بيت لحم – معا - بعث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة لاسرائيل عندما قال ان بلاده تشعر بالقلق الشديد ازاء الهجمات التي نفذتها الاخيرة في سوريا.
جاء هذا التصريح للرئيس الروسي عقب اللقاء الذي جمعه ليلة أمس مع الرئيس الأمريكي باراك اوباما على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة وفقا لما نشره موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" ، وتطرق بوتين في سياق تصريحه للوضع السوري مؤكدا عدم اسقاط مشاركة روسيا في الهجمات الجوية على تنظيم "داعش" ، في حين أكد بشكل لا يدعو للشك بأن بلاده لن تشارك في أي عمليات ميدانية على الأرض ، ولن تشارك في العمليات البرية في سوريا .
وفيما يتعلق بموقف بلاده من الأزمة السورية عاد ليؤكد على الموقف الروسي بأن الشعب السوري هو الذي يقرر مصير بقاء بشار الاسد من عدمه ، وليس الرئيس الأمريكي اوباما أو الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند .
وقال بوتين في مؤتمر صحفي عقده في نيويورك فجر الثلاثاء 29 سبتمبر/أيلول إنه ناقش مع الرئيس أوباما مختلف جوانب التسوية في سوريا بشكل عام وعلى وجه الخصوص محاربة المنظمات الإرهابية هناك.
وأشار بوتين إلى أن روسيا تدرس مسألة زيادة الدعم لأولئك الذين يقاتلون حقا "في الميدان" ضد الإرهابيين بما فيهم "الدولة الإسلامية"، كالجيش السوري ووحدات الحماية الكردية.
مضيفا أن بلاده تدرس كيفية مواصلة دعم الجيش السوري في الحرب ضد الإرهاب، ولافتا إلى أن عملية مكافحة الإرهاب في سوريا يجب أن تسير بشكل متواز مع العملية السياسية في البلاد، مشددا على أن الحديث هنا لا يدور ويجب أن لا يدور عن مشاركة القوات الروسية في عمليات برية هناك.
وأكد بوتين أن روسيا تدرس إمكانية المشاركة في غارات جوية ضد "داعش" في سوريا والعراق لكن في إطار القانون الدولي فقط.
وفي رده على سؤال حول المركز المعلوماتي الخاص بمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية"، والذي تم الإعلان عن إقامته في بغداد، أشار بوتين إلى أن هذا المركز مفتوح لمشاركة جميع الدول المعنية بمكافحة الإرهاب. كما ذكر أن التحالف الواسع الذي تقترح روسيا تشكيله لهذا الهدف، قد يضم كلا من إيران والأردن وتركيا، والمملكة العربية السعودية وغيرها من دول المنطقة.
وتعليقا على إصرار كل من أوباما ونظيره الفرنسي فرانسوا هولاند على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد قال بوتين إن "أوباما وهولاند ليسا مواطنين سوريين ولا يمكن أن يشاركا في تقرير مصير الشعب السوري".
على صعيد آخر أعرب بوتين عن أسفه لتراجع مستوى العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة إلى مستويات منخفضة جدا، ملقيا باللوم على الجانب الأمريكي، ومشيرا إلى أن هذا الأمر يعتبر سيئا، سواء لما له من انعكاسات على مستوى العلاقات الثنائية والقضايا الدولية، مؤكدا أن روسيا مستعدة دائما لتطوير العلاقات وللتقارب.
وكشف بوتين أن لقائه بأوباما كان فعالا للغاية، والممتع فيه أنه كان شفافا وصريحا، وأن الجانب الأمريكي كشف عن موقفه بوضوح تام فيما يخص العديد من القضايا، بما في ذلك تسوية الوضع في أوكرانيا، والقضية السورية والشرق الأوسط بشكل عام.
وأكد بوتين أن الكثير من وجهات النظر والمواقف كانت متطابقة مع الجانب الأمريكي، إلا أن الأمر لم يخل من بعض الاختلافات حول بعض القضايا التي تم الاتفاق على العمل معا لتسويتها، معربا عن أمله أن يكون هذا العمل بناء.
وفيما يتعلق بإمكانية زيادة مشاركة الولايات المتحدة في حل الصراع في أوكرانيا، قال بوتين إن الولايات المتحدة تشارك بنشاط في هذه المسألة على الرغم من أن مشاركتها لا تصل إلى ذلك المستوى الذي تقوم به روسيا وفرنسا وألمانيا في إطار ما يسمى "تشكيلة النورماندي".
وأضاف بوتين أن الولايات المتحدة تقف وراء سلطات كييف، وهي على اتصال دائم مع الأوروبيين بهذا الخصوص، ونشأت علاقات عمل جيدة ومنتظمة مع روسيا على مستوى وزارة الخارجية، مضيفا أن مشاورات اليوم أظهرت أن زملاءنا الأمريكيين على اطلاع كامل وبالطبع يؤثرون على هذه العملية.
كما تطرق الرئيس الروسي إلى سياسة العقوبات التي تمارسها الولايات المتحدة وغيرها من دول الغرب ضد موسكو على خلفية الأزمة الأوكرانية، قائلا إنها سياسة "غير فعالة لا سيما ضد بلد مثل روسيا".
يذكر أن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة شهدت ترديا شديدا في ضوء الأوضاع في أوكرانيا، ففي أواخر يونيو/حزيران من العام الماضي، وسعت واشنطن عقوباتها ضد روسيا، فتحولت من عقوبات كانت مفروضة ضد أشخاص وشركات معينة إلى عقوبات موجهة ضد قطاعات من الاقتصاد الروسي.
وأفادت وكالة "تاس" بأن المحادثات بين الرئيسين بوتين وأوباما اليوم جرت وراء الأبواب المغلقة في مقر الأمم المتحدة في قاعة المشاورات التابعة لمجلس الأمن الدولي، علما أن روسيا تتولى رئاسة المجلس هذا الشهر.
ويعد هذا اللقاء بين الرئيسين الأول منذ عام 2013، عندما أجريا محادثات على هامش قمة "الثماني الكبار" في إيرلندا الشمالية، ومع أنهما أجريا في العام ذاته لقاء آخر على هامش قمة "مجموعة العشرين" في سان بطرسبورغ، إلا أنه كان لقاء قصيرا دام نصف ساعة فقط، أكد فيه الرئيسان موقفهما من الملف السوري دون أن يسجلا أي تقارب في الآراء بشأنه.