وثائق سرية بريطانية: العاهل الأردني الراحل حسين عرض منصباً بارزاً في حكومته على ياسر عرفات
نشر بتاريخ: 29/09/2007 ( آخر تحديث: 29/09/2007 الساعة: 09:22 )
بيت لحم- معا- قالت وكالات انباء دولية إن وثائق بريطانية رسمية رفعت عنها السرية أظهرت ان فلسطينيين بارزين حثوا الرئيس الراحل ياسر عرفات على عدم اعلان دولة مستقلة في السبعينات لانهم كانوا يخشون من ان هذا الاجراء سيسمح لاسرائيل بالاحتفاظ بالسيادة على كل الاراضي الفلسطينية.
وتظهر برقيات وزارة الخارجية البريطانية التي نشرت حديثا ان دبلوماسيين بريطانيين أمضوا معظم الوقت في بلورة رأي بين الفلسطينيين المؤثرين في محاولة لفهم ما اذا كان عرفات مصمما على اعلان دولة فلسطينية مستقلة وكيف سيكون رد فعل الاردن ودول اخرى مجاورة اذا حدث ذلك.
وتسجل برقية نشرها الارشيف الوطني الجمعة اجتماعا عقده دبلوماسي مع رشاد الشوا وهو زعيم فلسطيني في قطاع غزة في شباط (فبراير) عام 1974 بعد فترة قصيرة من اجتماع الشوا مع عرفات لبحث الاستقلال.
وكتب الدبلوماسي يقول رفض الشوا الاقتراح الذي قدمه له ياسر عرفات على اساس ان أي محاولة لتشكيل دولة فلسطينية مستقلة ستوفر للاسرائيليين فرصة للاصرار على الاحتفاظ بسيادتهم على كل فلسطين لاسباب أمنية.
واضاف الدبلوماسي قال رشاد ان الغالبية العظمى من الشعب في قطاع غزة والضفة الغربية تؤيد تشكيل دولة فلسطينية مستقلة لكنهم لا يدركون ان مثل هذه الدولة لن يكتب لها البقاء دون مساعدة أجنبية.
وفي عام 1974 كانت اسرائيل قد احتلت بالفعل الضفة الغربية وقطاع غزة منذ سبع سنوات بعد انتصارها في حرب عام 1967 وكانت قد خاضت حربا ضد تحالف من الدول العربية بزعامة سورية ومصر في حرب عام 1973.
وكان بعض الزعماء العرب في ذلك الوقت وبصفة اساسية الرئيس المصري الراحل أنور السادات يشجعون عرفات على اعلان دولة مستقلة لكن الشوا حذر عرفات من ان مصر كانت تحاول فقط ان تتحلل من أي التزام ازاء الفلسطينيين.
ونقل الدبلوماسي عن الشوا قوله "السادات وزعماء عرب اخرون ضاقوا ذرعا بالفلسطينيين وأصبحوا مهتمين فقط برفاهية شعوبهم".
وفي نفس الوقت كان الاردن الذي تولى حكم الضفة الغربية حتى عام 1967 واستقبل مئات الالاف من اللاجئين الفلسطينيين تحت جناحه يخشى من ان يتصرف عرفات بطريقة مستقلة ويسبب اضطرابات بين شعبه.
وقال الامير الحسن شقيق الملك حسين عاهل الاردن الراحل لدبلوماسيين بريطانيين انه لن يحضر قمة اسلامية كان من المتوقع ان يحضرها عرفات.
وقال الامير الحسن طلب الملك حسين من (الامير) الحسن ان يحضر القمة لكن الملك قرر الان انه يجب الا يذهب الامير الحسن. لن يكون هناك جدوى لان الامير الحسن سيمضي الوقت وهو يحتج على معاملة (رئيس الدولة) التي ستمنح لعرفات.
كان رجال الاعمال الفلسطينيون الاقوياء في الضفة الغربية غير مقتنعين بأن عرفات يجب ان يعلن الاستقلال, وكانوا يفضلون بدلا من ذلك ان يعلن الوحدة بين الضفة الغربية والاسرة الملكية الهاشمية في الاردن نظرا للعلاقات الوثيقة بين الجانبين.
وقال سامي جودة وهو فلسطيني من الضفة الغربية لدبلوماسي بريطاني يدعى ملويش ان قيام الاردن بدفع رواتب الفلسطينيين جعل الهاشميين يتمتعون بشعبية.
وكتب ملويش يقول هو نفسه لم ير أي مستقبل للضفة الغربية المستقلة وكان يفضل اما الوحدة مع الاردن أو أي حل فدرالي.
وقال اذا أصبح واضحا ان مستقبلهم المادي والسياسي سيكون مضمونا أكثر مع الملك حسين أكثر مما هو في ظل ياسر عرفات فانهم (أي الفلسطينيون) سيصوتون لصالح الوحدة أو لصالح رباط فدرالي (بالاردن).
وكشفت الوثائق أن العاهل الأردني الراحل الملك حسين كان مستعداً لمنح منصب نائب رئيس الوزراء في حكومته إلى الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
وقالت صحيفة ديلي تليغراف الصادرة الجمعة نقلاً عن الوثائق السرية إن العرض تم عبر وسيط في عام 1974 حين واجه الملك حسين إمكانية قيام حكومة فلسطينية في المنفى تسعى إلي تقسيم الأردن.
واضافت أن عرفات وكزعيم لمنظمة التحرير الفلسطينية كان يتحرك بقوة لإعادة اللاجئين الفلسطينيين الذين كان يقيم معظمهم في أراضي الضفة الغربية التابعة للأردن وقتها إلي شكل من أشكال الدولة المستقلة وحظي في هذا التوجه على دعم مصر وسورية والسعودية.
وحسب الوثائق السرية التي سمحت بنشرها دائرة المحفوظات الوطنية البريطانية خشي الملك حسين من تقسيم مملكته ونقل الأراضي الواقعة على جانبي نهر الأردن إلي الفلسطينيين، وسعي إلي التودد من عرفات في عام 1974 وعرض عليه المنصب، لكن العرض لم يقد إلى نتيجة فسلم العاهل الأردني (وقتها) بآفاق إقامة دولة فلسطينية منفصلة.