القدس- تقرير معا - قبل 15 عاما كان اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون الی المسجد الأقصى كفيلا بإشعال شرارة الانتفاضة الثانية، وتحريك قوی المقاومة والفصائل في الأرض الفلسطينية ومشاعر شعوب العالم رفضا للعدوان علی الأقصى، اما اليوم فإن اقتحام عشرات المستوطنين ومن ضمنهم وزراء وأعضاء كنيست اصبح خبرا تتناقله وسائل الاعلام، يمر علی شاشاتها ومواقعها ليطوی بين ملفات الأزمات التي تمر بها المنطقة.. قبل 15 عاما هبت الجماهير بالآلاف دفاعا عن الاقصی، واليوم يتولی بضع عشرات من المواطنين اضافة الی الاوقاف الاسلامية تلك المسؤولية.
منذ ساعات الصباح الأولى (يوم الأحد) اقتحمت قوات الاحتلال بوحداتها المختلفة المسجد الأقصى المبارك عبر بابي المغاربة والسلسلة، واعتدت على المصلين -وهم من كبار السن- وأخرجتهم بالقوة منه، وحاصرت الشبان الذين اعتكفوا داخل المصلى القبلي- أحد مصليات المسجد الأقصى- لصد دعوات الجماعات المتطرفة التي دعت لتنظيم اقتحامات للمسجد بمناسبة "عيد المظلة- السكوت"، واغلق المسجد لمدة 3 ساعات بشكل كامل أمام المسلمين، ليقتحمه بعض المستوطنين (خلال فترة الاقتحامات الصباحية)، وخلال فترة الاقتحامات (بعد الظهر) اقتحمت القوات المسجد مجددا وحاصرت المصلين لتدخل مجموعة جديدة من المستوطنين اليه، فيما تواصل سلطات الاحتلال حصارها على المسجد بمنع من هم دون الـ 50 عاما من النساء والرجال من دخوله.
ابواب المسجد الاقصى تتحول الى ساحة كر وفر
أما أبواب المسجد الأقصى فقد أغلقت شرطة الاحتلال معظمها باستثناء (باب حطة والمجلس والسلسلة)، وشهدت الأبواب المفتوحة مواجهات بين قوات الاحتلال الخاصة والمصلين الذين منعوا من دخول الأقصى، وتحولت أسواق القدس القديمة الى ساحة كر وفر، وتعمدت قوات الاحتلال إخلاء الشوارع وأبواب الأقصى من المصلين، خاصة المناطق التي يسلكها مجموعات من المستوطنين وهم يحملون (سعف النخيل)، وأخلت قوات الاحتلال منطقة باب السلسلة وشارع الواد ولاحقتهم وصولا الى باب حطة والاسباط، واعتدت عليهم بالضرب والقنابل الصوتية.
وخلال ذلك اعتدت قوات الاحتلال على الطواقم الصحفية بالضرب والدفع، ومنعتهم من التصوير ورصد ما يجري،كما اقتحمت بعض المحلات التجارية بالقدس القديمة واخرجت منها الشبان والنساء.
أما الاصابات خارج أبواب المسجد الأقصى المبارك فقد أوضح مسؤول الطوارئ في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بالقدس الدكتور أمين ابو غزالة أن 9 مواطنين أصيبوا بالأعيرة المطاطية وشظايا القنابل الصوتية وبرضوض، وتم نقل اصابتين الى المستشفى لتلقي العلاج.
واعتقلت قوات الاحتلال أربعة شبان من داخل المسجد الأقصى وساحاته.
تصعيد خطير
وفي تصعيد بالمسجد الأقصى استخدم جنود الاحتلال "الأكسجين" والآلات الحديدية وقامت القوات بقص الحمايات الحديدية لنوافذ المصلى القبلي من الجهة الشرقية، واستخدمت القوات ترسا حديديا خلال اقتحمها الأقصى لصد القاء الحجارة.
وتعمدت قوات الاحتلال تحطيم النوافذ وتكسير الرخام خلال اعتلاء اسطح المسجد القبلي.
مدير المسجد الأقصى المبارك
وقال الشيخ عمر الكسواني مدير المسجد الأقصى المبارك لوكالة معا أن سياسات الحكومات الإسرائيلية في المسجد الأقصى تزداد تصعيدا كل عام، وطالبنا خلال الأيام الماضية من شرطة الاحتلال إغلاق باب المغاربة وعدم السماح للمستوطنين باقتحام المسجد خلال "عيد المظلة" حفاظا على حرمته، الا انها رفضت طلبنا وهذا يدل على نيتها المبيتة لاقتحام المسجد ومهاجمة المصلين مستخدمة القنابل الصوتية والأعيرة المطاطية، وذلك بدعم من الحكومة الاسرائيلية.
وأضاف الشيخ الكسواني أن 28 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى خلال فترة الاقتحامات الصباحية على شكل مجموعات متتالية (18 مستوطنا، 6 مستوطنين، 4 مستوطنين)، وقال:" حتى لو كانت أعداد المستوطنين المقتحمين للأقصى قليلة الا أن قوات الاحتلال اقتحمت الأقصى واعتدت على المصلين لتوفير وتأمين دخول المستوطنين الى المسجد، في وقت منعت كافة المسلمين من الدخول اليه، لافتا أن القوات منعت دخول المسلمين الرجال يوم أمس منذ صلاة المغرب حتى فجر اليوم، وبعد الساعة السابعة صباحا اغلقت الأقصى بشكل كامل ولم تسمح لأحد بالدخول.
وأضاف الكسواني أن سلطات الاحتلال تحاول تمرير مخطط "تقسيم المسجد الأقصى زمانيا" بالقوة، ورغم انكار الحكومة الاسرائيلية، الا ان ما يجري على أرض الواقع يثبت ذلك (حيث الاقتحامات الغاشمة ومنع المسلمين من دخوله.)
وأوضح الشيخ الكسواني أن 12 شابا أصيب بالأعيرة المطاطية والعشرات بحالات الاختناق خلال حصارهم بالمسجد القبلي، فيما أصيب 4 آخرين بالهراوات بعد الاعتداء عليهم أثناء تواجدهم في الساحات، موضحا ان اصابة لأحد الشبان بالوجه (منطقة الفم).
مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى
من جهته قال مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى الشيخ عزام الخطيب لوكالة معا :"ما جرى في الأقصى هو احتلال جديد له، حيث اقتحمته قوات الاحتلال منذ ساعات الصباح لتأمين دخول المستوطنين، في وقت منعت فيه المسلمين من الدخول، لافتا أن وحدات الاحتلال الخاصة ووحدة القناصة تمركزت في الجهة الشرقية للمسجد الأقصى كما بقى أفراد من وحدة القناصة على سطح القبلي حتى الساعة 12ظهرا، رغم انسحابها من ساحة المسجد القبلي.
رئيس مجلس الأوقاف
بدوره قال رئيس مجلس الأوقاف الشيخ عبد العظيم سلهب :" اغلق اليوم الأقصى بوجه المسلمين، وسلطات الاحتلال تريد وتسعى لتغيير الوضع التاريخي فيه، لكننا نؤكد على إسلامية المسجد وعدم وجود أي حق لليهود فيه."
وشدد الشيخ سلهب على ضرورة الالتفاف والتواجد والرباط في المسجد الأقصى المبارك، والمواظبة على الصلاة فيه في كل الأوقاف والأيام، وقال:" الرباط عبادة وسلطات الاحتلال تريد أن تجعلها مخالفة للقوانين وحق العبادة كفلته كافة القوانين الدولية."
وزير القدس الأسبق ومسؤول ملف القدس في حركة فتح
وزير القدس الأسبق ومسؤول ملف القدس في حركة فتح حاتم عبد القادر قال :"اننا نعيش اليوم ذات الظروف التي واكبت الانتفاضة الثانية في القدس والأقصى، وما يشهده الأقصى اليوم هو الأخطر منذ الاحتلال، لكن للأسف ردود الفعل المحلية والعربية لا تتناسب مع ما يجري في المسجد والقدس، ويعود ذلك لعدة أسباب وهي منع المتظاهرين الفلسطينيين من الوصول الى مناطق التماس تعبيرا عن غضبهم لما يحدث في الأقصى، وانقسام العرب وانشغالهم بشؤونهم الداخلية وعدم تحركهم لما يحدث في الأقصى."
وأضاف عبد القادر:" يبقى الموقف الأردني والذي يعمل حسب إمكانياته، فهو يجري اتصالاته السياسية والدبلوماسية، لكن يبدو انها لم تعد مجدية، فاسرائيل تواصل تصعيدها باقتحام الأقصى ومنع المسلمين من دخوله، ولديها توجهات واضحة للتصعيد في المسجد.
وحذر عبد القادر من التصعيد والسياسة الاسرائيلية في الاقصى، وقال:" رغم الصمت العربي والدولي فإن المقدسيين لن يقفوا مكتوفي الايدي امام استمرار الانتهاكات، فلا هدوء في القدس في ظل الاقتحامات."
تقرير: ميساء أبو غزالة