الخميس: 26/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

"الحق" تشكك في رواية الاحتلال بشأن الشهيدين عمشة وطه

نشر بتاريخ: 22/08/2015 ( آخر تحديث: 22/08/2015 الساعة: 22:07 )
"الحق" تشكك في رواية الاحتلال بشأن الشهيدين عمشة وطه
رام الله - معا- شكك مؤسسة الحق في الرواية الإسرائيلية بخصوص استشهاد كل من محمد عمشة، وأنس طه، وذلك استنادا لتحقيقاتها الميدانية المبنية على شهادات شهود العيان التي تؤخذ من أكثر من شاهد واحد، وبعد دراسة الشهادات والتوصل إلى تطابق بين روايات الشهود إلى حد كبير، حسب قول المؤسسة.

ويستند التشكيك في الحالتين إلى أن الشهيدين لم يشكلا خطرا داهما حقيقيا على حياة الجنود. وفي حالة الشهيد عمشة فإن التشكيك يقوم على أن حجة مهاجمة الجنود بسكين غير قائمة أصلًا، وقد تكون مجرد ادعاء من قبل الجنود لتبرير جريمتهم.

أولًا: الشهيد محمد بسام مصطفى عمشه
في حالة الشهيد محمد بسام عمشه البالغ من العمر 25 عامًا من سكان كفر راعي قضاء جنين، والذي قتلته قوات الاحتلال على حاجز "زعترة" جنوب نابلس بتاريخ 17/8/2015، فإن "الحق" تشكك من حيث المبدأ في أن الشهيد كان يحمل سكينًا وحاول طعن أحد الجنود، حيث أن شهادات شهود العيان التي حصلت عليها "الحق" من أكثر من شاهد تشكك في صحة هذه الرواية.

ففي شهادته التي أدلى بها "للحق" فإن ضابط الإسعاف جهاد خليل عبد الحفيظ حمايل، والذي وصل لمكان وقوع الجريمة لتقديم الإسعاف أكد أنه لم ير سكينًا أو أية أداة حادة في المكان، وأن زميله الذي كان يقود سيارة الإسعاف لام ضابط الارتباط الإسرائيلي الذي رافقهما في السيارة أثناء نقل جثمان الشهيد "لمعسكر حوارة"، على قتل محمد، فرد الضابط قائلا : بأن محمد كان يحمل سكينًا، ولكن الضابط الإسرائيلي التزم الصمت عندما قال له السائق بأنه لم ير سكينًا في المنطقة.

بالإضافة لذلك، فقد ادعى ضابط مخابرات إسرائيلي كان يرافق قوة داهمت منزل الشهيد عند فجر اليوم التالي لاستشهاده، أن بحوزته صورًا تبين الشهيد محمد وهو يحمل سكينًا، ولكنه لاذ بالصمت عندما طلب منه والد الشهيد أن يبرز له الصور.

ووفقًا لشهادة أخرى قدمها السائق عبد الله عوض اعديلي "للحق" فإن قوّات الاحتلال قامت بإطلاق النار باتجاه محمد عن بعد، قبل أن يصل الجنود، وهذا يثير شكوكًا حول الرواية التي قدمها جنود الاحتلال وادعوا فيها أنهم قاموا بقتله بعد اقترابه منهم وإشهاره سكينا لمهاجمتهم، بعد ادعائه أنه أصيب بوعكة صحية.

ومن المعروف أن كل منطقة هذا الحاجز مراقبة بكاميرات خاصة، ولا شك أن الكاميرات قد صورت ما جرى.

ثانيًا: حالة الشهيد أنس ابراهيم محمد طه
في حالة الشهيد أنس طه البالغ من العمر 21 عامًا من سكان قرية قطنّة غرب رام الله، فإنه وبتاريخ 9/8/2015 وفي حوالي الساعة الثامنة مساءً تقريبًا قام أنس بمهاجمة مستوطن إسرائيلي بسكين أو ما يشبه السكين أثناء قيامه بتعبئة عجلات سيارته بالهواء في محطة الوقود المعروفة باسم كازية الخواجا الواقعة على شارع "رقم 443" بالقرب من مدخل قرية خربثا المصباح، وأصابه بجروح، ولكن المستوطن تمكن من الفرار. ووفقًا لشهادة علي نزهي حسين الخواجا، الذي يعمل في محطة الوقود، فإن الشاب المهاجم بقي في محيط محطة الوقود بعد فرار المستوطن. وقد حضر بعد ذلك بقليل جنديان إسرائيليان للمنطقة من نقطة تفتيش قريبة من محطة الوقود، وتحدثا مع عمال إسرائيليين يعملون في مطعم ملحق بمحطة الوقود وغادرا، وكان الشاب لا يزال في المحيط ولم يتحدثا معه، ولم يقم هو بفعل أي شيء.

وبعد ذلك بقليل جاءت سيارة عسكرية إسرائيلية للمكان ولم يتحدث الجنود في البداية مع الشاب أنس الذي كان لا يزال في المكان. وبعد ذلك قام الجنود بالتحدث إلى عمال المطعم الملحق بمحطة الوقود، وأشار العمال بأيديهم باتجاه الشاب. عندها ترجل الجنود من سيارتهم، وقاموا بالصراخ باللغة العبرية على الشاب، الذي كان في تلك الأثناء يجلس القرفصاء ويرفع السكين الذي كان بحوزته للأعلى ويكبّر، وكانت تفصله عن الجنود مسافة تقدر بعشرين إلى ثلاثين مترًاـ فقام جنديان بإطلاق النار في الهواء، وبعد ذلك بلحظات قام جندي ثالث بإطلاق النار باتجاه أنس فأصابه إصابات مباشرة، وقتله، علمًا أن أنس طيلة فترة تواجد الجنود، وبعد إطلاقهم النار في الهواء بقي جالسًا في مكانه. وقد ادعت قوات الاحتلال أنها قامت بإطلاق النار باتجاه أنس لمنعه من الفرار.

يذكر أن محطة الوقود مزوّدة بكاميرات مراقبة، ويدعي عمّال المحطة أن جنود الاحتلال قاموا بفتح الجهاز الذي يخزن التصوير، فيما ادعى مالك المحطة بأن الجنود قاموا بمصادرة الجهاز.

على ضوء دراستها للشهادات التي حصلت عليها، وتكرار جرائم قتل الفلسطينيين التي ادعى فيها جنود الاحتلال أنهم أطلقوا النار بعد أن تعرضت حياتهم للخطر، فإن "الحق" توصلت للاستنتاجات التالية:

• لم يشكل الشهيدان خطرًا داهمًا على حياة الجنود، وكان بإمكان جنود الاحتلال التعامل مع الموقفين دون اللجوء لإطلاق الذخيرة الحية، وكان يمكنهم السيطرة على من يدعون أنه هاجمهم باستخدام أيديهم فقط. وحتى لو افترضنا جدلًا أن هؤلاء كانا يشكلان خطرًا على حياة الجنود فقد كان بإمكان الجنود التعامل مع الموقفين عبر السيطرة على الشخص الذي يدعي الجنود أنه هاجمهم واعتقاله، وفي أسوأ الحالات، اللجوء لإطلاق النار باتجاه الأطراف السفلية من الجسم، بما لا يؤدي إلى مقتل من يدعى أنه قام بالمهاجمة.

• من الواضح أن مفهوم الخطر الداهم وفقًا لتعليمات إطلاق النار هلامي، وأن الجنود أقرب في كل الحالات للجوء لإطلاق النار على الأجزاء العليا من الجسم بهدف القتل وليس درء الخطر المدعى دون اللجوء للقتل. ففي كثير من الحالات يتم اللجوء لإطلاق النار بهدف القتل حتى وإن لم يكن الشخص الذي تدعي قوات الاحتلال أنه قام بالهجوم يشكل أدنى حد من الخطر على حياة الجنود، وليس أدل على ذلك من حالة الشهيد أنس طه، حيث لا يمكن لعاقل أن يقتنع وفقًا لما تم وصفه أعلاه، أن الشهيد كان يشكل خطرًا وأنهم قاموا بإطلاق النار باتجاهه لمنعه من الهرب، فكيف له أن يشكل خطرًا على جنود يحملون السلاح وهو على بعد عشرات الأمتار عنهم، ويجلس على الأرض ويرفع سكينًا للأعلى. إضافة لذلك، فإن أنس لو أراد الهروب، لهرب من المنطقة قبل وصول الجنود أصلًا، فكيف يمكن تصديق الادعاء بأن الجنود أطلقوا عليه النار لمنعه من الهروب.

• في الحالتين يوجد في مسرح الجريمة كاميرات مراقبة تصور كل المحيط، وعلى الأرجح أن الكاميرات قد صورت الحدثين، فلماذا لا تقوم سلطات الاحتلال بعرض ما التقطته الكاميرات لإثبات صحة ادعاءاتها، وخصوصًا أن عبء الإثبات يقع على قوات الاحتلال.