بيت لحم -معا- حقق برنامج التعليم غير النظامي والذي يشمل برنامجي محو الامية والتعليم الموازي نجاحا وانتشارا واسعا بين ابناء شعبنا يعكس مقدار الوعي المجتمعي بأهمية التعليم والتعلم في التطور الفكري والثقافي والعلمي وفي رفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي للفرد وزيادة انتاجيته، حيث لاقى البرنامج استحسانا واسعا واعتبره الكثيرون فرصة لتعويض ما فاتهم من التعليم.
وفي تصريح لها , أفادت مدير عام التعليم العام في وزارة التربية والتعليم العالي خلود ناصر ان برنامج محو الأمية بدأ في العام 1997 بعد المؤتمر الخامس لتعليم الكبار في حين بدأ برنامج التعليم الموازي عام /20052004 ، عند بداية العمل في برنامج تعليم الكبار كانت نسبة الامية في فلسطين 13.9% ومع كل سنة تمر علينا كانت تنخفض نسبة الامية في فلسطين لتصبح 3.1% ، ليوفر البرنامج مظله تعليمية لمن فاتتهم فرصة استكمال التعليم الذي ينشدون.
واشارت ناصر إلى قرار الوزارة المتعلق ببناء برنامج متخصص في التعليم غير النظامي والنابع من مبدأ التعليم للجميع ومن الايمان بأن عملية التعلم هي عملية مستمرة لا تتوقف عند مرحلة عمرية معينة كما أشارت الى استراتيجية تعليم الكبار التي يتم بناؤها بالتعاون مع الجهات الحكومية وغير الحكومية التي تعنى بالموضوع. فبالاضافة الى العمل على الحد من التسرب المدرسي، لا بد أيضا أن نوفر الدعم اللازم لمن لم يحالفهم الحظ باستكمال تعليمهم فقد يكون ذلك نقطة تحول حقيقية في حياتهم...
وأفادت بأن الجهود متواصلة بهدف نشر الوعي لدى المواطنين بأهمية تعليم الكبار وبوجود هذه البرامج التي تمنحهم فرصة أخرى وتدعم حقهم في التعليم وتعزز مهاراتهم الاساسية. وبينت أن أهمية البرنامج تنبع من مدى تأثيره على حياة كل فرد التحق به، ولذلك نحرص على تبني آليات للوصول الى الجميع من خلال التعاون والشراكات مع المؤسسات ذات العلاقة.
وقل رب زدني علما
موسى ابراهيم الزير 51 عاما من قرية حرملة هو احد المستفيدين من البرنامج ويعمل مزارعا ومؤذنا في مسجد حرملة, اشترك في مشروع محو الامية في العام 2013 بهدف التقدم للحصول على رخصة قيادة مركبة عمومي لتحسين وضع اسرته المادي, ووجه رسالته باهمية متابعة التحصيل الدراسي وعدم اليأس والاستسلام للجهل بل هو مدعى للفخر انطلاقا بأن طلب العلم فريضة على كل مسلم.
كما روى عيسى معالي البالغ من العمر 60 عاما قصته حيث يعمل امام وخطيب مسجد في مخيم الدهيشة, حيث اضطر لظروف خاصة ترك المدرسة بعد انهاء الصف السادس الاساسي على الرغم من تفوقه بهدف اعالة افراد اسرته, ولكن بقيت لديه الرغبة في العودة لمقاعد الدراسة خاصة بعد ان تخرج اصدقاؤه من الجامعات. ولكن تعلقه بحفظ القرآن الكريم وتعلم احكامه كان حافزا وداعما له ليعود الى الدراسة بعد انقطاع دام اكثر من 30 عاما لاكمال مسيرته التعليمية فالتحق في برنامج تعليم الكبار في مركز مدرسة ذكور الخلفاء الراشدين الثانوية ليتأهل بعدها لاكمال امتحان الثانوية العامة وبعدها للالتحاق في جامعة القدس المفتوحة لدراسة التربية الاسلامية ليكون زميلا لابنه علاء في الجامعة ويستذكر معالي فرحة حصوله على الشهادة الجامعية وسط اعجاب وتقدير عائلته وجيرانه وعززت هذه التجربة لديه القدرة على القيام بواجبات عمله كإمام مسجد ملم باصول الدين والفقه والاحكام على اسس علمية وفق ما تعلمه في الجامعة.
وفيما ينتقد الكثيرون تعليم المرأة في سن متأخرة ويعتقدون انه لا ضرورة له واحيانا ينظرون اليه على انه امرا مرفوضا, الا انه في الاتجاه الآخر, هناك نساء يخالفن هذا الرأي تماما مثل السيدة فاطمة طقاطقة التي تبلغ من العمر 52 عاما وتعمل باحثة اجتماعية في مديرية الشؤون الاجتماعية تروي قصتها التي تؤكد على أن المرأة الفلسطينية بما آتاها الله من قوة التحمل والصبر على تحمل المسؤوليات الاسرية واعطاء ابنائها حقهم من الدعم الاجتماعي والتواصل الاسري قادرة على اكمال مسيرتها التعليمية على الرغم من زواجها المبكر وانقطاعها عن التعليم لعدم وجود مدارس ثانوية في قريتها آنذاك.
ولكن حلم التعليم كان هاجسا وحلما لديها بدأت بتحقيقه بعد زواج دام 22 عاما بعد ان التحقت بامتحان المستوى للصف التاسع وعلى الرغم من كبر سنها اجتازت الامتحان بنجاح لتواصل تعليمها وتتقدم لامتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة " التوجيهي " ليكلل كفاحها ومثابرتها بالنجاح على الرغم من مسؤولياتها الجمة كأم وربة بيت, مما شجعها على المضي قدما لاقناع زوجها باكمال دراستها الجامعية لتتخرج بعد اربع سنوات بتخصص خدمة اجتماعية وهي بعمر 42 سنة, هذا الانجاز شجعها للتقدم لسوق العمل حتى اصبحت الآن باحثة اجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية قادرة على انصاف نفسها واحداث التغيير وصنع القرار في اسرتها.
ولعل هذه النماذج المشرفة من قصص النجاح التي اشرت اليها في التقرير ما هي الا غيض من فيض, ولكننا نستدل منها على ان التعليم ليس مقتصرا فقط على فئة صغار السن في المجتمع بل هو حق مكفول للجميع وعندما نستثمر في التعليم فاننا نستثمر في الكرامة الانسانية والتنمية المستدامة.
ولهذا كل عليه مسؤولية تعميم هذا البرنامج لمساعدة آلاف الاشخاص الذين حرموا من التعليم على ان يخطوا بايديهم صفحات من الفرص السانحة في التعليم في حياتهم بتضافر جميع الجهود ليتم اطلاق حملات توعوية مكثفة تتولاها وزارة التربية والتعليم العالي بالتعاون مع المؤسسات الرسمية والدينية ووسائل الاعلام تهدف الى محاصرة الامية من اجل القضاء عليها مستقبلا, فالسمة الشائعة لمجتمعنا الفلسطيني هي السعي وراء العلم و التعليم على الرغم من جميع الظروف والتحديات.
خلود الدراس : رئيسة قسم العلاقات العامة والاعلام تربية بيت لحم