احلام سرمدية
نشر بتاريخ: 24/08/2015 ( آخر تحديث: 24/08/2015 الساعة: 23:33 )
بقلم :نيرا سعيد
مذ ولدت في هذا العالم وانا أحاول البحث عن حقيقة لا يهم مقدار جمالها أو بشاعتها صدقها أو كذبها السؤال الاهم لماذا انا؟
ربيع 1945
كنت أجلس على مقعدي الخشبي في الحديقة الخلفية أبحث عن أزهار الكرز (ساكورا )وأحاول تذكر تفاصيلها لعلي أستطيع نقل ورودها لصفحتي البيضاء دائما ما كنت أحاول رفع راسي عاليا ً كانت أشجار الكرز في الحديقة تلفني كما لو كنت طفلها المدلل كانت أمي دائما تعد لي طبقي المفضل (سوكي ياكي) كنت بالمطبخ عندما سقطت دمعتها على يدي الصغيرة بعد ماسمعت نزوح الآلاف وتدمير البيوت بأحلامها وسكانها وموت الكثيرين أكثر من الف وخمسمائة شخص قضوا في طوكيو نتيجة حرب الأنا.
كانت أمي لديها حقيقة واحدة وهي أن الرجال هم سبب الدمار في هذا العالم أحقاد مطامع كلها تصب من أجل الأنا.
أيار 1945
كعادتي أجلس في فناء المنزل انتقل بين غرفة وأخرى ألوح بيدي لصديقي أمسك بشدة بدفتري أرسم على صفحته الأولى علمي باللون الاحمر والأبيض لم أكن اعلم أن الأبيض هو كفني والأحمر هو قلبي الذي سينزف مراراً وتكراراً كيف لعلمي أن يصبح كفني أليس مصدر نصري وعزتي أليس كبريائي وأملي.
لن نكون قادرين في هذا الصيف على صعود تلة هيمجي (أشهر تلال في اليابان) ولن أستطيع أن أرتدي زيي التقليدي سألتزم غرفتي ولن أترك قلمي.
تموز 1945
أمي كعادتها تعبث بالمذياع تحاول أن تبحث عن النهاية علها تجدها بين إحدى الأصوات المترددة ناهيك عن اللعنات التي تطلقها على من كان سبباً في كل هذا وأبي يجلس على مقعده بصمت يقرأ الجريدة في نفسه كان في داخله خوفاً من الحقيقة وهو الآخر يبحث عن بداية النهاية كانت أمي دائما ما تسأل أبي هل يمكنك أن تمنحني نهاية بلا نهاية ؟ نهاية هي بداية ؟ بداية نهايتها بداية ؟ لكنه لم يكن يملك أدنى إجابة على ذلك السؤال دائماً مايلتزم الصمت وكأنه يقول في قرارة نفسه لعلنا ننتهي يوما لما نريد.
آب 1945
كان يومآ ماساويا رغم ان الأصوات ترتفع وتنخفض والشمس تتوهج بشدة والكل يسير متثاقلاً كما لو أن الشمس انهكت الجميع يخيل للمارة أن هناك قصةً تحاك خلف تلك المنازل والأسوار.
الألوان أصبحت باهتة كأن هناك من سرقها من أيدي الأطفال والأنات محبوسة بين الشفاه بئساً لهذه الحياة المترنحة بين السماء والأرض أحلامنا أصبحت مبعثرة كخريف يتبعه شتاء حائرة ممزقة وحيدة مهزومة.
لقد تأخرت ساعة ونصف الساعة عن حصتي الأولى كما لو أن رغبتي لحضور درس اللغة تلاشى وأصبح ضرباً من الماضي وضعت رأسي قي الارض خجلاً لتأخري عن درسي وتمتمت بعض الكلمات البريئة اعتذاراً شاحباً من معلمتي.
جلست بجانب صديقي الذي دائما ما كنا نتقاسم الألوان والأحلام سوياً في قصيدة أحفظها أو كلمة أكتبها أو لوحة مائية أرسمها
قبل أن أحاول أن أرفع رأسي لأنظر لمعلمتي كانت قد احترقت وتلاشت كما لو أنها لم تكن ، الركام يؤلمني والغبار يملأ أنفي الدم يتساقط من جسدي أصرخ بأعلى صوتي أبي لكن لا أحد يسمع ألمي من كثرة الآلام والموتى لم نعد نشعر بمعنى الفقد والألم والموت كما لو أن الأمر سيان يحملني رجل يقول أنني مدني مع أن هذه الكلمة ليست موجودة في قاموس الحرب يضعني في سيارة تطلق صوتا مزعجاً كأنها تنذر بوجود كارثة في الداخل أرى الجميع يصرخ هناك من يتألم بشدة وهناك من يموت من فرط الألم.
تصل سيارة الإسعاف يأخذني الرجل ذاته يلقيني على سرير متشح بالأبيض والأسود والأحمر القاني ياتي إلي الطبيب يراني أتنفس أنظر اليه ألوح له لكن أين يدي يتركني مردداً أنني على قيد الحياة وينسحب محاولاً اعادة الحياة لمن تسلب منهم بين لحظة وأخرى.
وأنا لا زلت هناك أردد أين أبي دون أية إجابة.
بالرغم من كل هذا الألم لا زلنا نشعل الحروب ونقتل النفوس.
بربكم
ألن تتوقفوا.