السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

المطران حنا: "منحازون لعدالة قضية شعبنا"

نشر بتاريخ: 24/07/2015 ( آخر تحديث: 24/07/2015 الساعة: 13:30 )
القدس -  معا -  قال المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس بأن المسيحيين الفلسطينيين منحازون بشكل كلي لقضية شعبهم القابع تحت الاحتلال والذي يستحق ان يعيش بحرية وكرامة واستقلال في وطنه ، وقال المطران حيثما هنالك اناس مظلومون وحيثما هنالك المعاناة والالم فإننا ننحاز وانطلاقا من قيمنا الايمانية والاخلاقية الى جانب كل انسان مظلوم ومقهور ومعذب في هذه الدنيا .

وحيثما هنالك انسان متألم يعاني من العنصرية والقمع والظلم سيجدنا الى جانبه دونما اي تردد او تلعثم فنحن نؤمن بالقيم الانسانية والاخلاقية المستقاة من الكتب المقدسة والتي تعلمنا وتنادينا بأن نكون الى جانب المظلومين وليس الى جانب الظالمين .

ان هنالك نماذج ناصعة وواضحة في الانجيل المقدس وتحديدا من حياة السيد المسيح الذي كان منحازا بشكل دائم الى جانب كل انسان فقير ومحتاج ومتألم ومظلوم .

فعندما كان ينتقل في بلادنا من قرية الى قرية ومن مدينة الى مدينة مناديا بقيم المحبة والاخوة والسلام لم نسمع انه ذهب يوما الى منزل انسان غني تاركا الفقير ولم نسمع انه ذهب الى الزعماء والجبابرة واصحاب النفوذ تاركا الفقراء والمساكين ، فكان دوما مع المحتاجين ومع المتألمين والفقراء وهذا ما جعل زعماء ذلك العصر يغضبون عليه ويهاجمونه وينتقدونه لأنهم ارادوا مسيحا يلبي لهم رغباتهم ونزواتهم وشهواتهم ، وليس مسيحا يقول كلمة حق في وجه الظالمين وقساة القلوب .

اقول هذا الكلام لمسيحيي القرن الواحد والعشرين بأنهم يجب ان يتعلموا من المسيح وان تكون مواقفه نبراسا لهم والا كيف يمكن ان يتسموا مسيحيين .

انني ادعو مسيحيي اليوم بأن يعودوا الى انجيلهم والى قيمهم المسيحية فيتعلموا ان قيم الانجيل يمكن اختزالها في كلمات بسيطة وهي الايمان والمحبة والعطاء والتضحية والوقوف الى جانب المقهورين والمظلومين في هذا العالم .

فحيثما هنالك شعوب تعاني من العنصرية والقمع والظلم علينا ان نكون الى جانبها وان نساهم في رفع الظلم عن المظلومين وفي رفع المعاناة عن كل انسان متألم بغض النظر عن انتماءه الديني او القومي .

اما نحن في فلسطين فمعاناة شعبنا متواصلة ومستمرة منذ النكبة وما اكثر المشردين والمنكوبين والمظلومين وما اكثر الاسر التي فقدت ابنائها وما اكثر اولئك الذين هم قابعون خلف القضبان ليس لسبب سوى انهم يدافعون عن وطنهم ويتصدون للاحتلال ويقولون لا لسياساته العنصرية الظالمة .

اننا كمسيحيين فلسطينيين نعتقد بأنه من واجبنا ان نؤازر شعبنا في نضاله المشروع ونتمنى ان تقف معنا كنائس العالم لأن قضيتنا هي قضية حق وهي قضية شعب تمتهن كرامته في كل يوم ويعتدى عليه بكافة الوسائل والصور ، ويجب ان تتوقف هذه الممارسات ، كما تحدث سيادته عن وثيقة الكايروس الفلسطينية مقدما شرحا تفصيليا عنها وعن مضامينها ورسالتها .

وقال المطران بأن قضية فلسطين العادلة هي قضيتنا جميعا مسيحيين ومسلمين وحتى اليهود الاحرار البعيدين عن العنصرية الصهيونية الاحتلالية .

انها قضية شعب يستحق ان يعيش بحرية مثل باقي شعوب العالم وبغياب وجود حل عادل لهذه القضية لن يكون هنالك استقرار وسلام فمفتاح الحل هو القضية الفلسطينية التي بدونها لا يمكن ان يتحقق السلام الذي هو ثمرة من ثمار العدل ، فالعدالة اولا ومن ثم يأتي السلام المنشود .

وبالرغم من كل الالام والاحزان والمعاناة التي نعيشها ونلحظها فإننا لن نفقد الامل وان صاحب الحق المؤمن بعدالة قضيته لا يفقد الامل على الاطلاق مهما اشتدت حدة الظروف والضغوطات والمؤامرات .

يؤسفنا ويحزننا ما يحدث في منطقتنا العربية من تدمير وتخريب وتشريد وخطف وطمس للمعالم الحضارية والانسانية والتاريخية وكل هذا لا علاقة له بالمطالب العادلة التي تنادي بها الشعوب العربية والتي تريد ديمقراطية وحرية وعيشا كريما ، ونحن مع هذه المطالب العادلة ولكننا نرفض ما يحدث من تدمير وتخريب وقتل للناس الابرياء وتفكيك للمجتمعات.

ان المسيحيين في هذا المشرق العربي يدفعون فاتورة هذا العنف والتطرف والتخلف فهجر الكثيرين منهم وتم استهداف اماكنهم الدينية ناهيك عن ممارسات غير انسانية وغير حضارية تعرضوا لها والذين يستهدفون المسيحيين يستهدفون غيرهم من المواطنين ايضا، فهذا الارهاب يستهدف الاخضر واليابس ويستهدف المسيحيين والمسلمين ويستهدف الحضارة والثقافة والقيم الاجتماعية .

ان هنالك بعضا من الدول الغربية التي تغذي هذا الارهاب وتمده بالسلاح والمال بشكل مباشر او غير مباشر ولذلك فإنني اعتقد بأن الكنائس في العالم مطالبة بالضغط على حكوماتها لكي تتوقف عن دعم هذه المجموعات الارهابية التي تدمر وتخرب دون اي وازع انساني او حضاري .

اما المسيحيون المشرقيون العرب في كافة اقطارنا العربية فهم كانوا دوما دعاة سلام ومحبة واخوة حاملين غصن الزيتون ومدافعين عن اوطانهم وكانت لهم اسهاماتهم الكبيرة في الحياة الوطنية والثقافية والانسانية والابداعية ، فإفراغ منطقتنا من المسيحيين هو خسارة لكل مكونات هذه المنطقة وهي خسارة للمسلم قبل المسيحي .

كما تحدث المطران عن اوضاع القدس وفلسطين بشكل عام واضعا الوفد في صورة ما يحدث في ارضنا المقدسة .

وقد جاءت كلمات  المطران عطا الله حنا لدى استقباله وفدا من الكنائس السويسرية الذين يقومون بجولة في عدد من الدول العربية لسماع ما تقوله القيادات الدينية المسيحية حول الاوضاع الراهنة.