نشر بتاريخ: 25/10/2015 ( آخر تحديث: 25/10/2015 الساعة: 19:40 )
غزة - معا - دعا ممثلو منظمات اهلية وحقوقيون وأساتذة جامعات وأكاديميين إلى ضرورة تكثيف الجهود لتوحيد المنظومة القانونية والتشريعية في فلسطين وتعزيز سيادة القانون في المجتمع الفلسطيني مطالبين في ذات الوقت بالإسراع في إنهاء الانقسام الذي يشكل عقبة أساسية أمام تطبيق القانون وضمان العدالة.
وطالب المشاركون السلطة التنفيذية والتشريعية بضرورة اشراك كافة القطاعات المجتمعية في مناقشة القضايا المهمة الخاصة في صياغة القرارات والخطط وصولا لشراكة حقيقية مشددين على أهمية إعداد الدراسات والأبحاث المتعلقة بالقضايا والمشاكل المجتمعية كالفقر والبطالة وقضايا المرأة والطفل وتنظيم حملات المناصرة والضغط والرقابة الفعالة.
جاء ذلك خلال المؤتمر الذي نظمته شبكة المنظمات الأهلية بعنوان دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز سيادة القانون في مدينة غزة. يأتي هذا المؤتمر ضمن مشروع " تعزيز دور المنظمات الأهلية في المناصرة والرقابة على سيادة القانون في قطاع غزة" بمشاركة ممثلين عن قطاعات واسعه من المجتمع.
وأكد أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية على أهمية تعزيز مبدأ سيادة القانون في مجتمعنا الفلسطيني وبخاصة في ظل التداعيات الخطيرة التي تمر به ، لا سيما الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على أبناء الشعب الفلسطيني، وفي ظل الحصار القائم منذ مايزيد على تسع سنوات وفي ظل الانقسام والصمت الدولي تجاه انتهاكات الاحتلال وممارساته.
ولفت الشوا إلى أن هذا المشروع ينفذ بالشراكة مع ال UNDP وتضمن العمل أكثر من 40 ممثل لمؤسسات أهلية من قطاعات مختلفة وتدريبهم على مختلف المجالات المتعلقة بالقانون والتشريع والمساءلة والرقابة على قطاع العدالة والمناصرة والضغط ، موضحا أنه تم تطوير دراسة تطرقت إلى الآثار الاقتصادية والاجتماعية والقانونية التي خلفها تعطل عمل المجلس التشريعي، كما تم إعداد ورقة موقف حول هذا التعطيل وضرورة إعادة تفعيله.
من جهتها لفتت أمال صيام عضو الهيئة الإدارية للشبكة إلى أن تنظيم هذا المؤتمر يأتي في ظل ظروف صعبة وحرجة يعيشها الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية وغزة نتيجة إلى ما تقترفه قوات الاحتلال الإسرائيلي من جرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني، موضحة أنه في الوقت الذي تنظر فيه شبكة المنظمات الأهلية إلى أهمية تعزيز سيادة القانون في مجتمعنا الفلسطيني الا انها تنظر بعين الخطورة الى استمرار الاحتلال لارضنا الفلسطينية الذي يعتبر وجوده منافياً موضوعياً إلى مبدأ سيادة القانون باعتباره قوة غاشمة غير شرعية وتنتهك القانون الدولي والإنساني.
وقالت صيام إن شبكة المنظمات تعمل من خلال تمكين أعضائها من أجل الإيفاء بمسؤولياتهم اتجاه تعزيز صمود أبناء الشعب الفلسطيني وتمكينهم على مختلف المستويات من أجل نيل حقوقهم إضافة إلى جهودها محليا وإقليميا ودوليا لمصلحة قضيتنا الوطنية.
بدوه قال ماهر وهبة ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في كلمته "إن التمكين القانوني وتعميم المعرفة القانونية وتوعية ودعم سيادة القانون وبخاصة الفئات الهشة هو قضية العصر، حيث أصبح العالم يتقدم بشكل لافت كونه أدرك بأن تحقيق التنمية ينطلق أولاً من فهم واستيعاب وتطبيق مفاهيم التمكين القانوني، لاسيما أن التمكين القانوني هو المدخل للتمكين الاقتصادي وتحقيق الاستقلال الاقتصادي، وبالتالي الاستقلال الذاتي والفكري وبالتالي يؤسس للاستقلال الوطنية.
وأشار وهبة إلى أن الحق للوصول في العدالة هو حق مكفول بموجب الاتفاقيات المعنية بحقوق الإنسان، ولكن هذا الحق يصطدم بالواقع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي يمر به المجتمع الفلسطيني نتيجة الضغوط الاجتماعية والنفسية الناجمة عن الوضع المتردي في فلسطين، مؤكدا على أن الهدف الأساسي من هذا النوع من اللقاءات هو تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في دعم مفاهيم السلم الأهلي والتسامح وتعزيز تماسك النسيج المجتمعي وفق المبدأ الأساسي لتطور المجتمع وهو مبدأ القانون.
وكان المؤتمر قُسم إلى جلستين، الأولى منها ترأسها نائب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان حمدي شقورة، حيث تحدث فيها الدكتور محمد أبو سعده عميد كلية القانون بجامعة فلسطين عن سيادة القانون في إطار البيئة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مؤكداً على أن كل مجلس تشريعي فلسطيني خلال مدة ولايته غير الشرعية التي تصل إلى 10 سنوات تتراوح رواتب أعضائه ما بين 42 إلى 45 مليون دولار، دون النفقات التشغيلية، وهذا بحد ذاته يعتبر انتهاكاً لحقوق المواطنين في الجوانب الاقتصادية.
وأشار أبو سعدة إلى أن انطلاق القانون وعلو شأنه لا يمكن أن تتم إلا بتطبيق مبدأ سيادة القانون على الصعيدين الدولي والمحلي، ومادون ذلك نبقى في إطار المبررات وإضاعة الوقت وعدم تطبيق القانون لأن سيادة القانون في حد ذاته هو هدف وليس فيه مجال للاجتهاد ، لكن المشكلة هنا تكمن في الفهم العام لهذا المبدأ.
فيما تحدث مدير جمعية التنمية الزراعية تيسير محيسن في ورقته عن دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز وترسيخ مفاهيم سيادة القانون ، مشيرا إلى أن مؤسسات المجتمع المدني تؤدي دور الحسم في الكثير من القضايا المحورية والمفصلية في المجتمع ، وهي بذلك تكون أداة تدعم وتؤدي دور أساسي في تعزيز مفاهيم الديمقراطية والحقوق المدنية وقواعد الحكم الرشيد.
كما تطرق محيسن إلى الحالة الفلسطينية والتي وصفها بأنها تتسم بالتعقيد ، لما تمر فيه مرحلة انتقالية من التقليدي إلى الحديث ومن الاحتلال إلى الاستقلال ومن العرف إلى القانون. وأكد محيسن على أن النظام السياسي لا يمكن أن يكون ديمقراطيا دون تعزيز المواطنة والحفاز على التعدد والتنوع والمساواة أمام القانون ومساءلة أصحاب القرار ومحاسبتهم.
من ناحيته تحدث المحامي صافي الدحدوح نائب نقيب المحامين في غزة في ورقة عمله حول " انتهاكات الاحتلال وأثر الانقسام على واقع عمل المؤسسات القانونية"، موضحا ومؤكدا على أن العديد من المشاكل برزت نتيجة الانقسام منها التشريعات التي صدرت في غزة والضفة خلافا للقانون الأساسي والقوانين الأخرى وهذا بات يخلق مراكز قانونية مختلفة في شطري الوطن وتمهد لانقسام قضائي وقانوني
وطالب الدحدوح بضرورة إنهاء حالة الانقسام السياسي والقضائي والقانوني واستعادة وحدة المؤسسة الفلسطينية بالكامل ودمج القضاء ومكونات العدالة الفلسطينية وتوحيد التشريعات بأسرع وقت ممكن وإعادة النظر في كافة التشريعات التي صدرت خلال فترة الانقسام.
وفي الجلسة الثانية التي ترأستها نوال الدغمة مدير جمعية النجدة الاجتماعية تحدثت نادية أبو نحلة مدير طاقم شؤون المرأة عن " واقع سيادة القانون فيما يخص قضايا المرأة ودور المؤسسات النسوية في تعزيز مفاهيم سيادة القانون"، وتطرقت إلى الحديث عن التشريعات الانقسامية مؤكدة على أن الانقسام الفلسطيني مس جوهر سيادة القانون ووحدة النظام القضائي حيث أدى إلى الفصل بين المؤسسة التشريعية ، مما دفع طرفي الانقسام إلى إصدار تشريعات وقوانين في كل من غزة والضفة.
كما دعت إلى ضرورة تدريب وتمكين القائمين على إنفاذ القانون مثل النيابة العامة والشرطة والمباحث والوزارات بما ينسجم مع المعايير الدولية لحقوق الانسان وضرورة تضمين احترام حقوق الإنسان ومضامين مساواة النوع الاجتماعي في الأماكن الشرطية والنيابة العامة.
وعن دور الإعلام في ترسيخ وتعزيز مفاهيم سيادة القانون تحدث الاعلامي تامر المسحال مشيرا إلى أن أهم مقياس لقوة القانون ونفاذه هو الإعلام وبالتالي يجب احترام جميع السلطات لحرية الرأي والتعبير، كما أنه من الضروري التزام الإعلام بسيادة القانون وفهم الدور القانوني له من خلال وعي وفهم الإعلاميين للقوانين الخاصة بتنظيم عملهم وتعزيز مبدأ سيادة القانون.
كما طالب المسحال بضرورة تطوير القانون الفلسطيني بما يتناسب مع التحديات العصرية المختلفة وخاصة مسودة قانون الإعلام الصادرة في العام 1996 بما يعزز حرية الرأي والتعبير على قاعدة التزام الإعلاميين بواجباتهم ومسؤولياتهم والاستفادة من خبراتهم.
من جانبه قال الحقوقي والأكاديمي الدكتور عدنان الحجار في مداخلته بعنوان "آليات المساءلة وسيادة القانون"، إنه ولضمان سيادة القانون والفصل بين السلطات التي تحدث عنها القانون الأساسي "الدستور"، ومجمل الحقوق التي يجب أن يتمتع بها المواطن الفلسطيني، ولكن هذه النصوص والمبادئ لا تُطبق، وهذا شيء محزن للغاية في ظل الانقسام.
وأكد الحجار على أن نصوص القانون تضمن المساءلة وتطبيق مبدأ سيادة القانون على الجميع دون استثناء، حيث أن دور السلطة التشريعية هو دور رقابي على عمل السلطة التنفيذية، والقانون الأساسي وضع مجموعة من النصوص التي تضمن ذلك من خلال المساءلة والاستجواب وحجب الثقة عن الحكومة، ولكن مجمل هذه الأدوات بقيت معطلة بعد الانقسام وفي ظل غياب أدوات الرقابة تحدث الانتهاكات لسيادة القانون على المستوى السياسي والاقتصادي كما هو حاصل اليوم.