السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ورشة حوار نظمها شارك: نمو وتوزيع الثروة فلسطينيا هو الأسوأ

نشر بتاريخ: 14/09/2015 ( آخر تحديث: 14/09/2015 الساعة: 20:47 )
رام الله ـ معا ـ اكد استاذ الاقتصاد د. نصر عبد الكريم، انعدام التنمية الفلسطينية الشاملة والمستدامة بمفهومها الاجتماعي الاقتصادي والسياسي، في ظل افتقار الفلسطينيين أفراد ومؤسسات وقيادة للخيارات، وقال"انطلاقا من ذلك فان التنمية في فلسطين هي صفر".

وكان د. عبد الكريم يتحدث في ورشة حوار حوار المائدة المستديرة التي نظمها منتدى شارك الشبابي ومركز التمكين الاقتصادي حول"وهم التنمية الفلسطينية في ظل الاحتلال الاسرائيلي، في مقر المنتدى برام الله، وذلك ضمن مبادرات وحوارات "شارك" الهادفة إلى نشر الوعي في اوساط الشباب الفلسطيني حول قضايا الشأن العام، وادار الندوة رئيسة مجلس ادارة منتدى شارك الشبابي رتيبة ابو غوش، بمشاركة عدد كبير من الشباب والفتيات وخرجي الجامعات.

الانفاق ولد النمو وليس ناجم عن استثمارات

وشدد د. عبد الكريم، على اهمية التفريق بين التنمية والنمو، وقال:"نجد مسؤول فلسطيني يصرح بان الاقتصاد الفلسطيني حقق نمو اقتصادي بالمتوسط 7 الى 8%، وبالتالي الناتج المحلي زاد منذ 2007 ولغاية اليوم حوالي 12 مليار دولار بعد ان كان 5 مليارا، فالنمو الذي يحققه هو استثمارات قطاعين عام وخاص"، منوها الى انه يجب التنبه الى مصدر النمو، واستدامة النمو، وتوزيعه.

وقال:"ان مصدر النمو في الحالة الفلسطينية تاريخيا هو الانفاق الحكومي المعتمد على المساعدات الدولية، وبالتالي، لدينا مساعدات تقدر بثلث الموازنة تقريبا، وهناك سخاء بعد 2007 ولكن اليوم يوجد شح، ولكن الانفاق ولد النمو وليس ناجم لا عن استثمارات خاصة ولا ادارة رشيدة للموارد وحكمة في السياسات".

واكد عبد الكريم على انعدام وجود استدامة في النمو، لانه مرتبط بالسبب فعندما يتراجع الانفاق الحكومي بتراجع المساعدات فان الانفاق يتوقف، وهذا ما حدث في آخر سنتين.

النمو وتوزيع الثروة فلسطينيا هو الأسوأ

وقال :" ان الاهم هو اعتماد سياسات رشيدة في توزيع النمو، فحتى يتحول النمو الى تنمية، فانه بحاجة الى تدخلات حكومية لتجعله تنمية، وان لم توجد هذه التدخلات وغابت السياسات العادلة والمتوزنة في النمو من اجل ان تعيد توزيع النمو بين الناس وفئاته المختلفه".

واشار عبد الكريم، الى نمو الاقتصاد الفلسطيني منذ النصف الثاني من عام 2007 حتى 2013، حوالي 40%، وبعد ذلك توقف، ولكن في الوقت نفسه فان أجر العامل الحقيقي لم يزد، وبالنتيجة فان هذا النمو كان من نصيب الاغنياء واصحاب الثروات، وهو ما تسبب في تباين الطبقات في الحالة الفلسطينية.

وقال :"بملاحظة التباين الطبقي، فان اجر العامل الفلسطيني بالمتوسط في القطاعين العام والخاص يبلغ 68 شيكل، ولكن ان اراد ارتياد مقهى لاحتساء عصير وتدخين نرجيلة، فانه بحاجة الى 68 شيكل، لذلك فان توزيع الثروة في الحالة الفلسطينية والنمو هو من أسوأ ما يكون"، منوها الى "مؤشر جني البريطاني" الصادر مؤخرا والذي يقيس التباينات الاقتصادية في المجتمعات نفسها، فكانت فلسطين محظوظة بانها سبقت الصومال على هذا الصعيد. مبينا ان هذا التباين قاسوه فقط برواتب الموظفين في القطاع العام، ولو قاسوه برواتب القطاع الخاص فان الاوضاع تصبح كارثية اكثر.

لذلك فان د. عبد الكريم يؤكد انه بات واضحا تماما في الحالة الفلسطينية وجود نمو هائل في الثروة ليس بين الافراد والفئات وانما حتى بين المناطق الجغرافية.

متطلبات التنمية

ويرى عبد الكريم، ان متطلبات التنمية تحتاج الى موارد طبيعية وبشرية ومالية، واستقلال وسيادة، ونظام حكم ذات جودة عالية ومستوى ديمقراطي عال يسمح بمشاركة الناس، وبالحريات والتعبير والمشاركة، ونظام اقتصادي يتم اختياره ينسجم مع حاجات الناس واولوياتهم وظروف البلد، لكن في الحالة الفلسطينية فانها تعتمد نظام اقتصاد السوق الحر، الذي يمنع التدخل في الاسعار، ويسمح باطلاق العنان لها وبتآكل دخل الموظف في اول 10 ايام من تسلمه الراتب، ويمنع التدخل في الاجور وفي دعم السلع، ولا يقدم ضمانا للبطالة والحماية وتأمين صحي، وبالنتيجة فهو لا يدعم الزراعة ولا الصناعة ولا تتم حماية الاسواق من ما يسمى الاغراق من المستوطنات ومن اسرائيل وغيرها.

ولتحقيق متطلبات التنمية شدد عبد الكريم على الاهم وهو تحقيق الاستقلال والسيادة، من اجل امتلاك الخيارات، وفي الحالة الفلسطينية قال:"ان اوسلو وباريس الاقتصادي سلبنا الارادة والسيادة على معظم الموارد"الارض والفضاء والمناطق الزراعية بحدود، وسلب قدرتنا على التأثير على الاقتصاد من خلال ربطنا باتحاد جمركي مع الاسرائيليين، وبالتالي لا نقدر حتى على تخفيض القيمة المضافة دون ان يقدم عليها الاسرائيليون أولا".

واكد ان اول سبب لنزع التنمية هو غياب السيادة والاستقلال. فأوسلو اورثنا اقتصادا مشوها وسلطة منقوصة السيادة، وهذا باقرار الرئيس محمود عباس.

وبرأي عبد الكريم فان ثاني اكبر عوامل نزع التنمية غياب الحكم الرشيد، فعلى اهمية الموارد ان احسنت ادارتها ولكن يمكن فقدانها ان لم يكن هناك ادارة صحيحة، فادارة الموارد اهم بكثير من الموارد نفسها، وفي الحالة الفلسطينية تحديدا، فادارة الموارد تصبح برشد عال جدا يصبح اهم اكثر من دول لديها فائض في الموارد التي تعتبر وحدها شرط للتنمية لكنها غير كافية بدون ادارة رشيدة.

ويدعي د. عبد الكريم انه لا يوجد هناك ما يمكن اطلاق عليه سياسات اقتصادية لدى الحكومات الفلسطينية المتعاقبة، وقال:"هناك توجد قرارات ارتجالية (ترقع) وتستجيب لتحديات تطرأ على الساحة الفلسطينية، ولا يوجد هناك سياسات ممنهجة مدروسة يمكن ان نسميها سياسات، بدليل معظم ما يتخذ في الحكومات من سياسات متتالية لحكومات متعاقبة قرارات لها مدلولات اقتصادية، غالبا تتخذ تحت ضغط صغير جماهيري واحيانا من فئة يتم تغيير القرار، كضريبة الدخل والمضافة ..الخ. لذلك واضح تماما بان السياسات بمفهومنا غير موجودة واكثر دلالة على ان السياسة الاقتصادية الفلسطينية عرجاء".

الفقراء يدفعون الضرائب ويمولون النفقات

وانتقد د. عبد الكريم، سياسة الضرائب والانفاق في الحالة الفلسطينية، حيث ان الفقراء هم الذين يدفعون الضرائب ويمولون النفقات، المستهلك،"بالنظر الى خريطة الايرادات للسلطة الوطنية فانها تشير الى ان 92% منها جمارك وقيمة مضافة ورسوم خدمات، تسمى ضرائب غير مباشرة ورسوم غير مباشرة يتحملها المستهلك".

واشار عبد الكريم الى ان ضريبة الدخل من مجموع الايرادات تبلغ 8% اي ما يعادل 200 مليون دولار، رغم كل ما تعمله وزارة المالية ودوائرها لتحسين الجباية، فاكثر من 6% من 8% يدفعها المصدر "الموظف" 2% فقط هي التي تدفعها الشركات الكبرى التي منذ تأسيسها معفاة من الضرائب بحكم القانون، والشركات غير المعفاة من دفع الضرائب فهي متهربة ضريبيا.

ويؤكد عبد الكريم ان هذه اشكالية، ناتجة لان النظام الضريبي الفلسطيني مبني على الاستهلاك وليس على الادخار والثروة، وبالنتيجة فهو نظام غير عادل بالحكم، لذلك يجب تعديله حتى نستطيع الحكم على عدالته.

ويؤكد د. عبد الكريم انعدام تنمية فلسطينية شاملة ومستدامة بمفهومها الاجتماعي الاقتصادي والسياسي، في ظل افتقار الفلسطينيين أفراد ومؤسسات وقيادة للخيارات، وانطلاقا من ذلك فان التنمية في فلسطين هي صفر.

وقال عبد الكريم:"ان لم يكن هناك واسطة للخريج الجامعي فلا يتم تعيينه، فالخيارات غير متكافئة وغير متاحة اصلا، وان تلقي العلاج للمريض يتم وفقا لقربه من مركز القرار، والتعليم حدث ولا حرج فهو في تراجع مستمر، والحماية الاجتماعية معدومة حيث يقوم النظام الفلسطيني على الاعانات والمكرومات ولا يقوم على الحقوق، فلا توجد حقوق ولا توجد معها مواطنة، وهنا يتجلى وهم التنمية".