السبت: 21/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

من زيورخ الى الشجاعية والخليل

نشر بتاريخ: 13/08/2015 ( آخر تحديث: 13/08/2015 الساعة: 16:47 )
من زيورخ الى الشجاعية والخليل
بقلم : خضر ابو عبارة
مع انتهاء مؤتمر الفيفا العادي رقم 65 في زيورخ نهاية شهر ايار الماضي اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي الالكترونية ووسائل الاعلام المختلفة في هجمة غير مسبوقة استهدفت رئيس الاتحاد الفلسطني لكرة القدم اللواء جبريل رجوب وقد تابعت عن كثب ما كتب وما قيل بحق الاتحاد الفلسطيني بشكل عام وبحق اللواء رجوب بشكل خاص وبصورة خرجت عن كل الاعراف والتقاليد من جهة وعكست درجة الامال التي كانت معقودة على الموقف الفلسطيني لطرد اسرائيل من الفيفا من جهة اخرى ولكنها اوصاف امعنت واوغلت في تقييمها حتى بدى لي ان كل ما صنعه الرجل للرياضة الفلسطينية في السنوات الماضية قد انهار لحظة سحب البطاقة الحمراء من على طاولة الفيفا وامام الادعاء بالتوصيت ضد الامير علي رئيس الاتحاد الاردني لكرة القدم.

وبصرف النظر عن طبيعة الهجمة التي حملت العديد من الدوافع البريئة والغير بريئة والانتقادات التي تجاوزت حدود الموضوعية وانتقلت الى الشخصنة والتجريم وتصفية الحسابات، الا انني ولادراكي لطبيعة الاجواء الملبدة والملغمة في العلاقات الفلسطينية-الفلسطينية وانعدام اخلاقيات الحوار الداخلي احيانا والنقد الموضوعي واحترام الراي الآخر فقد كنت دائما اشخص نحو الحقيقة الموضوعية والضائعة وسط تلك العاصفة الالكترونية لمعرفة حقيقة ما جرى على ارض الواقع وفي ردهات المؤتمر وبين اقطاب الصراع الذي لم يقتصر على الرياضة والممارسات الاسرائيلية بحق الرياضة الفلسطينية بل امتد ليأخذ ابعادا سياسية ودبلوماسية بامتياز حتى بدى للجميع ان معركة زيورخ كانت الرهان الذي سينهي الوجود الاسرائيلي من على الساحة الرياضية الدولية.

وقد كان لي الشرف الكبير ان اكون واحدا من اعضاء لجنة متابعة اداء الوفد الفلسطيني وتقصي الحقائق والتي وقفت على كل صغيرة وكبيرة وعلى كل شاردة وواردة منذ مؤتمر موريشيوس - جنوب افريقيا رقم 63 مرورا بمؤتمر ساوباولو - البرازيل رقم 64 وحتى زيورخ – سويسرا رقم 65 بهدف معرفة طبيعة وحقيقة المطلب الفلسطيني ازاء الممارسات الاسرائيلية والدهاليز التي مر بها الموقف الفلسطيني ليصدر بطبعته الاخيرة المثيرة للعاصفة. ولا بد من الاقرار هنا بان رفع سقف التوقعات بقصد او دون قصد سواء كان موقفا تكتيكا او استراتيجيا، شكل ذريعة وسلاحا استخدمه البعض لاطلاق النار على مجمل التجربة الرياضية المعاصرة من خلال الاغتيال الرياضي لشخص اللواء جبريل حتى راح البعض يفتي بما لا يعرف بحيث لم يقتصر النقد على الافراد الذين نبشوا تاريخ الرجل بل سارعت بعض الفصائل ودون الرجوع الى اصحاب العلاقة ودون اية معرفة لحقيقة تطورات الموقف الفلسطيني او حتى الاستفسار عما جرى في زيورخ ،سارعت الى اصدار بيانات الاستنكار والانتقاد والتخوين احيانا لما حصل حتى سادت قناعة في الشارع الفلسطيني وقواه السياسية بان نتائج زيورخ هو هزيمة للموقف الفلسطيني وانتصارا لاسرائيل.

لقد حمل الموقف الفلسطيني مجموعة من المطالب لتي تشكل حماية وصمام امان لتطور الرياضة الفلسطينية
1. حرية حركة الرياضيين والفرق الرياضية داخل وخارج حدود دولة فلسطين.
2. رفع الحظر عن مشاريع البنية التحتية الرياضية، واستيراد المواد اللازمة لتطوير الرياضة الفلسطينية، وتأمين المساعدات والهبات التي يقدمها الأخوة والاصدقاء في العالم ومستلزمات الرياضيين في فلسطين.
3. البت في مشاركة أندية المستوطنات المقامة على أراض فلسطينية، في المسابقات الرسمية التي ينظمها الاتحاد الاسرائيلي وذلك على ضوء قرارات الامم المتحدة ذات العلاقة
4. واخيرا وقف الممارسات العنصرية المخالفة لاحكام نظام الفيفا الاساسي.

وفي قراءة سريعة لتلك المطالب فانها تفسر وتكثف واقع المعاناة التي عاشتها الرياضة الفلسطينية عبر سنوات طويلة من الاحتلال وهو ما لم تكن تراه عيون الفيفا او انها كانت تراه ولكنها كانت تغمض العين عملا بمقولة ان الطفل الذي لا يبكي لا ترضعه امه او انهم لن يكونوا فلسطينيين اكثر من الفلسطينيين انفسهم. لقد نجح الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ولاول مرة في تحويل الفيفا الى ساحة مواجهة حقيقية تعكس معاناة الفلسطينين في جانب لم يكن على الاجندة الوطنية او التنظيمية للفصائل في يوم من الايام كما انه فتح ساحة دولية جديدة يقاتل فيها الفلسطيني بشراسة لاظهار الممارسات الاحتلالية بحق الرياضة والرياضيين الفلسطينيين وهذا بحد ذاته انجاز كبير يجب عدم التقليل من شأنه او تهميشه مهما كانت الاسباب والدوافع والنوايا اذ يجب ان لا ننكر انه بات معلوم للعالم اجمع ان تلك الممارسات تقف حجر عثرة ومعيقا لتطور الرياضة الفلسطينية بل ان تشكيل لجنة تحقيق دولية برئاسة المناضل توكيو سيكسويل تعتبر الانجاز الاهم للرقابة والحد من الممارسات الاسرائيلية ولا اقول او يتوقع احد انهائها كليا ويكفي ان اسرائيل بدأت تحسب الحساب عند الاقدام على اية خطوة بحق الرياضيين الفلسطينين دون ان يعني ذلك انها اوقفتها نهائيا حتى جاء لقاء اهلي الخليل بالشجاعية على ارض غزة والخليل في دوري الكاس ليشكل الانجاز الفلسطيني الاهم والتطور النوعي في اداء الرياضة الفلسطنية بعد ان اسقط زيورخ الحواجز الامنية الرياضية بين غزة والضفة ولعل حجم التفاعل الشعبي مع مجريات مؤتمر زيورخ وما قبله وما بعده هو بحد ذاته انجاز آخر يسجل لاتحاد كرة القدم وهو الانجاز الذي عجز البعض عن توظيفه في خدمة القضية حين اصر على توظيفه في مهاجمة الاتحاد.

ولكن المفارقة التي تقفز الى الذهن اليوم هو اين تلك الاصوات التي تعودنا ان نسمع نعيقها ولا نسمع زغاريدها ، ماذا يقول هؤلاء في الانجاز الرياضي التاريخي والذي يتحقق لاول مرة في تاريخ الرياضة الفلسطينية المعاصرة؟؟؟ لماذا لم تشتعل مواقع التواصل الاجتماعي من جديد لتهنيء وتبارك بهذا الحدث الذي يعتبر اول ثمار زيورخ ؟؟ لقد حولت العاصفة الالكترونية الانجاز الذي تحقق الى هزيمة حين نسي هؤلاء ان الاتحاد الفلسطيني قد ابتكر سلاحا جديدا في المقاومة وهو سلاح يستخدم لاول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي وعوضا عن استخدامه بطريقة صحيحة وتعزيزه حاول البعض استخدامه لذبح التجربة الوليدة فهل نتعظ من هذه التجربة؟؟؟

ولكني اليوم لا املك سوى ان اطير اسمى ايات التهاني للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم وادارته ورئيسه ولكافة عشاق الرياضة ولنادي الشجاعية ونادي اهلي الخليل ولشعبنا الفلسطيني بهذا الانجاز الكبير فالف مبروك والى الامام.