الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ماذا يعني "الوضع القائم" أو "ستاتسكو" في الأقصى؟

نشر بتاريخ: 17/09/2015 ( آخر تحديث: 17/09/2015 الساعة: 22:28 )
ماذا يعني "الوضع القائم" أو "ستاتسكو" في الأقصى؟
القدس -معا - كتب عبد الرؤوف أرناؤوط - يجمع مسؤولون فلسطينيون على أن الوضع القائم او ستاتسكو هو الوضع الذي ساد في المسجد الأقصى ما قبل الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس في العام 1967 في وقت يعتبر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه يعني الوضع الحالي بما في ذلك حق اليهود في زيارة المسجد.

وقال المهندس عدنان الحسيني، وزير شؤون القدس ومحافظ المدينة، لــ"الأيام": الوضع القائم او ستاتسكو هو الوضع الذي ساد في المسجد الأقصى قبل الاحتلال الإسرائيلي في العام 1967 بمعنى أن إدارة الأوقاف الإسلامية في القدس هي المسؤولة عن كل ما يتعلق بالمسجد الأقصى بما في ذلك الحق في تحديد من يدخل ومن لا يدخل المسجد وبأي طريقة يدخلون باعتبارها المسؤولة عن إدارة المسجد من كل النواحي.

ويتفق الشيخ عزام الخطيب، مدير إدارة الأوقاف الإسلامية في القدس، في تصريح لـ الأيام مع ما قاله الحسيني وقال: نحن نعتبر أن الوضع القائم هو الوضع الذي كان سائدا قبل الاحتلال الإسرائيلي للقدس، بما في ذلك المسجد الأقصى، العام 1967 وبموجبه فإن إدارة الأوقاف الإسلامية هي المسؤولة عن كل ما يتعلق بإدارة المسجد الأقصى من جميع النواحي دون أي تدخل من أي جهة كانت.

وأضاف الخطيب: ما هو قائم الآن لا علاقة له إطلاقا بالوضع القائم او ستاتسكو وهو مرفوض فهو فرض لواقع على الأرض بقوة السلاح بهدف سحب صلاحيات إدارة الأوقاف الإسلامية.

ويحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو اعتبار أن الوضع القائم في المسجد الأقصى في هذه الفترة هو الوضع القائم حيث قال الليلة قبل ماذا يعني

الماضية: إسرائيل ملتزمة بالحفاظ على الوضع الراهن في جبل الهيكل/ المسجد الأقصى وأن إسرائيل لن تسمح للمشاغبين بمنع زيارات اليهود هناك .
ويلاحظ أن عددا من الدبلوماسيين الأجانب بدؤوا الانجرار مع التعريف الإسرائيلي الجديد لـ الوضع القائم بما في ذلك في بياناتهم.

ولكن من أين أتى تعبير الوضع القائم او ستاتسكو ؟
يقول د.مهدي عبد الهادي، مدير الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية (باسيا)، لـ الأيام ، إن الوضع القائم هو الوضع الذي ساد في العهد العثماني ولاحقا في فترة الانتداب البريطاني ومن ثم في العهد الأردني قبل أن تقوم إسرائيل باحتلال المدينة وتشرع بانتهاك الوضع القائم المتعلق بالمسجد الأقصى أكثر من مرة.

وتتفق منظمة الأزمات الدولية، التي تتخذ من بروكسل مقرا لها، مع هذا التوصيف وتقول في دراسة أخيرة لها، عندما انتقلت القدس، ومعها الحرم الشريف، من العثمانيين إلى البريطانيين في نهاية الحرب العالمية الأولى، ظلت إدارة الأماكن المقدسة دون تغيير تقريبا، في ظل الحكم البريطاني (1917-1948) والأردني (1948- 1967)، استمرت الأوقاف بإدارة الشؤون اليومية للموقع، في حين كان أداء الصلاة لغير المسلمين محظورا، كما كان منذ قرون، فإن اليهود بشكل عام لا ينتقدون هذا الحظر بشدة، حيث تركز اهتمامهم على الحائط الغربي المحاذي - الجدار الخارجي للحرم، حيث كانوا يصلون خلال الحقبة البريطانية .

وفقا لعبد الهادي فإنه في العهد العثماني صدر أكثر من فرمان يسجل بشكل واضح بأن المسجد وهو بمساحة 144 دونما، بما فيه حائط البراق، هو ملك إسلامي ومكان مقدس إسلامي، وقد سمح لعدد محدود من اليهود بالصلاة على رصيف مقابل لحائط البراق الذي كان عرضه مترا واحدا .

وأضاف، مع بدء الانتداب البريطاني تم اعتماد هذا التعريف منذ اليوم الأول حيث تم التأكيد على وجوب احترام هذا الواقع وعدم تغييره .

ولفت عبد الهادي إلى انه قبيل هبة البراق في العام 1929 حاول عدد من اليهود تغيير الوضع القائم وذلك بأن أحضروا كتبا وكراسي للصلاة على الرصيف واعتبر المسلمون هذا الأمر تغييرا في الوضع القائم فهبوا ضده وعليه فقد شكلت بريطانيا لجنة تحقيق قابلت الجانب الفلسطيني والأردني ومعظم اليهود وصدر قرار بأنه ملك إسلامي ويجب الحفاظ عليه ويجوز لليهود الصلاة على الرصيف المقابل لحائط البراق وبالتالي فقد تم الحفاظ على هذا الوضع في العهد العثماني والانتداب البريطاني والعهد الأردني.

ولفت عبد الهادي إلى أن تغيير الوضع القائم بدأ فعلا على يدي إسرائيل منذ الاحتلال في العام 1967 وقال، تغيير إسرائيلي للوضع القائم كان قيام رئيس البلدية آنذاك تيدي كوليك ووزير الدفاع موشيه ديان مع بعض المؤسسات الإسرائيلية بهدم 350 منزلا كانت تشكل حارة الشرف لإقامة ساحة كبيرة كاملة أمام حائط البراق .

وأضاف، الانتهاك الثاني للوضع القائم كان باستيلاء قوة الاحتلال على مفتاح باب المغاربة (احد أبواب المسجد الأقصى) وهو الباب الوحيد من بين أبواب المسجد الأقصى الذي ما زال الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على مفاتيحه، في حين أن الانتهاك الثالث كان في العام 1969 عندما دخل اليهودي روهن إلى المسجد الأقصى واحرقه حيث انه كان حتى ذلك الحين ممنوعا على اليهود دخول المسجد إطلاقا وهو دخل المسجد يهوديا معتديا .

وتابع عبد الهادي، الانتهاك الرابع كان في السبعينيات حيث حاولت إسرائيل نزع صلاحيات الهيئة الإسلامية العليا ثم الانتهاك الخامس عبر مسلسل الحفريات اسفل وفي محيط المسجد الأقصى ثم الانتهاك السادس عبر السعي الحثيث لنزع صلاحيات الأوقاف بالترميم، تلاه الانتهاك السابع عبر فتح الأقصى عنوة في العام 2003 لاقتحامات اليهود والآن ينتهكه نتنياهو ثامنا عبر الحديث عن حق اليهود بزيارته .

وفي هذا الصدد فقد رأى عبد الهادي أن من الخطأ استخدام تعبير التقسيم في المسجد الأقصى لأن هذا التعبير يعني التقسيم بين طرفين لهما حقوق في حين أن للمسلم حقوقا فيه ولا حق لأي طرف آخر فيه وبالتالي فإن هذا ما تريده إسرائيل وهو بداية التطبيع في الذهن بأن هناك آخر في حين أن ليس هناك آخر وإنما هناك اعتداء .

وقال عبد الهادي، أما الحديث عن تقسيم زماني فهو يعني الاعتداء على حق المسلم في الصلاة، فعندما يمنع المسلم من دخول المسجد في أوقات معنية فهذا يعني الاعتداء على حقه بالصلاة وبالتالي حرمان المسلم من الصلاة ، وأضاف، ما يجري هو محاولة أسرلة للمسجد بمعنى فرض النظام الإسرائيلي على المسجد .

كيف كان الوضع قبل العام 2003
على مدى سنوات طويلة تولى المهندس عدنان الحسيني إدارة الأوقاف الإسلامية في القدس وبالتالي كان مسؤولا عن إدارة شؤون المسجد.
وقال، الوضع القائم هو الوضع الذي ساد قبل العام 1967 اذ كان المسجد فقط للمسلمين وكان هناك برنامج صغير يسمى برنامج السياحة وفيه يدخل السياح الأجانب إلى ساحات المسجد وفق برنامج تضعه الأوقاف، فكان من يزور المسجد، ضمن ساعات تحددها الأوقاف، يدفع ثمن تذكرة دخول ويلتزم بزي محتشم تفرضه الأوقاف .

وأضاف، على الرغم من الانتهاكات هنا وهناك فقد استمر الوضع حتى العام 2000، ففي هذا العام اقتحم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ارئيل شارون ساحات المسجد وعليه فقد قررت الأوقاف وقف برنامج زيارات السياح الأجانب إلى أن قامت إسرائيل ومن جانب واحد عنوة بالسماح باقتحامات المستوطنين للمسجد من خلال باب المغاربة دون موافقة من الأوقاف في نهاية العام 2003 .

وتابع الحسيني، ما يجري الآن ليس زيارات وإنما هو عبث وتغيير للوضع القائم وهو أمر لا نقبل به، والإسرائيليون يفرضونه بالقوة وكل ما يفرض بالقوة هو بلطجة وهو غير مقبول ولا نعترف به .

وشدد الحسيني على أن ما يجري الآن ليس وضعا قائما في شيء وإنما هي محاولة إسرائيلية لفرض موطئ قدم لليهود في المسجد، فالمسلم يمنع من الدخول في حين أن المستوطن والسائح يسمح له بالدخول وبحماية الشرطة .

وفي هذا الصدد، قال الشيخ الخطيب، حتى العام 2000 كانت الأوقاف الإسلامية هي المسؤولة عن كل من يدخل إلى المسجد الأقصى، فكان الدخول يتم من خلالها وهي من يحدد الترتيبات بما في ذلك إعطاء لباس خاص لمن يصل من السياح إلى بوابات المسجد دون أن يكون محتشما .

وأضاف، كل من دخل المسجد من خلال باب المغاربة بعد العام 2003 إنما قام بذلك في انتهاك للوضع القائم في المسجد الأقصى لأنه تم بدون تنسيق مع الأوقاف ،

ويجمع المسؤولون على انه اذا ما كان هناك حديث عن الحفاظ على الوضع القائم فهو بإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل بدء الاحتلال الإسرائيلي العام 1967.a