غزة - تقرير معا - ما أن تنتهي أزمة حتى تبدأ أخرى.. وتبقى الحلول المؤقتة هي العنوان لكافة الأزمات التي يعاني منها قطاع غزة الذي يقطن فيه حوالي 2 مليون نسمة... لا كهرباء ولا مياه ولا معابر وما يترتب على هذه الخدمات من تعليم وصحة وحرية حركة وإعادة اعمار وغيرها من الحقوق التي يحرم منها اهالي القطاع.
عاملان رئيسيان اجمع عليها عدد من المحللين حول اسباب تفاقم أزمات غزة التي تبدو متكررة ومتواصلة.. هو الاحتلال بالدرجة الأولى الذي افقد الجانب الفلسطيني القدرة على حل هذه الأزمات والعامل الثاني الانقسام الذي تعمق بعد ثماني سنوات من الفصل.
إسرائيل من يقرر
المحلل السياسي طلال عوكل أكد أن الانقسام الفلسطيني أسس عمليا لازمات عديدة في قطاع غزة لكن يبقى الحصار هو الذي يتلاعب بهذه الأزمات ويصبح القرار إسرائيلي بمتى يمكن أن تتفاقم هذه الأزمة ومتى يمكن أن تخف.
وقال عوكل لمراسلة معا انه وبناء على ما سبق تصبح قدرتنا على معالجة بعض هذه الأزمات المتعلقة بالحصار وبالقرار الإسرائيلي وأيضا المتعلقة بالانقسام الفلسطيني صفر وبالتالي نحن أمام أزمات مستعصية لم تحل منذ ثماني سنوات.
وأشار عوكل إلى أن هذه الأزمات والكهرباء واحدة منها تشد وتخف بناء على الإجراء الإسرائيلي او خلاف فلسطيني مشددا انه في المحصلة لم يعد الفلسطينيون يملكون أي قرار بمعالجة هذه الأزمات بمعزل عن الاحتلال وهو ما يفسر تجاهل الحكومة الفلسطينية لحل الأزمات وتذبذبها بين أزمة تشتد وأزمة تخف.
وحول التحركات الخجولة التي خرجت احتجاجا على استمرار أزمة الكهرباء في غزة بين عوكل أن هناك وعي لدى الجماهير بضرورة التحرك ضد هذه الازمات ولكنها تصطدم بغياب الإرادة للاحتجاج مبينا أن تأخرها مرتبط بعجز وتردد الفصائل الفلسطينية اولا وثانيا بجو القمع الموجود في قطاع غزة وهو الذي يجعل السلوك العملي متأخر عن الوعي.
إقليم ضيف بتعداد سكاني ضخم
من جانبه أوضح المحلل السياسي حسن عبدو ان غزة إقليم ضيق يعاني من ندرة الموارد وهو بإمكانياته الذاتية غير قادرة على مواجهة حُزم من المشاكل والأزمات غير القابلة للحد إلا بمساعدة القوى، مشددا أن أي انعدام للموارد وشحها هو الذي يفاقم الأزمات ولا يوجد في الأفق نية لرفح الحصار لدخول الموارد.
وأشار عبدو أن القطاع تتحمل أعباء كبيرة ويحتاج إلى دول اقليمية عربية وإسلامية تساعده في تجاوز أزماته.
ولفت عبدو الى أن اخطر هذه الأزمات التي يواجهها القطاع هو الاحتلال وحصاره ثم الانقسام الفلسطيني والذي تعمّق، واستفراد فصيل معين وحكم حماس بطريقة غير معترف فيها عالميا كنظام غير شرعي في النظام الدولي مشددا ان جميع أزمات قطاع غزة جذرها سياسي من اجل دفعها من منطق المقاومة إلى منطق المساومة.
أزمات اقتصادية بأبعاد سياسية
المحلل الاقتصادي د.معين رجب أوضح أن مشكلات البنية التحتية التي يعاني منها قطاع غزة ذات تأثير سلبي ينعكس على مسار الحياة اليومية للمواطن مشددا أن متطلبات الحياة اليومية للمواطن الغزي غير متوفرة.
وقال د.رجب:" لنا ان نتصور لحياة تقوم على المياه والكهرباء وهي غير متوفرة في القطاع لأنه يعاني من نقص المياه التي تعتبر المتطلب الاساسي لكل إنسان وان وجدت فهي إما مالحة أو ملوثة ويعاني من نقص الكهرباء وبالتالي تنغص حياته".
ولفت د.رجب إلى أن النقص الحاد والتردي في أوضاع البنية التحتية انعكست سلبا على الحياة اليومية للمواطن فهو يعيش حالة من الضنك والمعاناة لأنه لا يستطيع أن يتوصل لحلول لها وهي ليست في متناول اليد ولا يملك اتجاهها شيء.
وأضاف د.رجب ان ما يعانيه قطاع غزة تحديدا هي مشاكل متميزة ينفرد بها دون بقية البشر، تحتاج لحلول ليست في متناول الفرد وهي من مسؤولية السلطة الحاكمة ومسؤولية الانقسام الذي قسّم أبناء الوطن الواحد إلى قسمين مبينا أنها أزمات ذات أبعاد اقتصادية تؤثر على الحياة اليومية وليست منعزلة بل مرتبطة بالأبعاد السياسية والاجتماعية.
المواطن في غزة لا يعيش السعادة
وعندما كانت الصحة النفسية هي شعور الإنسان بالسعادة والرضا عن نفسه وأسرته وعمله ومجتمعه وبالتالي إن لم تتوفر هذه المركتزات الأربعة بشكل مرضٍ لن يشعر بالسعادة وبالتالي لن يشعر بالصحة النفسية.
وأكد الأخصائي النفسي درداح الشاعر أن المرتكزات الأربعة غير متوفرة في قطاع غزة فلا المواطن راضٍ عن نفسه ولا عن واقعه الأسري ولا عن واقعه الاقتصادي ولا عن سياسات المجتمع.
وبين الشاعر أن المواطن في قطاع غزة لا يعيش حالة من السعادة أو الرضا او الصحة النفسية وانعكاسات هذا الأمر واضح جدا على مستوى الغضب والضيق والتوتر النفسي الذي يعاني منه الرجل والطفل والمرأة والفتاة والشاب في غزة ودرجة التوتر وصلت أقصاها في بعض الأسر إلى الطلاق والهجرة وترك الأولاد والموت غرقا في عرض البحر كل هذا هروبا من المعاناة التي يعيشها المواطنون في قطاع غزة.
تقرير: هدية الغول