الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

سكان المواصي تنفسوا الصعداء بالانسحاب بعد أن كابدوا غربة في وطنهم في ظل الاحتلال

نشر بتاريخ: 17/09/2005 ( آخر تحديث: 17/09/2005 الساعة: 11:13 )
غزة- معا- منطقة المواصي التي ذرفت عيون أهلها دماً خلال حصار قوات الاحتلال لها خمس سنوات منعتهم فيها من رؤية أهلهم و أحبتهم بل و انتهاك كرامتهم كبشر بتفتيش طعامهم من قبل كلاب تتحسسها وقد تتلفها بلعابها, هذه المنطقة تشهد سعادة عارمة أكثر من غيرها من مناطق القطاع ليس بانسحاب الاحتلال فقط بل باسترجاع كرامتهم وكينونتهم كبشر.

وكالة "معا" زارت منطقة المواصي لتنقل صورة سعادة أهلها بالانسحاب و شعورهم بالحلم الذي استحال تحقيقه مقارنة بمعاناتهم, مستهلةً لقاءاتها بالأطفال الذين شعروا بولادتهم فور الانسحاب منتشرين على طول ساحل البحر الذي حرموا منه طيلة خمس سنوات قضوها في سجن قيد حرياتهم وطمس معالم الطفولة فيهم.

فكان لنا لقاء مع عبدالله اللحام الطفل ذو السبع سنوات الذي عبر عن سعادة كبيرة بجلاء قوات الاحتلال التي حرمته من البحر و الأهل و الأقارب و الدراسة في عديد من الأيام, وانطلق قاطعاً الشارع على عجلةٍ من أمره و كأنه يصارع الزمن ساعياً للتعويض عن كل ما فاته من تصرفات صبيانية و طفولية تنعش طفولته و تنقش في ذاكرته معالم لهذه المرحلة من حياته إلا أنه اصطدم بسيارة إسعاف لم نلبث وسائقها من النزول للاطمئنان عليه إلا وكان قد اختفى قائداً إيانا إلى تجمع من السكان بيته ضمنهم و الفتى يلهو ويلعب و كأن شيئاً لم يكن.

أم عبد الله التي كانت تطهو طعام الغداء لأبنائها الأحد عشر على موقد من الحطب و في بيتٍ "يشبه البيوت" بوجود جدران تلفه وتحيطه ويختلف عنها في عدم وجود سقفٍ له أو أثاث, ولدت و ترعرعت في المواصي و أبدت سعادة تفوق الخيال بالانسحاب الإسرائيلي بالتفاف أخواتها حولها في بيتها بعد خمس سنوات لم يزرنها فيها و لم تراهن إلا بين الفينة و الأخرى حسب شدة حصار قوات الاحتلال للمنطقة مشيرةً إلى ألون العذاب التي ذاقوها خلال الاحتلال سواء بالحصار أو الاعتداءات أو سرقة محصولهم -حدث ولا حرج- عن الطعام الذي تفتشه كلاب الحراسة, أم عبد الله تحدثت إلينا عن أيام تأمل أن تنساها هي وأبنائها و أن لا تعود ثانية و أن يعم عليها و عائلتها أمن و سلام و أن تتمكن من رؤية أهلها دائماً, وذهاب أبنائها للدراسة بانتظام و أن تتمكن و زوجها من تلبية متطلباتهم المدرسية بعد أن أتت قوات الاحتلال على أراضيهم و أحرقت مطعماً كان يعيلهم.

عيسى اللحام أبدى سعادته بالانسحاب و بزوال الاحتلال والتفتيش و الاعتداءات و الحصار الذي لم يفرق يوماً بين مريض أو سليم قائلاً " الوضع زي السكن نشفت المحاصيل وجفت و سرقت و عاش جنود الاحتلال في جنة عدن"المواصي" على حساب أهلها".

مشيراً إلى أنه اضطر و غيره كثير من السكان إلى توزيع محاصيلهم مجاناً على الناس على طول شاطئ بحر خانيونس بدلاً من فسادها بالدمار الذي حل عليها و على المياه التي ملحت و الكهرباء المقطوعة تارة و ضعيفة تارةً أخرى قائلاً "ما حدا تعب إلا أهل المواصي حصار و جوع و عطش و منع تجول, عشنا خمس سنوات في المواصي زي الميت مش ناقص علينا إلا الكفن".

مروان النجار تحدث عن سروره بالانسحاب الذي لن يكتمل إلا بتعويض السلطة لأهل المواصي عن خسارتهم مشيراً إلى أن "المواصي كالجنة و الجنة بدون ناس ما بتنداس" على حد تعبيره ما يفرض على السلطة الاعتناء بهذه المنطقة الرائعة و بأهلها الذين عانوا الكثير.

منطقة المواصي تكسوها الخضرة, ويهواها أهلها ويرفضون التخلي عن أي شبر منها كعرضهم الذي لا يتجزأ, جار عليها الاحتلال و أنهكها, ما يدفع أهلها للمطالبة للاهتمام بها فهل ترعاها السلطة و تتوج فرحة أهلها برؤيتها كسابق عهدها جنة على الأرض؟.