أساليب الاحتلال لاعتقال الأطفال
نشر بتاريخ: 20/07/2015 ( آخر تحديث: 21/07/2015 الساعة: 09:36 )
رام الله - معا - قوة غير مبررة تستخدمها قوات الاحتلال الإسرائيلية لاعتقال أطفال فلسطينيين تصل أعمار بعضهم إلى 11 عاماً، فهي تقوم بخنقهم، وإلقاء القنابل الصاعقة عليهم، وضربهم أثناء الاحتجاز، وتهديدهم واستجوابهم في غياب آبائهم أو محاميهم، كما أخفقت في إخطار آبائهم بمكانهم.
وأجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع أربعة صبية تبلغ أعمارهم 11 و12 و15 عاماً من أحياء مختلفة في القدس، وفتاة عمرها 14 عاماً وصبياً عمره 15 عاماً من مناطق أخرى في الضفة الغربية، كانت القوات الإسرائيلية اعتقلتهم في حوادث منفصلة لمزاعم بقيامهم بإلقاء الحجارة من آذار وحتى كانون الأول 2014.
وقدم الصغار وآباؤهم روايات عن انتهاكات أثناء الاعتقال والاستجواب سببت لهم الألم والخوف والقلق المستمر.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "إن قيام القوات الإسرائيلية بإساءة معاملة أطفال فلسطينيين هو أمر مروع، يتعارض مع مزاعمها باحترام حقوق الأطفال. وعلى الولايات المتحدة، بصفتها أكبر المانحين العسكريين لإسرائيل، أن تتشدد في الضغط من أجل إنهاء تلك الممارسات المسيئة، وفي سبيل إجراء إصلاحات".
وقال الأطفال وآباؤهم إن السلطات الإسرائيلية لم تخطر الآباء باعتقال أطفالهم، واستجوبت الأطفال بغير السماح لهم بالتحدث مع أحد الأبوين أو مع محام قبل الاستجواب. وفي أربعة حالات لم يحضر أي من الأبوين عملية الاستجواب، وفي حالتين لم يسمح المحققون لأحد الأبوين بالحضور إلا في النهاية.
وقال صبيان عمرهما 15 عاما، والفتاة التي تبلغ من العمر 14 عاماً، إنهما وقعا على اعترافات مكتوبة بالعبرية التي لا يفهمونها، بعد أن هددهم المحققون. وقال أحد الصبية إن الجنود "لكموه وركلوه" ثم قدموا إليه الاعتراف العبري لتوقيعه.
قال راشد 11 سنة، إن أفراداً من قوة شرطة الحدود الإسرائيلية قذفوه بقنبلة صاعقة (وهي سلاح انفجاري غير مميت يصدر ضوءاً باهراً وضجة شديدة الارتفاع تتسبب في فقدان التوازن)، وثبتوه في وضعية الخنق حينما اعتقلوه لإلقاء الحجارة في شرين الثاني. وقال إن رجال الشرطة وضعوا على رأسه كيساً أسود، وهددوه بالضرب، وركلوه في قصبة الساق فيما كانوا يأخذونه للاستجواب.
وقام أفراد شرطة الحدود بنزع سترته وقميصه عنه أثناء الاعتقال، لكنهم أبقوه في العراء لمدة ساعة رغم برودة الجو.
وقال اثنان من الصبية إنهما تبولا على نفسيهما جراء الخوف في توقيت الاعتقال، وقال ثلاثة إنهم تعرضوا لكوابيس وصعوبة في النوم فيما بعد. وقالت عائلتا صبي في الخامسة عشرة والفتاة ذات الـ14 عاماً إنهم منعوا من زيارتهما أو مجرد الاتصال بهما هاتفياً أثناء احتجازهما ـ طوال 64 يوماً للفتاة و110 أيام بالنسبة للصبي.
وقال فارس الشيوخي، إن رجال شرطة الحدود الإسرائيلية فتشوه ذاتياً وصفعوه وركلوه، وقاموا بتهديده، وحبسوه من 6 آذار إلى 2 نيسان 2014 للاشتباه في قيامه بإلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف على مستوطنة في حيه. وأفرج عنه لاحقاً على أن يوضع تحت الإقامة الجبرية لأجل غير مسمى، لكنهم عاودوا حبسه منذ أواخر تشرين الأول إلى 6 كانون الثاني 2015، بعد إخفاقه في المثول أمام المحكمة في إحدى الجلسات بحسب عائلته.
وخضعت إقامة فارس الجبرية لبعض التخفيف في كانون الثاني بعد إبلاغ محاميه لقضاة محكمة القدس بأن الصبي قد هدد بالانتحار، فسمحوا له بمغادرة المنزل لمدة 6 ساعات في الأسبوع إذا كان في رفقة أمه. وفي 29 آذار رفع القاضي الإقامة الجبرية، لكن جنوداً إسرائيليين اعتقلوه مرتين منذ ذلك الحين، زاعمين دون وجه حق أنه خرق إقامته الجبرية.
وقام أفراد حرس الحدود بتثبيت صبي آخر عمره 11 عاماً، هو أحمد أبو سبيتان في وضعية الخنق أثناء اعتقاله خارج بوابات مدرسته في حي آخر من أحياء القدس الشرقية، بحسب الصبي وصور فوتوغرافية للواقعة، واعتقلوا رجلاً عمره 22 عاماً حاول التدخل بدون عنف، كما قال أحمد والرجل المسمى محمد ح. فيما بعد قامت الشرطة بتفتيش الرجل البالغ من العمر 22 عاماً ذاتياً والاعتداء عليه بالضرب في الغرفة التي تم احتجاز أحمد فيها.
واعتقلت الشرطة محمد الخطيب الذي يبلغ من العمر 12 عاماً بينما كان ينتظر استقلال الحافلة للعودة إلى منزله من المدرسة أمام القدس القديمة. وقال الصبي إن أحد رجال الشرطة "أمسك بمؤخرة سترتي ورفعني من على الأرض، فكنت أختنق".
وقال أحد رجال الشرطة لوالد الصبي إن الشرطة تبحث عن مشتبه به في إلقاء الحجارة "يرتدي قميصاً أزرق"، وهو لون زي مدرسة الصبي، كما قال والده. استجوبت الشرطة الصبي بدون السماح لوالده بالحضور، وأفرجت عنه بدون توجيه اتهام بعد 8 ساعات.
قدمت هيومن رايتس ووتش نتائجها الأولية، بما في ذلك تفاصيل خمس حالات فردية قامت بالتحقيق فيها، إلى وزارة الدفاع الإسرائيلية والشرطة الإسرائيلية.
وأخفقت الردود المنفصلة الواردة من وزارة الدفاع، ووزارة العدل والتي ردت بالنيابة عن الشرطة، في التصدي للمزاعم المحددة حول القوة غير الضرورية أثناء الاعتقال، وإساءة المعاملة بعد ذلك، بينما أكدت أن المسؤولين الأمنيين التزموا بالقانون في كافة الحالات، بما فيه إطلاع الأطفال على حقوقهم.
وذكر المسؤولون أن عمليات استجواب الأطفال الفلسطينيين أجريت باللغة العربية وكان يتم تسجيلها باستمرار، وأن الوثائق باللغة العبرية مترجمة إلى العربية. وفي كل الحالات، لم تتصدى الردود مباشرة إلى السؤال عما إذا كان المسؤولون أبلغوا الأطفال باعتقال أبناءهم.
تشير تحقيقات هيومن رايتس ووتش إلى أن القوانين القائمة غير كافية لضمان حقوق الأطفال الفلسطينيين الموجودين في عهدة الشرطة الإسرائيلية ووزارة الدفاع، وأن المسؤولين يمتثلون في كثير من الأحيان إلى الشروط والإجراءات القانونية بطريقة تقوض الحماية التي كانوا يهدفون إلى ضمانها.
وعلى سبيل المثال، فهم يقومون في كثير من الأحيان بتسجيل الاستجوابات لمنع استخدام العنف والتهديدات ضد الأطفال، ولكن كثيرا من الأطفال المستجوبين اشتكوا من تعرضهم إلى الضرب أو التهديد قبل استجوابهم رسميا كحمفز لهم على "الاعتراف".
يستخدم المحققون الإسرائيليون اللغة العربية عندما يستجوبون أطفالا فلسطينيين ولكنهم كثيرا ما يستخدمون العبرية لتوثيق المقابلات – فمن بين 440 عملية استجواب قاموا بإجراءها في 2014، تم توثيق 138 فقط منها بالعربية، وفقا للجيش الإسرائيلي – أو يخفقون في تسجيل الاستجوبات بالصوت أو بالصوت والصورة – 128 من 440 حالة بحسب الجيش. ويعني هذا أنه في كثير من الحالات يتم توثيق الاعترافات أو غيرها من التصريحات التي يمكن أن تنطوي على إدانة والتي يدلي بها أطفال معتقلون، يتم توثيقها بلغة لا يفهمونها، وليس من سبيل إلى تأكيد ما إذا كان يتم نقل محتوى هذه الوثائق إلى الأطفال عبر ترجمة دقيقة قبل أن يوقعوا عليها.
وتضاف الاعترافات التي جرى التحصل عليها من الأطفال في مخالفة لحقوقهم إلى الضغوط التي تمارس عليهم لدفعهم إلى التعاون في مساومات اعتراف تؤدي إلى سجنهم بعقوبات مخففة، بحسب هيومن رايتس ووتش.
وقالت سارة ليسا ويتسن: "تم إشعار إسرائيل منذ سنوات بأن قواتها الأمنية تنتهك حقوق الأطفال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، لكن السلطات الإسرائيلية أخفقت على نحو صارخ في التصدي لهذه المشكلة. وبالنظر إلى جسامة الانتهاكات فإن على الولايات المتحدة ممارسة ضغط جدي على أوثق حلفائها في المنطقة لإنهائها".
قررت هيومن رايتس ووتش التركيز على قضية الاعتقالات المسيئة للأطفال لأن تقارير صادرة عن منظمات حقوقية محلية ووسائل إعلام إخبارية أشارت إلى وجود ما يبدو أنه نمط من تلك الاعتقالات، كما أكدته أبحاث المتابعة. وبدأت هيومن رايتس ووتش بتحديد الحالات المستحقة للتوثيق استناداً إلى تلك التقارير، حيثما أشارت المعلومات المبدئية إلى احتمالية وقوع انتهاكات.
وتتفق انتهاكات الأطفال التي وثقتها هيومن رايتس ووتش مع معلومات مستمدة من منظمات أخرى، في الضغة الغربية بوجه خاص. فقد أفادت اليونيسيف في 2013 بأنه "يبدو أن إساءة معاملة الأطفال المتعاملين مع نظام الاحتجاز العسكري واسعة الانتشار وممنهجة ومؤسسية". وقد ردت إسرائيل على التقرير بالتعهد "بالتعاون مع اليونيسيف لتنفيذ توصيات التقرير". ومع ذلك، وبحسب بيانات محدثة من اليونيسيف، فإن تقارير إساءة معاملة الأطفال بأيدي القوات الإسرائيلية "لم تنخفض على نحو محسوس في 2013 و2014". وأفادت اليونيسيف بأنها من أيلول 2013 إلى أيلول 2014 قد تلقت إفادات من 171 طفلاً تقرر أن أفراد القوات الإسرائيلية أخضعوهم لـ"العنف البدني أثناء الاعتقال والاستجواب و/أو الاحتجاز".
ويجري الجيش الإسرائيلي مداهمات اعتقال ليلية لمنازل عائلات الأطفال، فقد قام في 2013 باعتقال 162 طفلاً في تلك المداهمات، بحسب الجيش. وفي شباط 2014 تقدم الجيش بـ"مشروع تجريبي" ينطوي على إصدار استدعاءات لعائلات الأطفال المطلوبين للاستجواب في منطقتين من مناطق الضفة الغربية، لكنه ألغى المشروع في كانون الثاني 2015 بسبب زيادة في أحداث العنف خلال الصيف، وقال إنه لم يحتفظ بإحصائيات عن المشروع.
وقام الجيش الإسرائيلي بتصنيف 163 طفلاً فلسطينياً من الضفة الغربية كـ"محتجزين أمنيين" رهن الاحتجاز الإسرائيلي في نهاية كانون الثاني 2015، بحسب مصلحة السجون الإسرائيلية. ويتم احتجاز الأطفال الفلسطينيين من القدس، وهي أرض محتلة ادعت إسرائيل أنها ضمتها إلى أراضيها بالمخالفة للقانون الدولي، بموجب القانون الوطني الإسرائيلي وليس الأوامر العسكرية.