مساواة يطالب بعدم الالتفات لمشروع قرار لقانون ديوان الرقابة المالية
نشر بتاريخ: 08/09/2015 ( آخر تحديث: 08/09/2015 الساعة: 20:10 )
رام الله- معا - طالب المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة" رئيس الوزراء والوزراء طرح مشروع القرار بقانون المعدل لقانون ديوان الرقابة المالية والادارية جانبا وعدم الالتفات اليه لانطوائه على مثالب تشكل مسا بالقانون الاساسي والقوانين ذات الصلة، واغتصابا لصلاحيات السلطة التشريعية وصلاحيات مجلس الوزراء، والنيابة العامة والسلطة القضائية، جاء ذلك في مذكرة خطية رفعها المركز اليوم الثلاثاء الموافق 2015/9/8 الى كل من رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله والمستشار القانوني للرئيس الاستاذ حسن العوري جاء فيها:
دولة رئيس مجلس الوزراء
الدكتور: رامي الحمدلله المحترم
تحيه طيبه وبعد:-
الموضوع: مشروع قرار بقانون بلا رقم لسنة 2015 بشأن تعديل قانون ديوان الرقابة المالية والادراية رقم 15 لسنة 2004
يهديكم المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماه والقضاء " مساواة" أطيب التحيات، طالباً من دولتكم طرح المشروع المشار اليه اعلاه جانباً وعدم الالتفات اليه، لانطوائه على مثالب تشكل مساً بالقانون الاساسي والقوانين ذات الصلة، واغتصاباً لصلاحيات السلطة التشريعية، وصلاحيات مجلس الوزراء الموقر، والنيابة العامة، والسلطة القضائية، ومنحا لصلاحيات تؤشر الى توجه تجميع السلطات في جهة واحدة، وتنبئ باشاعة مايسمى بالاحكام العرفية، وتمس بالتزامات دولة فلسطين بموجب الاتفاقيات الدولية الموقعة من قبلها، وتخرج عن مقتضيات المصلحة العامة، وتنتهك احكام القانون الاساسي، المدعى في ديباجة مشروع القرار بقانون موضوع هذه المذكرة استناده اليهما، وذلك على النحو التالي:
1-غياب شروط إعمال المادة 43 من القانون الاساسي، اذ لا حاجة ملحة وطارئة لا تحتمل التاخير تبرر اعتماد واصدار مشروع القرار بقانون المقترح.
2- الفقرة الثالثة من المادة الثالثه من المشروع المقترح والتي تنص على "يُعِد رئيس الديوان اللائحة الادارية والهيكل التنظيمي للديوان "تنتهك وتغتصب صلاحيات اساسية انيطت بمجلس الوزراء بموجب احكام المادة 70 من القانون الاساسي، سيما وان مشروع القرار بقانون المقترح نص في مادته 15 على الغاء المادة 53من قانون ديوان الرقابة المالية والادارية الساري المفعول والناظمة للوائح الادارية ورواتب ومكافآت وحقوق موظفي الديوان، كما ان المادة 16 من المشروع المقترح نصت على الغاء المادة 59 من قانون ديوان الرقابة المالية والادارية رقم 15 سنة 2004 الساري المفعول والتي تنص على" يُصدر مجلس الوزراء بناءً على اقتراح الديوان وبعد التنسيق مع لجنة الموازنة العامة في المجلس التشريعي اللوائح والانظمة اللازمة لتنفيذ احكام هذا القانون" .
وهذا النص الملغي بموجب المشروع المقترح جاء انسجاماً مع احكام المادة 70 من القانون الاساسي والتي تنصُ صراحة على "لمجلس الوزراء الحق في التقدم الى المجلس التشريعي بمشروعات القوانين واصدار اللوائح واتخاذ الاجراءات اللازمة لتنفيذ القوانين"، ما يؤكد على ان المشروع المقترح ينطوي على الغاء صلاحيات وسلطات أساسية أنيطت بمجلس الوزراء بموجب أحكام القانون الأساسي.
3- على خلاف ما تقضي به مباديء الحكم الرشيد، انطوى المشروع المقترح في المادة السادسة منه على تعديل للفقرة 3 من المادة العاشرة من قانون ديوان الرقابة المالية والادارية رقم 15 سنة 2004 الساري المفعول، حيث اناط التعديل برئيس الديوان سلطة تحديد الرواتب والمكافآت والحقوق المالية لرئيس الديوان ذاته وفقا لاحكام اللائحة الادارية التي يعدها رئيس الديوان بموجب المادة 3 من المشروع المقترح، في حين ان النص المقترح تعديله اناط برئيس السلطة الوطنية تحديد راتب رئيس الديوان وحقوقه المالية الاخرى وتتطلّب مصادقة المجلس التشريعي على قرار الرئيس الذي اوجب القانون الساري نشره في الجريدة الرسمية.
وهذا التعديل من شان اعتماده المساس بمباديء الحكم الرشيد، والاعتداء على صلاحيات السيد الرئيس، والمجلس التشريعي، ومجلس الوزراء، ويمثل نصاً فريداً وغريباً يُعطي للشخص صلاحية تحديد راتبه وامتيازاته منفرداً، ودون الحاجة لمصادقة اي جهة رسمية اناط بها القانون ذلك.
4-الفقرة الاولى من المادة 7من المشروع المقترح تمنح رئيس الديوان حصانة لم يمنحه اياها القانون الاساسي، الذي قصَر منح الحصانة على الرئيس واعضاء المجلس التشريعي المنتخبين بعد ان قيدها بما يقومون به من اعمال، وتتطلب نِصاباً عددياً من اعضاء المجلس التشريعي اذا ما اريد رفعها، وايراد النص الوارد في الفقرة1 من المادة 7 من المشروع المقترح فيه مساواه ما بين رئيس الديوان المعين والرئيس واعضاء المجلس التشريعي المنتخبين، فضلا عن ان ايرادها من شانه ان يشكل مانعاً من ملاحقة ومعاقبة رئيس الديوان اياً كان موضوعهما، ما يشكل عائقا للعدالة وانتهاكاً لمبدأ سيادة القانون، وتقييداً لصلاحيات الرئيس والمجلس التشريعي بوصفهما جهة تعيين رئيس الديوان، فضلاً عما يمثله من توسيعٍ للاستثناء عىلى اعتبار ان الحصانة من الملاحقة القضائية استناء للاصل العام الذي توجبه مبادئ سيادة القانون، والذي يلزم جميع المواطنين بالخضوع لاحكام القانون، ناهيك عن ما يمثله هذا المقترح من انتهاك وخروج عن احكام الاتفاقية الاممية لمكافحة الفساد الملزمة لفلسطين بعد ان انضمت اليها، ويخالف المبادئ الدستورية المستقرة، والتي لا تجيز منح اي حصانات بموجب قوانين عادية تتجاوز تلك المنصوص عليها في الدستور او القانون الاساسي، الى جانب ما يمثله النص المقترح من مساواة رئيس الديوان برئيس الدولة واعضاء المجلس التشريعي المنتخبين، وذلك على خلاف ما تقضي به مباديء دولة القانون، والغريب ايضاً ما تضمنه نص الفقرة 3 من المادة7 من المشروع المقترح والتي حصرت رفع الحصانة عن موظفي الديوان برئيس الديوان فقط، الامر الذي من شانه ان يجعل من رئيس الديوان مهيمنا على موظفي الديوان بصرف النظر عن مواقعهم الوظيفية واختصاصاتهم، ويقتح المجال رحبا امام التعسف في استعمال السلطة.
5-ان ربط استقالة رئيس الديوان بموافقة رئيس الدولة عليها وفقا لنص الفقرة 2 من المادة 9 من المشروع المقترح يفقد الاستقالة قيمتها، ويجعل منها ما يشبه الملهاه الادارية، والنص المقترح يتيح لرئيس الديوان اللجوء الى الاستقالة وقتما يشاء والعودة عنها بادعاء عدم موافقة الرئيس عليها.
6-ان ما تضمنه نص الفقرة 2 من المادة 14 من المشروع المقترح يمثل انتهاكاً فظاً لاحكام الفقرة 2 من المادة 107 من القانون الاساسي، والمواد2-3-54-149-150-151-152-153-155 من قانون الاجراءات الجزائية والتي تنظم صلاحيات النائب العام، والفقرة 8 من المادة 9 من قانون مكافحة الفساد، اذ يمنح النص المذكور رئيس الديوان او من يفوضه من موظفي الديوان صلاحية اقامة الدعاوى لدى المحاكم المختصة على اختلاف درجاتها وانواعها، ومباشرتها او التوكيل فيها او اجراء المصالحات او تركها واسقاطها فيما يتعلق بالتقارير الرقابية التي تصدر عن الديوان، ونشير الى ان الفقرة 2 من المادة 107 من القانون الاساسي نصت بوضوح على ان النائب العام هو من يتولى الدعوى العمومية، كما ان الفقرة 2 من المادة9 من قانون مكافحة الفساد خولت هيئة مكافحة الفساد حق تحريك ومباشرة الدعاوى الخاصة بجرائم الفساد من خلال النيابة العامة "نيابة مكافحة الفساد تتبع النائب العام "، كما ان قانون الاجراءات الجزائية نص في مادته 2على ان النائب العام يباشر الدعوى الجزائية بنفسه او بواسطة احد اعضاء النيابة العامة، والمادة 3 منه اوجبت على النيابة العامة تحريك الدعوى الجزائية اذا اقام المتضرر نفسه مدعيا بالحق المدني، والمادة 54 من قانون الاجراءات الجزائية حظرت على اي شخص او جهة اقامة الدعوى ضد الموظفين العامين اذ نصت بوضوح على" لايجوز لغير النائب العام او احد مساعديه اقامة الدعوى الجزائية ضد موظف او مستخدم عام او احد اعضاء الضبطية القضائية لجناية او جنحة وقعت منه اثناء تاديه وظيفته او بسببها، والمادة 149 من قانون الاجراءات الجزائية الناظمة لحفظ الدعوى الجزائية اناطت بالنائب العام او احد مساعديه صلاحية الامر بحفظ الدعوى اذا ما توفرت اسباب الحفظ.
والمادة 150 من ذات القانون منحت وكيل النيابة صلاحية احالة الدعوى الجزائية للمحكمة المختصة لمحاكمة المتهم اذا كان الفعل المنسوب اليه يشكل مخالفه، كما اناطت به صلاحية توجيه الاتهام الى المتهم واحالة ملف الدعوى الى المحكمة المختصة لمحاكمته اذا كان الفعل المنسوب اليه يشكل جنحه، واناطت المادة 152 بالنائب العام او احد مساعديه اصدار قرار اتهام واحالة المتهم الى المحكمة المختصة لمحاكمته اذا كان الفعل المنسوب له يشكل جناية، وكذلك منحت النائب العام صلاحية اجراء التحقيقات واستيفائها وتعديل وصف التهمة او حفظ الدعوى، والمادة 153 منه منحت النائب العام سلطة الفصل في التظلم الذي قد يرفعه المدعي بالحق المدني ضد القرار الصادر من النائب العام بحفظ الدعوى، الذي يجوز للنائب العام الغائه في حال ظهور ادلة جديدة او معرفة الفاعل.
مما يجعل من نص الفقرة 2 من المادة 14 من المشروع المقترح خروجا عن وتعديلا لاحكام القانون الاساسي، وقانون الاجراءات الجزائية، وهما قانونين أساسيين أو مكملين للدستور، لا يجوز تعديلهما بموجب تعديلات على قوانين أخرى، كما لا يجوز تعديلهما بقرار بقانون في جميع الأحوال، والتعديل المقترح يمس بذلك قوام دولة القانون، ويضرب بعرض الحائط أحكام رزمة التشريعات القضائية، بل وأكثر من ذلك يمثل تعديلا لأحكام القانون الأساسي (الدستور) بقرار بقانون، وفي إطار قانون آخر، وتعديلا لقوانين أساسية و تشريعات قضائية بذات الطريقة المشوبة بعيب عدم الدستورية، إضافة إلى تجاوزه وتعديله لأحكام قانون مكافحة الفساد، إلى جانب ما يمثله من اعتداء وتجاوز لصلاحيات النيابة العامة المصانة بموجب القانون الاساسي والقوانين القضائية المشار اليها، وسلب صلاحيات اساسية وجوهرية أنيطت بهيئة مكافحة الفساد ان لم يكن الغاء لصلاحيات ومبررات وجود النيابة العامة وهيئة مكافحة الفساد.
ناهيك عن ان التقارير الصادرة عن ديوان الرقابة المالية والادارية لا تشكل بذاتها محلا لاقامة الدعوى الجزائية، وجُل صلاحيات الديوان تتمثل في احالة ماقد يكتشفه من شبهة جزائية الى النيابة العامة او هيئة مكافحة الفساد بوصفهما الجهات المناط بهما قانونا سلطة التحقيق والاحالة الى القضاء، وبالتالي فإن من شأن ايراد هذا النص المس بقواعد الفصل بين السلطات، وقواعد الحكم الرشيد، ومبدأ سيادة القانون، وسمو الدستور او القانون الاساسي، الى جانب مايمثله هذا النص من جمع صلاحيات التحقيق والاتهام واقامة الدعاوى والصلح والاسقاط بيد جهة إدارية واحدة على خلاف احكام القانون الاساسي، ونظام الحكم في فلسطين.
7-نص الفقرة 3 من المادة 14 من المشروع المقترح تمثل غصبا لصلاحيات القضاء والمحاكم ، اذ من شانها ان تمنح الديوان صلاحية رفع السرية المصرفية، وهي من صميم صلاحيات المحاكم، حيث ان النيابة العامة او النيابة المختصة فيها لا تملك سوى الطلب من المحكمة المختصة رفع السرية المصرفية باعتبارها حق اصيل من حقوق الانسان لا يجوز المساس به دون قرار أو حكم قضائي صادر عن محكمة مختصة وفقا لما تقضي به نصوص الباب الثاني من القانون الاساسي، وعليه فإن منح الديوان صلاحية رفع السرية المصرفية بموجب هذا النص المقترح يمثل انتهاكا لحقوق الانسان من جهة، وغصبا لصلاحيات السلطة القضائية من جهة أخرى، ناهيك عن ان السرية المصرفية منظمة باحكام قانون المصارف بوصفه قانونا خاصا، ولا صلة لها بقانون ديوان الرقابة المالية والادارية، كما ان هذا النص وفضلا عن تعارضه مع احكام الفقرة 2 من المادة 107 من القانون الاساسي، وقانون الاجراءات الجزائية، وقانون السلطة القضائية، وفضلا عن ما يمثله من سلب لصلاحيات وسلطات النيابة العامة، وهيئة مكافحة الفساد، يتناقض مع نص الفقرة 4 من المادة 14 ذاتها، والذي بدوره تشوبه ذات النواقص والهنات واوجه مخافة القانون، شانه في ذلك شان الفقرتين 2 و3 من المادة المذكرة المقترحة.
دولة رئيس الوزراء المحترم
سندا لما بيناه تفصيلاً اعلاه ، وبالنظر الى النتائج الوخيمة التي ستترتب على قرار حكومتكم الرشيدة اعتماد هذا المشروع، والذي جاء عنوانه مشروع قانون ديوان الرقابة المالية والادارية في حين حمل في ترويسته عبارة قرار بقانون رقم ( ) والمحال اليكم من ديوان الرقابة المالية والادارية، فإننا في المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء" مساواة" بوصفنا هيئة رقابة اهلية مستقلة تندرج تحت مظلة أهدافها الرقابة على أداء منظومة العدالة والتشريعات، نطلب من دولتكم واصحاب المعالي الوزراء عدم الالتفات اليه، وطرحه جانبا حسب الاصول، احتراما وتقيدا بالقانون الاساسي ورزمة القوانين السارية ذات الصلة، والاتفاقيات والمواثيق الدولية، وصونا لنظامنا السياسي، واعمالا لقواعد الحكم الرشيد، وحماية لمبدئي سيادة القانون والفصل المرن بين السلطات.