الجمعة: 04/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

خربة الطيرة ... اكتشاف أثري جديد يؤكد مرور المسيح

نشر بتاريخ: 19/08/2015 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:09 )
خربة الطيرة ... اكتشاف أثري جديد يؤكد مرور المسيح

رام الله - تقرير معا - هنا خربة غملا، أو كما تسمى خربة الطيرة، على بعد كيلومترين اثنين إلى الغرب من مدينة رام الله، هنا موقع أثري يخضع للتنقيب، ليكشف عن وجود كنيستين وآبار ماء وبيوت ومعصرة زيت، إضافة لاكتشاف قبر أول شهيد مسيحي في فلسطين، تعود جميعها إلى القرن الرابع الميلادي، فهنا وطئت أقدام السيد المسيح عليه السلام.

الحفريات الأثرية التي يقوم بها فريق من علماء الآثار في المعهد العالي للآثار بجامعة القدس في موقع خربة الطيرة أثبتت وجود موطئ قدم للسيد المسيح عيسى عليه السلام من خلال حجر منقوش عليه كتابات داخل احدى الكنيستين اللتين اكتشتفتا في الخربة مؤخراً.

الحفريات الجارية حتى اللحظة أشارت الى قيام القديسة (ديانا) ببناء الكنيسة الغربية تقديرا لمرور المسيح في المنطقة، وهذا يدعم اقوال المؤرخين إن المسيح قد ضل طريقه لمدة يومين او ثلاثة ووصل الى مدينة البيرة ومن ثم الى رام الله الى ان قام اهالي الخربة باعادته الى امه مريم عليها السلام وكان عمره 13 عاماً.

وتحتوي الخربة على رفات لثلاثة قديسين، تم تسليم الرفات إلى كنيسة الروم الارثوذكس في رام الله التي قامت بعمل قداس ديني ورسمي لهم، وتم وضع هذا الرفات في تابوت داخل الكنيسة.

كما تضم الخربة قبراً لاول شهيد مسيحي وهو القديس ستيفاينوس الذي قتله اليهود في مدينة القدس رميا بالحجارة في الفترة البيزنطية.
ويقول أستاذ الآثار والتراث الثقافي في جامعة القدس ومدير مشروع التنقيب في خربة الطيرة، البروفيسور صلاح الهودلية إن العمل بدأ في موقع خربة الطيرة منذ عام 2013، ولكن بشكل متقطع، حيث قام الهودلية بعمل مسح أثري التي كشفت النتائج عن وجود حضارات رومانية وبيزنطية واسلامية، وذلك من خلال بقايا الفخار المتناثر على سطح الارض.

وأضاف الهودلية: في العام 2013 بدأنا بمشروع التنقيب وذلك بعد حصولنا على تصريح موافقة من قبل وزارة السياحة والآثار وبالتنسيق مع بلدية رام الله، وكنيسة الروم الارثوذكس التي تمتلك أرض الخربة، التي كانت مساحتها 100 دونم، وتقلصت إلى 30 دونماً، حيث تعرضت الخربة إلى الاعتداء والتخريب من قبل الانسان، كما أن مقتنيات الكنيستين من أوان فخارية وغيرها تضررت بفعل الزلزال الذي ضرب فلسطين آنذاك، إضافة إلى ان منطقة الخربة كانت تستخدم لأغراض الزراعة بالتالي تضررت بقايا الكنيستين.


وأشار الهودلية الى أن مشروع التنقيب يتكون من عدة مراحل، الأولى وهي المسح الأثري، والثانية الترميم والثالثة تتمثل بتوعية الجمهور بأهمية الحفاظ على التراث والمقتنيات الأثرية والثقافية حيث تم تنظيم العديد من المحاضرات حول ذلك بالتعاون مع بلدية رام الله، أما المرحلة الرابعة فهي اعادة احياء المكان ليكون موقعا سياحياً يستقطب الزوار والسياح من كافة بقاع العالم.


وأكد الهودلية، على أهمية هذا الموقع ، والتي تكمن في التسلسل الحضاري، حيث تم الحصول على دلائل مختلفة تعود إلى عصور مختلفة أقدمها اليوناني، ثم الروماني، ثم البيزنطي، ومن ثم الإسلامي المبكر في الفترة الأموية ، حيث شهد هذا المكان استقراراً بشريا من منتصف القرن الرابع قبل الميلاد وحتى منتصف القرن الثامن الميلادي.


وأشار د. الهودلية إلى أن الأهمية الدينية لهذا الموقع تكمن في وجود نقش يشير إلى أن إنشاء الكنيسة جاء تخليداً لموطئ قدم المسيح عليه السلام، وأن المسيح وصل إلى هذه المنطقة بعدما ضاع عن أمه ثلاثة أيام في رحلتهم من الناصرة إلى القدس، والتي مكث في خربة الطيرة خلال هذه الأيام، بالإضافة إلى أن أول شهيد عند المسحيين في فلسطين ودفن في نفس المكان وهو ستيفانيوس عام 35م.


وأضاف د. الهودلية "نحن بصدد الشروع في ذلك مستقبلا بالتعاون مع البلدية وغيرها من المؤسسات ذات الشأن"، موضحاً أن الاكتشافات في موقع خربة الطيرة لها دلالات دينية وثقافية اذ لم يحصل ان تم اكتشاف كنائس في منطقة وسط فلسطين قبل هذا الاكتشاف ومرور المسيح في هذه البقعة ودفن اول شهيد مسيحي في المكان قبل نقله الى خارج فلسطين.


وكشف د. الهودلية عن أن المنطقة الأثرية في الطيرة تعرضت للاهمال والتعدي، وأقيمت المباني السكنية والمدارس والمشاريع التجارية فوق الجزء الأكبر من الموقع الأثري، بمعنى أن ثلاثة ارباع الخربة دمرت تماما من قبل الانسان، مشيراً إلى أن مقتنيات الخربة شحيحة لعدة أسباب منها تعرضها للنهب والاعتداء.
وأشار د. الهودلية إلى أن كل ما عثر عليه عبارة عن قطع نقدية معدنية تعود إلى العصور الرومانية والبيزنطية والأموية وأسرجة إضاءة وبقايا أوان فخارية، موضحاً أن الجزء الثاني من الاكتشافات كان عبارة عن نقوش تعود للقديس الشهيد ستيفاينوس الذي عاش سنة 35 للميلاد، وتم قتله من قبل اليهود في مدينة القدس ودفن مؤقتا ثم نقل رفاته الى القدس والى تركيا.


وأشار د. الهودلية إلى أن هاتين الكنيستين تعودان للفترة البيزنطية من القرن الرابع وحتى القرن الثامن وهي فترة بناء كنيسة المهد. وأضاف: عثرنا على عظام بشرية وزخارف هندسية وفسيفساء ملونة قرابة تسعة الوان وبقايا زخارف نباتية وبشرية، أما قبور القديسين الثلاثة فتم الكشف عنها في مقبرة الرهبان الخاصة في الخربة.


وتابع: من الراجح أن هاتين الكنيستين دمرتا بفعل الزلزال الذي ضرب فلسطين خلال تلك الفترة وبالتحديد عام 749 ميلادي وهذه الفترة كانت في زمن الدولة الاموية التي شهدت نقطة تحول ما بين الدولة الأموية والدولة العباسية.


وأضاف د. الهودلية: ما عثرنا عليه في الخربة من كنائس ومقتنيات وفسيفساء ملونة يشير الى بناء هذه الكنائس في نفس فترة بناء كنيسة المهد في مدينة بيت لحم، وهذا سيعمل في المستقبل على تغيير مسار الحجاج المسيحيين، فبدل أن يذهبوا إلى بيت لحم والقدس والناصرة، فانهم سيذهبون مستقبلاً إلى الناصرة مروراً بمدينة رام الله وانتهاء بمدينتي القدس وبيت لحم وذلك بعد أن يتم ترميم هذه الآثار، وفتح الموقع الأثري أمام الزوار من الداخل والعالم.
يذكر أن خربة الطيرة والمعروفة أيضاً باسم كفر غملا تقع في حي الطيرة، والتي تبعد حوالي كيلو ونصف إلى الغرب من منتصف مدينة رام الله، تبلغ مساحتها ما يقارب 30 دونم ربعها من ملكية بطريركية الروم الأرثوذكس.