الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

نتنياهو يبحث عن مفر من عملية كبيرة

نشر بتاريخ: 06/10/2015 ( آخر تحديث: 08/10/2015 الساعة: 14:34 )
نتنياهو يبحث عن مفر من عملية كبيرة
بيت لحم- معا- يدرك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يعيش بين مطرقة العنف المتصاعد في القدس والحلول المعروفة والتي ليس بالضرورة أن تكون ناجعة "هدم المنازل وغيرها" أن تنفيذ عملية عسكرية كبيرة، ستحطم السلطة دون أن يكون الهدوء وعودة الامن مضمونة.

كانت جلسة "الكابينت" التي عقدت أمس جلسة المشاورات الثانية التي يعقدها نتنياهو خلال 48 ساعة منذ عودته من نيويورك، وفي الجلستين لم يكن هناك مجال لتوقع صدور أي شيء أو صدور بشرى كبيرة.

ستواصل القيادة الاسرائيلية إصدار التصريحات القوية ضد "الإرهاب الفلسطيني" على امل ان تؤدي هذه التصريحات الى تراجع حدة غضب المستوطنين، لكن الاجراءات التي اعلن عنها حتى الان مثل تكثيف الاعتقالات الادارية وهدم منازل "المخربين" هي اجراءات قديمة وبضاعة قديمة يحاول نتنياهو مجددا ان يسوقها للجمهور الاسرائيلي.

وأضاف "عاموس هرئيل" المحلل العسكري لصحيفة "هأرتس" في تحليله المنشور اليوم الثلاثاء، عمليا لا يوجد هنا انقلابات كبرى، يبدو أن الأمل يحدو رئيس الوزراء بان يكون الرد الحالي كافيا "تعزيز القوات، حملات اعتقال، جمع معلومات استخبارية عبر التحقيقات، تنسيق محسن مع اجهزة الامن الفلسطينية" لتهدئة الاوضاع بشكل تدريجي.

عملية هدم منازل "المخربين" في الضفة عقوبة يعود نتنياهو للتلويح بها كل عدة اشهر منذ مقتل "باروخ مزراحي" قرب الخليل قبل عام ونصف.

وهنا اختلف خبراء مكافحة الارهاب في جدوى هذا الاجراء "لجنة عسكرية رسمية أوصت عام 2005 بإلغاء سياسة هدم المنازل" و يبدو ان نتنياهو اكثر واقعية من وزيره "يسرائيل كاتس" الذي طالب عشية العيد بتنفيذ عملية "السور الواقي 2".

وتعتبر عملية قتل المستوطنين قرب "ايتمار" واعتقال افراد الخلية المنفذة بسرعة العملية الوحيدة التي شذت عن سلسلة العمليات من حيث كونها منظمة فيما كانت كافة العمليات الاخرى فردية لا تستند لبنية تحتية تنظيمية.

وتحرك معظم منفذي العمليات انطلاقا من دافعين اساسيين الاول: اتهام السلطة والحركة الاسلامية في الداخل، اسرائيل بمحاولة تغيير الوضع القائم في المسجد الاقصى، والثاني الغضب الذي تفجر في اعقاب جريمة حرق عائلة دوابشة في قرية "دوما" التي لم يتم حتى الان اعتقال المجرمين الذين ارتكبوها.

يتمتع هذه الايام الجيش الاسرائيلي بحرية عمل كبيرة وواسعة، فحين يتلقى اسم مطلوب من قبل جهاز الشاباك في قصبة مدينة نابلس أو في مستشفى رفيديا مثلا كما حدث خلال اعتقال المشتبهين بقتل المستوطنين، لا توجد أي صعوبة أو عراقيل تحول دون اعتقالهم خلال ساعات، وإذا كان وزير الاستخبارات "يسرائيل كاتس" يتخيل وجود خلايا "ارهابية" تعمل بحماية السلطة دون حسيب أو رقيب يفضل ان يكرس وقت اطول لقراءة التقارير التي يحصل عليها.

ان النتيجة الوحيدة لعملية "السور الواقي 2" هي تحطيم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، لكن هذا بالضبط الذي يجب على نتنياهو في الوقت الحاضر تجنبه والامتناع عنه خاصة وان هناك شكوكا كبيرة في نجاعة هذه الخطوة في مجال مكافحة "الارهاب"، لذلك فإن الرد الوحيد حاليا بالنسبة لنتنياهو والمؤسسة الامنية يتمثل بتكثيف وتوسيع تطبيق السياسة القائمة حاليا، وليس محاصرة مقر المقاطعة في رام الله بالدبابات كما فعل ارئيل شارون في نيسان 2002.

في الطريق الى الانتفاضية الثالثة
اقترح الكاتب والصحفي "ناحوم برنيع" العامل في صحيفة "يديعوت احونوت" عشية العيد اليهودي "ان ينادوا الولد باسمه" والقول "انتفاضة ثالثة" وقال "بارنيع" وهو محق في ذلك إن الحكومة تحاول ان تتهرب من هذا، لان الاعتراف بوجود الانتفاضة الثالثة يمثل اعترافا منها بالفشل في ضمان امن المواطنين وانطلاقا من ذات المنطق امتنعت الحكومة ايضا عن تسمية المعركة الاخيرة في غزة صيف 2014 بالحرب وأصرت على تسميتها "عملية الجرف الصامد" وبهذا وفرت على نفسها دفع التعويضات الكبيرة للمدنيين الذين اصيبوا أو تضرروا اقتصاديا نتيجة الحرب.

اذا ما ركزنا على الاحصائيات "الجافة" الخاصة بالمؤسسة الامنية قتل خلال عام 2014 نتيجة عمليات في الضفة الغربية وداخل الخط الاخضر 14 اسرائيليا "هذا الرقم لا يشمل من قتلوا نتيجة الصواريخ التي اطلقت من غزة" مقابل 8 قتلى فقط طيلة الاشهر التسعة الاولى من العام الجاري مع تسجيل ارتفاع واضح في عدد حوادث القاء الحجارة وإعمال العنف في القدس المستمرة بشكل متواصل منذ سنة تقريبا، وهنا يجب ان نضيف اجواء الهستيريا التي خلقتها طبيعة التواصل الاجتماعي التي اثرت وتؤثر على ردود السياسيين.

رغم ان موجة العمليات التي شهدها الاسبوع الماضي هي خطيرة بحد ذاتها لكنها لا ترقى الى مستوى الانتفاضة الشاملة لان عدد المشاركين في المظاهرات التي تشهدها المدن الفلسطينية لم يصل حتى الان الى المئات او الاف في كل المدن، كما حدث في الانتفاضتين السابقتين فيما لم يصل العنف تقريبا حتى الان الى داخل الخط الاخضر، ففيما هزت عملية قتل المستوطنين القدس استضافة تل ابيب حفلة "روك" كبيرة اضافة لخروج مظاهرة غير مسبوقة من حيث الحجم تطالب بحماية حقوق الحيوانات.

بقي ان ندرس كيفية تأثير ما يجري في القدس والضفة على ساحتين اضافيتين: "عرب اسرائيل" وقطاع غزة حيث ساد فيهما الهدوء النسبي حتى مساء امس لكن من الواضح ان استمرار العنف وسقوط القتلى سيؤثر على الوضع في الساحتين.

لا زال التنسيق الامني بين اسرائيل والسلطة قائما، لكن مستوى هذا التنسيق مختلف من منطقة الى اخرى، وأعاد الامن الفلسطيني في الايام الاخيرة ثمانية اسرائيليين ضلوا طريقهم ودخلوا مناطق السلطة، وفي المقابل يلاحظ في بعض المناطق تراجع مستوى استجابة قادة المناطق الفلسطينية لطلبات الجيش الاسرائيلي.

هناك عنصر قلق آخر ضمن موجة العنف الحالية ويتمثل في العنف القادم من الجانب الاسرائيلي.

وأشار الجيش والشاباك خلال الاستشارات الامنية الاخيرة بقلق شديد الى ازدياد هجمات نشطاء اليمين المتطرف والمستوطنين والتي تشمل الحاق الضرر بالممتلكات الفلسطينية ما استدعى تخصيص قسم من القوات المنتشرة في المنطقة لتهدئة المستوطنين بدلا من مطاردة الخلايا "الارهابية".

ويتغذى العنف اليهودي "وبحق" من الرد الغاضب على عمليات القتل التي راح ضحيتها عائلات استيطانية في شمال الضفة والبلدة القديمة من القدس، لكن ايضا من التصريحات غير المسؤولة التي يدلي بها السياسيون والادعاءات القائلة بغياب الأمن والحماية لضباط الجيش وان الجيش يعمل بأيد مكبلة وهذه ادعاءات لا اساس لها من الصحة، حيث قال رئيس الاركان "ايزنكوت" انه يملك في هذه المرحلة كافة الوسائل المطلوبة لمواجهة العنف بمستواه الحالي.

وعلى خلفية كل هذا يطالب المستوطنون وممثلوهم من السياسيين برد صهيوني حاسم وبناء مستوطنات واحياء استيطانية جديدة، ويبدو ان نتنياهو سيجد صعوبة في الاستجابة لهذه المطالب بسبب الضغوط الدولية.

ويقترح نتنياهو كبديل عن ذلك شق وتعبيد طرق التفافية جديدة وهذا تعويض يحتاج وقتا طويلا لتنفيذه، اضافة الى كونه حلا اشكاليا اذ يحول استخدام الاسرائيليين طرقا خاصة بهم المستوطنين الى اهداف واضحة يمكن "للمخربين" الفلسطينيين استهدافها دون تفكير عبر كمائن ينصبونها على جنبات هذه الطرق. اختتم "هرئيل" تحليله المطول.