نشر بتاريخ: 23/08/2015 ( آخر تحديث: 23/08/2015 الساعة: 11:33 )
بيت لحم- معا - من خراطيم المياه الى الرصاص الحي ومن العراك بالايدي الى عشرات الجرحى بين المتظاهرين والقوى الامنية، ومن عنف امني مفرط الى انفجار سياسي، فهل كانت ساحات وسط بيروت في الليل الفائت امام ليل ما غامض ومجهول يفتح البلاد على اخطر الصفحات بسبب النفايات فقط؟
أسئلة اكثر من أن تحصر تدفقت مع حمى مواجهة غير مسبوقة بهذا العنف والحدة والشراسة التي طبعت معارك الكر والفر سحابة خمس ساعات متواصلة في ساحتي رياض الصلح والشهداء بين حشد كبير استقطبته هذه المرة حملة " طلعت ريحتكم " وحشد مماثل من القوى الامنية يخشى معها ان تكون رائحة انفجار اجتماعي - امني صارت على الأبواب المشرعة للازمات التي يشهدها لبنان بفعل تفلت خطير كانت وقائع المواجهة الواسعة والعنيفة طليعتها الاولى.
ولعل اشد ما اذهل المراقبين كان الإفراط الواضح في استعمال العنف من جانب القوى الامنية التي حشدت في مواجهة المتظاهرين في حين انه لم يكن امرا عابرا ان يسقط في صفوف المتظاهرين نحو ١٨ جريحا على الاقل بينهم من أصيب برصاص اطلق بغزارة في الهواء، كما مباشرة كما تثبت حادثة مسجلة قرب مسجد الامين، فيما سقط ايضا للقوى الامنية ٣٥ جريحا.
هذا التدهور الخطير الذي بدا انه صنيعة تفلت او انعدام سيطرة على المشهد التعبيري الضخم للمتظاهرين انزلقت معه القوى الامنية الى الإفراط في استعمال القوة سيضع الحكومة برمتها امام واقع لم تواجه مثيلا له سابقا، خصوصا ان موجة العنف الاولى في التظاهرة تسببت بشكل واضح في تفجير موجات السخط والغضب اللاحقة التي حولت ساحتي رياض الصلح والشهداء ساحتي معارك حقيقية طوال اكثر من خمس ساعات.
ولم يكن امرا عاديا ايضا ان ترتفع فوق غبار الغاز المثير للدموع الذي اطلق بكثافة هائلة مع خراطيم المياه ومن ثم تطور الى اطلاق الرصاص الحي في الهواء بغزارة شعارات الثورة والمطالبة باسقاط الحكومة ووزير الداخلية واستقالة مجلس النواب في معالم غضب منفجر بقوة جارفة بفعل الاستهانة المديدة بصبر الناس ومعاناتهم في أزمات النفايات والكهرباء وسائر انواع الازمات الاجتماعية.
واذا كان بعض المعالم في التحرك الاحتجاجي الكبير أفصح عن اجندات سياسية وحزبية ركبت مركب الحركة المدنية فعلا وذهبت في اتجاهات مختلفة فان ذلك كان يجب ان يكون محسوبا بدقة وان يجري احتواء الحشد بمرونة اكبر. ولكن انفجار المشهد عن استعمال القوة المفرطة أدى الى تصعيد واسع خطير وضع الحكومة تحديدا امام صدمة الاحراج الكبير الذي ستواجهه الان وسط مزايدات سياسية من هنا وبحث عن اجوبة ملحة على تحديد مسؤوليات ميدانية وسياسية معنية بما جرى كما سيضعها امام تفتق السجالات وتفجرها بين بعض اطرافها الداخليين.
المصدر: النهار اللبنانية