الثلاثاء: 24/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

بعد تخفيف القيود :روح المنافسة تعود للحياة في نهائي كأس فلسطين

نشر بتاريخ: 19/08/2015 ( آخر تحديث: 20/08/2015 الساعة: 14:57 )
بعد تخفيف القيود :روح المنافسة تعود للحياة في نهائي كأس فلسطين
نيويورك - ترجمة دائرة الاعلام بالاتحاد - الخليل- كأحد أفراد المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم، سافر علاء عطية في جميع أنحاء العالم ولعب في أكثر من 20 دولة منها نيبال والصين وإيران والنرويج.

لكن علاء عطية، ابن الـ 24 عام، والذي يلعب أيضاً مع أحد الأندية المرموقة في غزة، لم يستطع طوال السنوات الماضية الوصول إلى الضفة الغربية التي لا تبعد عنه سوى عشرات الكيلومترات. فقد فرضت إسرائيل القيود على السفر من وإلى غزة منذ اندلاع الانتفاضة عام 2001 سعياً من مسؤوليها لمنع المهاجمين من الوصول إلى المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل، مما حرم علاء عطية من عروض للعب مع أندية مرموقة هنا، ومنعه كذلك من تمثيل المنتخب الوطني في المباريات التي كانت تقام في الضفة الغربية. وقد قال أنه حاول عشرات المرات الحصول على تصريح لدخول الضفة الغربية لكنها جميعها باءت بالفشل.

وقد علق علاء على ذلك قائلاً: "كلاعب كرة قدم، لا أفهم لماذا يعتبرونني خطراً".

لكن شهدت ليلة الجمعة وصول علاء عطية وفريقه اتحاد الشجاعية الذي سُمح لهم الدخول إلى الضفة الغربية للعب في نهائي كأس فلسطين لتعود المنافسة لأول مرة بين أفضل فريقين من غزة والضفة الغربية منذ 15 سنة.

احتشد آلاف الجماهير لمشاهدة المباراة وهم يشجعون كلا الفريقين، ودبت الحماسة والإثارة بينهم وكانوا يهتفون لاتحاد الشجاعية حيناً ويشجعون أهلي الخليل حيناً آخر وكان الرجال والأولاد يقرعون البوابات الحديدية الواقية التي تفصل المدرجات عن الملعب وأطلقوا الألعاب النارية ونثروا القصاصات اللامعة الملونة فوق الحشود تعبيراً عن حماستهم.

فبالنسبة لكثير من الناس، إقامة نهائي كأس فلسطين هي لحظة احتفاء وفرح تجمع بين الفلسطينيين من رئتي الدولة المستقبلية المنشودة. يقول أحد المشجعين، محمد يحيى، 34 سنة وهو يبتسم: "أنا أشجع كلا الفريقين، فنحن دولة واحدة ومن سيفوز منهما سيمثل فلسطين. هذا احتفال لفلسطين، ولنا جميعاً".

وكانت إسرائيل قد شددت من القيود التي فرضتها على السفر من وإلى غزة خلال السنوات الاخيرة بالاضافة الى تلك القيود التي تمثلت في عدم إقامة كأس فلسطين على مدى 15 سنة؛ حيث تلعب أندية كل منطقة في دوري منفصل، لكن يجب أن يتقابل فريقان من الضفة الغربية وغزة في النهائي.

مباراة يوم الجمعة هي حصيلة جهود ضغط طويلة بذلها الفلسطينيون لفضح القيود الإسرائيلية المفروضة على حريتهم، وهي جزء من جهد أوسع لمحاسبة إسرائيل في المحافل الدولية على معاملتها للفلسطينيين. وكان من بين تلك الجهود الحملة التي قادها السياسي الفلسطيني، جبريل الرجوب، لتجميد عضوية إسرائيل في الفيفا والتي قضت مضجع الإسرائيليين الذين يعشق الكثير منهم كرة القدم.

في أيار/مايو وافقت إسرائيل على تسهيل مرور لاعبي كرة القدم إلى ومن غزة وإلغاء التعرفة الجمركية المفروضة على استيراد المعدات الرياضية وتسهيل بناء الملاعب والمنشآت الرياضية في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد أن تم تأجيل السيد جبريل الرجوب طلب اتحاده بتجميد عضوية إسرائيل من الفيفا. وقد صوّت كونجرس الفيفا على تشكيل لجنة مراقبة تضمن تقيد إسرائيل، وكان ذلك هو ما سمح بسفر فريق أهلي الخليل إلى غزة لخوض مباراة مرحلة الذهاب في نهائي كأس فلسطين التي أقيمت في 6 آب وانتهت بالتعادل السلبي، وكانت تلك المباراة بالنسبة للكثيرين احتفالاً وطنياً.

في ستاد اليرموك في مدينة غزة الذي احتشد فيه 8000 متفرج فرحين بمباراة الأهلي واتحاد الشجاعية، يقول عبد اللطيف الرفاتي: "هذه المباراة هي عرس وطني يعبر عن الوحدة والحب بين الشعب الفلسطيني".

فبالنسبة لكثر من الفلسطينيين، تشكل هذه المباريات إشارة هامة إلى الوحدة في ظل الانقسام السياسي القائم منذ سنوات بين رئتي الوطن الفلسطيني.

وكانت مباراة الجمعة قد تأجلت لعدة أيام بسبب مشاحنات اللحظة الأخيرة بين مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين بسبب مطالبة إسرائيل بالتحقيق مع بعض أعضاء فريق غزة، لكن عندما وصل اللاعبون استقبلوا استقبال الأبطال. وقد تابعتهم وسائل الإعلام المحلية منذ اللحظة الأولى التي غادروا فيها غزة صباح الأربعاء حيث توجهوا أولاً للصلاة في ثالث الحرمين المسجد الأقصى ومن ثم إلى الخليل مع توقفهم بشكل متكرر لأخذ صور مع المسؤولين والسكان الذين قدموا لهم الورود الحمراء.

بالنسبة للاعبي اتحاد الشجاعية – ولكثير من مشجعيهم الفلسطينيين – إن مجرد الوصول إلى النهائي هو انتصار بحدّ ذاته، فقد شهد حيّهم في شرقي غزة، حي الشجاعية، أعنف ضربات القصف خلال الحرب المدمرة التي شنتها إسرائيل على غزة الصيف الماضي، وبعد أكثر من سنة منذ تلك الحرب، ما زال الدمار يعم مناطق كثيرة من حي الشجاعية حيث البيوت والأبنية المدمرة.

يقول مدرب اتحاد الشجاعية، نعيم السويركي، قبل بداية المباراة: "لقد نهضنا من تحت الرماد، وهذه مباراة تاريخية بالنسبة لنا وبالنسبة لحي الشجاعية. فقد جئنا من حيّ تدمر بالكامل خلال الحرب الأخيرة".

وقد كان هناك تشجيع ملحوظ لفريق غزة خلال المباراة، فقد قرع الرجال الطبول تشجيعاً لاتحاد الشجاعية، وعزفت فرقة عسكرية النشيد الوطني الفلسطيني.

حازم إمام، مدرب كرة قدم من الخليل، والذي شجع اتحاد الشجاعية في تلك الأمسية قال مبتسماً: "هذا أقل ما يمكننا فعله للتعبير عن تضامننا مع شعبنا في غزة. سوف أجلس في مدرجات مشجعي اتحاد الشجاعية"، وأردف قائلاً: "بالطبع أنا أحترم الأهلي أيضاً".

وفاز الفريق المضيف أهلي الخليل في تلك المباراة بنتيجة 2-1، حيث سجل علاء عطية هدف اتحاد الشجاعية الوحيد. واحتفى لاعبو أهلي الخليل بالفوز حيث ركضوا بحماسة كبيرة في الملعب وصدحت المدرجات بصيحات الجماهير وقُرعت الطبول ورقصوا فرحاً بالفوز، بينما جلس لاعبو أهلي الخليل على أرضية الملعب وهم يبكون فرحاً بالفوز.

وسرعان ما أخذت الجماهير تهتف لمواساة الفريق الضيف: "بالروح، بالدم، نفديك يا شجاعية!"
نيويورك تايمز