الخميس: 03/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

إستطلاع دولي: معظم دول العالم تؤيّد فرض عقوبات دوليّة

نشر بتاريخ: 15/09/2015 ( آخر تحديث: 15/09/2015 الساعة: 16:41 )
إستطلاع دولي: معظم دول العالم تؤيّد فرض عقوبات دوليّة
بيت لحم- معا- أظهر استطلاع دولي للرأي تأييد الغالبية لفرض الأمم المتحدة عقوبات ضد بلد ما بحظر بلدان أخرى من التعامل تجاريا مع أفراد أو مجموعات أو شركات معينة في ذلك البلد.

وأجرى هذا الإستطلاع مؤسسة الشبكة العالمية المستقلّة لأبحاث السوق (WIN) وغالوب إنترناشيونال (GALLUP International) بالتعاون مع "وحدة الحكم العالميّة" (Global Governance Unit).

لقد برهنت مؤسسة الشبكة العالميّة المستقلّة لأبحاث السوق (WIN ) وغالوب إنترناشيونال (GALLUP International) لما يزيد عن (60) عاما ً قدرة مهنيّة رفيعة على القيام بدراسات ٍ على نطاق عدد ٍ كبير من البلدان الأعضاء على أساس أبحاث مقارنة وتقديم أعلى جودة. ويدير أعضاء المؤسسة معاهد ومراكز وطنيّة ذات خبرة محليّة واسعة في أساليب وتقنيات البحث والمصادر الإحصائيّة والعادات والتقاليد والفروق الحضاريّة في بلدانهم ومجتمعاتهم. هذا مع العلم بأنّه لا يمثّل بلد ما سوى عضو واحد يتمّ اختياره بعناية فائقة من قبل مجلس إدارة المؤسسة. ويعمل الأعضاء بشكل ٍ وثيق مع بعضهم البعض على أساس يومي لتبادل المعرفة والخبرات الجديدة والتقنيات والآليّات العصريّة للأبحاث، مقدّمين بذلك أفضل الحلول لمشاريع الأبحاث والخدمات الدوليّة.

ويمثّل دولة فلسطين في هذه المؤسسة المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي الذي تأسس عام 1994 ويديره منذ ذلك الحين مؤسسه ورئيسه د. نبيل كوكالي الذي صرّح بأن وجود المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي عضوا ً عن دولة فلسطين في مؤسسة غالوب إنترناشيونال والشبكة العالميّة المستقلّة لأبحاث السّوق يعتبر إنجازا ً كبيرا ً لدولة فلسطين واعترافا ً دوليّا ً بقدراتنا وكفاءتنا ومصداقيتنا كمركز للقيام بدراسات عالميّة واستطلاعات للرأي في أيّ مكان ٍ من العالم.

الغرض من الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على دول العالم التي تؤيد فرض عقوبات على الدول التي تنتهك قرارات الأمم المتحدة والدول التي تعارض في الحصيلة مثل هذه العقوبات أو تشكّك في شرعيتها، وتبحث في أسباب هذه المواقف.

المنهجيّة:
أجريت الدراسة في (61) بلدا ً عضوا ً في مؤسسة (WIN / GALLUP International) على عيّنة عشوائيّة حجمها حوالي 60.000 شخصا ً، ذكورا ً وإناث، أي بمعدّل 1.000 شخص من كلّ دولة.

النتائج الرئيسيّة للدراسة:
طُرح على أفراد العيّنة السؤال التالي:"تفرض الأمم المتحدة أحيانا ًعقوبات ضدّ بلد ٍ ما بحظر بلدان أخرى من التعامل تجاريّا ً مع أفراد أو مجموعات أو شركات معيّنة في ذلك البلد. فهل تؤيّد بشدّة، تؤيّد، تعارض أم تعارض بشدّة فرض مثل هذه العقوبات من قبل الأمم المتحدة ؟"
وفيما يلي أهم نتائج الدراسة:
• تؤيّد (49) دولة العقوبات بينما تعارضها (11) دولة ودولة واحدة فقط تجنّبت الإجابة على السؤال.
• لو أجري استفتاء ما بين سكان العالم البالغ عددهم حوالي 7 مليارات نسمة حول هذا الموضوع، يتنبّأ التقرير بأنّ المؤيدين للعقوبات الدوليّة سيفوقون بنسبة حوالي (11 %) المعارضين، أي نسبة
(50 %) إلى (39 %) على التوالي:
• ركّزت الدراسة على ستّة (6) أنواع من الإنتهاكات التي من الممكن نظريّا ً أن ُتطبّق عقوبات عليها، وهذه الإنتهاكات هي:
1) العدوان العسكري دون استفزاز مسبق يبرّره ضدّ دولة أخرى
2) الإبادة الجماعيّة لمجموعات داخل البلد.
3) إنتهاك معاهدات حظر انتشار الأسلحة النوويّة
4) دعم الإرهاب
5) الإطاحة بحكومة منتخبة ديمقراطيّا ً
6) إنتهاك اتفاقيّات حماية البيئة.
• تشكّل نتائج هذا الإستطلاع تحديّا ً للأمين العامّ للأمم المتحدة حيث سيعرضها على الهيئة العامة يوم 15 الشهر الجاري. وُيستنتجّ من هذه النتائج وجود تقطّب إقليمي ودولي حول شرعيّة عقوبات الأمم المتحدة. ففي حين مثلا ً تؤيّد دول كبرى مثل الهند العقوبات بنسبة 40 %، (وهو الفرق ما بين نسبة المؤيدين والمعارضين)، تعارض جارتها الصين، أكبر دول العالم تعدادا ً للسكّان، وبشدّة فرض مثل هذه العقوبات بنسبة (- 39 %).

• وفيما يتعلّق بالدّول دائمة العضويّة في مجلس الأمن الدّولي التي تتمتّع بحق النّقض (الفيتو) على أيّ قرار صادر عن الأمم المتحدة، فقد أظهر الإستطلاع بأن صافي التأييد في الولايات المتحدة هو ( 35 %)، وفي بريطانيا ( 39 %)، وفي روسيا ( 23 %) وفرنسا ( 21 %) بينما كان في الصين بنسبة (- 39 %) لصالح المعارضين.

• لقد أبرزت الدراسة العشرة دول الأكثر تأييدا ً في العالم لفرض العقوبات الدوليّة، وهي بالترتيب التنازلي حسب صافي نسبة تأييدها: أرمينيا ( 85 %)، كوريا الجنوبيّة ( 74 %)، فنلندا ( 70%)، النمسا ( 68 %)، فيتنام ( 66 %)، البرتغال ( 60 %)، لبنان ( 59 %)، إيطاليا ( 55%)، أوكرانيا ( 54 %) وألمانيا ( 52 %).
أما العشرة دول الأقلّ تأييدا ً وأكثر اعتراضا ً في العالم على فرض العقوبات الدوليّة فهي بالترتيب التصاعدي حسب نسبة اعتراضها: صربيا – الأراضي الفلسطينيّة – الفليبين – كولومبيا – الأرجنتين – بنما – المغرب – الصّين – إندونيسيا – تايلاندة.
وعلّق السيد جين – مارك ليجر بصفته رئيس مؤسسة (WIN / GALLUP International) على نتائج هذه الدراسة الدوليّة بقوله:"يعرض الإستطلاع الذي ننشر نتائجه اليوم وجهات النظر الدوليّة حول شرعيّة العقوبات المفروضة من طرف الأمم المتحدة. هذا ومن الضروري أن يؤخذ الرأي العامّ ككلّ بين مؤيّد ومعترض بعين الإعتبار في عمليّة صنع القرار حول القضايا الرئيسيّة في مجتمعنا. ونحن فخورون في مؤسسة (WIN / GALLUP International) لتقديم نافذة علميّة تطلّ على أفكار وتصرفات سكان العالم، آملين بذلك أن نقدّم مساهمتنا كمواطنين في هذا العالم".


تحليل نتائج الدراسة:
للشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) وغرب وجنوب آسيا، وتشمل الدول: الهند – الباكستان – بنغلاديش – تركيا – أفغانستان – لبنان – الجزائر – المغرب.
يعيش في هذه المنطقة حوالي ثلث سكان العالم معظمهم مسلمون وهندوس. ويبّين الإستطلاع بأن هذه الدّول تؤيد العقوبات الدوليّة بالقدر الذي تؤيده تقريبا ً دول أوروبا، ولبنان على رأس الدول العشرة في العالم. ويعود السبب في ذلك على ما يبدو إلى أنّ هذه المنطقة هي أقلّ المناطق استقرارا ً في العالم وتتطلّب غالبا ً من الأمم المتحدة "رعاية خاصّة وعملا ً شاقّا ً"، فالأمم المتحدة تشكّل بالنسبة لسكان الثمانية دول في المنطقة - التي تمّ استطلاع آرائها والمذكورةأعلاه – نوعا ً من "ملجأ الأمان". ولهذا السبب يدعم مواطنوها الأمم المتحدة وعقوبات الأمم المتحدة.

والعقوبة التي تُحظى بأقلّ دعم من قبل هذه الدول الثمانية هي تلك التي تُفرض على دولة "تطيح بحكومة مُنتخبة ديمقراطيّا ً" فلا أحد يريد أن يتدخّل طرف من الخارج بشؤون بلده الداخليّة، فمفهوم الديمقراطيّة يختلف مثلا ً في هذه البلدان عن مفهومها في بلدان أخرى.

يُعتبر لبنان أكثر الدّول المؤيدة لعقوبات الأمم المتحدة في المنطقة بنسبة صافية قدرها ( 59 %) لصالح المؤيدين. ويُعزى ذلك إلى كونه بلدا ً صغيرا ً يعاني من أعمال العنف الصادرة من جيرانه.

وفي الهند وصلت نسبة التأييد الصافية إلى ( 40 %). وأكثر العقوبات تأييدا ً هي تلك المتعلّقة بالإرهابيين ( 50 %) والبيئة ( 47 %)، يليها بنسب أقلّ للعدوان العسكري والإطاحة بالحكومات الديمقراطيّة.

وصلت نسبة التأييد الصافية في تركيا إلى ( 39 %) أي ما يقارب مستوى الهند. وأكثر العقوبات تأييدا ً هي المتعلّقة بنشر الأسلحة النوويّة ( 51 %) وانتهاك اتفاقيّات حماية البيئة ( 49 %).

أما بالنسبة لبنغلاديش، فقد وصلت نسبة التأييد فيها لعقوبات الأمم المتحدة إلى ( 34 %). وأكثر العقوبات تأييدا ً كانت لشنّ عدوان عسكري ( 50 %) والإبادة الجماعيّة ( 47 %) لما عاناه هذا البلد في تاريخه أثناء فترة استقلاله عن الباكستان.

ووصل معدّل التأييد الصافي لعقوبات الأمم المتحدة في أفغانستان إلى ( 26 %) حيث تعتبر العقوبة الناتجة عن "قيام بلد بشنّ عدوان عسكري غير مبرّر أو مستفزّ ضدّ بلد آخر" أكثر العقوبات تأييدا ً بنسبة ( 35 %)، وهو ما يمكن فهمه بالنّظر إلى عقود الصراعات الطويلة مع العدوان الخارجي.

وأمّا في الباكستان، فقد وصل معدّل التأييد الصافي لعقوبات الأمم المتحدة إلى ( 25 %) حيث أحرزت عقوبة العدوان العسكري ( 46 %) و الإبادة الجماعيّة أعلى نسبة تأييد ( 48 %). وهذه الأخيرة لها ما يبرّرها لكون الباكستان بلد متعدّد الثقافات والأعراق وتأييد العقوبات ضدّها يساهم في تحقيق السّلام والتعايش السلمي والتسامح.

وفيما يتعلّق بالدّول العربيّة المستطلعة آراؤها، فقد ذكرنا آنفاً موقف لبنان. أمّا بالنسبة للجزائر، فقد وصلت فيها النسبة الصافية لتأييد العقوبات الدولية إلى ( 24 %)، معظمها مركّزة على عقوبة "الإبادة الجماعيّة" (31 %)، يليها عقوبة تلوّث البيئة بنسبة (30 %)، في حين حظيت عقوبة "إنتهاك معاهدة حظر إنتشار الأسلحة النوويّة" بنسبة (13 %) فقط.

الصّورة تختلف تماما ً في المغرب حيث وصل صافي نسبة تأييده للعقوبات الأمميّة إلى (-25 %) وهو فرق شاسع بين المؤيدين والمعارضين.

تعليق الدكتور نبيل كوكالي على نتائج الدراسة في فلسطين:
اما في فلسطين فقد وصل صافي نسبة تأييد فرض عقوبات الأمم المتحدة إلى (- 11%) كمتوسّط لجميع مسبّبات العقوبات الستّة، أي بمعنى أنّ المعارضين للعقوبات يفوقون المؤيدين لها بنسبة (11%). ويعلّق د. نبيل كوكالي بصفته رئيس ومؤسّس المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي على ذلك بقول:"إنّ السبب هو اعتقاد الفلسطينيين بأن الأمم المتحدة تكيل العقوبات لدول العالم بمكيالين. فكم من قرار ٍ أممي إتّخذ ضدّ إنتهاكات إسرائيل للقوانين والأعراف الدوليّة وحقوق الإنسان الفلسطيني لم يُنفّذ بدعم من الولايات المتحدة وبالتالي لم تُفرض على إسرائيل أية عقوبة تجبرها على التراجع عن إجراءاتها المتخذة"، واستطرد د. نبيل كوكالي قائلا ً بأن "إسرائيل قد نفّذت معظم مسبّبات فرض عقوبات دوليّة عليها، مثل العدوان العسكري على جيرانها، واستشهاد العديد من الفلسطنيين (حروب غزّة) ودعم الإرهاب بشكل مبطّن وانتهاك معاهدة حظر انتشار الأسلحة النوويّة برفضها فتح أبواب ترسانتها النوويّة لمفتشي الأمم المتحدة، وانتهاك قوانين حماية البيئة بإغراق الأحياء الفلسطينيّة القريبة من المستوطنات الإسرائيليّة بنفاياتها الصناعية ومياه المجاري...هذا ناهيك عن عشرات القرارات الأخرى الصادرة عن مجلس الأمن الدّولي فيما يتعلّق باحتلالها أرض الغير والبناء الغير شرعي للمستوطنات وفرض حصار جائر على قطاع غزّة ..وغير ذلك. فهل هناك بعد ذلك كلّه من يلوم الفلسطينيين على موقفهم هذا من عقوبات الأمم المتحدة ومدى شرعيتها ؟".

وعز د. نبيل كوكالي ا لموقف المغرب السلبي أيضا ً تجاه فرض العقوبات الدوليّة (- 25 %)، الى تخاذل الأمم المتحدة تجاه مشكلة الصحراء الغربيّة وصراع المغرب مع جبهة البوليساريو ، وهو صراع دام حتّى الآن عقودا ً من الزّمن ولم يجد حلاًّ له.

وتجدر الإشارة إلى أنّ المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي قد تأسس في مدينة بيت ساحور في شهر شباط (فبراير) عام 1994 وهو من المراكز الرياديّة العاملة في الأراضي الفلسطينية ليس فقط في مجالات استطلاع الرأي العام فحسب، بل أيضاً في مجال الأبحاث الإقتصادية والإجتماعية والتعليمية والصحيّة وابحاث السوق وغيرها. والمركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي هو مركز مستقل، ولا يوجد له أية انتماءات حزبية أو سياسية، ويتم إجراء بحوث الرأي العام بحيادية ومهنية، ويلتزم المركز بتزويد الباحثين ومراكز الأبحاث والجامعات وواضعي السياسات والأحزاب السياسية الفلسطينية ورجال الأعمال ووسائل الإعلام وكل المهتمين بالشأن الفلسطيني وعامة الناس بمعلومات موثوق بها عن مستوى واتجاهات الرأي العام الفلسطيني بخصوص الموضوعات والسياسات ذات الاهتمام العام. والمركز عضو في الفريق المؤسس للشبكة العربيّة لاستطلاعات الرأي (ANPOP) ومقرها القاهرة / جمهورية مصر العربية وعضو عَن فلسطين في مؤسسة غالوب العالمية (GIA) والشبكة العالمية المستقلة لأبحاث السوق (WIN) وعضو كذلك في الإتحاد العالمي لأبحاث استطلاعات الرأي (WAPOR) – الولايات المتحدة الأمريكية ومؤسسة ESOMAR.