نشر بتاريخ: 17/07/2015 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:09 )
رام الله- تقرير معا - في رام الله تتراص المطاعم والمقاهي وتتزاحم جنباً إلى جنب، لتصبح مدينة المقاهي والمطاعم، فيكاد لا يخلو شارع من وجودها، كيف لا والأرقام تتحدث عن وجود قرابة 400 مطعم ومقهى في رام الله والبيرة.
مطاعم ومقاهي رام الله يعتبرها البعض ظاهرة ازدهار حولت المدينة من حالة إلى أخرى، فيما يراها آخرون بأنها باتت مشكلة تنهك سكان المدينة اقتصادياً، بسبب كثرتها وعشوائية تراخيصها، وابتعاد بعضها عن التخصص، الأمر الذي حد من زيادة أرباحها.
في رام الله يمكن للمواطن تناول وجبة بقرابة 150 شيكل، في مطعم على مسافة دقائق مشياً على الأقدام من مطعم يمكنك من وجبة مشبعة أيضاً مقابل 30 شيكلا، إلا أن سعر الأخيرة غدا بالنسبة لكثيرين من "السواد الأعظم" عبئا غير محتمل، لا سيما الفقراء ممن ترميهم الدروب إلى رام الله من مدن أخرى.
وتبدو المطاعم والمقاهي الباذخة في رام الله وكأنها الاستثمار الآمن الوحيد، بحيث بات ينطبق على المشهد أن في المدينة "مقهى بين كل مطعم ومطعم"، فيما تقول أوساط مختلفة أن إقبال المستثمرين على أنشاء مطاعم ومقاهي جديدة نابع من كون المدينة تم تكريسها "عاصمة" للسلطة الفلسطينية وغدت، بحكم ذلك، عنواناً لمقار الوزارات والمؤسسات غير الحكومية والوافدين الأجانب، وللموظفين الكبار، كما للباحثين عن فرص عمل.
ورغم الحالة الاقتصادية المتردية للسواد الأعظم من أبناء الشعب الفلسطيني، وفي رام الله أيضاً، إلا أن المقاهي والمطاعم باتت أمكنة ضرورية للمقيمين ولمرتادي المدينة، وهي موزعة بطريقة تمكن الجميع من ارتيادها، وكل حسب إمكانياته.
وفي هذا الصدد يؤكد، رئيس الغرفة التجارية لمحافظة رام الله والبيرة، خليل رزق، أن تجارة المقاهي والمطاعم في المحافظة هي تجارة رائجة ونشطة جداً، لعدة أسباب، من بينها أن رام الله باتت مدينة سياحية يتواجد فيها الكل الفلسطيني من الضفة وغزة ومن الداخل، إضافة إلى وجود المؤسسات الوطنية والحكومية وحتى الدولية.
وأكد رزق أن أي مقهى أو مطعم في المحافظة سواء التي أنشأت سابقاً أو تلك التي افتتحت مؤخراً، فهي تعمل على إعالة على الأقل 10 أسر، وهذا يؤدي إلى حل مشكلة البطالة المتفاقمة في المجتمع الفلسطيني.
وشدد رزق على أن هذه المطاعم والمقاهي أعطت صبغة لرام الله جعلتها محط أنظار الكل الفلسطيني وحتى الأجانب، الذين باتوا يقومون بزيارة رام الله لقضاء ساعات من المتعة في أحضان عاصمة السياحة في فلسطين.
من جهته، أكد مسؤول العلاقات الخارجية في جمعية حماية المستهلك الفلسطينية، د. محمد شاهين أن الأسعار في مقاهي ومطاعم رام الله مكلفة بدرجة غير عادية، مقارنة بالمحافظات الأخرى.
وأضاف د. شاهين: في الواقع الفلسطيني العام، وفي محافظة رام الله والبيرة على وجه الخصوص، فالأماكن الترفيهية التي تستهدف الأسرة الفلسطينية تكاد تكون معدومة، أو غير كافية، وأتحدث هنا بتخصيص عن مدينة رام الله، فأصبحت هذه المطاعم والمقاهي الملاذ الأخير لكثير من الأسر للترفيه، قبل أن تكون أماكن لتناول الطعام، فإن أرادت أسرة مكونة من 4 أشخاص تناول طعام الغداء في أحد المطاعم، فهي بحاجة إلى أن تصرف معظم مدخولها الشهري.
وأكد د. شاهين أن الأسعار في رام الله، ومهما حاولت الجهات ذات العلاقة بأن ارتفاعها منسوب إلى ارتفاع الأجور، وارتفاع إيجار المحلات، فهذا يؤخذ بالاعتبار، إلا أنه ليس بنسبة الارتفاع الموجودة في هذه الأماكن.
من ناحيته، أكد الخبير الاقتصادي، د. نصر عبد الله أن ما يحصل من انتشار للمطاعم والمقاهي في رام الله هي طفرة، ويراها غير صحيحة ولا صحية.
وأوضح د. عبد الكريم أنه ونتاج التطور الحاصل في المنطقة انتشرت هذه المطاعم والمقاهي، فضلاً عن تحول الاقتصاد الفلسطيني في آخر 6 أو 7 سنوات من اقتصاد إنتاجي إلى اقتصاد خدمي تجاري، فكان من الطبيعي أنه حين تتكاثر الناس في منطقة معينة، أو تصبح معدلات الدخل لديهم عالية، وتنتشر فيها المؤسسات الدولية الكبيرة، آنذاك تنمو طبقة في المجتمع تكون ثرية، وهذه الطبقة يكون لديها احتياجات مميزة، وبالتالي فإن المطاعم والمقاهي الفارهة والتي تحمل أسماءً عالمية تنتشر بكثرة لتلبية هذه الاحتياجات، وهو تماماً ما حدث في رام الله.
وأضاف د. عبد الكريم: لهذه الأسباب، فإن المطاعم والمقاهي والأسعار فيها لا اعتقد أنها تناسب المواطن العادي الذي يعيش في الضفة الغربية، فالمواطن العادي لا يستطيع تحمل هذه الأعباء والأسعار، لذلك فهي تجارة تحاكي حاجات فئة محددة نمت في آخر 10 سنوات، وهذه الفئة هي التي أصبحت الآن ثرية، ولا أظن أن هذه المقاهي والمطاعم والخدمات المقدمة فيها يمكن أن تغيير على المدى الطويل لتحدث نمواً اقتصادياً.
المواطنون بدورهم يؤكدون وجود مغالاة في أعداد هذه المطاعم والمقاهي، وهم حريصون بغالبهم العام، على عدم إحراج أنفسهم والوصول إلى مقاهي ومطاعم من النوع الفاخر، والتي يصل سعر فنجان القهوة فيها على الأقل 15 شيكل.
وأكد الموظف مراد نصار أن تزاحم الموظفين والعمال القادمين من المحافظات الأخرى والذين يعيشون بعيداً، فإنهم بحاجة إلى مكان للترفيه، وهو يحبذ المقاهي الشعبية ذات الأسعار المعتدلة.
وأوضح نصار أن كثرة المطاعم والمقاهي في رام الله والبيرة، تأتي جراء رغبة المستثمرين في تحقيق أرباح سريعة، من خلال المقاهي والمطاعم، التي تحقق أرباحاً كبيرة وسريعة.
من جانبهم، دافع بعض أصحاب المطاعم والمقاهي الباذخة عن قوائم الأسعار العالية، وإن رفض غير شخص منهم الحديث بشكل رسمي أو ذكر اسمه، لكنهم أكدوا أن ارتفاع الأسعار مرتبط بمستوى الخدمات المقدمة وارتفاع أسعارها.
تقرير: فراس طنينة