الجمعة: 04/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

الجامعة العربية الامريكية تؤبن الراحل ماهر فريد ارشيد

نشر بتاريخ: 24/08/2015 ( آخر تحديث: 24/08/2015 الساعة: 17:29 )
جنين- معا - أبَنت الجامعة العربية الامريكية فقيدها الراحل ماهر فريد ارشيد، قائد فريق مؤسسيها، وأول رئيس لمجلسي أمنائها وإدارتها، في حفل مهيب،بحضور عائلة الراحل من داخل الوطن وخارجه، وممثلين عن وزارة الأوقاف الأردنية،ومجلس أمناء الجامعة، وأعضاء من مجلس إدارة الجامعة، وعدد من الوزراء، ونواب من المجلس التشريعي، وممثلين عن المؤسسات الأمنية والحكومية والأهلية والخاصة، وشخصيات دينية واعتبارية من الداخل الفلسطيني، ورؤساء البلديات والمجالس القروية، وأعضاء الهيئتينالأكاديمية والإدارية، وطلبة الجامعة. 

وبدأتمراسم التأبين بقراءة آيات من الذكر الحكيم، والسلام الوطني الفلسطيني،والوقوف دقيقة صمت وقراءة الفاتحة على روح الفقيد، وشهداء فلسطين والأمتين العربية والاسلامية. 

وافتتح رئيس مجلس أمناء الجامعة العربية الامريكية الدكتور محمد اشتيه حفل التأبين بكلمة قال فيها: "نقف اليوم في تأبين المرحوم ماهر فريد ارشيد عضو مجلس أمناء الجامعة ورئيس اسبق لمجلس ادارتها واحد الذين عملوا لتصبح الجامعة حقيقة واقعة شامخة في جنين الصمود، جامعة تكون منبع للعطاء والتنوع وصقل الذات وتدوير العقل وتهذيب السلوك،هو احد هؤلاء الرجال ذوي النظرة الثاقبة والبصيرة الواضحة الذين بقي انتماؤهم لبلادهم غيورين عليها فرحين لنجاحها وحزانا لإخفاقها".

وأشار الى ان الانسان لا يفنى بالموت بل يستمر في الحياة من خلال الصدقة الجارية وبالعلم الذي ينتفع به، وبالولد الصالح الذي يدعو له، وفقدينا ماهر تحلى بالعمل الصالح وعائلته تعلم عددا من الطلبة سنويا، وساهم في بناء صرح مع عدد من زملائه ينتفع منه الناس، وعائلته تدعو له بالرحمة والمغفرة"، وتابع "هكذا هم الفلسطينيون يموتون ليولد غيرهم، ويعطون ليأخذ غيرهم، ويزرعون لتحصد بعدهم الأجيال، وهل يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون، وهل يستوي الذين يعطون والذين لا يعطون، فمن حق عائلته ان تفخر به ويفخر به مجتمعه".
وقال "عندما يموت الانسان يقال كان وكان وكان لكننا هنا سنقاوم الفعل الماضي بالأمل المشحون بالذكرى ذكرى انسان له تاريخ".

والقى كلمة رئيس مجلس إدارة الجامعة الدكتور يوسف عصفور ابنه رجل الاعمال الفلسطيني اسيد عصفور ممثلا عنه في الحفل حيث قال: "بالنسبة لي أبو فريد أخاً وصديقاً ورفيق درب منذ أن تعرفت عليه كان كل ما يشغله هو انشاء جامعة في جنين، جامعة تكون إضافة نوعية وليس عددية لجامعات الوطن، جامعة تفتخر فيها فلسطين، كان يريد أن يكون خريجوها سفراء في ارجاء العالم، عانى الكثير لضمان انطلاقتها ولم نكن ندري عن معاناته، كان يبشرنا بالنتائج ويتحمل الآلام والمعاناة، كان مصدر الأمل وعنوان التصميم، لا أذكر يوماً أنه شك في نجاح انشاء الجامعة ولا أذكر يوماً أنه كان يخشى الفشل".
وأضاف الراحل ارشيد عمل لوحده كان مبدعاً، وزرع فينا الأمل والإصرار، عندما رأى أن يسلمني الراية، لم يبتعد عني ولم ابتعد عنه، كان نعم الناصح والمرشد والداعم، كان معي في كل لحظة، كان صديقي ورفيق دربي حتى لآخر لحظة، كانت الجامعة مصدر فخر له فقد تحقق ما كان يتمناه وعمل من أجله، أبو فريد لم يتوقف ليلعن الظلام بل أضاء شمعة في جنين ليصل نورها الى انحاء فلسطين وسيصل ما هو ابعد من ذلك، سيبقى دائماً مصدر الهام لنا وستبقى سيرته ومسيرته درساً نتعلم منه.

ومن جانبه، رثى رئيس الجامعة العربية الامريكية الأستاذ الدكتور محمود أبو مويس الراحل ارشيد بمجموعة من الابيات الشعرية قال فيها: رحلت عنا قرير العين مبتسم، وروحك بيننا لم يغمض لها جفن ولم تنم، ما علمت شمالك ما صنعت يمينك، يا ماهر الخير والبر والشهم، ما قال لا يوماً قطٌ لسائله، فعٌال خير طعٌام زاد غير متلعثم، فريدة هي كل من خصاله، بيت من المجد والعز والكرم، صرحك يا أبا فريد في جبالك منتصباً، جامعة جنين تشهد لها البلدان والأمم، لله درك يا جنين و يا تلفيت، اليوم نرثي شهيد العلم والبحث والقلم، يا صادق الوعد هذا صرحك شامخاً، جنيني الهوى فلسطيني العزم والهمم، رحمك الله يا أباً فريد راحلا، الى جنات الخلد والأنهار والنعم.

وفي كلمة للمستشار الاكاديمي لمجلس إدارة الجامعة العربية الأمريكيةورئيسها المؤسس الأستاذ الدكتور وليد ديب قال فيها: "أقف أمامكم اليوم لأتحدث عن المرحوم ماهر فريد ارشيد "أبو فريد"، رجل غاب عنا بجسده قبل أربعين يوما، ومازال معنا بروحه وعزمه وتصميمه، رجل قالوا له لن تكون هناك جامعة في جنين، وقال ستكون وكانت، وقالوا له ستكون جامعة هزيلة، وقال ستتميز وتميزت"، وأضاف، "لم يكن تحقيق حلمه بإنشاء جامعة في جنين أمرا سهلا، فقد مرض وتألم وسهر الليالي وعانى من عدم تجاوب الناس حوله، ولكنه لم يتراجع لحظة ولم يتردد ثانية".

وأشار قائلا: "قابلته للمرة الأولى قبل 19 عاما، رأيت في عينيه تصميما لم أره في حياتي، سمعت منه ماذا تعني الجامعة له وماذا ستعني لجنين وفلسطين، عرفت فيه رجلا لا يوجد في قاموسه كلمة فشل أو تردد أو خوف، وضع أمامي مشروع الجامعة بأكمله، لم أسأل سؤالا إلا وأعطاني جوابا مفعما بالأمل، ومرت السنوات وأصبح أبو فريد أخ وصديق ولكن الأهم أنه أصبح معلمي،تعلمت منه معنى الالتزام بالهدف، وأن أنظر إلى الأمور بصورة شاملة، وأن المعاناة لتحقيق هدف ما تختفي بمجرد تحقيقه،كما تعلمت منه أن في كل إنسان هناك خير وأن علينا أن نجده وننميه"، وأضاف: "أبو فريد لم يطلب شهرة أو مجد، كان يقف في الظل يحمي الجميع ويرعاهم، لم يهتم أبدا أن يسلط الضوء عليه".

والقى الخوري صالح كلمة نيابة عن فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 قال فيها: "لم نأت لنعزي، فنحن شعب واحد، أحزانكم أحزاننا،ألمكم ألمنا، والمرحوم العين ماهر ارشيد عاش قنديلا ومنارة لمجتمعنا، لطالما أضاء لنا السبيل الواضح في الأصالة والأخلاق الحميدة النيرة، لا بل كان فارسا شماخا يشار إليه بالبنان، ومعلما ومرشدا حكيما في وقت شح فيه الحكماء والعقلاء، وكفاه فخرا هذا الصرح العلمي وما قدمه في سبيل وجود هذا المرجع الثقافي، الذي يشهد له القاصي والداني، ويقر بخدماته العلمية البارزة والمميزة".

وقالت الطالبة بتول شلبي احدى المستفيدات من المنح الدراسية التي قدمها الراحل ارشيد للمتفوقين والمحتاجين في كلمة القتها نيابة عن زملائها وزميلاتها: "لقد سنحت لي الفرصة في مثل هذا الوقت من العام الفائت بأن أحظى بشرف لقاء السيد ارشيد في عمان في حفل تكريم له على جهوده العظيمة من بذل وعطاء وإحسان ومن ضمنها منحتي الدراسية، أتذكر كيف أنه وبعد انتهاء التكريم قال لي: "أنتم شباب فلسطين الذي نفتخر بهم" ، واليوم حان دوري لأقول لابنته الدكتورة فريدة ارشيد امامكم جميعا: "نحن شباب فلسطين نفتخر بأن والدك السيد ماهر فريد ارشيد جزء من هذا الشعب العظيم"، وأضافت ان عزائي الوحيد لابنته وزوجته وعائلته المحترمة هو أن لا يتذكروا كيف ومتى توفي، بل أن يتذكروا كيف عاش وأمضى حياته في خدمة أهله وأرضه".

وفي كلمة ذوي الفقيد قالت الآنسة فريدة ماهر ارشيد ابنة الراحل ارشيد: "أبي ما أعظم هذه الكلمة بكل ما تحمل من معاني العطاء والعزة والفكر، أبي أقولها اليوم وقلبي مليئاً بالفخر والأسى، الفخر بإنجازاتك وسيرتك الطيبة وسمعتك العطرة، الفخر بهذا الصرح التعليمي العظيم الذي رأيته منذ كان فكرة تبلورت بإرادة حديدية وعمل دؤوب وعزيمة أبطال إلى حقيقة".

وأضافت، "نعم يا أبي بفضلك استطعت أن أرى حلماً صعب المنال، حلم جامع شريف يتحول الى حقيقة أعيشها اليوم ويعيشها أبناء وطنك، جامعة كسرت كل حواجز الاحتلال والتفرقة والتقسيم، جامعة انصهرت فيها كل مكونات الشعب الفلسطيني العظيم هذا الشعب الذي دأبت كل ليلة قبل أن تغمض عيناك أن تدعو له وتحن اليه، اليوم افتقدك وأنا بأمس الحاجة لعطفك ودفأ قلبك لأنني أستمد قوتي وعزيمتي منك، لكنني مازلت أراك، أراك في أعين طلاب هذا الصرح العظيم، وفي أروقة مبانيه، وفي كل حجر ثبت في أرض فلسطين الطاهرة، في كل شجرة غرست لتقول سنبقى وسنحيى وستبقى الأرض.

وفي كلمة مسجلة شكر فريد ماهر ارشيد ابن الراحل ارشيد الحضور، وخاصة رئيس مجلس أمناء الجامعة وأعضاء المجلس، ورئيس مجلس الإدارة وأعضاء المجلس، ورئيس الجامعة، والأستاذ الدكتور وليد ديب، على الحفل الذي أثلج صدر عائلة الراحل بما يليق بمؤسس الجامعة، الذي ترك دار الفناء وكان قد شغل حيزا مرموقا في عمل الخير. 

وأشار قائلا: "ان وفاة والدنا وضعنا امام امتحان كبير في الصبر والقدرة وكان امامنا مهمة صعبة لإغلاق باب الحزن لكنه ترك شيئا مفرحا، فنرى في الصرح العلمي صدقة جارية وحقق حلمه بتسليح أبناء فلسطين بالعلم المنتفع الذين سيبقون يدعون لك، فكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "ينقطع عمل ابن ادم الا من ثلاث صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له"، وفي كلمته وجه خطابه الى روح والده حيث قال "اطمئن يا ابي فقد تركت لنا خير ميراث، فقد تعلمت منك الكثير وانا لن أحاول استذكار كل ما فعلت فلن استطيع ان انصفك ببعض الكلمات" وختم قائلا "سلام الله عليك يا والدي مقدار ما احببناك وافتقدناك وبكيناك".

وفي نهاية الحفل أبن مفتي قوات الامن الفلسطينية الشيخ محمد اسعيد الراحل ماهر ارشيد مستذكرا مقاطع من حياة الراحل الذي وهبها لعمل الخير داعيا له بالرحمة والمغفرة.

وخلال حفل التأبين قامت ابنة الراحل ارشيد الدكتور فريدة، ورئيس مجلس أمناء الجامعة الدكتور محمد اشتيه، ونيابة عن رئيس مجلس إدارة الجامعة رجل الاعمالالاستاذ اسيد عصفور، ورئيس الجامعة الأستاذ الدكتور محمود أبو مويس بتكريم عدد من الأشخاص من المجتمع المحلي ممن ضحوا وقدموا وبذلوا الغالي والنفيس لخدمة وطنهم، حيث تم تكريم الأم بشيرة فايز ضباية والتي قدمت لجنين وفلسطين أغلى ما تملك على قلبها، حيث ضحت بأبنائها ما بين شهيد وأسير، فابنها فادي أكرم بالشهادة عام 2000، وابنها الثاني لؤي اكرم بالشهادة في اجتياح مخيم جنين، اما ابنها رائد فأمضى 9 سنوات في الأسر ومازال، وابنها خضر محكوم بالسجن 16 عاما ولا زال قيد الاسر، وابنها محمد اسير محرر بعد 8 سنوات في السجن.

كما كرمت الجامعة المواطن جميل محمد حسين طالب الذي التحق بالعمل كعامل نظافة أوساط التسعينيات واستمر في عمله معرضا حياته للخطر خلال انتفاضة الأقصى ورغم المرض والاوجاع التي ألمت به عمل في شوارع جنين ليحافظ على نظافة المدينة لتبقى جميلة مشرقة، وكرمت الاستاذ نهاد محمد راغب حمدان المعلم الفاضل الذي احيل الى التقاعد قسرا من قبل الاحتلال الإسرائيلي، واستمر في خدمة مدينة جنين وأهلها حيث كلف برئاسة لجنة زكاة مدينة جنين ومازال رئيسها حتى اليوم.