.
وأسفر العدوان على قطاع غزة الذي استمر 55 يوما ما بين 8 تموز و26 آب، وأطلقت عليه إسرائيل "عملية الجرف الصامد"، عن مقتل 2220 فلسطينيا، من بينهم 1492 مدنيا على الأقل، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا), تأكدت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال بشكل مستقل من مقتل 547 طفلا فلسطينيا خلاله، منهم 535 قتلوا بشكل مباشر جراء الهجمات الإسرائيلية، أعمار نحو 68% منهم 12 عاما أو أقل، فيما لم يتم مساءلة أي من مرتكبي هذه الانتهاكات.
وقال مدير عام الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال, خالد قزمار: "سياسة الإفلات من العقاب مكنت إسرائيل من الاستمرار في سياستها الجائرة في قطاع غزة، ومما لا شك فيه أن الأطفال يظلون أهدافا لها".
وأضاف قزمار "أنه لا يمكن القبول باستمرار الوضع الراهن، بحيث يستمر الأطفال الفلسطينيون بتحمل أسوأ الهجمات العسكرية الإسرائيلية المستقبلية، والاحتلال العسكري طويل الأمد".
وبينت تحقيقات الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال أن هناك أدلة دامغة ومتكررة على ارتكاب القوات الإسرائيلية انتهاكات جسيمة ضد الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة خلال العدوان ترقى إلى مستوى جرائم حرب.
وهذه الانتهاكات تتضمن استهداف الأطفال بشكل مباشر بالصواريخ التي تطلق من طائرات دون طيار، وهجمات على المدارس والمنازل.
وإسرائيل التي تعتبر أكبر مصدر للطائرات دون طيار في العالم، قتلت 164 طفلا بإستخدام هذا النوع من الطائرات، خلال عدوانها الأخير على قطاع غزة.
يذكر أن لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق في الحرب على غزة 2014، قدمت في التاسع والعشرين من حزيران الماضي تقريرا إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، استعرضت فيه الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل والمجموعات الفلسطينية المسلحة للقانون الدولي، خلال النزاع في غزة الصيف الماضي.
وأشارت نتائج التقرير إلى أن "الإفلات من العقاب سائد في كافة الانتهاكات التي يدعى ارتكابها من قبل القوات الإسرائيلية للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان".
وأقر مجلس حقوق الإنسان التقرير في قرار له وافقت عليه 41 دولة، في الثالث من الشهر الجاري، حيث جاء في القرار إن "الحصانة المستمرة" سمحت بتكرار الانتهاكات للقانون الدولي دون تبعات, وشدد القرار على "ضرورة ضمان المساءلة" لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب ومنع ارتكاب انتهاكات إضافية، داعيا السلطات الإسرائيلية والفلسطينية إلى "التعاون الكامل" مع المحكمة الجنائية الدولية و"أي تحقيق لاحق قد يفتح."
وصوت لصالح القرار جميع دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، وعددها ثمانية، بما فيها ألمانيا، والمملكة المتحدة، وفرنسا.
وأيد ممثل الاتحاد الأوروبي في مجلس حقوق الإنسان، بالنيابة عن جميع دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء، تقرير اللجنة ودعا إلى المساءلة.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية هي العضو الوحيد الذي صوت ضد القرار، في حين امتنعت خمس دول عن التصويت.
وفي حزيران، حمى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إسرائيل من المساءلة عن الأعمال الوحشية ضد الأطفال، عندما أسقط القوات المسلحة الإسرائيلية من مشروع لائحة المجموعات التي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الأطفال خلال النزاعات المسلحة.
وخلال العشرة أشهر السابقة، قامت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال بحملة مناصرة دولية واسعة مبنية على الأدلة لحث الأمين العام بان كي مون على إدراج الجيش الإسرائيلي في "لائحة العار" لقتله وتشويهه الأطفال، بالإضافة إلى اعتداءاته على المدارس في قطاع غزة.
وخلال الشهر الماضي، طلبت الحركة العالمية من بان كي مون مقاومة الضغوطات السياسية الهادفة إلى منع إدراج الجيش الإسرائيلي في اللائحة، كما أرسلت منظمة "هيومان رايتس ووتش" رسالة إلى بان كي مون تطالبه بتطبيق آلية ومعايير موحدة عند تحديده أيا من الجهات يجب ضمها إلى اللائحة، بناء على الأدلة التي تشير إلى حدوث انتهاكات، كما شملت القائمة جماعات فلسطينية مسلحة، ولكن الأمين العام ألغاها من النسخة النهائية أيضا.
وقال المحامي براد باركر، من الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، "إن الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتكررة وتجاهل إسرائيل الكامل للقانون الدولي أحبط أية جهود جادة نحو تنفيذ الحماية الشاملة للأطفال الفلسطينيين".
وأضاف أنه "من أجل وضع حد للإفلات من العقاب وزيادة الحماية للأطفال، يجب على الدول فرادى أن تتخذ إجراءات ملموسة لمواجهة الوضع الراهن المتمثل بالإفلات من العقاب بشكل ممنهج".
وحثت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، المجتمع الدولي على مطالبة إسرائيل بوضع حد لحصارها الغير قانوني الذي تفرضه على قطاع غزة، والتنفيذ الفعال والفوري للتوصيات الواردة في تقرير لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق في الحرب على غزة 2014.