الأحد: 08/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

تريثوا .. لا تكافئوا إسرائيل على ما لا تستحق !! بقلم : وليد ظاهر

نشر بتاريخ: 19/09/2005 ( آخر تحديث: 19/09/2005 الساعة: 12:44 )
الدانمارك - معا - في محاولة لكبح اندفاعه المهرولين واللاهثين وراء التطبيع مع إسرائيل بذريعة تحرير قطاع غزة، أصدرت رابطة علماء فلسطين يوم الخميس الماضي فتوى حرمت بموجبها التطبيع مع إسرائيل لأنها ما تزال تحتل المقدسات الإسلامية وتحول بعض المساجد إلى حظائر للأبقار وتهود الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل وتطرد الفلسطينيين من ديارهم وتبيح قتلهم وتواصل نهجها الاستيطاني في القدس التي تعتبرها "عاصمتها الموحدة إلى الأبد".

وأكدت فتوى الرابطة على عدم جواز التطبيع مع المحتلين القتلة، معتبرة حدوثه موالاة للقاتل الغاصب والكافر لا تجوز في الإسلام، بل هي مشاركة للكافر في كفره وتشجيع للمحتل على مواصلة عدوانه.

وجاءت فتوى الرابطة في سياق ردود الفعل الإسلامية التي توالت للطعن بفتوى كان قد أطلقها شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي قبل أيام أجاز فيها التطبيع مع إسرائيل وتؤكد الفتوى أنه "لا يوجد في الدين الإسلامي ما يحرم التطبيع مع الدول الأخرى خاصة إسرائيل، طالما كان التطبيع في غير الدين وفي المجالات التي تخدم شؤون الحياة واحتياجاتها" !! .

فتوى الشيخ طنطاوي التي تندرج في سياق فتاوى غريبة عجيبة درج على إطلاقها في العديد من القضايا منها العلاقات مع إسرائيل والحرب في العراق، أثارت لغطاً وجدلاً حادين في الأوساط الإسلامية لأنها جاءت مخالفة للإجماع الإسلامي.

لقد أكد العديد من أساتذة الأزهر أن ما جاء في فتوى الشيخ يعبر عن رأيه الشخصي ولا يعبر عن رأي مؤسسة الأزهر الشريف. فمن جانبه اعتبر الدكتور محمد عبد المنعم البري رئيس جبهة علماء الأزهر السابق وأستاذ التفسير والحديث بجامعة الأزهر أنه "لا يجوز شرعاً التطبيع مع المعتدي الذي يغتصب الأرض ويهدد الآمنين".

وأشار البري إلى أن ما تقوم به إسرائيل من معاملات لاإنسانية ضد أبناء الشعب الفلسطيني والمقدسات الدينية من عدوان مفرط وامتهان لكل القواعد والشرائع السماوية يؤكده قول الله تعالى "وجزاء سيئة سيئة مثلها".

أما الدكتور عبد العظيم المطعني أستاذ الدراسات العليا بذات الجامعة وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، فقد قال "أن التطبيع مع إسرائيل في هذه الآونة بالذات لا يجوز شرعاً ولا عقلاً لأن إسرائيل دولة معتدية أفرطت في استخدام القوة والظلم واغتصاب الأراضي العربية وتهديد الأمن القومي العربي".

الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية استنكر بدوره تصريحات محمد سيد طنطاوي حول التطبيع مع إسرائيل، معتبراً أن شعب إسرائيل احتل الأرض وسفك الدماء واستهان بكل الأعراف والقيم، وأعرب الدكتور أسامة السيد عبد السميع أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر عن اعتقاده بأن نوع العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين قد حددها الله تعالى وجعلها قائمة على أساس "السلم مع من سالمنا والحرب على من عادانا".

ومن ناحية أخرى أكد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أن الدول العربية لن تقيم علاقات دبلوماسية أو تعترف بإسرائيل قبل حل القضية الفلسطينية على أساس مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز التي أطلقتها المجموعة العربية في قمة بيروت.

وأشار موسى إلى أن الانسحاب من غزة خطوة جيدة "لكنها ليست السلام"، وأضاف أن إسرائيل "غير جادة في الوصول إلى الحل بعد، وأنها ستبدأ إتباع طريق السلام عندما توقف البناء في المستعمرات".

وأعرب موسى عن تشاؤم الرأي العام العربي تجاه إمكانية الوصول إلى سلام مع إسرائيل، لأن غالبية العرب يشككون في النيات الإسرائيلية. لكن من المفارقة أنه بعد كل ردود الفعل الواضحة هذه على فتوى شيخ الأزهر الخاصة بالتطبيع مع إسرائيل والتي اختُتمت بفتوى رابطة علماء فلسطين، التقى وزير خارجية إندونيسيا، أكبر الدول الإسلامية، مع نظيره الإسرائيلي سيلفان شالوم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وعلى ذات الخُطى تبعه وزير خارجية إمارة قطر حمد بن جاسم آل ثاني، الذي استبق لقاءه مع شالوم بإطلاق تصريحات شكرٍ لإسرائيل على انسحابها من قطاع غزة، وحث الدول العربية على "اتخاذ بادرة صداقة تجاه إسرائيل" !! وعلى ما ظهر فإن مصافحة الرئيس الباكستاني برويز مشرف للإرهابي آرئيل شارون واللقاءين اللذين جريا بين هذا والعاهل الأردني ورئيس الوزراء التركي، فتحا شهية أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للخروج بالعلاقات القطرية-الإسرائيلية من حيز السر إلى العلن من خلال إبداء استعداده لمقابلة شارون قريباً، وكان وزير خارجيته قد مهد للقاء المنتظر خلال اجتماعه بنظيره الإسرائيلي.

لا أحد ينكر أن إدارة الرئيس جورج بوش تمارس أقصى الضغوطات على الدول العربية والإسلامية لإجبارها على التطبيع مع إسرائيل وهي من أجل ذلك، تستعمل كل ما لديها من أوراق اقتصادية وسياسية، لأنها تريد كسر عزلة حكومة الإرهابي شارون وتنظيف صورة إسرائيل كدولة عنصرية إرهابية تمارس القتل والعقاب الجماعي وتقيم أسوار العزل العنصري وتوسع عملياتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذه الإدارة المنحازة قلباً وقالباً لإسرائيل تحاول أن تجعل من تحرير قطاع غزة الذي لم يكتمل بعد ذريعة لفرض التطبيع على العرب والمسلمين، متجاهلة الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلتين واللتين ما لم تتحررا كخطوة ثانية على طريق الدولة الفلسطينية المستقلة فلن يكون هناك استقرار في المنطقة ولا أمن لإسرائيل.

الإنسحاب من القطاع لم يأتِ مِنةً من الإرهابي شارون، ولا رأفةً أو تعاطفاً من قبله مع الفلسطينيين ومعاناتهم التي جاوزت عقوداً طويلة من الزمن، فالانسحاب جاء استجابة لمصلحة إسرائيلية صرفة ومن طريق واحد فقط تحت ضربات مطرقة المقاومة الفلسطينية الباسلة، ويوم قرر شارون الانسحاب من القطاع كان قد توصل إلى قناعة تامة بأن إسرائيل لم تعد قادرة على تحمل خسائرها البشرية والمادية والاقتصادية وأن بقاءها فيه لا يساوي تلك الخسائر. نعم اقتنع فقرر فانسحب فانهزم.

تريثوا يا قادة العالمين العربي والإسلامي كثيراً...... وليس قليلاً.... تريثوا ولا تتعجلوا مكافأة إسرائيل وقادتها على ما لا يستحقونه.

تريثوا واصمدوا بوجه الضغوطات الأميركية, إن من يستحق الدعم والمكافأة هو الشعب الفلسطيني الصابر والصامد والمرابط الذي قاوم جميع محاولات إسرائيل لاقتلاعه وإلغاء هويته وقدم من الشهداء والجرحى والأسرى والمعتقلين ما لم يقدمه شعب من قبل. إن تحرير غزة المنقوص أيها القادة هو خطوة صغيرة على طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

تريثوا يا قادة..... يا من لم تقدموا للفلسطينيين ما يساوي دم شهيد واحد ولا دمعة أمّ ثكلى واحدة !! تريثوا !! تريثوا ووجهوا المكافأة إلى حيث يجب أن تُوجه.